-----------------------------
وانشأ ابو نضال قوات العمل الانتحاري وبدا بضرب اهداف سورية وفلسطينية علي حد
سواء حيث قام بعملية في دمشق باحتلال فندق وآخذ رهائن كما وجه بندقيته الي
بعض سفارات فلسطين في باكستان كما قام بارسال مجموعة انتحارية اخري الي فندق
الكونتننتال في عمان وهنا اخذ ابو نضال يبرز كشحص دموي له قدرة عالية في
توجيه بنادقه الي حيث شاء.
في عام 1977 وقع اتفاق كامب ديفيد ودخلت مصر حلبة الصراع فقام ابو نضال
باغتيال يوسف السباعي الكاتب المصري المعروف ووزير الاعلام المصري في قبرص
وقد شكلت هذه العملية منعطفا خطيرا لما خلفت اليه من ضحايا من الجيش المصري
بعد ان قامت قوة كوماندوس مصرية بمحاولة فاشلة لاطلاق سراح الرهائن الذين
وقعوا بين أيدي قاتلي السباعي.
كما فتح ابو نضال بوابة اخري وهي الساحة الليبية بعد ان قام باتصالات حثيثة
مع العقيد معمر القذافي الذي سمح له بارسال قوات الي ليبيا اثر الصراع الذي
دار حينها بين مصر وليبيا.
وقام بفتح مكتب رسمي في طرابلس الغرب الا ان هذا المكتب تعرض الي هجوم من قبل
قوات ارسلها صلاح خلف قتل علي اثرها شخصان من العاملين في المكتب وكانت هذه
الحادثة سبب خلافات ما بين ابو نضال والليبيين حيث طلب ابو نضال المشاركة في
التحقيق مع من تم اعتقالهم اثر العملية الا ان الليبيين رفضوا هذا الطلب
وقطعت العلاقة وكان ابو نضال مستمرا في حواراته مع المجموعة في لبنان وتم
استدعاء ناجي علوش وابو داوود لاعلان تشكيل حركة فتح المجلس الثوري الا ان
هذا الامر لم يكتمل فقد أصيب ابو نضال بجلطة حادة في القلب واستغل ناجي علوش
هذا الحدث محاولا السيطرة علي مقومات التنظيم وكانت الحكومة العراقية في هذه
الفترة تعاني من صراعات متعددة لمحاولة صدام حسين استلام زمام الامور في
بغداد وتنحية احمد حسن البكر عن السلطة وكان لصدام حسين وجهات نظر مختلفة حول
ابو نضال فكان يريده اكثر مطواعا واقل استقلالية لما يخدم مصلحة العراقيين
وابقاء ابو نضال كورقة رابحة في الملف الفلسطيني.
وبدأت الصدامات ما بين ابو نضال والحكومة العراقية بعد ان تعافي ابو نضال من
ازمته القلبية واعادة امور تنظيمه الي نصابها وخروج ناجي علوش بحركة ثورية
جديدة واتهم ابو نضال السلطات العراقية بالوقوف الي جانب ناجي علوش ومده
بالأموال والسلاح.
ففي الوقت الذي كان مصنع السلاح الذي أنشأه ابو نضال بمشاركة عراقية أخذ
مكانةً لايستهان بها في تصنيع بعض انواع الاسلحة منها قاذفات آر بي جي 7
وهاون 60 وبعض الصواريخ الموجهة لاسلكيا واستدعي ابو نضال العديد من الكوادر
الفنية الفلسطينية بهذا المصنع حتي ان ابو نضال فكر بمساعدة العراقيين بانشاء
مصنع للسلاح النووي ومن خلال علاقات خاصة لتنظيم ابو نضال في باكستان تم
استدعاء عالم نووي باكستاني لمحاورته بامكانية انشاء هذا المصنع في بغداد
وكانت باكستان في حينها قد عملت علي بناء مصنعها النووي الا ان الامر لم
يستمر بدخول جهات متعددة ومحاولة جهات اخري جمع معلومات عن المفاعل النووي
الباكستاني وتم القاء القبض علي بعضهم في باكستان الا ان ملفا سريا قد قدم
للعراقيين حول تصنيع القنبلة النووية.
وتحولت افكار ابو نضال الي العمل العسكري اكثر واكثر لاثبات وجوده بعد ان بدأ
العراقيون بمحاصرته واخذ يهرب السلاح الي عواصم العالم مستخدما بغداد كمحطة
انطلاق وقام باغتيال كل من نعيم خضر وسعيد حمامي وعز الدين القلق وعلي ياسين.
الصراع مع صلاح خلف
وفي الفترة نفسها قرر صلاح خلف التخلص من ابو نضال وقام بمحاولة لاغتياله الا
ان المحاولة فشلت وقام ابو نضال بالقاء القبض علي القائمين بها حيث خطط
لتفجير مقر ابو نضال بواسطة صهريج مليئ بالمتفجرات في مكتبه الكائن في منطقة
البتاويين وفي الوقت ذاته حاول شخص بمتابعة ابو نضال في مكتبه الكائن في
منطقة الكرادة الا ان ابو نضال استطاع ان يكشف شخصيته وقام باطلاق النار عليه
شخصيا. وعلي اثر هذه المحاولة قام برزان التكريتي الذي كان يشغل مدير
المخابرات العراقية انذاك بارسال سيارة مصفحة لابو نضال الا ان الاخير رفض
تسلم السيارة.
وخرج ابو نضال من العراق وصار يقود التنظيم من بولونيا وكان يتردد علي العراق
بين الفينة والأخري وأخذ ابو نضال ينشئ موارده الاقتصادية الخاصة من خلال
انشاء مؤسسات تجارية ومصانع وتجارة سلاح وغير ذلك وكان له علاقة متميزة مع
الرئيس البولوني يارزولسكي في الفترة التي كانت فيها بولونيا مثقلة
بالاضطرابات والمشاكل السياسية التي نشأت منذ حركة التضامن بقيادة ليخ
فاليسيا وهنا عرض ابو نضال علي القيادة البولونية اغتيال فاليسا الا ان
السلطات البولونية رفضت هذا العرض.
وهنا شعر العراقيون ان لامناص من العلاقة المتكافئة بينها وبين ابو نضال
وحاول العراقيون ومن خلال طارق عزيز ان يبدأ الحوار مع ابو نضال وتشكيل قيادة
مشتركة من جبهة التحرير العربية وابو نضال عقد لقاء موسع بحضور طارق عزيز
لهذا الغرض لكن النيات لم تكن صادقة بين الطرفين ولم يستمر هذا الامر طويلا
اذ سرعان عادت الخلافات مرة اخري وكان في حينه يعد العدة لحربه مع ايران بعد
ان استطاع الخميني من الاستيلاء علي الساحة وإزاحة الشاه من ايران وكان
العراقيون في موقف لا يحسد عليه حيث كان العراق يعاني العراق من عزله سياسية
واوضاع داخلية ممزقة بعد ان فشلت المحادثات ما بين السوريين والعراقيين وعلي
اثرها قامت بغداد باعدام نصف قيادته بتهمة العمالة لسوريا.
ماذا دار بينه وبين صدام حسين؟
وفي لقاء خاص بين ابو نضال والرئيس العراقي تحدث صدام عن مشاكل المنطقة وبروز
الثورة الاسلامية في ايران وتحدث طويلا عن اهمية منطقة الخليج العربي وقال
صدام حسين لابو نضال ان روسيا طلبت منه رسميا ان يمنحها قاعدة في الخليج فرد
علية ابو نضال بأن يوافق ما دام انه غير قادر علي حماية المنطقة وبعد ان
استرسل صدام في هذا الموضوع قال له ابو نضال (اياك والحرب مع ايران) فانتفض
صدام من مكانه وتساءل علي فوره لماذا فقال له ابو نضال بانهم أي الايرانيين
سيرسلون لك موجات من البشر لا تقدر علي صدها.
وقعت حرب الخليج الاولي وكان ابو نضال في بولونيا وأصدر المكتب الاعلامي
لحركته في بغداد بيانا يدين العراقيين في حربهم الا ان ابو نضال استاء من هذا
البيان متذكرا ما قاله لصدام حسين وعاد ابو نضال الي بغداد واصدر بيانا
مختلفاً تماماً عن البيان الاول محذرا من هذه الحرب وكان للعراقيين موقفهم من
هذا البيان.
هنا شعر العراقيون بأنهم في حاجة الي من يمدهم بالمعلومات والسلاح وغير ذلك
وبدأت العلاقات العراقية الأمريكية تأخذ منحيً آخر وقدم الأمريكان بعض
المعلومات للعراقيين عن طبيعة القوات الايرانية.وكان بعضها غير دقيق وقدم وفد
أمريكي التقي طه ياسين رمضان وعرض الوفد الأمريكي شروطه لمساعدة العراقيين في
حربهم هذه للعراق وكان احد شروط الوفد الأمريكي انهاء وجود ابو نضال في
العراق وعرض العراقيون هذا الامر علي ابو نضال متذرعين ان هناك ضغوطات دولية
علي وجوده في بغداد.
لم يكن هذا رأي أغلب القيادة العراقية فكان هناك من يقول انه لا بد من
ابقــاء ابو نضال في العراق والاستفادة منه علي اكثر من صعيد ويمكن خداع
الأمريكان لانهم قد اخرجوا ابو نضال وان يطلب من الاخير ان يستبدل مكاتبه
وابقاء مكاتب سرية غير معلنه وتخفيف الوجود والمظاهر العلنية وعدم اصدار
بيانات من داخل العراق الا ان طارق عزيز استطاع ان يقنع صدام حسين بعدم جدوي
ذلك.
أبو نضال: طارق عزيز ماسوني
وهنا يتهم ابو نضال طارق عزيز بان له علاقة بالحركة الماسونية وهو الذي فتح
ابواب العراق أمام الفاتيكان وفرنسا.
كانت الازمة قد تفاقمت بين سوريا و م. ت. ف والعلاقات اخذت تشتد حدتها فقام
السوريون بالاتصال بابو نضال ومن الواضح ان السوريين كانوا علي اطلاع علي ما
يدور بين ابو نضال والعراقيين وفتحت أبواب دمشق امام ابو نضال.
أخذ ابو نضال يعد العدة للخروج من العراق او مساومة العراقيين علي هذه
العلاقة المستجدة وهنا شعر العراقيون ان لا بد من ابقاء شعرة معاوية مع ابو
نضال وطلب الرئيس العراقي من ابو نضال اصدار بيان تأييد للموقف العراقي في
حربه مع ايران وارسال عناصر من التنظيم للمشاركة في هذه الحرب الا ان ابو
نضال وضع شروطاً للموافقة علي هذا الطلب ومنها اعادة الدعم المادي للتنظيم
وتخفيف الاجراءات التي وضعتها السلطات العراقية ضظد ابو نضال الا ان هذا
اللقاء باء بالفشل.
كما استغل طارق عزيز حادثة اخري في نهاية 1982 عندما وقع صدام عائلي في بيت
الرئيس العراقي صدام حسين حيث تقدم السبعاوي تكريت الشقيق غير الاخ لصدام
بخطبة بناته لابنائه ولم يعطه جواب وأسرع صدام في حينها الي تزويج بناته
لحسين كامل حسن وشقيقه وامتعظت العائلة والسبعاوي واتصلوا ببرزان التكريتي
مدير المخابرات في حينها للتوسط في الموضوع ولكن صدام كــــان قد زوج بناته
فتحرك السبعاوي ومجموعة من المسلحين باتجاه القصر وبدأوا باطلاق النار في
منطقة الكراده علي بوابة القصر فتم الاتصال بصدام وقام بتهدئة الأمر وجمع
العشيرة وجاء طارق عزيز وابلغ صدام ان من زود السبعاوي بالسلاح ابو نضال
بالتآمرمع التكريتي الا ان ابو نضال نفي ذلك الامر ورغم نفيه طلب صدام من ابو
نضال رسميا الخروج من العراق.
50 مليون دولار تعويض لغلق مصنع أسلحة أبو نضال
في ذلك الحين تم اغلاق المصنع ووقعت مساومة مع ابو نضال مقابل مبلغ مالي قدره
50 مليون دولار مقابل التخلي عن المصنع وكان هدف العراقيين الاستيلاء علي
المصنع ووضعه كاملا تحت سيطرتهم لنية العراقيين بانشاء مصنع للاسلحة
البلاستية ومنها صواريخ سكود وغيرها وقد تعرض هذا المصنع لاحقا لعملية تخريب
قامت بها اجهزة غربية والتي علي اثرها أعدم العميل (بازوفت) الايراني ا
الجنسية حامل وثيقة السفر البريطانية.
وفي المحطة الاخيرة لقاطرة ابو نضال في بغداد قامت وحدات خاصة بمحاصرة جميع
مكاتبه ومعسكره في هيت وتم اخراج جميع عناصره بالقوة وكادت ان تقع مجزرة في
معسكر هيت بما يحتوي هذا المعسكر من امكانات عسكرية وخرج ابو نضال وجماعاته
من بغداد متجها الي محطتهم الجديدة دمشق.
وحاول العراقيون ان يبرروا موقفهم هذا موعزين الامر الي ضغوط خارجية واستمرار
الحرب العراقية الاولي وعدم امكانية العراقيين من الاستمرار في هذه المعركة
دون دعم خارجي وتحديدا من أطراف لها مواقف من وجود ابو نضال في بغداد.
وفي دمشق كان هناك استياء كبير من موقف العراقيين وعقدت لجنة ابو نضال
المركزية لقاء موسعا نوقشت فيه ملابسات ما حدث في بغداد واصدر تعميماً
داخلياً يتحدث فيه عما حصل في بغداد متهما العراقيين بالعمالة والخيانه
وأشياء أخري؟؟؟
الا ان هذا التعميم سرعان ما وقع في ايدي العراقيين مما زاد من حدة الازمة.