آخر الأخبار

إلى قطع الشطرنج..وطن أو لاوطن..!!

تحول زعماء المعارضة إلى قطع شطرنج متحركة ودمى أدمنت الحديث عن المبادرات فيما الواقع مباراة لم يستوي ملعبها على نحو صحيح ، هذا كل ما في الأمر ، وعلى جمر الانتظارات الموعودة بتغيير أجمل ،نظل نحلم ،ونحلم ،ونتبارى في تصنيف أطروحات أبطال الكلام وأشبال السلم ،القادمين من متاريس البذخ حيث يساومون من اجل مستقبلهم ومستقبل أبناءهم فيما مستقبل بلد يعيث به القتلة والفاسدين خرابا حتى غدونا على شاكلة الموتى بل أشد من ذلك.
إن تحدثنا عن ضرورة الثورة بادرتنا معارضة المشاورات بالقول أن من يدعو لذلك عنيف ويجب أن يخرس ، وعميل سلطوي سليط اللسان ، وإن قلنا نضال سلمي حقيقي وليس استسلام نجد أن نضالات الناس ما إن تبلغ ذروتها حتى تتفشى في لغة المعارضة السياسية خطابات حذرة ، مفادها ما يحدث ليس الا عمل مأجورين ، وأقزام وبقايا طامحين ، لم يلتفت ايهم أحد فأقدموا على هذا العمل كي يلفتوا الأنظار اليهم.
من قال لكم أن نا نريد منكم موتا باسم السلام ، وعبودية زائفة تتقنع بقناعات لم تعد مجدية ، إنكم يجب أن تكونوا معارضة حقيقية بحيث تمارسون نضالا لا يخيفه إرهاب السلطة ولا تزعجه انفعالات الغاضبين العارضة هنا وهناك ، ونحن نحتاج الى أن تغادر أفكاركم أماكنها وان تخترق الجدران التي تحتمون خلفها كي لا تروا واقعنا الوطني بكل بؤسه وما يرفل فيه شعبنا من ذل وجوع وهوان.
إن الشعب قد توقف عن الفوران لأنكم أصبحتم ثلاجات تبريد مملة تحنط فيها إرادته ، يرى قياداته تمارس التنظير بضرورة أن يهدأ وأن يكون ناعما رقيقا ، يسترقّه القتلة ، فستنفذ طاقته في دوامة استنزاف مستمر لخطابات ترويض معهودة ، لا نريد عنفا ونضالا يخرج عن سياق ما يراد تحقيقه هذا بالتأكيد مرفوض ، لكننا لا نريد كلاما لا يحرك شعبا ، ولا يصنع تغييرا ، ولا يمنح ظامئا شربة ماء.
الحد الفاصل بيننا وبينهم شفاف لا يكاد يبين ، ولكن ما يفصلنا عنهم أيضا كبير وقد لا نستطيع قياسه
في هذه اللحظة يمكن ان نقول ان الذي يراد أن يكون هو منطق السلطة الأجوف ، وتخاريفها الساربة في تكوينها العقلي والفكري الذي اعتنقته بعصبية وأخذه ساستها كما لو انه شيء مقدس.
لم يعد هناك مجالا لأن يلتقي الفرقاء ، كل شيء مزقوه وراحوا يمارسون غوايات المكر والخديعة ، ويستعيدون لغة الموت التي ولت قبل أن تقع الكارثة في 7/7 ، كم ُ من الاغتيالات ، وترسانة من أدوات القمع وأجهزة الفتك ، وحين نتحدث بلغة مشفقين على وطن غدى كل شيء فيه يثير الشفقة ، نجابه بالقمع والإرهاب البوليسي ، وإذا بأقلامنا تتحول بين سلطة وعنف الى أسير بين القضبان.
وكلما قلنا لعل النظام يتأكد من وضع البلاد فيبادر الى فعل ما يعيد اليها التفاؤل والامل ، مارس عكس أحلامنا ،وراح يسوس الوطن بسلوك القوة ولون الدم ، وصوت الرصاص، يقتص من كل شيء جميل ويحيل مكتسباتنا الى رماد تذروه الرياح ، اعتاد على أنغام المدافع وهدير الدبابات ، وبدلا من أن يجيد الاستماع الى صوت العقل يلجا إلى فعل الدم والهدم ، وهنا تصبح الحلول غير ممكنة ، والحوار مجرد استنزاف عبثي يراكم المزيد من الأزمات ويفقد المعارضة الثقة الجماهيرية بها كعاجزة عن فعل شيء ، علي صالح تعود على فعل العكس ، تتجاذبه نزعات شتى وتمور بعقله هواجس مستقبل أبناءه الذين تكاثروا كبرمائيات كل واحد منهم يبحث عن مستنقع من الثروة كي يسبح فيه كما يشاء ، إنها دورة ثعابين برمودا، التي تاتي من شمال الكرة لتلد صغارها هناك ، ثم تعود الصغار الى حيث جاء أباؤها.

الجنوب، صعدة ، وأزمة اقتصادية خانقة ، وحياة غير سوية ، احتقانات وحقن جوع ، وإرهاب ، توليفة من الأزمات التي أجاد نظام صالح إنتاجها ، وتنويعة من أسباب الانهيار القادم هي التي ستحيل الوطن الى أشلاء متناثرة ، فالوحدة تفقد قدرتها على الصمود لأن الجنوب مقصي من الشراكة الوطنية كشريك في الوحدة ، وصعدة تتأهب لحرب سابعة ، والوسط محتقن، والجوع يتناسل، والجرع تتكاثر، والحياة لا تطاق ، احتمالات الخطر تزداد ، والانتخابات يراد لها أن تكون بمزاج يعيد إنتاج السلطة ذاتها وتضفي عليها شرعية أمام القوى العالمية ، وتؤبجد ميلاد تاريخ الملكية الجديدة.
فيما المعارضة غدت مشلولة ومستلبة وغير قادرة على تأكيد حضورها إلا من زاوية الكلام والكلام الاخر.
الوطن يحتاج إلى كثير من جهود أبناءه المخلصين من أجل إنقاذه وإنجاز معجزة التغيير ، وتحتاج إلى لملمة كل الصفوف من أجل فعل نضالي فاعل ، يعيد الأمل الكبير إلى لشعب من أنه سيتمكن من تجاوز وضعه ،نحو مستقبل أفضل ..
رغم كل ذلك لازال الأمل لدينا كبر أن التغيير سيحدث يوما ما ،و ثمة ثقة ان فعل التراكم سينتج تحول كيفي في صالح الشعب وما ينفع الناس .
الانشغال بالثانويات هو مصدر أي محاولة لاتخاذ مدخل عير أساسي أو ضروري ، المثابرة النضالية السلمية ومراكمة فعل التغيير هو الأهم ، فمسيرة التغيير تقتضي منا اليقظة ،والرفض لأشكال حرف مسار متقدم باتجاه ذلك أيضا مهم ، لا يمكن التعويل على خطاب فارغ أو ندوة مغلقة ، أو مجاملات صغيرة يحترف فعلها من يريد أن يبدي ذاته بأنه قد حقق تقدما.
فعل الإزاحة عمل قصدي متوج لمسيرة متراجعة ، جرى العمل بها قديما ، وهي تتخذ أشكالا تصب في مجرى مقاصد ليست عليا ، وخالية من نبل الطموح الشعبي ، الذي همه تحقيق وطن لكل أبناءه، دون مفاضلات .
مجرد كلام ، لا يلام كاتبه ، بقدر يلام من لم يستوعب بعد أي نشدان هو للحياة أفضل ، وإن خالفت المقاسات الجاهزة ، أو مس صميم ما يعتقد أن الحديث عنه خط أحمر.
في الخليط الفاقد للتجانس يحدث ما يحدث ، وسينجلي إذا ما كان مستوعبا لخطورة الوضع عن توافق لا يتفق مع خيار الشعب وتطلعاته.
للشعب مطالب ولجزء آخر منه مطالب أخرى ، وهي لم تنجز بعد ، والأيام القادمة سترينا أن الوطن لم يستقر على نحو جيد ، وان الطريق نحو التغيير طويل ،وشاق ، ويحتاج إلى نضال فولاذي عصي ، يبني مؤسسات جديدة ويقوض القديمة . على أن التحدي السياسي والأساسي هو وطن أو لاوطن.

--------------------------------------------
*كاتب وصحفي يمني
raslamy@hotmail.com