إن الخلافة السياسية قد بدأت في الشرق الأوسط حيث يخلي جيل القادة الذين كانوا يدينون بالولاء للولايات المتحدة الطريق لمجموعة من القادة الذين يحملون ولاء و توجهات غير مؤكدة. إن هذا التغير يأتي في وقت يمكن الشعور فيه بضعف الولايات المتحدة.
إن عملية التغيير مرئية, بأشكال مختلفة, في السعودية و مصر و العراق - و هي الدول الثلاث الأكثر قوة تقليديا في العالم العربي. و هذه الدول الثلاث تتعرض لمشاكل و مكايد من إيران الثورية و من مسلحي القاعدة, و هم يشجعون المعارضة على النخبة الحاكمة.
إن التغيير الأول قد بدأ فعلا في السعودية, وهو النظام العربي الأغنى و الأكثر ولاء تاريخيا للولايات المتحدة. لقد كانت العناوين العريضة الأسبوع الماضي تتمحور حول زيارة الملك عبدالله إلى الولايات المتحدة من أجل العلاج من إنزلاق غضروفي, و عودة ولي العهد ووزير الدفاع سلطان إلى السعودية. لقد كان ما حدث إشارة على التغيير حيث تم إلإعلان عن سفرات هؤلاء الحكام المعمرين في مملكة تحمكها السرية في العادة.
و لكن الأخبار السعودية الحقيقية هو أنه قد تم تعيين متعب ابن الملك عبدالله قائدا للحرس الوطني, و هو أعلى منصب عسكري في البلاد. و هذا دليل على نقل السلطة إلى ما يعرف ب " الجيل الثالث" و هو يتكون من أحفاد مؤسسي المملكة الملك عبد العزيز بن سعود. و الإشارة المبكرة كانت في تعيين الأمير منصور بن متعب, إبن وزير البلديات خلفا لأبيه.
إن المحللين السعوديين يقولون إنه يبدو أن هذا التغييرات تؤسس لشكل من أشكال الخلافة: و هي أن الأبناء سوف يخلفون الآباء في المناصب الحكومية في صفقة تقاسم سلطة قديمة. و من المحتمل أن يتم تعيين محمد بن نايف المسئول عن محاربة الإرهاب في المملكة خلفا لوالده الأمير نايف وزير الداخلية و ذلك عندما يتم تعيين الأمير نايف وليا للعهد.
إن هذا القدر من الخلافة يوفر قدرا من النظام, و لكنه يخفي التوترات الموجودة داخل العائلة الملكية حول الطريقة التي يجب أن تعمل بها المملكة في الصراعات الإقليمية و العالمية.
إن الخلافة في مصر تدور حول عمر و صحة الرئيس حسني مبارك الذي قاد البلاد منذ اغتيال أنور السادات عام 1981. لقد أثبت حسني مبارك أنه حصن منيع في مواجهة الأصوليين الإسلاميين - على حساب التنازل عن الإصلاحات الديمقراطية في مصر.
إن عملية الخلافة من الإب إلى الإبن هذه جرت في سوريا أيضا, عندما ورث الرئيس بشار الأسد والده حافظ. لقد استغرق الأمر عدة سنوات بالنسبة للرئيس بشار من أجل إحكام سيطرته, و لكنه فعل هذا بشكل ذكي و دون رحمة, و هو الآن أحد أقوى القادة العرب من جيله - وهو شخص عادة ما يتحدى الولايات المتحدة بشكل مستمر و يفلت من العقاب-.
و لكن الإبن الأقل حظا هو رئيس وزراء لبنان الحالي سعد الحريري, الذي اغتيل والده بعد وقت قصير على تركه لمنصبه عام 2005. إن الشهور القادمة - عندما تقوم المحكمة الدولية بتوجيه الإتهام إلى عناصر من ميليشيا حزب الله المدعومة من قبل سوريا باغتيال الحريري- سوف تشهد و تختبر ما إذا كانت حاجة الإبن إلى الانتقام سوف تتفوق على الواقعية السياسية الإقليمية. في هذه الدراما الشكسبيرية لا تراهن على هاملت أبدا.
إن العراق أيضا يقع في وسط عملية التغيير السياسية, و هو بلد من الصعب التنبؤ به. في هذه الحالة, فإن الوالد المريض الذي يوشك على الغياب عن المشهد ليس شخصا و لكنه دولة وهي الولايات المتحدة.
منذ غزو العراق عام 2003 و تدمير هيكل السلطة فيه, حلت القوات الأمريكي في مقام الأبوين هناك. و لكن هذا الأمر قد انتهى مع تشكيل حكومة التحالف التي يقودها رئيس الوزراء نوري المالكي.
لقد وضح نائب الرئيس بايدن لمجموعة صغيرة من الصحفيين الأسبوع الماضي في البيت الأبيض كيف ساعد في تشكيل الحكومة الجديدة. و على الرغم من أنها تضم جميع الأحزاب السياسية الرئيسة, إلا أنها هشة كما هو حال السياسات العراقية نفسها. و قد قال بايدن بوضوح في إجابة على سؤال طرح عليه أنه وفي حالة أن هذه الحكومة لم تتحمل المسئولية و انزلقت البلاد مرة أخرى إلى الحرب الأهلية فإن الولايات المتحدة لن تأتي للإنقاذ أبدا.
ما الذي يخفيه المستقبل؟ مع التوصل إلى اتفاقية التحالف, يقال من مصادر مخابراتية عربية بأنه قد تم التعميم على عناصر إيرانية لاغتيال إياد علاوي و أعضاء آخرين من قائمة العراقية. و لكن لا تتوقعوا أن يقوم العم سام بحل المشكلة. أنت لوحدك في المواجهة.
دافيد أوغناتيوس
( واشنطن بوست)