آخر الأخبار

تفشي وباء الدعارة والاتجار بالفتيات في العراق

بقلم ريبيكا موراي

سجل وباء الدعارة والإتجار بالنساء والفتيات إرتفاعا كبيرا في العراق جراء أعمال العنف والإحتلال العسكري الأجنبي الذي مزق الأسر ودمر المؤسسات الوطنية وعمم الفقر بين الأهالي، فضلا عن إجبار 4.4 مليون عراقي علي النزوح عن ديارهم منذ عام 2003. وعادة ما تتولي نساء إدارة تجارة الجنس.

تعمل "رانيا"، التي عانت من الإغتصاب وأجبرت علي الدعارة منذ بلغت مجرد 16 سنة من العمل، بصفتها "نائبة" تاجر جنس مسؤولة عن تحصيل المال من العملاء. وتقول "لو كان لدي أربع فتيات ونحو 200 عميلا يوميا، لوزعت 50 عميلا علي كل منهن في اليوم، كل يوم".

أما عن السعر، فتقول رانيا أن كل "جلسة" تكلف العميل نحو 100 دولار الآن. ويتم "بيع" الفتيات العذارى في سن المراهقة مقابل حوالي 5.000 دولار. وينخفض السعر إلي النصف في حالة الفتيات غير العذارى. وتزدهر هذه التجارة خاصة في شمال العراق وسوريا والامارات العربية المتحدة.

هذا وغالبا ما تعتبر الفتيات الهاربات من العنف المنزلي أو الزواج القسري الأكثر تعرضا للوقوع فريسة للقوادين في محطات الحافلات ومواقف سيارات الأجرة. كذلك فيتم بيع بعض الفتيات أيضا للزواج بغية تسليمهن إلى عصابات الاتجار بالبشر.

ومن الملفت للنظر أن معظم تجار الجنس في العراق هم من النساء، وهن الاتي تديرن بيوت الدعارة في الأحياء المتداعية البائسة في وسط بغداد.

هذا ولقد واجهت تجارة رانيا الشائنة ضربة قوية منذ ست سنوات، حين وقع بيت الدعارة الذي تعمل به تحت القصف الأمريكي. فأُتهمت هي والفتيات العاملات في بيت الدعارة بالتحريض على الإرهاب.

لقد غير السجن حياة رانيا. فبعد أن قضت جانبا من عمرها في سجن الكاظمية ببغداد -حيث تخدم أكثر من نصف السجينات في الدعارة- أشفقت عليها مجموعة محلية لمساعدة النساء، وأتاحت لها الفرصة للعمل مع المجموعة كباحثة متسترة نظرا لخبرتها الطويلة وإتصالاتها العديدة إلي تسمح لها بدخول بيوت الدعارة في جميع أنحاء العراق.

فتقول "أتعامل مع كل القوادين وتجار الجنس". وتضيف رانيا التي ترتدي رداء أسود الأسود وتطلي أظافرها وتتزين بأساور الذهب "لا أقول لهم "أنا ناشطة" وإنما تاجرة جنس، فهذا هو السبيل الوحيد للحصول على المعلومات، ولو اكتشفوا اني ناشطة لقتلوني".

ومن الجدير بالذكر أن العراق، قبل حرب الخليج في عام 1991، كانت تتمتع بأعلى معدل لمحو الأمية بين الإناث في كافة أنحاء الشرق الأوسط، وكان المزيد من النساء يعملن في المزيد من المهن الماهرة مثل الطب والتعليم، أكثر من أي بلد آخر في المنطقة.

والآن وبعد عشرين عاما ، تعيش المرأة العراقية واقعا مختلفا تماما. فقد إنتشرت هيمنة الشريعة على الحياة اليومية، وأصبحت قضايا الحياة اليومية مثل الزواج والطلاق وجرائم الشرف تحسم خارج إطار النظام القضائي وسيادة القانون.

"هناك الكثير من العوامل التي تساهم في تعزيز الاتجار بالجنس والدعارة في المنطقة"، وفقا لتقرير كنائسي خيري نرويجي في العام الماضي.

"الحرب التي تقودها الولايات المتحدة والفوضى التي ولدتها، تزايد انعدام الأمن والفوضى وفساد السلطات، تصاعد التطرف الديني، المصاعب الاقتصادية، والعنف القائم على نوع الجنس والتمييز المتكررة التي تعاني منها المرأة، خطف الفتيات والنساء، الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم خاصة تلك المرتكبة ضد المرأة، وتطوير التكنولوجيات الجديدة المرتبطة بعولمة صناعة الجنس".

هذا وتقدر المنظمة الدولية للهجرة عدد الأفراد الذين يقعون ضحية عمليات الإتجار بالبنشر عبر الحدود بنحو 800.000 سنويا. لكنه من الصعب تحديد الأعداد في داخل العراق.

وعلى الرغم من أن الدستور العراقي ينص علي عدم قانونية أو شرعية الاتجار بالبشر، فلا توجد قوانين جنائية لمحاكمة المجرمين على نحو فعال، ومن ثم قلما تم معاقبتهم.

وتعمل المنظمة الدولية للهجرة حاليا مع لجنة وزارية مشتركة للضغط من أجل إدخال تعديلات علي القوانين لمكافحة الاتجار بالبشر، وهي العملية التي أوقفتها حكومة بغداد منذ عام 2009.

ومن جانبها، أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية العالمية أن الحكومة العراقية لم تفعل شيئا يذكر لمكافحة المشكلة. "هذه الظاهرة لم تكن سائدة في عام 2003"، وفقا للباحث بالمنظمة سامر المسقطي.

وأضاف أنه لا توجد إحصاءات محددة وهذا هو الجزء الأول اللازم لمعالجة هذه المشكلة؛ "نحن في حاجة الى معرفة مدى أهمية وانتشار المشكلة"، وهو ما لم تفعله الحكومة، فلم تراقب المتجرين أو تتخذ إجراءات صارمة ضدهم.
(ips)