في أحد الأقوال التي لا تنسى قضى الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان بان «الإبطاء الاقتصادي يكون عندما يفقد جارتك وظيفته، أما الركود فيكون عندما تفقد أنت وظيفتك، أما الانتعاش فهو عندما يفقد جيمي كارتر وظيفته». ريغان لمن نسي انتصر على الرئيس كارتر ونحاه عن منصبه بعد ولاية واحدة فقط في انتخابات 1980. كارتر ذهب، ريغان جاء، السياسة تغيرت - ومع الزمن انقضت الأزمة الاقتصادية أيضا.
في معظم الحالات هذا ما يكون لدى الثوار كي يعرضوه - من ميدان التحرير في القاهرة حتى جادة روتشيلد في تل أبيب. تغيير القادة هو موضوع بسيط، أما خطة العمل فهي أمر معقد. كيف نجعل من مصر ديمقراطية تؤدي وظائفها دون أن تقع في يد المتطرفين؟ كيف نخفض أسعار السكن في تل أبيب ونخفف عن الشباب دون المس بالملك الذي جمعه بجهد كبير الأكبر منهم سنا من المنتمين الى الطبقة الوسطى؟ ثوار التحرير ومتظاهرو تل أبيب يتشابهون في أنه لهؤلاء مثل لاولئك لا توجد خطة عمل بعيدة المدى، ولكن يوجد أيضا فارق كبير بينهما: في القاهرة على الأقل كان هناك هدف قصير المدى. في تل أبيب حتى مثل هذا الهدف يصعب إيجاده.
ما الذي أراده المتظاهرون في مصر؟ أمر بسيط، مفهوم. أن يرحل مبارك. هذه ثورة على الأقل في بدايتها كان لها سطر أخير يفهم فهمه ويمكن تحقيقه. ما الذي يريده المتظاهرون في تل أبيب؟ هل يريدون أن يرحل بنيامين نتنياهو؟ عضو الكنيست ميري ريغف، تشك، وبقدر من الحق، بان نعم. ولكن ليس لهذا الطموح أي علاقة بمشكلة السكن. واذا ما رحل فهل ستنخفض اسعار الشقق؟ واذا ارادوا بان يرحل، فلماذا يحتاجون الى تظاهرة؟ إذ توجد هنا انتخابات ويمكن التصويت، تماما مثلما فعل المقترعون الذين صوتوا فأسقطوا كارتر.
أمس الاول بتأخير مميز، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» النقاب عن ان الثورة في مصر، كيف نقول، لم تحقق كل أهدافها. يتبين أن الجيش لا يزال في الحكم، ويبدو أيضا أنه يعتزم البقاء هناك. عمليا، الثوار في مصر لم يحققوا بعد شيئا واضحا، باستثناء واحد: اسقاط مبارك. وهم يفهمون بان هذا لا يكفي، ولكن يتبين أنه ليس سهلا تجنيد ائتلاف يدفع الى الامام هدفا أقل موضوعية وأكثر جوهرية. ومثلما صاغ ذلك شادي حميد وصموئيل بلومبلي من معهد «بروكنز» الأميركي: «هذه هي الطبيعة الجديدة لمصر. المتظاهرون يحتجون. الحكم يقدم بعض التنازلات. المتظاهرون يحتجون مرة اخرى وهلمجرا».
قرأت أمس الاول في NRG معاريف بان واحدا يدعى ايتسيك شمولي، رئيس اتحاد الطلاب القطري، يستعد «لصراع عنيد وطويل ضد الحكومة التي تركتنا لمصيرنا». قرأت لدى نحمايا شترسلر بان المتظاهرين «يتحدثون عن ثورة اجتماعية». قرأت في يديعوت أحرونت أن رئيس بلدية حيفا يونا ياهف، يحذر - يذكر: «الثورة في تونس بدأت بصفعة شرطي لعامل في بسطة».
غير ان المسألة موضع الاهتمام حقا في كل ثورة لا تتعلق ببدايتها بل بنهايتها. فكروا في لحظة الانتصار في القاهرة، في لحظة تفرق المتظاهرين الى بيوتهم. فور تحقق الهدف - مبارك رحل. وحتى بعد هذا الانتصار الدراماتيكي ليس واضحا بعد اذا كان المتظاهرون انتصروا حقا، وعلى من انتصروا ومن سيربح من هذا النصر. والان حاولوا أن تتخيلوا لحظة انتصار نزلاء الخيام المتصببين عرقا في صيف 2011 وستفهمون فورا انه ليس سهلا تخيل هذه اللحظة: لعلهم يحصلون على وعد غامض بتشكيل لجنة. ولعل الكنيست يقر على عجل اصلاحا ما آثاره على السكن للشباب موضع خلاف؛ أو أن الرئيس يأتي في زيارة تضامن ويطلب منهم العودة الى بيوتهم. أو أن حدثا آخر ينسي خيمتهم؛ أو ينتهي الفنانون المستعدون للوصول وهم يحملون غيتارا لنصف ساعة؛ أو ينتهي الصيف.
شموئيل روزنر
"معاريف"