يرتادها زبائنها أهالي الحي الشرقي متى شاءوا ليشتروا منها وخاصة أبو الجوج الهائم بام تحسين المغناج والتي كانت تبتسم له ابتسامات خبيثة بقصد ايقاعه بشرك حبها .. ليس ابتسامة وحسب بل كانت تمر بجانب بيت أهله وتتصنع انها تعبانة من العمل ، فتهز أردافها لتثير أبو تحسين الذي قرر الزواج منها حتى ولو لم يرضى أهلها به ، فقد اتفق مع صديقه "أبو كيفو"على أن يخطفها ويتركها عنده لحين الاتفاق مع أهلها ليتزوجا بعد ذلك على سنة الله ورسوله .
في الحقيقة والحقيقة تقال ، عشقته ، سيما وأنه كان يأتيها كل يوم بوردة يقطفها من حديقة شمعون السرياني الذي كان يشتمه في كل مرة يرى فيها ورداته تنقص وردة .
وما ان مضت أعلى زواجهما بضعة أشهر حتى أصبحت تزن عليه بفكرة السفر إلى بلاد الله الواسعة ، وعلى هذا الأساس نشرت خبر سفرها إلى إحدى الدول الأوربية التي يقال بأنها بلاد الخير والخيرات قبل سفرها بفترة طويلة , وكانت تشتري حوائح سفرها من عند جوتو ذاته الذي كانت تعمل عنده ، وعلى هذا الأساس أيضا ً اقتنع زوجها بالفكرة وبدأ يجري اتصالاته الهاتفية مع من سبقوه إلى تلك البلاد .
بعضهم قالوا أنه يجب عليه ان يتقدم باسم حزب الشعب ، وآخرين نصحوه بـن لايذكر اسم الحركة السياسية ، قالوا لأصحابه أن يخبروه : " .. خلي يقول أنه خاف من بطش المساعد جميل ، جار بيت حموه دفعه لنشر منشور يدعو إلى اسقاط النظام ..." وناس نصحوه يغير دينه ويصير شهود يهوه ، أو دين مورمون ، " كل واحد صار يحكي شكل" هكذا قال لزوجته ، وأردف : " حيروني والله" لكنه قرر في النهاية تقديم لجوئه على اسم ابن حموه ، أخو أم تحسين الذي أختطفته سيارة مخابرات معززة بكلاب بوليسية في الشارع بينما كان عائدا ً من بيته .
في معسكرات اللجوء تعرف على الكثير من الناس ، منهم سوزي "السكرانة" المدمنة على شرب البيرة والكحول ..
تركت صديقها في الطابق الأرضي خلسة وجاءت لعند أبو تحسين لتنام معه في غرفته ذات السرير الواحد ..
في صباح اليوم التالي نهزته ، أيقظته من نومه ، طلبت منه ان يأتيها بقنينة ، غير مهم مالذي بداخلها ، وسيان إن كانت علبة بيرة أو زجاجة ويسكي .. المهم عندها ان تبقى "سكرانة" .
خرج من الغرفة بملابس النوم مما أضحك جيرانه عليه ..
سأل أغلبهم عن الكحول لكن لم يدله أحد على المصدر إلا واحد ســـــكير مثل السيدة القابعة في غرفته تنتظر ..
أشــــار عليه أن يصعد للطابق التاسع ، وقال له أن رجلا ً أفريقي هناك ، اسمه جوني .. يبيع البيرة ويعرف كل السكرجية القاطنين في هذا المعسكر النائي ، حتى أنه يعرف ضيوف "الكحوليين " في كل البناء ، ويعرف من هي الست المنتظرة أبو تحسين في غرفته حتى يعود ..
في المساء ، وبعد أن شربت قهوتها لتصحو من نومة بعد الظهر استعدادا للسهر غمزت أبو تحسين مشيرة إلى علبة البيرة الفارغة المرمية على الأرض ..
" طنش " أبو تحسين ، ندب حظه على هالورطة ، حمد ربه على أن زوجته أم تحسين " ما بتسكر ولا بتحشش" ولكنها منفتحة ، ترحب بالضيوف بحضوره وغيابه ، رجالا كانوا أم نساء .. و" ما بتخلي هم ع القلب " .
استمرت ضيفته في الغمز والنظر إلى علبة البيرة مما أجبره على مغادرة غرفته برائحتها الكريهة لشراء علبة بيرة لتوقيف حركة عينها التي قد تصبح لا إرادية فيما بعد ..
اشترى لها صندوق البيرة كله ، دفع نصف حقه ، وأجل باقي الحساب للشهر التالي ، مما أدخل الفرح لقلب السيدة الضيفة التي لم تقم من مكانها إلا وقد شربت نصف الصندوق ، إضافة إلى حبة لمنع الحمل مما جعلها تصفر ، وتردد أغنية باللغة الألمانية تقول :
Ich seh' hinaus...."
Auf die schlafenden Strassen,
Die Lichter gehen aus,
Vorbei ist die Nacht.
Ich denk' an Dich
Und mein Herz schlaegt schneller,
Schon wird es Morgen,
".. Die Sonne erwacht
نظرت الشارع وهو في سكون وكانت أشعة النور ساطعة عليه ..فكرت فيك وقلبي يتبسم .. وكان صباحا جميلا ولكن سرعان ما تبدد وغابت الشمس عن أجمل يوم في حياتي.. فهو يشعرني بالجمال والروعة..فأجمل أيام حياتي هو اليوم الذي تكن للأبد فيه بجواري..فكل النور اليوم لك..ظللت لساعات طويلة أفكر في هذا اليوم الذي تحلم به كل بنت.. احلي يوم في أيامي أصبح حقيقة.. آه.. هكذا يتمني كثير من الناس.. ويبق الحب علي مر الزمن هو أحلى يوم في الحياة ..
بكت الضيفة ، ذَرَفت دمعة ، وقامت متجهة نحو الباب وخرَجَت ..
*********************
من يومها لم تعد إلى غرفة أبو تحسين أبدا ..
عاد أبو تحسين يهاتف زوجته من جديد .