لي في الشعر و الأدب المعاصر و أشكال أخرى من
أنواع الأدب و الشعر اهتمام . لما ألمس فيهما من
مساحة لغذاء الوجدان و تطهير النفس و إثراء
المخيلة و تهذيب الكلمة و تفجير المكونات ...
قادني هذا الاهتمام و منذ سنوات إلى القيام
بمحاولتي الأولى لدخولي هذا العالم الآسر .
فقبضت أناملي على جذع القلم لتحدد الملامح
الأولى لتجربتي الفتيه في رحاب الأدب و الكلمة ...
و هكذا , ومع الأيام , انسابت الكلمات و أضحت
يدي و الشعر على ائتلاف الخير و الجمال و طيب
الكلمة و العهد يعيشان ...
لم يظهر اهتمامي بالشأن السياسي بالرغم من
نمو حيز المشاركات و الحوارات و المقالات .. و خبو
طهر القصائد و الكلمات ..
إلى أن قادني حب البحث إلى استطلاع بعض المقالات التي حملت عناوين جديدة و مبتدعة لثقافة غريبة الأطوار و الميول و الأهواء ...
حينذاك فقط , أدركت الأبعاد البشعة لمخيلة البعض
في رسم صورة مشوهه للنوايا و الأحلام . و غرز
طعنة أخرى في ظهر الأمجاد و الأجداد . الآباء و
الأبناء . التراب و الهواء . البارحة و الغد ....
و للمرة الأولى , استعير قلما ًووصفا ً جديدا ً للتعبير
عن قلقي الزائد و خوفي الحقيقي من المصير الذي
يحاول هؤلاء الدلالة عليه و الاستدلال به حول
السيناريوهات الممكنة لتحديد مصير منطقتنا و
وطننا ...
إن الجميع يدركون اليوم علو صوت العاصفة و يرون
تعري الكلمات و انسياق البعض وراء الغايات لترسم
خرف الإنسان وخرف الأوطان ..
فما من موقع ألكتروني إلا و ترى فيه الجذب و
النبذ . التأويل و التعويل . الاتهام و الإقحام . التصور
و التصدر . الصراخ و الجماح . التراشق و التقاذف .
التخفي و التشفي ...
حتى .. أن الصورة بدت و كأنها بازار ايديولوجيات
نخاسة سياسية همها تغليب المغانم على
المنافع . الرداءة على الكفاءة . النزاهة على
الريادة .
اليوم , ظهر بعض ممن ينادون بضرورة الانصياع و
الامتثال لإرادات الواقع الجيوسياسي الجديد الذي
رسمته لهم مخيلات و خيالات أدبيات التقسيم و
القصم . و أضحى التباهي بنشر هذه الأدبيات فخاراً و افتخارا ً بدل أن يكون عارا ً و استنكارا ً...
فالنافخ ببوق المفعول الرجعي - و ليس الرجعي
بالمفهوم المحلي - لا يحيطه علم بحجم الخطورة
و آلية الاندثار .
ففي ضوء نشوء الفضاء الرحب الذي استخلصته
حقيقة الشعور بحجم هذه الأخطار , نشاهد اليوم
التكتلات و الكتل الاقليمية و العالمية الاقتصادية
منها و السياسية الناشئة في أصقاع الأرض ..
كل ما رأيناه في الأمس القريب و ما نراه اليوم و
آخره اجتماع البارحة في الارجنتين , يعكس إدراك
مكونات تلك المجتمعات لخطورة المرحلة ووعورة
الطريق ..
إن مخيلة التقسيم و القصم التي كرستها الظروف
التاريخية لمنطقتنا تعجز عن إدراك الحلم . الحلم
في أن نرى وطنا ً واحدا ً كبيرا ً رحبا ً قويا ً .يتسع
فعلا ً للجميع . لا أن تعلو بضعة من أشباه الكلمات
منادية للاصطفاف خلف الشبهات و التخفي وراء
الأوهام و الأزمات ...
فمخيلة التقسيم و القصم , يجب أن تواجه بمخيلة
الحرية و الحلم الواحد و الوطن الواعد لأن في ذلك
الضمانة الوحيدة للتصدي لحالة الذوبان والانصهار
ومن ثم الاندثار ..
حلم الاتحاد ليس مطلبا ً ايديولوجيا ً سياسيا ً
صرفا ً . و لا شعارا ً عقائديا ًثوريا ً و لا يافطات و
أعلام وأناشيد و زخارف نضالية ..
إن الحلم بالوحدة و الاتحاد أصبح مطلبا ً و حاجة
اقتصادية و ثقافية و اجتماعية ..و حالة متجددة
لروح شعوب هذه الأوطان .
فأرجوكم يا من سركم قراءة مقاطع من سيرة
جهنمية و روت ظمأ نفوسكم منابع من صورة
عنجهيه.. أن لا تقصموا ظهر الأحلام .. وأن لا
تقضموا طهر الأعلام .