كمال خير بك
أشواق منقسمة
ما بين ضفتين
سجنتُ أشواقي
أوّزعُ الحب على دفعتين
وأدفن الباقي
في حيرتي ما بين الاثنتين.
أنا والشك
أنا والشك حبيبان قديمان التقينا
بعد طول الاغتراب ِ
بعدما أطفأت الحكمة
وجه الشمس فينا
فانزوينا نمضغ الوهم سراباً في سراب.
أنا والشك إلهان قديمان التقينا
يا طريقي،
ما الذي أعددت ِ كي تستقبلينا
زحزحي وردك عنا
سكر الزنبق منا
والبخور الابله المنذور
قد غلَّ يدينا بيديه
أخمديه
ابعديه
مات لون الحب فيه
منذ ان كان وكنا.
اتحاد
تنبض في عَينيّ
تنبض في يَديّ
تنبض في سريري
جنازة النهار؛
لا، ليس لي اختيار
السفر المدمى
السفر المليء بالدمار
السفر المليء بالحمى
في سفن الدماء
حيث اتحاد الاسم بالمسمى
والارض بالسماء.
اغنية صوفية
مري على دربي ولا تبخلي
ات تلهبي دربي
أن تفلتي، من سجنه، قلبي
أن تجعليني صارياً ضائعاً
في ضوئك الرحب ِ.
على صقيع الان أنت معي
حلم سرابيٌّ
يمتصه، كالموت، في أضلعي
شوق بدائيٌّ.
رحماك مري، واحرقي وحدتي
في وحدتي جوع الى النار
ناقوسها المرصود من أعصر
يحيا على ميعاد اعصار.
إني، هنا، أقتاتُ آلامي
في حفرة بارده
لا ضوء، لا أغنية شاردة
تجتاح أيامي.
يشدني، في عتمتي الكبرى،
خيط من الامس ِ
ترتج في ألوانه الذكرى
كالظل، كالشمس
كأن نفسي غابة من ضباب
تحبو على الكون
دّورت فيها :
لا غد، لا جواب
غير الصدى دوني.
اني، هنا سَّمرتُ أجفاني
في المغلق العاتي
ان تشرقي تنهدُّ جدراني
تنهدُّ في ذاتي.
مري وخلي الثلج في أعرقي
ينساح كالسيل
مري، أطلي، مزقي، أحرقي،
في داخلي، ليلي.
اقتبس الجنون
اقتبس الجنون
من لحمكِ المليء بالخطر
اقتبس المطر
من بعض ما تسكب في يدي
غيوم عينيكِ
لكن في عينّي
ما لا تراه العيون:
شوقي لان أكون
سفينة مجنونة ترسو
ما بين زنديك
سحابة وردية تفنى
في بحرها الاغنى
ما بين نهديك.
البكاء
أبكي غيابك أم غيابي
وجوادك الفضي يصهل عند بابي ؟
أبكي ويرد عني الصهيل :
انت المسافر في عذابي
وأنا القتيل.
أبكي و لست عليك أبكي
بل على وطن عثرت عليه في أشلائك
المتبعثره.
أبكي وقد مر السنونو،
وامتد حقل الحزن من صوتي إلى كل الخيام
وشرعت أسأل: من يكون
هذا المهاجر في قطار المجزره ؟
وصرخت: لا، لا تمنعوه من الرحيل
وقد خشيتم من يديه على السلام !
بل صادروا دمه الخصيب، وحزنه الرائي،
ولا تنسوا حقائبه القديمه
فلقد رأيت بها خريطة ذلك الوطن التي
ضاعت، وصار مجرد البحث الخجول بها
جريمه !
أبكي، وأنت الفارس الطاغي
الذي ينفي البكاء
ويعلم الدمع المهاجر أن يعود الى الجفون
ليصير أجراساً من الرعب الجميل
تعلو وتعلن فوق وديان الجليل
زمن الترد و الفداء -
زمن الجنون.