بدوي وإخونجي، لحية وشماغ، ثامر ودروبي، الشخصان الوحيدان ممن حضر مؤتمر أنطاليا ولهما قوة تنظيمية وعسكرية في الداخل السوري، وما تبقى صحفيين وأشخاص مغمورين بلا تاريخ في المعارضة أو السلطة وليس لهم امتداد في الشارع السوري، تناوبوا على ميكرفون المؤتمر بجمل إنشائية ركيكة وهتافات حماسية تذكرنا بالمهرجانات الخطابية البعثية التي عانى منها الإعلام السوري والضجر الوطني ردحاً من الزمن.. ولم يكد يمضي عشرة دقائق على الافتتاح حتى خرج ثلث المتآمرين بسبب أفضلية المراهقين في امتلاك الميكرفون، وبقي بضعة وثلاثين في القاعة بحسب ما ظهر على شاشة الأورينت، فشتمهم عريف الحفل بقوله أن الذين خرجوا مقاطعين هم من المندسين !؟
المؤتمر أو (المهرجان) كما كان يخطئ في تسميته المنسق الإعلامي للمؤتمر في حواراته بسبب خلفيته الإعلامية الفنية وضعف خبرته السياسية، وبثته مباشرة محطة الأورينت (حصرياً)، كان بثاً بائساً ذكرنا بالتلفزيون السوري في ثمانينات القرن المنصرم.. لكن مشهد المؤتمر نفسه انقلب مساءً بعدما تلقفه مخرجوا هوليود في محطة الجزيرة، فأعادوا تقطيعه وإضافة المؤثرات الصوتية وعناصر الأكشن ليبدو كما لو أنه مؤتمر باندونغ الدولي بعد الحرب العالمية، بينما المذيعة الجميلة تحابي شهود العيان العيّانين وتقمع المشاركين السوريين( الموالين) بطريقة يعجز عنها خاتم الأيوبيين وحبيب المسؤولين، وأقصد الزميل علاء الدين، مدمر صورة الإعلام والإعلاميين في عيون المشاهدين ..
هذا وقد أكد سائر المؤتمرين أنهم لا يتكلمون نيابة عن ثوار الداخل، مما يعني أنهم يتكلمون بالنيابة عن الجهات التي أتوا منها: قطر وواشنطن ولندن وباريس وبروكسل، وإلا كان من الأجدى أن يدلوا بتصريحاتهم من بلدانهم التي يقيمون فيها وكفى الله المؤتمرين شر الصراخ والعراك وإعطاء صورة سلبية لمؤتمر مرتبك وركيك، بلا خطة عمل أو برنامج، فكان أشبه بمسرحيات طلائع البعث عن الفدائيين والإسرائيليين، حيث ينتصر فيها الفدائيون داخل قاعة الصف ويخسرون خارجه على الدوام..
غير أن هذا المؤتمر، على بؤسه وضعف تأثيره على الداخل، يعطي ذريعة قوية للتدخل الغربي في الشأن السوري، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، مما يعطل حياة السوريين ويضيق الخناق عليهم بأكثر مما فعلت حكومة العطريين، التي أطلقتُ عليها النار طوال عهدها غير الميمون، عندما كانت تجتهد بإثراء الأثرياء وإفقار الفقراء إلى أن وصلنا إلى ما نحن فيه من كرب و بلاء..
جدير بالذكر أن مؤتمر أنطاليا انعقد برعاية (عبود وسنقر) وكلاهما وكيل شركة سيارات كان لهما ثأراً مع ابن عمنا الذي يضع يده في جيبنا السيد رامي مخلوف الذي يقال أنه عطل أعمالهما داخل سورية بعد أن ترك لهما قرني بقرة الوطن و اعتقل ضرعها زمنا، ثم بدأ يتخلى عن بعض حلماتها مؤخرا فابشروا ..
نبيل صالح
(الجمل)