يدعو اليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات في هذا العام إلى تعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تنمية مجتمعاتنا الريفية. نعم لقد أُطلِقت تسمية "مجتمع المعلومات" على هذا المجتمع المتقدّم الذي تقود فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الإنتاج المتسارع لخدمات ومنتجات جديدة مبنية على المعرفة والإبداع، وهي تضم طيفاً واسعا من البرامج الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية والتعليمية وغيرها.
وفي هذا اليوم العالمي لمجتمع المعلومات، نتسائل أين نحن من مجتمع المعلومات وفي مجتمع المعرفة؟ وإلى أي حد وصلت جهودنا في القضاء على الفجوة الرقمية الوطنية الوطنية، والعربية العربية، والعربية الدولية؟ بل ما هي حدود ومكونات الفجوة الرقمية؟ وهل توجد سياسات فاعلة تعمل وتنجز في هذه المجالات؟، وهل نسير في الطريق الصحيح للوصول إلى مجتمع المعرفة؟، وما هي التحديات التي نواجهها، وما هي سبل مواجهتها والتغلب عليها؟.
لقد شهدنا جهودا كبيرة وكثيرة هنا وهناك، لكنها بقيت دون الحد المطلوب مع تنامي هذه الفجوة، والتسارع الهائل في تطور ونمو وانتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
إن مراجعة سريعة لتقرير الأمم المتحدة الأخير عن الحكومة الإلكترونية تبين ابتعاد العديد من بلادنا العربية عن المراكز العشرين الأولى، كما تبين الضعف الكبير في المشاركة الإلكترونية للمواطنين في مختلف مراحل اتخاذ القرار.
لا نستطيع في هذه المناسبة إلا أن نكرر دعوتنا إلى إنشاء مرصد وطني وعربي للفجوة الرقمية الموجودة اليوم بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية وكذلك ضمن البلد الواحد، بين الريف والمدينة، وضمن المدينة الواحدة بين أغنيائها وفقرائها، وهي آخذة في الاتساع، خاصة بين الدول، رغم الجهود التي تُبذل لتقليصها، وبسبب التقدم التكنولوجي المتسارع ونمو المعارف في الدول المتقدمة، بينما، وعلى الجانب الآخر، تتعثر معظم البلدان النامية، في مواكبة التغيير المطلوب، وتجديد أساليب ومنهجيات التعليم والتعلم واكتساب المعرفة وتوليدها، هذه المعرفة التي أضحت من أهم معايير الغنى والتقدّم.
هذا المرصد المنشود يقوم برصد وتيرة ما يجري في مجالات العمل لبناء مجتمع المعلومات وتقليص الفجوة الرقمية منها: استراتيجيات النهوض بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية؛ البنية التحتية للمعلومات والاتصالات؛ النفاذ إلى المعلومات والمعرفة؛ بناء القدرات (التعليم والتدريب ونقل التكنولوجيا)؛ بناء الثقة والأمان في استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ البيئة التمكينية (التشريعية والقانونية)؛ تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (في الحكومة والأعمال والتعلم والصحة والتوظيف والبيئة والزراعة والعلوم)؛ مع عدم إغفال أخلاقيات مجتمع المعلومات؛ وغيرها...
هذا المرصد يتابع أيضا قياسات الفجوة الرقمية: قياسات تكنولوجية، قياسات النفاذ الرقمي، والجاهزية الإلكترونية، والفرص الرقمية وقياسات النفاذ حسب اللغة الأم، وغيرها.
ويعدُّ مرصد الفجوة الرقمية، الذي ندعو إليه، الخطوة والبوصلة التي تمكنا من معرفة الطريق الأفضل لردم هذه الفجوة مع تعزيز هويتنا الحضارية، ومواكبة مجتمع المعلومات والمعرفة الذي ينبغي أن يركز على تمكين مختلف فئات المجتمع من صناعة المعلومات، والنفاذ إليها، واستخدامها وتبادلها، مع مراعاة الاحتياجات الخاصة للأشخاص المعوقين، والمجموعات المحرومة والضعيفة في المجتمع، ولا ننسى أن مجتمع المعلومات والمعرفة الحقيقي يسهم في بنائه الجميع، ويقطف ثماره الجميع.