آخر الأخبار

ما سر الاعتقاد بمفعول الأحجارالكريمة؟

ما زالت الأحجار الكريمة في العراق تسحر ببريقها ولمعانها عقول العديد من الرجال والنساء. لكن المثير اليوم هو إيمان كثير من الشبان بمفعولها. فهل هي فعلا خرافة؟ ولماذا يؤمن البعض بمفعولها؟ دويتشه فيله تقصت الحقائق.

رياض كريم البخاتي، صاحب محل لبيع وشراء الأحجار الكريمة في بغداد، وهو يؤمن بمفعولها كما يقول في حديث مع دويتشه فيله "هناك قوة روحانية يتمتع بها كل من يرتدي خاتم ُرصع بالأحجار الكريمة، ومصدر هذه القوة هو الله تعالى." ويؤكد على رأيه من خلال الإشارة إلى أن الأنبياء والأوصياء اعتادوا على ارتداء الأحجار الكريمة وتميزوا بقوة وحكمة خارقة ميزتهم عن غيرهم من البشرية.

إقبال كبير من قبل الشباب

ويشير البخاتي (31عاماً)، الذي ورث المهنة عن جده، الذي تكفل بتربيته بعد مقتل والده في الحرب العراقية مع إيران في ثمانينيات القرن الماضي، إلى وجود أنواع مختلفة ومتعددة من الأحجار الكريمة تختلف أسعارها باختلاف أشكالها وألوانها والغرض المراد من استخدامها، مبيناً أن أسعار بعض الأحجار الكريمة " تصل إلى ملايين الدنانير. والأغراض التي يحققها الحجر متنوعة كما يقول، منها العلاج الطبي، كضعف القدرة الجنسية لدى الرجال، وعلاج العقم، والسرطان. ويستعين البعض بالأحجار أيضا لحل المشاكل أو قضايا الحب".

وينوه البخاتي إلى أن الحجر الأكثر فائدة هو ا"لأكثر ارتفاعاً بالسعر والذي يعود تاريخه إلى مئات السنين"، مشيراً إلى أن الشباب هم الفئة الأكثر إقبالاً على شراء الأحجار الكريمة، وبالأخص تلك التي يستعان بها لحل قضايا الرزق ومشاكل الحب".وهناك، كما يقول البخاتي، أنواع عديدة للأحجار الكريمة التي يتم بيعها في الأسواق: "المشمشي و الوردي والسمائي والهندي واليماني والعقيق والياقوت والصيني والزمرد والدموي والكهرم المستخدم لعلاج مرض السرطان".

اعتقاد بالموروث

"كنت في السابق عصبي المزاج وغير متقبل لآراء الآخرين وأفكارهم، لكني تخلصت من هذا الشيء بفضل نصيحة قدمها لي أحد الأصدقاء وذلك بارتداء خاتم مرصع بالحجر السليماني من أجل الاسترخاء"، هذا ما قاله لطيف كريم حسين (21 سنةً)، في حديث مع دويتشه فيله، مؤكدا أنه جرب هذه الأحجار وأنه على أتم الاعتقاد بمفعولها. ثم يسرد تجربة مر بها شخصيا: "بينما كنت أقوم بترتيب بعض الحاجيات في متجري جرحت يدي وأخذ الدم بالنزف من دون توقف، عندئذ طلب مني أحد الزبائن لمس خاتمه المرصع بحجر العقيق ذي النوع الدموي. وإثر ذلك توقف الدم فجأة عن النزيف". ويشير حسين إلى أن هوايته في جمع الأحجار الكريمة تجمع بين أحجار الزينة والرزق والأحجار التي تستخدم لـ "غرض العبادة والتقرب من الله".

تجارب تثبت العكس
أما علي غالب شبل، فهو على العكس من لطيف والبخاتي، يرجع الإيمان بالقوى الخفية للأحجار إلى الاعتقاد بالخرافات، ويستقي رأيه هذا من تجربته الخاصة مع الأحجار ويقول: "كنت في السابق على يقين تام بمصداقية الأحاديث عن القوى الخفية للأحجار، حتى إني قررت في أحد الأيام أن اشتري حجراً مضاداً للرصاص بمبلغ 3 ملايين دينار عراقي نحو (2500) دولار أميركي، وذلك بحكم عملي كسائق سيارة أجرة في ظل موجة العنف الطائفي التي ضربت العراق بعد عام 2003، لكنني قررت أن أختبر مدى فاعلية ذلك الحجر مع الشخص الذي أراد أن يبيعه لي".

ويواصل شبل (24عاماً) سرد تفاصيل تلك التجربة مع صاحب الحجر بابتسامة عريضة "عندما قررت شراء الحجر أصر صاحبه على أن يضع الحجر في جيب أحد أطفاله ويطلق النار عليه، إيماناً منه بأن الرصاصة سوف تخطئ الهدف وذلك بفضل الحجر، فرفضت الأمر بشدة"، لكن شبل أراد اختبار مفعول الحجر بطريقة أخرى: " قررت أن اربط الحجر في جناح دجاجة ثم صوبت بندقيتي نحوها، وأطلقت النار، فوقعت الدجاجة قتيلة على الفور". لكن هذا لم يقنع بائع الحجر الذي علل موت الدجاجة " بأن الحجر لامس شيئاً غير طاهر".

تفسيرات علمية

أستاذ علم الاجتماع في الجامعة المستنصرية ببغداد، عبد الكريم جعو خلف، يفسر اعتقاد الكثيرين بالقوى الخفية للأحجار بأن " هذا الاعتقاد يدخل ضمن جانب الإدراك أو الشعور، وهو جانب نفسي ناتج عن موقف معين، ربما حصل مع شخص ما عن طريق الصدفة أوالحظ، أثناء حمل قلادة أو حجر معين، لكن هذا الموقف سرعان ما يكون له صدى كبير، وهذا من صنع المجتمع".

ويعزو خلف سبب الاعتقاد بالأحجار الكريمة إلى جملة أسباب، منها الجهل والبطالة والعوز والفقر والاضطهاد والمرض وغيرها من المسببات الأخرى، التي كثيراً ما يقف الإنسان بسببها عاجزاً عن تحقيق أمنياته ورغباته، ما يدفعه بالتالي إلى الإيمان بأهمية هذه الأحجار أو السحر أو الشعوذة كمخلص أو منقذ من هذه العوامل. ويشير إلى أن سكان المناطق الشعبية والفقيرة هم الأكثر تمسكاً بهذه الأحجار." الاعتقاد بالأحجار الكريمة من الظواهر القديمة التي تواجدت مع المجتمعات البشرية، و نسبة الإيمان بمفعولها تتفاوت من مجتمع إلى أخر حسب درجة الوعي الثقافي".

وماذا يقول الدين؟

يشير رجل الدين حيدر الدراجي في حديث إلى دويتشه فيله إلى أن "الشريعة الإسلامية لم تتطرق لا من بعيد أو قريب إلى مثل هذه المعتقدات الخاطئة"، والتي وصفها بـــ "الدخيلة" على المجتمع الإسلامي، منوهاً إلى أن "الشريعة الإسلامية نهت وبشكل قاطع عن الاعتقاد بهذه الأحجار، لأنها تجرف المجتمع نحو التخلف والجهل."

وتتكون الأحجار الكريمة أساساً من مادة السليكا، مع وجود بعض الشوائب المعدنية، وتتواجد عادة في مناطق الطمي البركانية، كالحصى البركاني، وبخاصة في مناطق جريان الأنهار البركانية.

مناف الساعدي
(dw)