آخر الأخبار

بن العلبي بين حنا مينه و .....أدونيس !

في أوروبا الموحدة ..أو بعض دولها التي لم تنخرط بعد ..

في آسيا الوسطى .. الشرق الأدنى ..أو الشرق الأقرب ..

في الأمريكيتين .. في أفريقيا الفقيرة و الغنية ..

في القارات النائية .. في القطبين ..

كل شعوب و أمم هذه الدول و القارات , كرمت عظماءها و رجالاتها

و أطلقت أسماءهم على الطرق و الجادات و الساحات . بل ووصل

الكثير بهؤلاء إلى إشادة النصب التذكارية من البرونز أو الحجر

في الكثير من الساحات العامة و الشوارع الرئيسية و النقاط العلامة

في العواصم و المدن ...

هذه النصب التي مجدت و ذكرت بعطاء و نتاج هذه الشخصيات التي

لعبت , منفردة أو مجتمعة , دورا ً هاما ً في مسيرة التطور الفكري

و الثقافي و الاجتماعي لمؤسساتنا التي تشكل بنتيجتها مجتمعاتنا البشرية .

و لا يمكن لأحد أن يتغاضى عن الكثير من الانعطافات و التحولات التي

كان لهؤلاء الأثر الكبير في حدوثها و في تأجيج الأحاسيس و المشاعر تجاه

الكثير من أزمات الأمم و مراحل تاريخها القديم و المعاصر ..

و تبقى هذه النصب التذكارية منارات دائمة يشع نورها بعيدا ً في أفق سماء

الوطن الكبير الذي شكلت نتاجات هؤلاء خلاصة ضمير و ثقافة و تراث

و ذاكرة أهله و مواطنيه ..

و لعل الكثيرين منا لم ينس بعد قصص حنا مينه و قصائد بدوي الجبل

و مخطوطات جبرائيل سعاده و منحوتات سعيد مخلوف ,و أم القرى

لمحمد ياسين . و أدبيات هاني الراهب و ألحان محمود عجان و مسرحيات

سعد الله و نوس .

كل هؤلاء جمعهم همٌ واحد , تراب واحد , هواء واحد . هو تراب و هواء

و هم مدينتهم اللاذقيه التي غادروها ولم نعيدهم إليها ..!

غادروها كما غادرتها سفن الفينيق و طائرها . غادروها كما غادرتها

الأبجدية الأولى و أوغاريت و رأس شمرا ..

و لم يبق من كل هؤلاء سوى الحجارة و الشواهد على القبور التي تذكر

فقط بتاريخ ولادة سابق و موت لاحق و بحياة قضاها المرحوم بالتقوى .!

أغلب هؤلاء , إن لم يكن جميعهم , لم يتم تكريمهم في حياتهم ولا بعد

رحيلهم ..

اليوم , و على نقيض ما يجب أن تكون عليه الأشياء , و بدلا ً من الاعتراف

بالخطأ و العودة عنه و الإفصاح عن التقصير و محاسبة الذات , يدأب

البعض ممن لم يتعرفوا على أي من هذه الأسماء و لا على نتاجها الإنساني

على زج ثقافتهم التجارية بشكل اعتراضي في سياق آداب و أصول

و مضمون تراثنا العربي و ثقافتنا و أمجادنا و ذاكرتنا ..

ألا يستحق منا . ألا يحق علينا أن نبرز مكونات و كنوز مدينتنا اللاذقيه

من خلال هؤلاء الذين , إن استمر الحال على ما هو عليه , ستؤول أسماؤهم

و عناوينهم إلى حيز النسيان و طي الذاكرة و الوجدان ؟

هل سيترك لنا بن العلبي . و بن الجلبي و شركة الزين التجارية

و غيرها مجالا ً أو فسحة أخرى لتذكر منحوتات سعيد مخلوف العالميه

و روايات حنا مينه و نوتات محمود عجان . أم أنها ستبتلع بحسها التجاري

القائم على مبدأ المضاربة و الربح و ميزان المحاسبة و نفقات الإعلان

لهذا العام ..ما تبقى من الصور و النسمات و الهمسات ؟

و أعلم يا أدونيس أن مكانك , بعد طول العمر , لن يكون في حديقة أو

متنزه أو ساحة عامة في وطني سورية . بل سيكون أسمك مدونا ً على

شاهدة رخامية لا تتجاوز أبعادها المتر بالنصف في قضاء جبلة حيث

تربيت و ترعرعت على صوت المطر الذي كان بالنسبة لك هو ملهم

الشعر الأول ..

و افترضُ . بل اعتقدُ جازما ً , أن ولدي سيرى لك نصبا ً أو معلما ً

في جادة التروكاديرو أو المون مارت في باريس الثقافة و الأصالة ..!

و ستكون كما كان جبران خليل جبران واحدا ً ممن رسموا ذاكرة الغرباء

لطالما عاشوا غرباء في أوطانهم كما عاش الذين ارتحلوا عنه .

و لن يبقى هناك إلا الحاضر الوحيد :

ثقافة البن و العدس و الكولا و علكة سندريللا و سهام ...و المنطاد ..