لو كانت فقط ترابط أمس في ضواحي مجدل شمس سرية واحدة، بل ربما حظيرة؛ لو كان الجنود مسلحين جيدا بوسائل تفريق المظاهرات؛ لو كان الجيش الاسرائيلي استعد بجدية لخطط نشرت على مدى اسابيع في الشبكة الاجتماعية، أو على القل لقافلة عشرات الحافلات التي شقت طريقها نحو الحدود. لو أن جزءا من هذا فقط حصل، لعل كل شيء كان انتهى بشكل مختلف.
ولكن هذا لم يحصل. مرة اخرى أُمسك بنا ونحن غير مستعدين، وهذه المرة أمام 2500 لاجيء فلسطيني من سوريا وصلوا الى الحدود مع اسرائيل في شمال هضبة الجولان، أسقطوا مئات أمتار السياج وتسللوا الى اسرائيل دون عراقيل. كان يكفي للمرء أن يرى أمس في مجدل شمس ضباط الاستخبارات الذين تجولوا مطأطئي الرأس كي يفهم حجم القصور.
هل عرف الجيش الاسرائيلي مسبقا بمسيرة الجماهير المخطط لها وبالنية لاقتحام الحدود؟ في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" يدعون بأنهم نقلوا هذه المعلومة قبل الأوان، ولكنه لم يجر استخدامها. بالمقابل، يدعي مسؤولون كبار في قيادة المنطقة الشمالية بأنه لم تكن هناك معلومات استخبارية عما هو متوقع حدوثه. أمر واحد مؤكد: القوات لم تكن على الاطلاق جاهزة لمثل هذا السيناريو.
أمام "تلة الصياح" يوجد مستحكم للجيش الاسرائيلي ونقطة مراقبة نوعية. ومنذ ساعات الصباح أبلغا بتجمهر في "تلة الصياح" في الجانب السوري وبعشرات الحافلات في الطرف الآخر تشق طريقها نحو الحدود. في حوالي الساعة الثانية عشرة تقريبا وصل التقرير الاول عن مسيرة تتجه نحو السياج. ولكن أحدا لم يقف حيال الجماهير. للجيش الاسرائيلي عدة كتائب في هضبة الجولان توجد في حالة تأهب. ولم توجه أي قوة الى مجدل شمس. أول من وصل الى النقطة كان قائد لواء هضبة الجولان، العقيد أشكول شوكرون، وقائد كتيبة 77، المقدم أوفير ليفي. ولكنهما لم يكونا وحدهما. القوات التي وصلت لاحقا لم تكن مجهزة للتصدي لاعمال الشغب.
كتيبة 77، التي توجد الآن قيد التدريب في هضبة الجولان، استُدعيت في هذه المرحلة الى ساحة الحدث، ومنعت المزيد من المتظاهرين من اجتياز الحدود. "وصلنا الى النقطة ورأينا المئات يجتازون الحدود ويدخلون القرية"، يروي داييل تاوبر، المقاتل في سرية "ملكية جبل الشيخ" في الكتيبة. "توقفنا في نقطة محاذية، تلقينا وسائل لتفريق المظاهرات ووصلنا الى السياج. وكان الأمر ألا نطلق النار لغرض القتل بل فقط لغرض الاصابة". الرائد صلاح، ضابط في اللواء، وصل مع سيارة محصنة. "المهمة كانت ايضا تفريق المظاهرة دون قتلى. أطلقنا في الهواء بزاوية 60 وبعد ذلك نحو المحرضين في القسم السفلي من أجسادهم كي لا نقتل. الحدث كان يمكن ان ينتهي بعشرات القتلى".
أحد القصورات ذات المغزى هو حقيقة ان المتظاهرين نجحوا في أن يتسللوا عبر حقول الألغام أمام مجدل شمس. يتبين انه في السنوات الاخيرة حذرت محافل مختلفة من أن حقول الألغام قديمة وليست ناجعة، وأن ثمة حاجة لتجديدها. مصدر في قيادة المنطقة الشمالية قال أمس بأسى انه عندما يتسلل مئات المتظاهرين الى مجدل شمس ويجتازون حقول ألغام، لا شيء يحصل، ولكن عندما يتنزه طفل اسرائيلي في هضبة الجولان ويدخل حقل ألغام، يُصاب بجراح خطيرة ويفقد ساقه.
نقطة النور الوحيدة في الحدث هي أداء القوات في الميدان. قرار قائد اللواء عدم فتح النار الحية دون تمييز، حتى بثمن دخول 150 شخص الى اراضي اسرائيل، أدى الى ان ينتهي الحدث باربعة قتلى سوريين وليس بعشرات القتلى".
يوسي يهوشع
"يديعوت أحرونوت"