آخر الأخبار

الاجتياح العربيّ للغرب

لعل كلمة الاجتياح غير محبَّبة نظراً لمضمونها العسكري، أو المضمون الذي يعني الدخول بالقوة لا بالدعوة، لذلك تمكن الاستعانة بها للتعبير عن بيت القصيد في هذا المقال، حيث فرض العرب وجودهم في الغرب بقوة التأثير وليس بمنّة منه.

تقول آخر الإحصاءات "الفيسبوكية" إن زهاء 30 مليون من مستخدمي الفيسبوك في العالم من العرب، الأمر الذي فاق، أصلاً، توقعات القائمين على الموقع الأشهر في العالم حالياً، ما حدا بمواقع أخرى شهيرة التيمّن "بالفيسبوك" من حيث إدراج اللغة العربية كإحدى اللغات الرئيسية المستخدمة، وما كان ذلك ليحدث لولا سببان: الأول الزيادة في عدد المستخدمين العرب للفيسبوك وأمثاله، والثاني هو استثمار هذا الاستخدام العربي الهائل في إشعال ثورات عربية نجحت في إحداث تغيير.
في كل الإعلام، عربياً وغير عربي، يتم التطرق إلى مواقع التواصل الاجتماعي خلال التغطيات الإعلامية لما يسود عالم العرب من أحداث، فصار "الفيسبوك"، مثلاً، المفردة الملاصقة للثائر أو الساعي للتغيير، تماما مثلما البندقية تمْثُل صورتها في الأذهان حين الحديث عن المقاتل. وبالتالي يحق لمؤسسي الفيسبوك وتويتر ويوتيوب..

وغيرها، مهما كانت انتماءاتهم، أن يفخروا بأنفسهم وبما قدموه باعتبار أن ما قدموه بات أسلحة فعالة في يد شباب التغيير وفي الاتجاه الصحيح غير المؤذي، كما يفخر الروسي ميخائيل كلاتشنيكوف بأنه مخترع السلاح الذي يحمل اسمه، مع فارق أن السلاح العنكبوتي خال من احتمالية الرصاصة الطائشة التي قد تقتل خطأ.

من الجلي، إذنْ، أنّ الشباب العربي استطاعوا التغيير على الصعيد العنكبوتي، خصوصاً أن الجيل الأكبر، بكثير لا قليل، ثلة منه ما انفكت تؤمن بالورقة والقلم، وتنظر إلى تلك المواقع على أنها مضيعة للوقت والتسلية المخرِّبة، لولا أن اتضحت أهميتها في التغيير فدحضت النظرة السلبية نحوها. ذلك الواقع لا ريب فيه، الواقع الذي يقول إنه إذا عقد العرب النية على أمر فليس من المستبعد تحقيقه إذا توافرت العوامل المساعدة على ذلك، في مقدمها التخلي عن تقليل وتقزيم إبداعات الغرب من خلال التمسك بأفعال الماضي التي يشتهر بها العرب، فإبداعات الغرب كانت من أهم المعاول التي لجأ إليها الشباب العربي في سبيل التغيير من دون أن تكون هناك مؤامرات هذه المرة على غرار ما اعتاده اليعربيون من إرجاع كل أمر إلى المؤامرات الصهيونية الإمبريالية الغربية، حتى كاد المرء يحسب أن تسوّس الأسنان وحوادث السير تحدث بفعل مؤامرات.

استطاع العرب أن يفرضوا وجود لغتهم على تلك المواقع العنكبوتية بالضراء، فليفكروا الآن كيف يمكن أن ينشروها أكثر بالسراء، والأهم أنْ يؤسسوا لمواقع بالعربية شبيهة بما عند الغرب، فيها خيار اللغات الأخرى خصوصاً الإنجليزية كونها الأولى عالميا حاليا ً، من دون أن يضطر الناطقون بها إلى إشعال انتفاضات حتى يعترف العربي بأهمية لغتهم وعدد الناطقين بها.

mohammad.abuobeid@mbc.net