آخر الأخبار

رأس المال..!

بعيداً عن التعاريف و المصطلحات المتبعة و الدارجة حول كلمة رأسمال و الرأسمالية , فإن كلمة رأس المال تحمل في ظاهرها المعنى الكامل و البسيط
لهذه الكلمة ..
إن كلمة رأس المال هي كلمة مترجمة إلى العربية من أصلها اللاتيني .
لا أعرف إن كان المترجم المفترض لهذه الكلمة إلى العربية و الذي لا أملك أدنى فكرة عن هويته, قد راعى التطابق و الوصف الدقيق لهذه الكلمة و روحها و ولوجهاإلى معاجم اللغة العربية دخيلة غير أصيلة ...!!
دعونا لا ندخل بالوصف السياسي و الاجتماعي و الثقافي و الديني لكلمة رأس المال.
التي اختلفت حولها الدراسات و البيانات من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال..
و لنستعرض موضوع ورود هذه الكلمة اليوم في محافل عديدة و بين أوساط العامة و غير العامة ..

لقد أصبح تداول كلمة رأس المال أو الرساميل أو رؤوس الأموال شيئاً مألوفاً لدرجة أصبحت معها هذه الكلمة منطوقة من قبل الكثيرين و على اختلاف مشاربهم و ميولهم و انتماءاتهم ..!!

فكثيراً ما نسمع عن إنشاء بنوك مختلفة المسميات منها الإسلامية و غير الإسلاميةفي عالمنا العربي أو في أماكن أخرى , تخضع جميعها لعنوان تأسيسي واحد ألاوهو القول و الإشهار بكلمة رأس مال هذا البنك أو ذاك دون الإدراك بالضرورة
للخلفية التاريخية لهذه الكلمة . حيث أن لهذه الكلمة انعكاساً شديداً عند بعض هؤلاء.

لذلك , دعونا نأخذ الأشياء ببساطتها و ليس بتعقيدها و نقول أن كلمة رأس المال
كما جاءت في الترجمة العربية من الأصول اللاتينية للكلمة و كما هو واضح تتألفمن كلمتين . الكلمة الأولى رأس . و كلمة المال .

فقد استوحت الترجمة إلى العربية وصف المال بأنه يملك رأساً أقله في الوصف
اللفظي . و إلا , لكان بالإمكان القول عوضاً عن كلمة رأس , قمة أو سلطة
أو مركز أو أساس.... كما جاءت capital , capitalism..
لكن الترجمة جاءت بتعبير رأس المال ..!!!! للإصرار على مرافقة كلمة الرأس لكلمة المال ..

و بما أن رأس المال هذا , شابه كل الرؤوس من حيث القدرة على التفاعل و الفعل
في ومع و بكل الظروف المحلية و الإقليمية و الدولية , فإنه بالوقت ذاته يختلف عنها في أنه أكثر قدرة على استشعار الأحداث و استقراء المستجدات و التنبه لها و ذلك يعود لارتباط هذه الكلمة ارتباطاً شديداً بحياة عامة الناس و المؤسسات و أمنها و أمانيها...
فرأس المال هذا مقدام ... و لكنه حذر . ذكي .. فطن . سريع العطب .. هادئ ..
متوتر . مغامر ... عاقل .. سريع .. بطيء .. يتقدم .. يتراجع .. إنه فعلاً يفكر ..!!!
لذلك , كان لا بد لنا من فهم كلمة رأس المال فهماً دقيقاً و متأنياً و عميقاً للوقوف
أمام أبرز المحطات التي تهبنا القدرة و التركيز لاستمالة رأس المال هذا و إظهار النوايا و الأفعال التي تحفزه على العودة و الدخول و التوالد في مجتمعاتنا عبر الاستثمارات الصناعية و التجارية و الاقتصادية و الثقافية و حتى الاجتماعية..
و لا بد لنا من أن نهيئ البيئة المريحة و الآمنة لرؤوس الأموال هذه كي تشعر بالاستقرار و الأمن ..
حتى الآن , لم يستطع الرأس البشري عندنا أن يخلق صلة وصل أو لغة أو أبجدية
مشتركة بينه و بين رأس المال . ولم يستطع رأسنا البشري حتى هذه اللحظة في إقناع رأس المال بإمكانية الاستثمار في ربوعه .

و بالرغم من الإغراءات و التسهيلات و القوانين المستحدثه من أجل جعل إقامة رأس المال هذا أكثر راحة و أماناً , فقد فشلنا بالوقت نفسه بالإيحاء بالثقة تجاه كثير من الاستثمارات و مشاريع التنمية في بلدنا ..!!!
كل هذا ناجم عن الأداء غير المتواتر و غير المنتظر لمؤسساتنا و الخط البياني المتذبذب و ردود الأفعال غير المحسوبة و المباغته...
كل ذلك جعل المناخ ضبابياً و مشوشاً أمام رأس المال أو الرساميل أو الاستثمارات إن شئتم ..!!!
لا بد من الاعتراف حقيقية , أننا فشلنا فشلاً ذريعاً في محاكاة رأس المال الذي أصبح اليوم أكثر حذراً و توجساً و خوفاً مما مضى ..