، ايضا نادرا ما نسمع تصريحات او نقرأ مقالات تتحدث عن ضرورة اسقاط او تغيير هذه القيادة التي راهنت على المفاوضات والتي بسياستها وباتفاقيات العار التي وقعتها اوصلت القضية الفلسطينية الى الوضع الحالي.
لقد جاء لقاء صائب عريقات مع ملوخو والرباعية بالاردن خلال الايام الماضية، ليؤكد على رهان هذه القيادة على تمسكها بالمفاوضات بالوقت ذاته التي ترى به بعض الفصائل الاخرى بعبثية هذه المفاوضات وهذه اللقاءت وهذا الرهان، ولكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو، الى متى يمكننا ان نستمر بهذه الثقة بهذه القيادة التي تنادون بعبثية رهانها على المفاوضات؟ الا يكفي عقدين من الزمن تقريبا على هذه القيادة ومفاوضاتها العبثية؟ وهل المطلوب تغيير النهج ام تغيير القيادة؟
الامور واضحة ولا لبس بها اطلاقا، القيادة الفلسطينية وحركة فتح بالاساس تنادي وتعمل على ايقاف كل اشكال المقاومة مع الكيان الصهيوني والتمسك بالمقاومة السلمية والتأكيد على المفاوضات المشروطة بوقف الاستيطان بالوقت الحاضر، وليس ازالة الاستيطان، كأن الاراضي التي اقيمت عليها المستوطنات ليست فلسطينية، ان ايقاف كل اشكال المقاومة ضد الكيان الصهيوني اليوم اصبح امرا واقعا وتمكنت الاجهزة الامنية وبقرار من القيادة وبتأييد واضح من حركة فتح من تحجيم وتصفية المقاومة بالضفة الغربية وزج عناصر المقاومة بالسجون ورفع درجة التنسيق مع الكيان الصهيوني، ورغم كل جولات الحوار والاتصالات التي جرت بين الاطراف الفلسطينية، نجد ان حركة فتح والقيادة الفلسطينية لم تتراجع اطلاقا عن توجهاتها السياسية ورؤيتها للمرحلة المقبلة، مع تاكيدها على المفاوضات، وليس خافيا على احد بان القيادة الفلسطينية ليست هي التي اوقفت المفاوضات بسبب الاستيطان وتعنت الكيان الصهيوني، وانما الكيان الصهيوني يدرك جيدا ان بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية كافي ان يضع القيادة الفلسطينية بمهب الريح وبين المطرقة والسنيان بعد ان فقدت كل عناصر قو
تها الداخلية والقومية والعالمية، فاين تراهن هذه القيادة؟ والملفت للنظر هو استمرار لهاث ورهان القوى الاخرى وانتقاداتها المستمرة لحركة فتح والقيادة الفلسطينية وتوجهاتها.
المراقب للوضع الفلسطيني الداخلي والعلاقات التي تربط كافة القوى السياسية الفلسطينية، لا يرى الا الموقف الفتحاوي بكل حذافيره، وان التصريحات والمواقف الاخرى للقوى الفلسطينية التي تعتبر نفسها معارضة لهذا النهج، لا تراها الا داخل وضمن هذه المدرسة، وان معارضتها شكلية وغير مؤثرة بالواقع السياسي، والاخطر ان المراقب الفلسطيني لا يرى بهذه المعارضة الا التناقضات بمواقفها بالعلاقات الداخلية، حيث ان المعارضة غير راضية باداء القيادة السياسية وبنفس الوقت تسير هذه المعارضة تحت ابط هذه القيادة، وهنا تفقد هذه المعارضة من جماهيريتها ومصداقيتها امام الجماهير الفلسطينية، كما هذه المعارضة تفقد من مصداقيتها بمواقفها من الاحداث الدائرة.
حركة فتح والقيادة الفلسطينية تدفع الاطراف الفلسطينية الاخرى باتجاه انجاز الوحدة الوطنية بناءا على رؤيتها وتوجيهاتها السياسية، وليس على قاعدة الاجماع الفلسطيني، ولا بد من التذكير بان جولات الحوار اكدت باغلبيتها على رؤية فتح بالمواجهة مع الكيان الصهيوني، وهنا اوجه سؤالي الى القوى الاساسية من المعارضة الفلسطينية ومنها بالاساس حماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، من الذي تخلى عن كافة اشكال المقاومة هل هي فتح لوحدها ام الكل الفلسطيني؟ وسؤال اخر بحاجة الى صراحة من هذه القوى وهو: هل ستقوم هذه القوى بممارسة الكفاح المسلح او اي مظاهر المقاومة العنيفة بالضفة والقطاع بدون معارضة او منع فلسطيني؟ ام ان المقاومة هي بحاجة الى موافقة الاجهزة الامنية بالضفة والقطاع؟
نعم الشعب الفلسطيني بحاجة الى التمييز، فكما قال ابو علي بالبرازيل انهم عارضوا قرارات المجلس الوطني الفلسطيني بدورة الجزائر، واين موقفهم اليوم من هذه القرارات؟ وقبل ذلك عارضوا كامب ديفيد، واين موقفهم اليوم من كامب ديفيد ونظام كامب ديفيد؟ عارضوا اتفاقيات اوسلو، وما هو موقفهم من اوسلو؟ يعترفون بدولة على حدود الرابع من حزيران، ويجتمعون باحضان كامب ديفيد ويدخلون ويخرجون الى ومن فلسطين التزاما باتفاق اوسلو، فما هو الفرق بين هذا الفصيل والاخر؟ هذا ما يريد ان يعرفه ابو علي ليميز بين الفصائل الفلسطينية.
المواطن العادي والمراقب لا يرى تمييزا بين الفصائل الفلسطينية من حيث المواقف من الاحداث، فهناك الكثيرون الذين يسألون ايضا ما الفرق بين موقف فتح وحماس والشعبية من الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران؟ ولماذا هذه الفصائل الوطنية تجلس مع من خان وتنازل عن اراضي فلسطين المحتلة عام 1948؟ لماذا قادة الفصائل الوطنية تحاور من اعترف بالكيان الصهيوني وتحاور من اعتبر اراضي ال 48 اراضي اسرائيلية وليست فلسطينية؟ اسئلة مشروعة.
القيادة الفلسطينية بتصريحاتها اليومية تؤكد على المفاوضات لانهاء الاحتلال على جزء من الاراضي الفلسطينية، والمفاوضات بالنسبة لها هي قناعة راسخة، وتعتبرها انجع وسيلة للوصول الى الهدف المنشود الا وهو الدولة الفلسطينية، حتى توجه هذه القيادة الى الامم المتحدة اكدت اكثر من مرة بان ذلك من اجل العودة الى المفاوضات، وتود العودة بشروط افضل وعلا ان يكون لديها ورقة قوة، رغم ذلك لم تحصل عليها حتى الان، وستبقى بمتاهة الامم المتحدة سنوات دون ان نعترف بفشل هذا التوجه الى ان يتحول هذا الفشل الى مديحا لهذه القيادة على جرأتها وارادتها وتصميمها بتحديها للادارة الامريكية والصهيونية بأخذ القضية الفلسطينية الى الهيئات الدولية، واعتبار هذا التوجه انجازا فلسطينيا.
ان استمرار الرهان من قبل الفصائل على هذه القيادة تحت مسمى الحوارات والتمسك بالثوابت الفلسطينية، والرهان بان هذه القيادة ستنجز الوحدة الوطنية وستعمل على تطبيق اتفاق القاهرة ووثيقة الاسرى ما هو الا ذرا من الرماد بالعيون، فالانجازات لن تـاتي من خلال الرهان على قيادة ساومت وما زالت على الثوابت والحقوق الفلسطينية، فهل القوى الفلسطينية المعارضة لهذه القيادة قادرة على اتخاذ مواقف والقيام باجراءات باتجاه اسقاط هذه القيادة واستبدالها بقيادة اكثر ثباتا واكثر وضوحا اتجاه الحقوق والثوابت الفلسطينية؟ وهل هذه القوى بامكانها ان تقوم بمقاطعة هذه القيادة بكل نشاطاتها وتوجهاتها وعدم حضور الاجتماعات القيادية سواء على مستوى اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي او اي لقاء اخر الى ان تسقط هذه القيادة؟ اعتقد ان المخرج هو بسقوط هذه القيادة وازالتها من موقعها والمجيء بقيادة اخرى تتمسك بالثوابت والحقوق الوطنية والشرعية والتاريخية للشعب الفلسطيني، ولا مخرج الا بايجاد قيادة اخرى تتحمل مسؤولية تاريخية اتجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه وثوابته وقيادة نضاله بهذه المرحلة.
- البرازيل
07/01/2011