المؤشرات التي تمهد لصدور تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس، تقول ان المحقق الألماني قد وصل الى نهاية تقريره وحدد الاتهامات التي لن تعفي مسؤولين سوريين كباراً من التورط في جريمة اغتيال الحريري.
وعلى رغم أن هذه المؤشرات لا ترقى الى مستوى الحقيقة، فان الحراك اللبناني والدولي بدأ يتعامل مع المشهد السياسي والأمني انطلاقاً من مخاوف أن يرافق صدور تقرير ميليس توترات أمنية وتفجيرات قد تطال مواطنين في مناطق لبنانية أو المخيمات الفلسطينية.
ولئن كان ميليس لم ينبس ببنت شفة بما يتعلق في مضمون التقرير، فان مصادر سياسية لبنانية تتحدث عن أن التقرير سيفاقم من العزلة الدولية التي تعيشها القيادة السورية وسيزيد من التعقيدات حيال الجهود العربية الباحثة عن ايجاد مخارج تعيد بعض الحرارة للعلاقة السورية مع المجتمع الدولي.
وفي هذا الصدد، تؤكد مصادر سياسية لبنانية على صلة وثيقة بالقيادة الايرانية، ان القيادة السورية تجاوزت الأمر الصعب وهو خطر استهداف النظام واسقاطه وأثبتت جدارة في القدرة على التماسك على رغم الضغوط التي تتعرض لها.
وتؤكد هذه المعلومات ما قالته مصادر دبلوماسية غربية من أن واشنطن شهدت خلال الأسابيع الماضية هجمة دبلوماسية عربية منطوية على حالة من الذعر من فكرة اسقاط النظام في سورية وهذا الذعر سببه المخاوف من تداعيات التغيير على الدول المجاورة وعلى الوضع السوري الداخلي.
وأكدت هذه المصادر أن مسؤولين مصريين وسعوديين وأردنيين حملوا الى الولايات المتحدة الأميركية وبشكل مفصل نصائح بعدم الذهاب بعيداً في مواجهة سورية الى حدود تغيير النظام أو اسقاطه باعتبار أن التجربة العراقية لا تتيح تكراراً لها في سورية، لأن المنطقة لن تتحمل تبعات ذلك ولا الولايات المتحدة الأميركية قادرة على أن تنجو من خطوة كهذه خصوصاً أن الادارة الأميركية ليس لديها تصور واضح لمرحلة ما بعد النظام الحالي في سورية.
هكذا دخلت السعودية ومصر الى حيّز البحث عن صيغ تسوية بين سورية والولايات المتحدة، وجرى الحديث عن صفقة تقوم على تنفيذ سورية للائحة المطالب التي قدمها وزير الخارجية الأميركية كولن باول في صيف العام 2003، وشروط اضافية ترتبط بالتجاوب مع مقتضيات تقرير ديتليف ميليس، حيال التحقيق أو تسليم متهمين سوريين، وبالتالي تلتزم القيادة السورية:
أولاً: وقف أي تسلل لمقاتلين باتجاه العراق وتسليم مناصري وأقارب الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الموجودين في سورية.
ثانياً: وقف أي دعم لحركتي حماس والجهاد الاسلامي واغلاق مكاتبهما في دمشق.
ثالثاً: وقف دعم حزب الله. وسحب سلاحه مع سلاح المخيمات الفلسطينية.
في مقابل ذلك تتكفل المملكة العربية السعودية تقديم معونات مالية واقتصادية الى سورية أولاً والسعي الى استئناف المفاوضات السورية الاسرائيلية من أجل استعادة الجولان ثانياً.
هذه التسوية أو الصفقة التي كان للأمير بندر بن سلطان دور أساسي في محاولة بلورتها تبدو بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، انها عادت لتصبح مجرد أفكار تدور في فلك الأزمة المستمرة وفي أجواء انعدام الثقة المتبادلة بين الادارة الأميركية وسورية.
وجاء تسريب ما تبلور حول هذه الصفقة لصحيفة ذي تايمز البريطانية في 15 من الشهر الجاري ليعكس توجهاً لدى بعض من في الادارة الأميركية لتقويضها أي تسوية مع سورية، وقد ذكرت هذه المصادر أن التسريب للصحيفة البريطانية كان مصدره سفير الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن جون بولوتون، بهدف تقويضها اذا أمكن وهذا ما أزعج القيادة السورية خصوصاً تشبيه هذه التسوية بـ صفقة القذافي وتسريبها الذي أدركت دمشق أنه يهدف الى تقويض أي تسوية مع الادارة الأميركية.
الموقف السعودي والمساعي المصرية لاقامة جسر للحوار بين سورية من جهة والولايات المتحدة وفرنسا من جهة ثانية من أجل تخفيف الضغوط على سورية أصبحت بحسب المصادر الدبلوماسية المطلعة، رهن ما سيتضمنه تقرير ميليس، وطريقة تعامل الحكومة السورية معه. اذ تربط هذه المصادر بين التجاوب السوري مع أي مطلب يقدمه ميليس وبين امكان حصول تقدم على مستوى حفظ الضغوط والدخول في تسوية أو صفقة سياسية مع واشنطن وباريس. وأبلغت دمشق بحسب مصادر غربية انها تتحمل مسؤولية أي عملية تفجير أو توتر أمني قد يصيب لبنان خلال المرحلة المقبلة.
في كل الأحوال ثمة ترويج الى أن ضباطاً سوريين سوف يتهمون وان سورية لم يعد امامها الا التعاون التام مع لجنة التحقيق الدولية، لأن التقصير في التعاون يعني المزيد من عزل النظام السوري، في مقابل خيار آخر هو أن يتعاون الرئيس الأسد، وأن يبدأ باجراءات حقيقية لاصلاح اقتصادي وسياسي وبدء العمل على تنفيذ الشروط المطلوبة من النظام حيال الدول المجاورة لسورية. ذلك ان خيار توجيه ضربات عسكرية بات مطروحا لدى الادارة الأميركية على خلفية الملف العراقي. واستصدار قرارات من مجلس الأمن لفرض عقوبات اقتصادية على سورية بات امرا شبه مؤكد في حال أي مماطلة سورية حيال المطالب المطروحة.
وتشير المصادر الى أن المملكة العربية السعودية وهي تحاول حماية سورية من أي اهتزاز قد يفتح على احتمالات خطيرة في داخلها، استنفرت كل امكاناتها وعلاقاتها الواسعة مع سورية على مستوى النظام ومؤسساته وعلى مستوى فاعليات سورية في داخل سورية وخارجها، من أجل المساهمة في ايجاد مخارج موضوعية تساعد على حصول تغيير داخل سورية، وهو تغيير يقوم على قاعدة حماية النظام ولكن على طريق احداث تغييرات من داخله بديلاً من خيار التغيير من الخارج والذي ترفضه السعودية كما مصر والأردن رفضاً قاطعاً.
__________________________________
بيروت تحت هواجس التقرير تترقب مفاجآت كبيرة
ضع للبنانيين أي جثة في التابوت ياميليس
elaph 18 تشرين الأول2005
إيلي الحاج من بيروت: يقدم رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الألماني ديتليف ميليس يوم الجمعة المقبل نسخة من تقريره الى القضاء اللبناني، وتالياً إلى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، على أن يقدم الإثنين المقبل، 24 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري تقريره الكامل إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان.
في اليوم التالي الثلاثاء ، يلتئم مجلس الأمن في جلسة خاصة لمناقشة ما سوف يتلقاه من خلاصات واستنتاجات يقررها أنان، تمهيداً لمباشرة مناقشة خطوة أو خطوات تالية، من بينها توصية مرجحة من ميليس ستلح عليها الحكومة اللبنانية بتشكيل محكمة دولية، لعدم قدرة القضاء اللبناني على محاكمة المخططين والمحرضين والمنفذين في بيروت، خصوصاً أن بينهم على ما يبدو ضباط سوريون كبار.
في هذا الوقت يستمر جو الترقب في بيروت. جو وصفه مراسل غربي كالآتي : الوقت يمر بسرعة، انتظروا مفاجأة بين ساعة وأخرى. هذا ما يتردد هنا على كل المستويات ،.قد تحدث توقيفات دراماتيكية.هناك اسماء أخرى كبيرة سيذكرها التقرير وربما تسبق صدوره مذكرات جلب واحضار. حتى من كانوا يتشدقون بأن ميليس وقع في خدعة العسكري السوري محمد زهير الصديق، وبأن التقرير سيأتي فارغا أو رمادياً، بدأوا يعيدون النظر في أقوالهم تلك. الاشاعات تملأ بيروت اليوم عن هزات ستسبق إعلان التقرير وهزات ارتدادية ستليه، وإنه سيكون مليئاً بمفاجآت يحتمل أن تسبقها مفاجآت اخرى. وهناك لاجئون سياسيون من لبنان في باريس مع ان مقاليد السلطة في أيديهم ، أما الباقون في لبنان فقابعون داخل قلاع أمنية في بيروت وغيرها من المناطق الجبلية البعيدة.
والمشهد السياسي يكاد لا يصدق . هناك جنود ورجال أمن أقفلوا العديد من الشوارع، أقاموا الحواجز واضعين لافتات ممنوع الاقتراب، كما أن عناصر امنية تابعة لشخصيات سياسية احتلت سطوح مبان مجاورة اوشرفات مطلة ، والجنود يراقبون السيارات والمشاة . في هذا الوقت صدر قرار قضائي بتجميد أرصدة قادة الأجهزة الأمنية الأربعة الموقوفين للاشتباه بتورطهم في جريمة اغتيال الحريري وربما آخرين. وجاء هذا القرار بعد موافقة المصرف المركزي اللبناني عقب خطوة رفع السرية المصرفية عن حساباتهم. كما تردد في بيروت ان ميليس اطلع المراجع السياسية والقضائية على قائمة بمشبوهين تضم نحو عشرين شخصية من أمنيين وسياسيين سابقين ومدنيين بينهم ضباط سوريون سيوصي باستجوابهم وتوقيفهم للاشتباه يأنهم شاركوا في التخطيط للجريمة. كما تردد أن رئيس لجنة التحقيق الدولية الذي انتقل من بيروت إلى فيينا لوضع تقريره أبلغ إلى مسؤولين لبنانيين بضرورة اتخاذ احتياطات امنية قوية لأن تقريره يحتوي حيثيات سوف تولّد تداعيات كبيرة.
الحمى إلى ألمانيا
ولم تقتصر حمى تقرير ميليس على اللبنانيين إذ وصلت إلى إلمانيا، على ما ذكر مندوب جريدة السفير في ذاك البلد، غسان أبو حمد، إذ يشارك القراء الألمان في رفع حدّة الغليان لمعرفة مضمون التقرير، إلى درجة أن القارىء كلاوس ريمان من درسدن قدم إلى ديتليف ميليس عبر باب بريد القراء لصحيفة نيتز تسايتونغ الإقتراح التالي: ضع لهم أي جثّة في التابوت... إياك أن تدعو اللبنانيين بعد هذا الإنتظار الطويل والمرهق إلى جنازة من دون ميت! .
دقائق مفصلية في الجريمة
ونقل موقع نيتز تسايتونغ أونلاين الألماني على الإنترنت بعض التفاصيل الدقيقة عن اللحظات التي سبقت اغتيال الرئيس الحريري:
أولاً- بداية، كان المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة في الشرق الأوسط (نجيب فريجي) ، آخر رجل يلتقيه الرئيس الراحل قبل مغادرته مبنى مجلس النواب.
ثانياً- الساعة 12,20 غادر الرئيس الحريري مبنى مجلس النواب.
ثالثاً- 12,50 غادر أحد المقاهي بعد احتساء القهوة وحدد لقائد قائد موكبه الطريق الواجب سلوكها: طريق الجامع العمري مرورا بشارع ويغان وصولا إلى كورنيش البحر.
رابعاً- قاد الرئيس الحريري سيارته المرسيدس المصفحة بنفسه يرافقه النائب الراحل باسل فليحان. وهي سيارة خاصة فريدة لا تخرقها قذائف ال آر بي جي . وحسب خبراء دوليين في جهاز ميليس لم تصب سيارة الحريري بأعطال كثيرة.
خامساً- السيارات الرابعة والخامسة كانت من نوع مرسيدس سوداء . كان في كل منها ثلاثة مرافقين من الحرس .وكانت مجهزة بأحدث الآلات التقنية لقطع الإرسال في محيط الموكب السيار. وتبلغ تكلفة هذا الجهاز 300 الف دولار.
سادساً- في آخر الموكب سيارة إسعاف تلبية لرغبة الرئيس الراحل في وجود أطباء عند الضرورة.
سابعاً- 12,56 مر موكب الرئيس الحريري أمام فندق مونرو ثم في محلة ميناء الحصن وزاد سرعته ليستدير نحو فندق سان جورج ... أفضل الامكنة لتدبير الاغتيال.
ثامناً- في الساعة 56,26، 12 وقع الانفجار. وتبين للأطباء أن الرئيس الحريري قضى بجرح داخلي في الدماغ .
أي أن ست دقائق ونصفا استغرقت الرحلة من مبنى مجلس النواب حتى مكان الإنفجار. هذه الدقائق تقلق حاليا بال القاضي الدولي ميليس ويشغله أيضا السؤال: كم هي عالية خبرة المنفذين والمخططين لتدبير اغتيال في ست دقائق؟ هل كان للقاتل مخبر أبلغه عن سير موكب الرئيس الحريري، وهي طريق سلكها الحريري ست مرات فقط في غضون ثلاثة أشهر؟ وتضاف إلى هذه الأسئلة سلسلة أخرى تتناول شريط الفيديو وشخصية أبو عدس .
تورط الصدّيق
وفي باريس أفادت مصادر قضائية بأن العسكري السوري الموقف محمد زهير الصديق لن يتم تسليمه الى السلطات اللبنانية لأنه موقوف بموجب تهمة يمكن ان يحاكم على اساسها وتقضي عقوبتها القصوى بالاعدام، وهي عقوبة غير مطبقة في فرنسا. مما يحول دون تسليمه الى لبنان. واوضحت ان هذا العامل يدفع الى الاعتقاد ان الصديق سيحاكم امام محكمة دولية او محكمة دولية لبنانية مشتركة. ولفتت الى ان المعلومات المتوافرة عن اسباب توقيفه ايضا تعود الى اعترافه امام لجنة التحقيق الدولية بانه كان في ساحة الجريمة يوم وقوعها.
وافادت مصادر في بيروت ان رواية الصديق تترجح بين التصديق وعدم التصديق لثلاثة اسباب اوجبت توقيفه هي:
- ان افادته تنطبق على الواقع في بعض تفاصيلها ولا تنطبق في تفاصيل اخرى وخصوصا انه اعترف امام اللجنة بانه كان مشاركا. وبالتالي حتى وان يكن مخبرا، فان مشاركته في الجريمة توجب التوقيف.
- في حال لم يكن مشاركا فهو يكون بذلك ادلى بافادة ضلل بموجبها التحقيق.
- سواء اكان مشاركا ام لا فان من الضروري توقيفه لكونه شاهدا اساسيا ينبغي حمايته وخصوصا بعد انتحار وزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان.
واشارت الى ان قرار توقيفه كان مشتركاً بين القضاء اللبناني ولجنة التحقيق الدولية. وان الصديق ابلغ الى لجنة التحقيق انه اخفى عنها مشاركته في الجريمة مكتفياً بتقديم اخباره، وان ميليس لم يكتف برؤية الصديق بل عمل على محاور اخرى مكنته من الوصول الى قسم كبير من الحقيقة.
ارتياح في دمشق
و في دمشق ذكرت مصادر سورية أن السلطات السورية تعتبر توقيف الصديق عملاً إيجابياً ، وقالت انه حاول تضليل التحقيق،مشيرة الى ان التوقيف استند إلى ملفين قضائي وأمني قدمهما الجانب السوري إلى كل من لجنة التحقيق الدولية حين باشرت استماعها للشهود السوريين في دمشق وإلى السلطات الفرنسية قبل ذلك.
وإذ فضلت المصادر عدم الحديث عن الجهة التي يمكن أن تكون قد استخدمت الصديق في مهمة التضليل ، على ما أوردت السفير ، أشارت إلى أن الرجل طلب اللجوء السياسي في فرنسا، بعدما وصل إليها من ماربيا في اسبانيا، التي جاء إليها من السعودية.
وكان آخر اتصال أجراه الصديق بأسرته في دمشق في الثلاثين من شهر آب الماضي، حينما نقل عنه أخوه قوله إن <<قبة السماء فتحت له>> في إشارة إلى حصوله على الكثير من المال.
على صعيد آخر، توقعت المصادر السورية المطلعة ألا يطرأ أي تطور على العلاقات السورية الأميركية قبل ظهور نتائج التحقيق في اغتيال الحريري في شكل نهائي والمتوقعة منتصف كانون الأول/ ديسمبر المقبل، أي موعد انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية حسب قرار مجلس الامن الدولي.
اتجاهات التقرير
وذكرت مصادر سياسية لبنانية ان اتجاهات تقرير ميليس تتركز على النقاط الآتية:
- توجيه الاتهام الى مسؤولين في سورية.
- اقتراح تأليف محكمة دولية خاصة تستكمل التحقيقات بالتنسيق بين القضاء اللبناني والاجهزة اللبنانية والجهات الدولية.
- التوصية باستمرار توقيف القادة الأمنيين الاربعة لأن اتهامهم بالضلوع في الاغتيال لا يقتصر على رواية الصديق بل بالتخطيط للاغتيال.
واوضحت ان موعد 21 من الجاري لن يكون خاتمة هذا الموضوع لان اقفال القضية يحتاج الى اشهر، الا ان ما سيتقدم به ميليس هو القسم الكبير من الوقائع التي توافرت لديه، وبالتالي فإن هذا القسم يساعده على توجيه الاتهام.
أنان ومهلة لجنة التحقيق
وفي نيويورك اعلن أنان انه سيتريث في استجابة طلب الحكومة اللبنانية تمديد مهمة لجنة التحقيق الدولية حتى 15 كانون الاول / ديسمبر الى ما بعد تسلمه التقرير الذي سيرفعه ميليس اليه الجمعة. وقال للصحافيين: آمل في الا يتعرض التقرير الذي هو تقرير فني اساساً الى التسييس واضاف: ادرك ان الموضوع عرضة لتعليقات سياسية كثيرة ونوقش مرارا، ولكنني مصمم من موقعي على جعله تقنيا قدر الامكان، ولن أسمح بتسييس العملية ، مشيرا الى ان لا مناقشات جدية لتوسيع صلاحيات لجنة التحقيق لتشمل النظر في قضية انتحار وزير الداخلية السوري غازي كنعان.
_________________________________
لبنان دخل مرحلة المخطط الدولي وتقرير ميليس ينذر بانفجار
رايس تُقابل أنان على عجل وضغوط أميركية كبرى على سوريا
لارسن يعتبر سلاح المقاومة انتهى والسنيورة يحاول إنقاذ الدعم
كتب شارل أيوب
دخل لبنان مرحلة خطيرة جداً، ولربما يكون هذا الاسبوع مفصلاً في تاريخ الازمات اللبنانية، خاصة وان المخطط الدولي على لبنان اصبح أكبر من طاقة لبنان، وان وضع لبنان على الروزنامة الدولية بهذا الشكل يفوق طاقة لبنان الحالية على قاعدة انه ينذر بالتغيير الداخلي.
وكالة رويترز ذكرت نقلاً عن لسان محقق دولي ان ميليس سيوجه أصابع الاتهام الى مسؤولين سوريين كبار ويضعهم في دائرة المشتبه بهم، فيما قامت وزيرة الخارجية الاميركية غوندوليزا رايس بالاجتماع على عجل مع كوفي أنان امين عام الامم المتحدة ودون موعد مسبق للاجتماع سوية لبحث الوضع اللبناني والسوري، حيث يبدو أن هنالك قراراً من واشنطن لممارسة ضغوطات كبرى على سوريا لمحاولة إخضاعها في الشرق الاوسط للسياسة الاميركية.
جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليست الهدف النهائي، وهذا ما يؤكد ما قالته «الديار» ويبدو ان المخطط الدولي هو لاستغلال الجريمة لوضع لبنان تحت الوصاية الدولية، ولإجبار سوريا على الخضوع للسياسة الاميركية، وفي المجال اللبناني، فإن وضع لبنان تحت القرار الدولي واتخاذ سياسة على قاعدة ان سلاح المقاومة قد انتهى مفعوله وفق ما أبلغ موفد الامين العام للامم المتحدة تيري رود لارسن الى الرئيس السنيورة سيشكل انقساماً حاداً داخل لبنان، حيث من المقرر ان يتخذ نواب حزب الله وحركة امل ووزراؤهم قراراً بالحفاظ على سلاح المقاومة ورفض المنطق الدولي بانتهاء مفعول سلاح المقاومة.
فيما الرئيس السنيورة الذي التزم في واشنطن بمؤتمر بيروت في كانون الثاني يحاول تنفيذ روزنامة دولية عبر ترسيم الحدود مع سوريا، وصولاً الى مزارع شبعا، ووصولاً الى سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وسحب سلاح حزب الله قد يصطدم بمشكلة داخلية تؤدي الى انفجار كبير داخل الساحة اللبنانية، وتكون بدايتها سقوط الحكومة بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، وربما وزراء الرئيس لحود.
تقرير ميليس ينذر بقنبلة سياسية، فهو يتهم دون أدلة، وبعد سقوط رواية محمد زهير الصديق بدا واضحاً أن القاضي ميليس سيقوم بالتعويض عن هذه الخسارة بتشديد لهجته بالاتهام ولو لم يجد دليلاً واضحاً عن الجريمة.
فقد بدا واضحاً في نيويورك وأوروبا ان ميليس سيتهم النظام الامني اللبناني السوري ويطالب بمحكمة دولية لتوقيف متهمين لبنانيين وسوريين في عاصمة أوروبية وإجراء المحاكمة بحقهم.
في هذا الوقت ذكرت وكالة رويترز ان القضاء اللبناني طلب من المصرف المركزي تجميد حسابات القادة الامنيين الاربعة في خطوة أولية لاستمرار توقيفهم، وهو أمر تقول «رويترز ان المصرف المركزي سيستجيب لهذا الطلب، إضافة الى أن تقرير ميليس سيتضمن المنابع المالية واتهام الاجهزة اللبنانية ـ السورية باستعمالها، وهو أمر سيفتح الباب على مصراعيه أمام القول أن الاجهزة اللبنانية السورية استغلت مبالغ من الاموال، فيما قام الفريق السياسي باستغلال المليارات ونهبها من ميزانية الدولة طوال 15 عاماً.
الفضائح ستتلو الفضائح، والإتهام للأجهزة الامنية بالفضائح المالية سيؤدي الى فضح السياسيين في الأموال العامة، وفي ظل هذا الجو يعيش لبنان أزمة مصير، فهنالك صراع حاد سيبدأ بعد يوم الجمعة، وسيفسر كل فريق تقرير ميليس وفق رأيه، فتيار الحريري والاكثرية النيابية ستعتبر أن ميليس أصدر حكمه، والتيار المضاد سيعلن أن ميليس لا أدلة لديه، ولبنان ذاهب الى روزنامة دولية خطيرة، فقد تخلى العالم عنه مدة 15 عاماً، وواضح ان الروزنامة الدولية تبدأ بجمع السنيورة ومحمود عباس في باريس، وصولاً الى سحب سلاح المقاومة سواء في غزة ام في الجنوب اللبناني، وبالتالي فإن الازمة على الأبواب وستكون كبيرة.
لبنان وسوريا قادمان على أزمة كبرى، والمعركة الدولية لا تتعلق بجريمة الحريري فقط بل تتجاوزها الى مطالب التسوية مع إسرائيل، والى الحدود بين سوريا والعراق، والى سحب سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني، وهو امر لا يتحمله لبنان، خاصة وأن السنيورة يحاول استعمال كل عبارات اللطف والمسايرة لتجاوز المرحلة، ولكن الاستحقاق قد وصل، والأخطر أن السنيورة لم يأخذ موافقة مجلس الوزراء بشأن ترسيم الحدود وقضية سلاح المقاومة وإنشاء المحكمة الدولية.
ان أزمة خطيرة قادمة على لبنان، واذا كان اللبنانيون يريدون من كل نخوتهم معرفة الحقيقة بشأن اغتيال الرئيس الحريري، فإن الآتي على المنطقة أعظم، ويتخطى الجريمة الى حسابات الدول الكبرى مع سوريا ولبنان، ولا أحد يعرف كيف تنفجر الأزمة في الداخل وكيف تنتهي في ظل الصراع الدولي الإقليمي، حيث احدى ساحاته تقرير ميليس، وحيث ساحاته الاخرى مصالح الدول الكبرى في تفريغ المنطقة العربية من أي سلاح مقابل بقاء السلاح الإسرائيلي بكل طاقاته.
(تفاصيل المانشيت)
إدارة التحرير
قبل 48 ساعة من صدور تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تكثفت الاتصالات الدولية وبالتحديد بين الامم المتحدة وكل من واشنطن وباريس، في وقت انهى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لقاءاته في العاصمة الفرنسية والتي شملت كبار المسؤولين الفرنسيين والمبعوث الدولي تيري رود لارسن.
اما على الصعيد الداخلي، فالساحة السياسية تعيش مرحلة من الترقب والقلق مع بدء العد العكسي لصدور تقرير ميليس وسط تصاعد الحديث عن التداعيات المحتملة لتقرير ميليس على المستويات الرسمية والسياسية والشعبية.
وتداركاً لهذه التداعيات، اتخذت السلطات الامنية سلسلة تدابير امنية. ولوحظ ان التدابير التي كانت بدأتها قيادة الجيش منذ بضعة ايام بلغت درجة عالية من الاستنفار والجهوزية يوم امس، وهو ما بدا واضحاً من خلال الانتشار المكثف للجيش في كل المناطق خصوصاً في مناطق بيروت وجبل لبنان.
ومن المقرر ان ينتقل ميليس اليوم من فيينا الى نيويورك لتسليم الامين العام للامم المتحدة كوفي انان تقريره يوم الجمعة المقبل، على أن يزور لبنان بعد ذلك لتسليم الحكومة اللبنانية نسخة من التقرير.
لقاء انان ورايس
وفي نيويورك عقد انان اجتماعاً لم يكن مقرراً مع وزيرة الخارجية الاميركية غونداليزا رايس.
وقال المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكدرماك ان رايس عقدت اجتماعاً على مائدة الفطور مع انان وكانت سوريا موضوعاً مهماً في النقاش.
وأشار المتحدث الى ان رايس وأنان «تبادلا المعلومات. فقد عقدت رايس مؤخراً الكثير من الاجتماعات في اوروبا وكانت سوريا ولبنان موضوعاً هاماً تمّت مناقشته في تلك الاجتماعات. وقد اطلعت (انان) على بعض ما سمعته حول تلك المسألة».
ورداً على سؤال حول ان كان يتم اتخاذ اجراءات ضد سوريا، قال المتحدث ان الولايات المتحدة وغيرها من الدول ستدرس اولاً التقارير التي ستقدم لانان هذا الاسبوع.
وقال «ان سياستنا هي... ان على المجتمع الدولي إلقاء نظرة على التقارير واتخاذ قرار حول اية اجراءات اضافية يجب ان تتخذ اذا لزم الامر».
التحقيقات
الى ذلك علمت «الديار» ان القاضي ميليس سلم قبيل سفره الى قاضي التحقيق الياس عيد لائحة رسمية تضم حوالى عشرين اسماً سيخضعون للتوقيف فور تسلم القضاء اللبناني التقرير، وهؤلاء هم من الفئة التي جرى التحقيق معها في وقت سابق في «المونتي فردي» فيما الذين خضعوا لاستجوابات لدى القضاء اللبناني فقط من دون المرور بالمونتي فردي لن تشملهم اللائحة.
وذكر ان اللائحة تضم بعض الاسماء لمصرفيين وسياسيين اضافة الى آخرين.
وعشية صدور تقرير ميليس ارتفع منسوب التسريبات عما يمكن أن يتضمنه هذا التقرير حول جريمة اغتيال الرئيس الحريري.
ونقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسيين ومصادر سياسية لبنانية ان ميليس سيذكر بالاسم بعض المسؤولين السوريين.
وفي الإطار ذاته قالت مصادر قضائية ومصرفية لـ«رويترز» ان القضاء اللبناني طلب من المصرف المركزي تجميد حسابات القادة الأمنيين الأربعة.
وذكرت وكالة «رويترز» ان مصرف لبنان امتنع عن التعليق على ذلك، لكنها نقلت عن مصادر مصرفية ان المصرف سيستجيب لهذا الطلب. وقالت المصادر «لقد طلبوا تجميد حسابات القادة الأربعة بانتظار المزيد من التدقيق لحركة السحب والايداع». أضافت المصادر «لا أظن انهم وحدهم، هناك آخرون ولكن اسماءهم لم تعرف بعد».
اما بخصوص اتهام المجند السوري محمد زهير الصديق بتضليل التحقيق، فقد استجوبه القضاء الفرنسي بصفته مشتبها به لأنه ضلل التحقيق.
وفي بيروت ذكرت مصادر قضائية امس انه تمّ توجيه اتهام بالقتل الى الشاهد السوري الرئيسي المعتقل في فرنسا محمد زهير الصديق واكدت المصادر انها طلبت اعتقال الصديق في اتهامات بالقتل لانها تعتقد انه قام بدور غير مباشر في قتل الحريري وضلل المحققين الدوليين. اضافت ان الصديق يواجه الاتهامات نفسها الموجهة الى الامنيين الاربعة المعتقلين، وان لبنان طلب تسليم الصديق وانه ينتظر قرار فرنسا في هذا الامر.
لقاءات رئيس الحكومة في باريس
في مجال آخر اختتم الرئيس السنيورة زيارته الى فرنسا امس بلقاءين مع كل من رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دوفيلبان ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بعد ان كان اجتمع مساء اول امس مع كل من وزير الخارجية الفرنسي والموفد الدولي تيري رود لارسن.
واكد دوفيلبان للرئيس السنيورة رغبة بلاده في مواصلة وتكثيف تعاونها الثنائي مع لبنان الذي وصفه «بالبلد الصديق»، وقال «ان الصداقة بين بلدينا قديمة وانتم تعلمون مدى دعم فرنسا جهود الحكومة اللبنانية في هذه المرحلة الصعبة».
وقال ان باريس مصممة على «التعبئة لمساعدة لبنان على الصعيد الاقتصادي استعدادا للمؤتمر الدولي لاصدقاء لبنان والذي نأمل ان ينعقد في اقرب وقت ممكن» مؤكدا «نحن مستعدون بطبيعة الحال لمواصلة وتكثيف تعاوننا الثنائي مع هذا البلد الصديق».
من جهته اكد السنيورة على ان «الامن في تحسن» في بلاده ما عدا بضع هجمات ارهابية تعرضنا لها واعتقد ان امن لبنان جيد».
وتابع يقول «آمل في ان يوقف الذين ارتكبوا هذه الاعمال الارهابية (نشاطاتهم) ونحن نضاعف الجهود من اجل تحسين تنظيم اجهزتنا الامنية والاستخباراتية».
ورفض السنيورة التعليق على توقيف زهير الصديق الاحد في منطقة باريس واكتفى بالقول «اعتقد انه اوقف لان هناك مبررات دفعت لتوقيفه، لا اريد التدخل في عمل السلطات القضائية».
اما رئيس السلطة الفسلطينية محمود عباس فشدد بعد اللقاء مع السنيورة على الامتثال للقانون» وقال «ان الفلسطينيين المقيمين في لبنان ضيوف ويجب عليهم احترام القانون اللبناني وانهم تحت سلطة القانون وليس فوق القانون.
في حين دعيت كافة الفصائل المسلحة في لبنان الى نزع اسلحتها في اطار القرار 1559.
واضاف «ننتظر منهم جميعا احترام القانون» مؤكدا من المهم ان لا يتدخل الفلسطينيون في شؤون لبنان».
من جهته اكد السنيورة على ضرورة اللجوء الى الحوار لتسوية كافة القضايا مضيفا انا مقتنع انه بهذا الجهد المشترك من اجل الحوار سنتمكن من مواجهة اي خطر.
السنيورة والعلاقات مع سوريا
وكان الرئيس السنيورة تحدث خلال وجوده في باريس امام المراسلين العرب وقال «ان لبنان وسوريا بلدان عربيان شقيقان وجاران يجمعهما تاريخ طويل وحاضر وجغرافيا ومصالح مشتركة ومستقبل واحد» اضاف «نحن حريصون على هذه العلاقة الجيدة بين البلدين ونسعى مهما كانت المصاعب الى تعزيز هذه العلاقات».
وقال «نرى انه على كلينا ان يعتمد قاعدة واحدة هي قاعدة الاحترام المتبادل والندية والتكافؤ في التعامل».
وحول الحدود بين البلدين قال «بادرنا الى الطلب من اللجنة العليا بين لبنان وسوريا البدء في العمل على ازالة مشاكل الحدود وترسيمها واعتقد ان هذا السعي فيه مصلحة مهمة لدى البلدين» وعما اذا كان لبنان سيطلب تسليم محمد زهير الصديق قال «اتركه للقضاة، وعلى القضاء ان يبادر في هذا الشأن في ما يعتقده مناسبا».
الحريري يلتقي مبارك اليوم
وفي هذا الوقت يزور رئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري القاهرة اليوم حيث سيلتقي الرئيس المصري حسني مبارك.
وكان الحريري اجتمع في باريس امس مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وتناولت المحادثات الوضع الفلسطيني في لبنان والخطوات المتخذة لتنظيم العلاقات اللبنانية الفلسطينية.
وفد كتلة المستقبل زار سفارات
الى ذلك، بدأت وفود نيابية من كتلة تيار المستقبل» جولة تشمل سفارات الدول الاعضاء في مجلس الامن، فزارت هذه الوفود كل من سفارات الولايات المتحدة والبرازيل ورومانيا والصين واليابان واليونان والارجنتين والدانمارك والجزائر وذلك للمطالبة بانشاء محكمة دولية لمحاكمة المتورطين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وسلم هؤلاء الوفود رسائل بهذا الخصوص لرفعها الى حكوماتهم.
ونقل النائب وليد عيدو عن السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان وعده بوقوف بلاده الى جانب مطلب الكتلة بانشاء محكمة دولية، معتبرا ان القضاء اللبناني غير مؤهل حتى تاريخه في هذا الموضوع».