آخر الأخبار

سوريا تمس بقدرة الردع الاسرائيلية

إن الجدل العقيم الذي دار بين الاستخبارات العسكرية وبين قيادة المنطقة الشمالية، بشأن ارسال إنذار بخصوص نية آلاف السوريين محاولة عبور الحدود في هضبة الجولان، هو أمر مقلق. لكن ما هو أكثر إقلاقا هو الصورة التي ظهرت مع وصول هؤلاء السوريين الى السياج الحدودي.
إن الامر يتعلق هنا بحدود مع دولة معادية، وأحد أهدافها هو تأخير تقدم قوات العدو في الساعات الاولى للحرب. لقد أنفقت ملايين كثيرة طوال السنوات في بناء هذه الحدود. إن حقول الالغام التي وضعت خلف السياج كان الهدف منها تكبيد العدو خسائر فادحة. أما السياج نفسه كان الهدف منه تأخير فيالق المهاجمين، الذين سيضطرون الى استخدام معدات هندسية من أجل اقتحامها ومواصلة العبور باتجاه هضبة الجولان.
إذا ما الذي حدث هناك ؟ مئات من المدنين مسلحين بأعلام فقط عبروا حقول الالغام، ولم يصب أحد منهم بأذى . لقد وصلوا الى الأسيجة وإقتلوعها وكأنها مصنوعة من أغصان طرية. وواصلوا في مسيرة الانتصار الى داخل قرية مجدل شمس وأقاموا هناك تظاهرة صاخبة وهم يلوحون باعلام سوريا وفلسطين.
إن المؤلم أكثر هو أنه لم يعرف أحد في قيادة المنطقة الشمالية أن السياج الحدودي وحقول الالغام هذه أنها مجرد رواية. في الحدود الساخنة جدا التي تعمل فيها المؤسسة الامنية بفعالية كبيرة ، وتخوفنا من حرب مرتقبة في الجبهة الشمالية لم يكلف أحد نفسه أن يفحص طوال السنوات الاخيرة وضع الشريط الشائك الذي هو جزء مهم من خطة الحماية لدى قيادة المنطقة الشمالية في حال اندلاع حرب أخرى بشكل مفاجئ.
من غير الواضح ما الذي فكر به كبار مسؤولي المنطقة الشمالية عندما طلب منها دراسة السيناريو الذي ينحدث عن قيام آلاف السوريين بشق طريقهم نحو السياج. إنهم لن يتجرأو ، يمكن الافتراض أنهم قالوا ذلك لقثيادة المنطقة. وذا تجرأوا وتقدموا فإن ألغامنا ستفعل بهم فعلها, وإذا كان من بينهم عدد ما من الشجعان وواصلوا طريقهم نحو السياج حتى أيضا بعد موت أصدقائهم في انفجار الالغام، فإن هؤلاء سيتم إيقافهم على الاقل حتى نصل الى هناك ونضع حدا لهذه الفوضى.
إن هذا التفكير على ما يبدو أوصل الى قرار الاستعداد في قطاع تلة الصرخات بعشرة جنود من الاحتياط فقط. أيضا بعد أن تم إبلاغ قيادة المنطقة الشمالية بوصول عشرات الاتوبيسات التي تحمل آلاف السوريين الذين يشقون طريقهم الى القطاع، لم يهتموا كثيرا في قيادة المنطقة الذين كانوا من المفترض بكبار قيادتها على الاقل أن يتعاطوا بجدية مع انعكاسات سيناريو تنفيذ مسيرة جماهيرية باتجاه الحدود.
بمعزل عن اخفاق الاهمال المتعلق بوضع السياج والالغام، فإن انطلاق مسيرة منظمة من المواطنين السوريين الى داخل مجدل شمس، فيها مس شديد بقدرة الردع الاسرائيلية في الجبهة السورية. بالنسبة لمئات من سكان قرية مجدل شمس الذين رحبوا بالمقتحمين وقدموا لهم الطعام والشراب، في الوقت الذي كان فيه جنود الجيش الاسرائيلي واقفين وينظرون الى هذا المشهد، إنكسر(لدى هؤلاء) للمرة الاولى منذ حرب الايام الستة حاجز الخوف. فهذا هو الجيش الضخم المزود بأفضل منظومات الاسلحة الحديثة غير قادر على أن يواجه فتيان يلوحون بالاعلام وهم يقتحمون الحدود بدون أي ازعاج.
لقد رأيت وصول الجماهير، يقول أحد سكان مجدل شمس ويضيف "في النهاية وصلوا الى السياج الذي افتخرت به اسرائيل وتبين أنه مجرد أن لمسوه انهار. لقد اقتحموا السياج الاول ثم عبروا السياج الثاني. لقد تفاجأت من السهولة التي عبروا بها السياج. هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها أحد ما فعل ذلك. لقد كان السياج بالنسبة لنا حتى اليوم رعب مميت، ومن اليوم وصاعدا يمكن التنزه من هنا والذهاب الى دمشق بشكل حر. هذا أمر مضحك".
نأمل أن تكون أصوات الضحك هذه تدوي في مسامع قادة الجيش الاسرائيلي، وتطير النوم من عيونهم. لا أحد يضمن لهم أن لا يكون في المرة القادمة الذين يحتفلون تحت تمثال سلطان باشا الاطرش من هؤلاء المواطنين".

رؤبين فدهتسور
"هآرتس"