فهذه المعارضة التي تحملت المآسي الجمه وشردت في اصقاع الارض .. وغابت عن وطنها عقودا في سبيل المبدأ والعقيده .. تفاجؤنا اليوم وبصورة غير متوقعه .. وقبل أن يجف دم الشهداء الذين سقطوا على التراب السوري باخطاء جسيمة اهمها الخلافات التي نشبت اظافرها في الجسم السوري المعارض .. وجعلته لا يستطيع رسم سياسة موحدة متوحده في مرحلة التحرر الوطني هذه .. والتي يجهد النظام في اجهاضها منذ ان اندلعت ..
ومن غير ان تدري أو تدري .. فانها تقدم خدمة جلى للنظام القمعي الذي تناهضه .. بانقسام الانقسام في عملية ضاهت فيها الفصائل الفلسطينية التي انقسمت على بعضها ولم تتفق على رأي محدد حتى قبل ان يتم اقامة دولة او سلطة فاعله في مجابهة العدو الصهيوني .. فاذا كانت المعارضة الفلسطينية قد انشقت عن بعضها البعض في احزاب ومنظمات مقاومة ( كما تدعي ) واخرى تتجه نحو السلم مع العدو .. وثالثة بين بين ..دون الاتفاق على خطط محددة للمجابهه .. قد نقلت عدواها الى المعارضة السورية التي لم تحرر الوطن السوري من ربقة العبودية والظلم والجور الذي كرسها النظام السوري على مدار عقود طويله .. ومن مبدئيات المقاومة حتى وان كانت مقاومة سلمية .. ان تتفق اولا على اسس معينة وتنهي خلافاتها الايديولوجية وبعد ان يتحرر الوطن تنقسم الى احزاب معارضة واخرى غير معارضه .. بمعنى ان تقسيم لحم ( الدب ) قبل اصطياده يعتبر من الخيال .. واغلب الظن ان الخلافات التي نشبت في داخل الجسم السوري المعارض .. لا ترتقي الى مسألة الفهم ان النظام السوري القمعي يحبذ تلك الانقسامات ويحاول تعميقها لتقديم الذرائع لقتل المدنيين السوريين في داخل سوريا .. تماما مثلما تفعل اسرائيل مع الفصائل الفلسطينية .. فاسرائيل تقول انها لا تجد جهة فلسطينية تقوم بالتفاوض معها .. واستطاعت من خلال اجهزتها على مستوى الصعد ان تقنع العالم بهذا الامر .. والسلطة القمعية في سوريا لن تجد في المستقبل القريب من تتفاوض معه سواء على التنحي او التوافق .. فالبعض من المعارضة السورية يحبذ التفاوض مع النظام على تطبيق اصلاحات جذرية .. والبعض الاخر يطالب بالتنحي قبل ان يحدد موقفه .. والثالث لا هذا ولا ذاك وانما يريد من خلال الميكروفونات ان ينادي بدولة سورية متحررة يعيش فيها الناس متساويين في المواطنه .. أما الطرف الرابع فقد ركب الموجة وليس له من المواقف المحددة سوى اسمها .. وتلك آفة الثورات التي لم يتم الاستفادة من تجاربها على مدار العقود التي ناضلت فيها الشعوب لنيل حقوقها من الدكتاتوريات التي كانت قائمة خاصة في ما بعد منتصف القرن الماضي .
وكلنا يعرف ان شرائح المجتمع السوري متعارضة مع بعضها البعض سواء كانت قومية او طائفية او اسلامية أو كرديه .. وفي معظمها لا تحدد مواقف ايديولوجية تسير على نهجها .. صحيح ان ما يربط فيما بينها هو الوطن السوري ولكن الكثير منها ليس له من موقف محدد حتى اليوم .. ولا يخفى ايضا ان تلك الشرائح أو بعضها ممثلة في المجلس الوطني السوري .. الذي اصبح رغم خلافاته هو الممثل الوحيد للشعب السوري المقاوم .. رغم انه لا يوجد حتى الان من الدول سواء كانت غربية او شرقية او عربية اسلامية او غير ذلك .. يعترف صراحة بان المجلس هو الممثل الوحيد للشعب السوري .. ولكن المضمون يقول ذلك سواء رضيت تلك الدول او لم ترض .. اعلنت مواقفها تجاه المجلس ام لم تعلنه .. واغلب الظن ان نجاح المقاومة السورية (ان شاء الله ) سوف يحدد المواقف لتلك الدول سريعا كما حدث في المجلس الوطني الليبي .. فما ان بدأ انهيار كتائب القذافي ولاحت بوادر الانتصار في الافق حتى اعترف معظم العالم بالمجلس واصبح يتعامل معه حتى قبل سقوط النظام بصورة نهائية .
ان تحديد مرحلة التحرر الوطني بالنسبة للمجلس الوطني السوري من الاهمية بمكان .. فالاولوية هي تحرير الوطن من ربقة العبودية واسقاط النظام وليس اسقاط الرئيس فقط .. ونحن نعلم ان ذلك صعب .. لان النظام قد كرس كل جهوده خلال الخمسين سنة الماضية على تربية الجيش السوري ( الذي هو عصب النظام ) على الولاء للعائلة والرئيس ثم يأتي تحرير الارض في المقام الثاني او الثالث .. ( هذا ان فكر النظام بذلك ) واغلب الظن ان تحرير الارض لم يدرج في عقل النظام لان العلاقات الدولية منذ خمسين سنة وحتى اليوم لم يحول نظرته نحو التحرر في منطقة الشرق الاوسط .. وانما جهد في عملية التوافق على ان تظل الاحوال كما هي .. ونجح في عقد اتفاقيات سلام رضيها النظام في مصر والاردن ولم يرضها الشعب .. أضف الى كل ذلك نوعية المعارضة السورية التي تسعى في مجملها الى استلام الحكم سواء على جثث السوريين او بمساعدة دولية .. لكي تصبح مسمارا في عجلة النظام الذي لن يتغير الا بمضي عقود ربما زادت على العقدين او ثلاثه .. لان الشرخ الذي حدث ويحدث في بنية الشعب السوري من الصعب اصلاحه عمليا .. ولنا فيما يحدث في مصر اسوه .
ان التوافق الذي يمكن ان يحدث في المجلس الوطني السوري على مرحلة التحرر الوطني .. يصب كل الجهود نحو تحرير الوطن السوري من النظام القائم حاليا .. مع اعتبارنا بان النظام هو نظام معاد وليس نظاما يمكن ان يدمج المعارضة في متنه .. لذا فان المرحلة التي نطلبها هي التوافق على ان النظام يجب ان يرحل .. لانه احرق كل السفن التي يمكن ان تنقذه .. ويقينا ان الدماء لا يمكن الا ان تجلب الدماء .. فمع ازداد قمع النظام تزداد المقاومة ويزداد الشعب تصميما على اسقاطه .. ومن هنا ندرك ان النظام زائل لا محاله .. رغم محاولات الترقيع التي تأتيه من هنا وهناك .. لكنه في النهايه سوف يرفع راية الاستسلام .. حتى في اسوأ الظروف فان النظام اذا بقي فلن يجد شعبا يحكمه .. وانما سوف يتقوقع على نفسه وينتهي تدريجيا ..
*رئيس تحرير صوت العروبة - امريكا
wrabah@arabvoice.com