آخر الأخبار

إماطة النـِّقاب عن لصوص الكُتـَّاب

مع تكاثر الصحف الاليكترونية وسهولة النشر وسهولة الحصول على كم هائل لا حصر له من المعلومات، يستغلُّ كثير من الناس هذا الفضاء الاليكتروني ،فيعمدون إلى أبحاث ومقالات منشورة في الصحف أو المواقع والمنتديات الاليكترونية، فينسخونها ثم ينشرونها ،ولا يلزمهم بعد إلا أن يضعوا فوقها أسمائهم على أنها من نتاج عقولهم وثمرة أفكارهم،هكذا بكل بساطة ..نسخٌ ولصقْ، وهؤلاء كـُثرٌ ،وتعـُجُّ بهم الصحافة الاليكترونية في كل مكان، والصحف الاليكترونية لا تراجع المواد التي يرسلها الكتـَّابُ ولا تصحّح حتى الأخطاء الإملائية، فتنشر من غير تحـر ٍ أو تدقيق،طبعا على الأغلب، ويقوم هذا اللص بعد ذلك بتقديم نفسه قائلا الكاتب فلان ويلوي بها عنقه.
والعجيب أن تقرأ مقالا في صحيفة إليكترونية أردنية ، فيه نقد للفساد، ثم تكتشف بأن الكاتب، قد سرقه من كاتب تونسي،وفي التعليقات يظهر العـِيّ فما هو إلا أن يقوم بالرد على احد التعاليق،فينكشف المستور ويظهر جهلة بالكتابة وفنونها، والموضوع الذي نشره معا ،لتتفاجأ بأن الكاتب في تعليقه لا يرقى، إلى أن ينسخ هذا المقال المعنون باسمه كتابة، فكيف يكون من أفكاره ابتداء ً،لتبدأ عندها رحلة البحث عن المقال وإذ بـه في صحيفة أو منتدىً بعيد ،لم يخطر ببال اللص الكاتب،أن أحدا قد يستدل عليه في مَظانـِّه.
الأعجب أن تجد في أسفل مقالات هذا الكاتب لائحة،بالكثير من المقالات التي نشرت له،وما هو إلا،أن ترى الاضطراب في الأسلوب،فلا تجتمع على أسلوب واحد، وفي المواضيع ما يمدحه في مقال هنا يذمه في مقال آخر، وطبعا كاتبنا اللص،ليس له من المقال إلا العنوان،أو ديباجة قصيرة يحرص كل الحرص أن لا يطيلها،لأن لصا جاهلا، لا يستطيع أن يقدم لبعض المواضيع الأدبية أو العلمية التي يسرقها.
والبعض يختصر لصوصيته في الاقتباس،من بعض الأبحاث والمقالات،فيضمنها لمقالاته ،من غير أن يشير إلى مصادرها،موهما القارئ أنها من صياغته ،ومثل هذا النوع من السرقة،يكون اكتشافه أسهل،بعين القارئ المتمكن،جرَّاءَ التباين الذي ينشأ،من الجمع بين أسلوب الكاتب الأصلي وأسلوب،الفقرة المقتبسة،فالتفاضل بين الكتـَّاب من حيث الأسلوب حاصل،ولاشك،وهناك نوع من السرقات يكون كشفه،من خلال تقييم الكاتب،فولوج الكاتب إلى مواضيع معقدة،لا ينتظر منه أبدا أن يكون ملماً بها ،يعطي أول الخيط بأن هناك سرقة محتملة،لتبدأ رحلة البحث،عن مصدر الموضوع،وتثبت السرقة بالدليل،
ومن السرقات،ما أسميه السطوالإختياري،وهو كثيرٌ أيضا،فقد قرأنا لكتاب،لا تصح تسميتهم حتى بالنسَّاخ لجهلهم بأصول الكتابة،ثم إذا به بعد عدة مقالات،ينتظم أسلوبه وتعلو لغته،ويطـَّرد سياقه،وتزول ركاكته،وهؤلاء قد لا تجد في البحث عن أصول مقالاتهم ما يدلك على السرقة،ولكن هذا النوع،لم يكن لتهبط عليه هذه الملكة بين ليلة وضحاها،وإنما منهم من يشتري نتاج كتـَّاب مغمورين ولا يرغبون بالنشر أو قد لا يهتمون له،أو قد تعوزهم الحاجة إلى بيع مقالاتهم وأبحاثهم.
ومنهم من يكتب له أبوه،أو يكتب له ابنه أو ابنته،وهذا كنت أكتشفه من خلال التعاليق،أحيانا على بعض المقالات،فبقدرة قادر يتحول أسلوب الكاتب إلى أسلوب آخر،ويتناغم مع أسلوب ابنه أو ابنته،عندما يمدح مقاله في التعاليق،ولا يكتفي بالمدح،فيسهب في الإشادة بموضوعه،ولأن المقال أصلا من إنشاءه،يحوم حوله ليستخرج منه عبرة أو حكمة،ولا يكتفي بالمديح للكاتب،فينكشف المستور،فالمقال لمن كتبه كأحد أبناءه لا يفتأ يحنو عليه،ويعدل فيه لهذا يغلبه الطبع،فينتقل من مدح الكاتب إلى شرح المقال،وكثير ممن يظهر بين الناس عالما أو مفتيا،أو باحثا،يستأجر من يقوم نيابة عنه،بتأليف الأبحاث أو المصنفات له،ثم ينشرها باسمه،ملقيا ًببعض الفتات لمن باع نفسه.
على كل حال الموضوع يطول ولا يحيط به مقال،ولكن أقول إن السرقات الأدبية والعلمية هي من أسوأ أنواع السرقات.........المقال والبحث نتاج فكر ،وحالة إبداع،وعصارة تجربةوثقافة........مقالك هو أنت....إن لم تكن كاتبا فلماذا تنتحل،جلدا غير جلدك،ألا تخاف أن تنسلخ منه،إذا سألك أحد عن علم كنت نشرته في مقال سرقته،فتحار جوابا،الكتابة ليست وجاهة،تمارسها مع العباءة،بعد التقاعد،الكتابة مسؤولية،ستتحملها شئت أم أبيت،فإن لم تكن ممن يجيدها،فسوف تزلُّ ولا شك.....كيف تسرق مقالا عن النزاهة....كيف تأتي بفقرة ....تنسج حولها مقالك،ثم تنسجها في خيوط المقال كأنها قطعة منه،ولا تشير إلى صاحبها،كيف تظن بأن لقب دكتور،ينجيك من أن يتتبعك شخص لم تحسب له حسابا،
فمماأذكره أن أحد الكتاب،وكان يدَّعي أنه طبيب،ومن القدس المحتلة،يسمى صلاح عودة الله ،وكان هذا الكاتب ينشر بشكل كثيف،وينتقد كل شيءٍ،حوله وأكثر ما يتكلم عنه النزاهة،لينكشف المستور من بعد،بعدما تتبعته،فإذا هو من أكبر اللصوص في تاريخ الصحافة الاليكترونية،فلا يكاد ينشر مقالا إلا ونصفه أو ثلاثة أرباعه،مسروقْ،فسريعا ما تكتشف الفرق بين لغته الركيكة،وبعض فقرات المقال جيدة السبك والبناء،وما لبث أن قاطعته كثير من المواقع التي يهمها موضوع الأمانة الأدبية والعلمية،وأصدرت بيانات بمقاطعته،وظهر للناس جميعا انه رجل جاهلٌ ولصُّ مقالاتٍ،وقد تم طرده من قرابة مائة موقع مع ما لحقه من الفضيحة،في هذا الباب،ولم ينفعه لقب دكتور،ولا ما يتمسح به من إضافة القدس المحتلة ليستدر عاطفة الناشر والقارئ معا ،بعد ذكر اسمه أسفل المقال،أو أعلاه،لهذا أيها القارئ الكريم،فلتحذر أن تكتسب لقب كاتب من خلال النسخ واللصق،وإن ضمنت مقالك فقرة،أواقتبست قولا،أن تشير إلى صاحبه،فالكاتب الحر الأمين،إذا اقتبس معنىً،وصاغه بلغته،عزا ذلك المعنى الذي استفادة،إلى صاحبه مع أنه لايضيره ذلك ولا يلزمه،لكن هكذا تكون الأمانة،وهكذا هوا لعلم،وهكذا هم الأدباء والكتاب والعلماء.