آخر الأخبار

القصيدة التي قتلت شاعرها

حسن الخيّر شاعر سوري ولد في القرداحة -اللاذقية. عرف بحبه للعروبة. أشهر أعماله قصيدة “ماذا أقول والتي انتقد فيها بشدة النظام الحاكم والإخوان المسلمين. قتل في عام 1980ولم يعثر على جسده فلقبه البعض ب “لوركا العرب”.انتسب إلى حزب البعث في شبابه وبلغ من حماسه بالحزب أن سمى ابنه بعث وبعد حرب تشرين تدفقت أموال الخليج لسوريا فانتشر الفساد وبدأ الشاعر بكتابة الكثير من القصائد المعارضة ومهاجمة السلطة لفسادها الكبير ,وفي أواخر السبعينيات تم اغتيال العديد من الناس بناء على خلفيتهم الطائفية . من بين من قتلوا كان صديق للشاعر وكان متفوقاً وحاصلاً على شهادة الدكتوراه من أمريكا حديثاً، ورغم أن القاتل كان تنظيم الطليعة المقاتلة إلا أن الشاعر صب جام غضبه على النظام محملاً إياه المسؤولية الكاملة عن كل ما يجري في البلد نتيجة عجزه عن حماية أبناء المجتمع فقام بإلقاء قصيدة في ذكرى تأبين الفقيد هاجم فيها البعث والإخوان واعتبرهم وجهان لعملة واحدة ولمّح إلى رفعت الأسد (علا برتبته لص) وانتشرت القصيدة وتناقلها الناس شفهياً ,تم اعتقال الشاعر من أمام أحد الأفران في مدينته جبلة  ولم يره أهله بعدها حياً أو ميتاً. إلا أن الأخبار تسربت من بعض سجناء آخرين بأنهم شهدوا اعدامه وأن الأمن قام بقطع لسانه قبل الاعدام.

القصيدة:

ماذا أقول وقول الحق يعقبه
جلدُ السِّياطِ وسجنٌ مظلم رطبُ
 
و إنْ كذبْتُ فإنَّ الكذِبَ يسحقني
معَإذَ ربِّيَ أنْ يُعزى لِيَ. الكذِبُ
 
وإن سكت فإن الصمت ناقصة
إن كان بالصمت نور الحق يحتجب
 
لكنَّني ومصيرُ الشَّعبِ يدفَعُني
سأنطقُ الحقَّ إنْ شاؤوا وإنْ غضِبوا
 
عِصابتانِ هُما إِحداهُما لبست
ثوب العُروبَةِ لا بَعْثٌ و لا عَرَبُ
 
وآخرون مسوح الدين قد لبسوا
والدين حرم ما قالوا وما ارتكبوا
 
عصابتان أيا شعبي فكن حذرا"
جميعهم من معين السوء قد شربوا
 
أيقبلُ البعثُ أنْ تثري زعانفُهُ
باسمِ النِّضالِ ثراءً ما لَه سبَبُ
 
منْ أينَ جاؤوا بهِ حقَّاً وجلّهُمُ !؟
ما زانهمْ أبداً علمٌ و لا أدبُ
 
و لا تشقَقَ كَفٌّ فَوْقَ مِعْوَلِهِ
في الحقلِ يوماً ولا أضناهُمُ التَّعَبُ
 
و لا تجَلَّى على أَيْدِيهُمُ هدَفٌ
و لا تَحَرَّرَتِ الجولانُ و النَّقَبُ
 
هلِ السَّماءُ بكَتْ مِنْ فَوْقِهمْ فَرَحاً
فراحَ يهطلُ منها المال والذَّهبُ
 
لا يكذبوا إنَّها أموالُ أمَّتِنا
و من غذاءِ بنيها كلُّ ما سلبوا
 
وا خجلةَ البعثِ منْ لصٍّ يلوذ بهِ
أو مستغلٍّ لحزبِ البعثِ ينتسبُ
 
لا يخدعنَّكَ أنْ تلقى بهمْ عدداً
ما زالَ فيهمْ وميضُ البعثِ يرتقبُ
 
و لا تعول على أَقوالهُمْ أبداً
فهمْ على أمرِهمْ والّلهِ قد غُلِبوا
 
كم سمعنا بهيئاتٍ تحاسبُهمْ
لتستردَّ إلى الجمهورِ ما نهبوا
 
فما رأينا سوى قولٍ بِلا عملٍ
لا بل تهكم من إعجابه العجب
 
علا بِرُتبتهِ لِصٌّ ورُتبتُهُ مِنْ
سوئهِ خجلتْ فانحطَّتِ الرُّتبُ
 
إنّي لأَخجلُ أنْ أُحصي مَعائبهُمْ
أنَّى ذهبتَ تجلَّى العيبُ والعطَبُ
 
قالوا النَّقاباتُ، قُلْنا كُلُّها كذبٌ
كمْ لُعبة بمصيرِ الشَّعبِ قدْ لعبوا
 
اختاروا لكل قطاع لاعبا حذقا"
ونصبوه نقيبا بئس من نصبوا
 
و مجلسُ الشَّعبِ كلُّ الشَّعبِ يعرفُهُ
و يعرفُ الشَّعبُ هل جاؤوا أمِ انتُخِبوا
 
قالوا وجبهتُنا، قُلْنا لقدْ صَدقوا
يومَ البيانِ بما قالوا وما كتبوا
 
إذْ قالَ قائلُهُمْ إنَّا سماسرةٌ نمشي
كما يقتضيهِ العَرض والطَّلَبُ
 
لمْ يصدُقوا بحديثٍ غيرهُ أبداً
و ما عداهٌ لَعَمري كُلُّه كذِبُ
 
سيعلمون جميعا" اي منقلب
يوم الحساب ومافيه هم انقلبوا
 
قالوا حماةُ عماها الحقدُ فاضطربتْ !؟
ياللعجيبِ عرينُ البعثِ يضطربُ
 
لو يذكرونَ حماةَ الأمسِ ما فعلَتْ
بالظَّالمينَ وبالإقطاعِ لانتحبوا
 
كانتْ وكانَ بنوها خيْرَ منْ رفعوا
للبعثِ راياتِهِ خفَّاقةً تَجِبُ
 
لمَّا رأوكُمْ نكَبتُمْ عنْ مبادِئِكُمْ
فإنَّهُمْ شرَفاً عنْ حُبِّكُم نكَبوا
 
ألَمْ تكُنْ حلبُ الشَّهباءُ ساحتَنا
ألَمْ تطيحي بحكم الفَرْدِ يا حلبُ
 
ألمْ تثُوري بوجْهِ الانفصالِ وهلْ
أَغفى على عارِهِ أَبناؤُك النُّجُبُ
 
إن كان فيك وفيها حفنة جهلوا
والجهل يصدر منهم أينما ذهبوا
 
فلن يغير هذا من قناعتنا
ولن يبدل ما جاءت به الحقب
 
تبقى حماة منارا" للنضال ومن
شهبائنا سطعت في الظلمة الشهب
 
و اللاَّذقَّيةُ مهدُ البعثِ ما فعلَتْ
حتَّى أُثيرَ على ساحاتِها الشَّغبُ
 
مباحثُ السُّوءِ شاؤوا أنْ تشُبَّ بها
نارُ الخلافِ وقدْ أغراهمُ اللَّهبُ
 
قالتْ لهُمْ وجِراحُ الحزنِ تؤلمها
لا تحلموا بخلافٍ كلُّنا عربُ
 
مدينة النور قد خيبت ما رسموا
يوم الشجون وقد خطأت ما حسبوا
 
الله أكبر ما أسماك شامخة
فوق الزوابع والأخطار تقترب
 
ضمدت جرحك والاحداق دامعة
ما أصعب الدمع من عينيك ينسكب
 
آل الفقيد عزاء " أن محنتكم
من محنة الشعب لا تجدي بها الخطب
 
لئن نكبتم ب حر صادق فطن
فحسبكم أن كل الناس قد نكبوا
 
يرضي فقيدكم درب يوحدنا
وليس يرضى إذا تاهت بنا شعب
 
سيسقُطُ الغيثُ في أرضي وقد ظمئتْ
و ينجلي اللَّيلُ والكابوس والسُّحُبُ
 
يعلو مدى الدَّهرِ صوتٌ لا بديلَ لهُ
اللَّهُ أكبرُ. إنَّا كلُّنا ... عربُ...