"أبحث عن معنى
وعن شيء أسميه ,ولا شيء يسمّى
زمن أعمى وتاريخ معمّى
زمن طمي وتاريخ حطام
والذي يملك مملوك
فسبحانك يا هذا الظلام"
(أدونيس بعد اجتياح بيروت 1982)
بورك هذا الظلام , فقد كشف وبيّن واضاء
كشف هشاشتنا,وتبعيتنا , واستلابنا
و كان شفافا كالقديسين
ومتقشفا كرهبان بوذيين
ومسالما كستيتيات جامع السلطان ابراهيم
على عكس ظلام محيطات الغاز والنفط ,التي لم يجد سلاطينها ما يصدرونه مع نفطهم سوى التلحيد و...الظلام,
باتجاه المراكز العتيقة (دمشق والقاهرة وبغداد) التي كانت المشاغل التي أنتجت نهضة وتنويرا وتنوعا سالفين .
وعلى النقيض من ظلام يتجول في الشوارع ,يخطف ويقتل ويقنص وليس له هوية , فقد تناسله الجميع.
بورك , لأننا به عرفنا ظلامنا الداخلي والذي كان محجوبا بكل شيء .
بورك , فهو قد أفرغ الشوارع وجمّع الأسر بعد غياب طويل في غرفة واحدة .
بورك , فهو قد بيّن كم من الوقت الفائض لدينا ونحن الذين نشكو من ضيق الوقت
فلا وقت لرسالة ولا للقراءة ولا للزيارة ولا للخروج في البرية .
بورك , فهو قد أخفانا عن عيون المتربصين بنا والذين يريدون تدميرنا وقتلنا .
بورك , فهو قد أعاد الحياة لمهن كانت قد اندثرت وأعاد الحركة لبيّاعي الضوء مجددا .
بورك ,فقد أخفى عن وجوهنا كل هؤلاء الذين يقبّون ويشبون على شاشات التلفزيون
ويمارسون كل أنواع الرياضات القتالية من الملاكمة إلى المصارعة وفي النهايةلا يسقط أرضا سوى ..المتفرجين .
بورك , فقد أعادنا للورق وللكتب وللقلم .
بورك , فهو قد درّب الناس على ظلام آت طويل بانتظارهم .
بورك هذا الظلام فقد فعل فينا أكثر مما فعل" الربيع العربي " ذاته ,خصوصا ذلك الآتي عبر مجلس الأمن وطائرات النيتو.
ففجأة تخلى الغرب والناتو ومجلس الأمن عن ماضيه الإستعبادي وأصبح نصير الشعوب المقهورة ,وعلى حين غرة صار نصيرا لحق تقرير المصير .
طوبى لهذا الظلام فقد كان أكثر صدقا وواقعية من كل أنطمة الحكم الآفلة والآتية .
طوبى لهذا الظلام
طوبى لهذا الظلام.