آخر الأخبار

حقيقة المذهب العلوي في تركيا (2)

المبحث الثاني - الاتنوغرافية العلوية :
يقطن العلويون اليوم في منطقة شاسعة من بقاع الشرق الاوسط ، تمتد من افغانستان الى المغرب الاقصى مرورا بتركيا ومصر ، وهي البقعة الجغرافية التي انتشر فيها اولاد واحفاد الائمة الحسن والحسين بن علي بن ابي طالب بعد القرن الثامن الميلادي ، من العراق الى خراسان وديلم وطبرستان وتركستان في الشرق والى سوريا ومصر واقطار المغرب العربي ، وتمركز معظمهم في المنطقة الجنوبية الشرقية من تركيا وفي مدن ارزنجان وموش وبنغول واراغلي واورفا وقونيا وارضروم ، ثم درسيم ( تونج ايلي ) واطرافها بشكل كثيف . واذا كانت العلوية العربية قد ولدت في مدرستي الكوفة والبصرة الفقهية - النحوية خلال القرن الثامن الميلادي ، وانتشرت من خلال الائمة العلويين في البلاد العربية وايران وبلاد تركستان ، فان السلاجقة هم الذين حملوها الى بلاد الاناضول ، وكان للمتصوف الشيخ بكتاش ولي ( 1210-1270 م. تقريبا ) الذي جاء من خراسان الى مدرسة الكوفة لدراسة الفقه ، حيث مكث في المنطقة سنتين ثم سافر الى بلاد الاناضول ، دور كبير في نشر البكتاشية فيها، رغم ان البكتاشية - كطريقة صوفية - قد تكاملت بعد بكتاش ولي بقرن تقريبا . وقد التزم الشيخ بكتاش ولي في آماسيا - التي استقر فيها - الشيخ العلوي بابا اسحاق الذي ثار مع اتباعه التركمان ضد السلاجقة عام 1240 الميلادي ، غير ان السلاجقة قبضوا عليه واعدموه فتولى بكتاش ولي رئاسة الجماعة البابائية- نسبة الى بابا اسحاق - الى ان توفي في مدينة صولوجا هويوك ، حيث يحتفل بذكرى وفاته هناك خلال ( 16 - 18 أغسطس ) من كل عام .
واذا كانت المصادر العلوية التركية تقدّر نفوس العلويين - وحوالي 60 بالمئة منهم من الاكراد - بحوالى عشرين مليون نسمة ، فان المصادر الرسمية التركية تؤكد بانهم لا يزيدون عن خمسة او ستة ملايين فقط من مجموع سبعين مليون نسمة ، وهي عدد سكان تركيا اليوم . وان حوالى مليون نسمة منهم يعملون كعمال في البلدان الاوروبية منذ عام 1962 ويتركز معظمهم في المانيا بخاصة - حيث توجد لهم اليوم اربع جمعيات وعشرات رجال الاعمال والمتاجر وثلاثة نواب في البرلمان - ولهم في النمسا جمعيتان وعشرات المتاجر .
ويتميز العلويون بثلاث مزايا اتخذوها تقاليد متوارثة لا يحيدون عنها : اجراء ختان الاولاد في ذكرى ميلاد الامام عليّ من كل عام واقامة احتفال كبير عند الزواج - عادة - في ذكرى ميلاد الامام الحسين الشهيد ، والاجتماع في (بيوت الجمع ) لإجراء المقابلات الموسيقية الراقصة المختلطة في المناسبات ولقراءة الانفاس البكتاشية والاشعار المولوية والخاصة بالشعراء العشّاق العلويين ومقتل الطالبيين - لاسيما ايام عاشوراء - وعقد الندوات الثقافية والتداول في امور الجماعة بكل ديموقراطية وتسامح وعلمانية ظاهرة . ومن هنا تتردد في الاوساط الاجتماعية التركية ثلاثة اتهامات ضد العلويين : بانهم ملحدون وكفّار لعدم ايمانهم بشعائر الدين الاسلامي ولتمسكهم بالعلمانية ، وبانهم من غلاة الشيعة لانهم يمارسون شعائر طريقتهم بصورة سرّية وبنوع من الاباحية ، اضافة الى اجتماع الرجال والنساء واختلاطهم في المناسبات والاحتفالات الخاصة بهم دون مراعاة للتقاليد الاجتماعية المعروفة في المجتمعات التي يعيشون بينها . غير ان العلويين يردّون على هذه الاتهامات الثلاثة ، بثلاث حجج دامغة ، هي : لا علاقة للعلويين بالمذهب الشيعي ولا بالمذاهب الاخرى ، لانها نظرة جديدة للوجود والانسان من خلال الالتزام بالعدالة والحق والانصاف في اطار الاعجاب بالامام علي بن ابي طالب ومحاولة السير على نهجه في الحياة والاخذ بمثله العليا الاخلاقية في المعاملات والعلاقة مع الآخر . لاسيما وان مؤسس العلوية في اسيا الوسطى ، وهو الشيخ المتصوف الزاهد احمد اليسوي ( ت 1176م) هو فقيه سنّي ، اضافة الى ان الشيخ بابا الياس ، الذي يعد من اوائل العلويين في بلاد الاناضول كان قاضيا سنيا في مدينة قيصري . كما ان العثمانيين الذين تبنوا البكتاشية ـ وهي اصل العلوية التركية ، رغم اختلافها عنها من بعض الوجوه - كانوا من السنّة الحنفية ، في حين ان بين المذاهب العلوية التركية والكردية ، العديد من الطرق الصوفية السنّية كالنقشبندية والكاكائية والخشّابية والبابائية وغيرها . ويرد الباحث التركي احمد طاشقين في دراسته الاجتماعية الانثروبولوجية حول العلويين في منطقة اراغلي - وسط تركيا - على اتهام العلويين بالاباحية وبان الاسرار تغلّف عقائدهم وشعائرهم التي يمارسونها ، بالقول : ان العلويين يحترمون ويجلّون مرشدهم الشيخ (دَ دَ ه ) او الوليّ ( بـير ) الواصل الى اعلى درجات السمو الاخلاقي ، بحيث انه يتولى مشيخة المنتدى ( بيت الجمع ) العلوي بجدارة واستحقاق . كما ان مرتبة ( المصاحبة ) تعني التآخي بين الرجال والنساء ولذلك لا توجد دعارة او فساد بين الاسر العلوية . وقد سأل الباحث طاشقين ، شيوخ العلويين السؤال المحدد التالي : هل تنحصر مرتبة المشيخة بالعلويين وحدهم ، ام يجوز ان يتولاها الاخرون ؟
اجاب جعفر دده عن السؤال بالقول : كلا ...انها لا تنحصر بالعلويين ، وانما يجوز لكل انسان راشد وواصل الى مرتبة النضج العقلي والمدرك لكُنْه الفكرة العلوية والعارف لشعائرها وفلسفتها ، ان يتولى مشيخة المنتدى العلوي بغضّ النظر عن دينه ومذهبه وقوميته . وتؤكد المصادر التركية الموثوقة ان المسيحي اليوناني انطوناكي فارساميس ، انتخب رئيسا في الخمسينات لاحد المنتديات ( اوجاق ) البكتاشية في احدى قصبات مدينة بورصة .
واذا كانت مرحلة ( الجمع ) تعني ( الانتماء ) للرابطة العلوية من خلال البيعة للثالوث المقدّس ( الحق - محمد - عليّ ) فان للجمع قواعده الخاصة التي ترقى الى مرتبة الشعائر التي يتمسك بها العلويون ، منها : لا يجوز للشخص او العائلة المتخاصمة مع الاخرين دخول منتدى الجمع الا بعد المصالحة . كما ان على المبايع ان يؤمن بالاركان العلوية : الوحدة والإقرار والمصاحبة وسلوك الطريق وتقديم الاضحية والتعليق . وقبل ان يأتي المنتمي الى بيوت الجمع يغتسل ويتوضّأ ثم يلبس افخر ثيابه - رجالا ونساءا - ثم يحضر مراسيم الجمع ، فاذا كان قد طلّق زوجته - بدون وجه حق او طلاقا تعسفيا - او كان كاذبا او ناكثا للعهد او سارقا او يعيش على السحت الحرام او غير بارّ بوالديه او مسيئا لجاره او لم يخدم العَلَم ، فانه يمنع من حضور مراسيم الجمع الى ان يبرأ من تلك الحالات المرذولة ، حتى يسمح له بالحضور . وتبدأ الشعائر بقراءة بعض الآيات من سورة التوبة ، ثم دعاء التوبة الذي يسمى ( نعت عليّ ) وبعد ذلك يتلو ( الوليّ ) او ( الدده ) الآية العاشرة من سورة ( الفتح ) ويسمونها ( يد الله ) التي تنص على ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله ، يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث إلى نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيماً . ثم يتلو خاتمة الدعاء بالقول : ( بـإسم الشاه الاله ، والصلاة على محمد عليّ الكمال القادر ، وعلى الحسن والحسين الحبيبين . اللهم صلّي على محمد وآل محمد ويا إلهي انني مذنب فاعف عنا ذنوبنا ، بحرمة محمد المصطفى وعلي المرتضى والحسين الشهيد في كربلاء وللسّر الحق اعف عنا يا رب . استغفر الله ، استغفر الله ، استغفر الله ) .
اما المرحلة الثانية ( من المصاحبة ) فانها تتم بين الافراد او بين العوائل العلوية ، لانها تؤدي الى ( الإخاء ) والصحبة العائلية ، وفق مراسيم خاصة : حيث يقوم المصاحبون بالسجود وفق ارشادات المرشد ، وعندما يقتنع المرشد باتفاقهم على المصاحبة يأمرهم الولي او( الدده ) بالسجود ثم النهوض ، وبعد ذلك يقرأ عليهم نص ( الاقرار ) أي القبول بالمصاحبة وهو يا ايها الاب ( او الاخ ) الواصل فان لنا طلبا من الفرد ، الحق - محمد - علي ، نطلب منه الموافقة والرضا - مع رضاكم - ان يرضى على مصاحبتنا ، لاننا قررنا ان نكون اخوة متّحدين ومسالمين . واننا بإسم حق الوحدة والسلام وحق المصاحبة وحق الائمة الاثنى عشر ، نطلب منكم العون والهمة مع الشكر والامتنان . ومن هنا يباح الاختلاط بين العوائل العلوية ، رجالا ونساءا ، لان الرجال والنساء يصبحون اخوة فيما بينهم ، ولذلك فانهم لا يخونون بعضهم بعضا ، حتى اذا ما ناما في فراش مشترك لانهما اخوة في حضرة الامام عليّ ، وهذا هو سبب عدم وجود الفسق والفحشاء والفجور لدى العوائل العلوية مع ندرة قضايا الطلاق والفراق بين الزوجين . ومن هنا يستشير الزوج العامل في اوروبا زوجته في الزواج من اوروبية ، لانه لا يتزوج رغما عنها ، وهو الامر الذي يفسر سر قلة تعدد الزوجات بين العلويين وكثرة اطفالهم ( ستة اطفال للعائلة الواحدة كمعدل عام ) نظرا لاحترام الرجل العلوي ، العظيم لزوجته التي قد تظل سنوات - مع اطفالها - في بيت والد الزوج او اخيه الكبير الى ان يعود اليها . كما ان العلويين يحترمون رأي الفتاة في الزواج ، وان كان زواج الاقارب منتشرا بينهم ، مما يؤدي احيانا الى ميلاد اطفال ذوي عاهات طبيعية . والمرأة العلوية تكنّ حبا كبيرا لبعلها وتحترمه وتلتزم بارائه وتوجيهاته ، ومن هنا فان المرأة العلوية تحترم الشيوخ وكبار السن بشكل عام ، بل ان العروس العلوية لا تتكلم مع حميّها ولا ترفع عينيها الى وجهه قبل ميلاد طفلها البكر . واذا لم تلد خلال السنة الاولى من زواجها ، او لم يكن مولودها الاول ذكرا ... يحق للزوج الاقتران بامراة اخرى نظريا ، اما في التطبيقات العملية فان ذلك لا يحصل الا نادرا . وينبع حرص العائلة العلوية على الاولاد الذكور من حاجتها الى الايدي العاملة - بحسب استفتاء الباحث طاشقين - لان 40 بالمئة من العوائل العلوية تشتغل بالزراعة او بتربية المواشي ، اضافة الى ان نسبة الاناث الى الذكور عالية ، حيث انها تبلغ 53 بالمئة بسبب هجرة الذكور من قراهم الى المدن المجاورة او الى الخارج بحثا عن العمل.
وتعد كتب الـدعوة ( بويروك Buyruk ) الاربعة التي تتضمن ثلاث سنن وسبعة فروض ، وهي الاوامر والنواهي للشعائر العلوية ، من خلال الخطب والانفاس - وهي اراجيز شعرية بشكل رباعيات على الاغلب مقتبسة من قصائد شعرائهم السبعة - كتبا مقدسة للعلويين ، يحافظون عليها ويمتنعون عن اطلاع غير المنتمين على مضامينها . ومن هنا ولدت مسألة السرّية والتكتم المعروف عن الشعائر العلوية ، ولهذا فان العلويين يحفظون معظم تلك الانفاس عن ظهر قلب لانها جميعا تنصبّ على تقديس الامام عليّ والايمان بالوهيته وقدراته الميثولوجية الخارقة ، ومن تلك الانفاس :

Yeri gogu Arsi Kursiyi yaratan
Men Aliden baska Tanri gormedim
Yaradip kulunun kismetini veren
Men Aliden baska Tanri gormedim

( هو الخالق المبدع للعرش والارض والسماوات ، ولهذا لم اجد إلهاً غيرعليّ.
انه الخالق لعبده والمانح للارزاق له ، ولهذا لـم اجـد إلـهاً غير عليّ ) .
ويتطرق الباحث ( الياس اوزوم ) الى مفهوم الله عند الشاعر العلوي المتصوف بير سلطان عبدال ( من الشعراء المتصوفة في القرن السادس عشر ) فيقول انه يؤمن بان الله يتجسد في الاقانيم الثلاثة ( الحق - محمد - علي ) حسب ما جاء في الرباعية التالية :
Bu Dunyanin evvelini sorarsan
Allah bir , Muhammed Alidir Ali
Sen bu yolun sahibini ararsan
Allah bir , Muhammed Alidir Ali
( اذا كنت تسأل عن بداية هذا العالم ، فاعلم بان عليا هو وحده الإله ومحمد وعلي . واذا سألت عن صاحب هذا الطريق ، فاعلم بانه عليّ وحده الله ومحمد وعلي ) .
ان هذه الرباعية - وامثالها - هي التي تدفع الاخرين لاتهام العلويين بالغلو وبانهم باطنيون او ملحدون او مشركون ، ولكنهم يعتقدون بان نظرتهم الى الكون والانسان والإله يختلف عن نظرة الاخرين اليها . لان العلويين يؤمنون بالاقانيم الثلاثة ( الحق - محمد - علي ) التي يمكن لأيّ واحد منهم ان يحلّ في الآخر ، لأن هذا الثلاثي المقدس كلّ لا يتجزأ ويتجلى على شكل نور ازليّ كان موجودا قبل الخليقة وبعده ، في كل زمان ومكان ، وسيستمر الى الابد . ومن هنا فقد تجلّى الله في آدم كصورة للبشر ولذلك رفض ابليس السجود له ، كما انه تجلى في النبي محمد والامام علي والشيخ بكتاش ولي والعديد من الاولياء الصالحين ، لان قوى الخالق المقدسة - أي العقل - تنتقل الى الانسان بواسطة محمد وعلي واولاده واحفاده من الائمة والاولياء الصالحين الذين يمثلون الكمال والجمال معاً . ولهذا يؤمن العلويون ان الله موحود في قلب الانسان الذي يستطيع الوصول اليه - عن طريق العقل - بالمعرفة والعمل الصالح ونظافة اليد واللسان وايلاء العلم والتعليم اهمية قصوى في الحياة ، لان الله قد خلق الانسان على صورته من الجمال ليكون مخيَّراً وليس مسيَّرا في الحياة التي يحياها بحريّة لكي يزداد اقترابا منه - ومن الآخرين - بالمعرفة والحب والتسامح . لاسيما وان الانسان لا يعيش حياة واحدة وانما حيوات متعددة من خلال التقمص ضمن فكرة وحدة الوجود ( الله - الانسان - الطبيعة ) القائمة على المحبة ( العشق الإلهي ) وليس الخوف من العقاب ، لان الله هو إله الحب والخير والجمال والحق الموجود في الانسان والطبيعة معاً . ولذلك فان العقائد العلوية تمتد من وحدة الوجود الى نفي الوجود ، ومن هنا فان لتلك العقائد المتفرعة والمتشعبة علاقة بالعقائد الشيعية - رغم نفي معظم العلويين لتلك العلاقة - من جهة وبالاديان والعقائد الاخرى من جهة ثانية . فقد قال شاعرهم المعاصر اديب خرابي ( 1858 - 1926 ) الذي تتلمذ على الشيخ محمد علي حلمي دده بابا ، في احدى رباعياته من ديوانه ( وحدتنامه ) الذي يضم 28 رباعية :
Daha Allah ile Cihan yok iken
Biz ani varedip ilan eyledik
Hakka hicbir layik mekan yok iken
Hanemize aldik mihman eyledik

( عندما لم يكن الله والكون موجودين ، نحن خلقناهما واعلنّاهما للعالمين ، وعندما لم يكن ثمة مأوى جديرا بالحق ، جعلناه ضيفا مكرّما في دارنا ) . انها حالة شعورية صوفية ترى الذات الإلهية ضيفا في الروح البشرية ، بل ان شاعر العلويين المتصوف - وشاعر كل المتصوفين - يونس أمره ( 1240 - 1320 م ) يجد الله - الذي لا يسع السماوات والارض - ساكنا في النفس البشرية ، عندما يقول :
Bu tilsimi baglayan , cumle dilden soyleyen
Yere goge sigmayan , gimis bu can icinde
Bastan ayaga derin Haktir seni tutmus
Haktan ayri ne vardir , kalma guman icinde

( ان هذا الذي عقد هذا الطلّسم والذي يتحدث بكل اللغات ولا تسعه السماوات والارض ، قد حلّ في هذه الروح . ان الحق قد تعهدك في كل شئ ، لاشكّ في ذلك ، فالعالم خواء بغير الحق ) . في حين يعتقد مولانا جلال الدين الرومي ( 1207 - 1273 ) ان الوجود كامن في الانسان الذي يعد نموذجا حيا لكتاب الله ، ومن هنا يعتقد المفكر الاسلامي التركي المجدد البروفيسور الدكتور يشار نوري اوزتورك ان التصوف الاسلامي عودة الى نبع الاسلام الاصيل ، الى القرآن الكريم ، لانه الطريق الموصل الى الله تعالى ولان المتصوف الحقيقي هو حبيب الحق . لهذا يجب حذف كل العناصر الدخيلة في الفكر الصوفي والتي تتعارض مع نصوص القران الكريم ( صحيفة Star التركية الصادرة في 27 / 11 / 2002 ) . ومن هنا يقول الشيخ المتصوف جلال الدين الرومي في مثنويته : يا ايها الانسان ، يا نموذج كتاب الله ومرآة جمال ملك الملوك ، يا لكَ من موجود سعيد لانك انت كل شئ في الوجود ، فلا شئ في الوجود غيرك . في حين يقول الشيخ بكتاش ولي في مقالاته ( 1971/12 ) فاذا سألت المحبّين : كيف عرفتَ الله ؟ اجابك : عرفناه من انفسنا لانه كامن فينا ، ودليلنا الى ذلك هو قول رسولنا الكريم : من عرف نفسه فقد عرف ربّه . ويعني المحبون بذلك ان الله كامن في الذات البشرية ، فكيف يستطيع الوصول اليه من يبحث عنه في مكان آخر ؟ . لان فلسفة الاخلاق العلوية ونظام عقائدهم يستندان اساسا على فلسفة التصوف بشكل عام ، لانها - أي الفلسفة العلوية - تنظر الى الله والانسان بعين القلب ، ولذلك فانها تقيم الدنيا على اسس المحبة والعشق كاسلوب جديد في الحياة . ومن هنا فان التفسير- او التأويل - الباطني للقران الكريم قد اضاف الشئ الكثير الى فهم الاسلام وطراز حياة المسلمين .
واذا كانت فكرة وحدة الوجود وحلول الاله في الروح الانسانية يتجلّى بشكل اوضح في ( المقابلة ) التي يعدها العلويون بديلا عن الصلاة التي يجرونها ايام الخميس عادة ، لانهم يؤمنون بان الكعبة والقبلة تتجسدان في الانسان ، لانه القرآن الناطق فان العلويين ينظمون حلقة للرقص - رقصة المقابلة - بحيث يشاهد كل واحد منهم وجوه الاخرين ثم يدورون لاداء الصلاة والواحد منهم ينظر في وجه الآخر ، لان سورة الفاتحة و اسم عليّ مكتوب على وجه الانسان الجميل - وكما يؤمن الحروفيون - الذي يمثل جمال الحق . ولذلك فانهم يعدون صلاة المقابلة الدائرية صلاة الجمال مقابل الجمال . لان الله قد قال في كتابه الكريم ( ونفخنا فيه من روحنا وهو في الارحام ) . ومن هنا ترتبط العلوية بالفكرة الحروفية ، لان كليهما يؤمنان بوحدة الوجود وبالاقانيم الثلاثة ( الحق - محمد - عليّ ) . اوَلم يسلخ جلد الشاعر الحروفي عماد الدين نسيمي البغدادي ( 1344 - 1418 م ) في حلب عندما قال ( انا الحق ) في احدى قصائده ؟ . اضافة الى ان الحروفيين يؤمنون - مثل العلويين - بان صورة علي تتجلّى على وجه الانسان ، ولهذا يرى معظم الباحثين العلويين بأن الحروفية - ايضا - من المذاهب العلوية ، لاسيما وانهما يمارسان الشعائر نفسها في الزوايا والتكايا والخانقاهات او بيوت الجمع . ولذلك يعتقد الباحث التركي طاشقين ، بان العلويين مسلمون ايضا ويؤدون فرائضه - رغم وجود مجموعة كبيرة من العلويين اللادينيين بينهم - ولكن على طريقتهم العلمانية الخاصة : فهم يؤدون الشهادة على الطريقة الشيعية ( اشهد ان لا إله الا الله ، محمد رسول الله ، عليّ وليّ الله ) . ويقومون باداء الصلاة ليس سجودا على الارض او مقابلة للجدران ، وانما مقابلة للانسان وجها لوجه في بيوت الجمع وفي رقصة ( المقابلة ) برفقة الالات الموسيقية الخاصة بهم ( الناي والدف معا او الدف فقط ) لان الصلاة عندهم امنية تتخاطب خلالها الارواح والافئدة خارج نطاق الجسد . كما انهم يصومون الايام الثلاثة من شهر رمضان ( باعتباره خيرا من الف شهر ) وايام عاشوراء العشرة واسبوعا في اعياد خضر الياس في الربيع . اضافة الى انهم يحجّون ايضا ، ولكن 83 بالمئة منهم يحجون الى ضريح الشيخ الحاج بكتاش ولي - بحسب استفتاء طاشقين - و17 بالمئة منهم الى مكة المكرمة . اما الزكاة ، فانهم يؤدونها الى منتديات بيوت الجمع ، او الى الفقراء المعوزين بتوجيه من المرشد او البابا او الشيخ او الوليّ ( البير Pir ) . ولكن اداء هذه الشعائر العلوية يختلف من مدينة الى اخري ، بل ومن قرية علوية الى اخرى ، كدليل على التسامح الفكري العلوي والعلمانية والنضج الاخلاقي وعدم التزمت . لان النهج - او الاسلوب - ليس هو شكل العبادة ، وانما المحتوى الذي يشكل اساس تلك العبادة فهو في نظرهم - أي الاسلوب - ماهو الا وسيلة . لان الهدف الاساسي هو ان يصل الانسان الى مرحلة النضج من الناحية الاخلاقية . ولهذا يؤمن العلويون بان المقابلة او المصاحبة او الصيام امور غير كافية ، لان اساس الفلسفة العلوية الاخلاقية - الذي يجب ان يلتزم به العلوي - هو التحكم بيده ولسانه وظهره ( ألينه ، ديلينه ، بيلينه حاكم اولماق - في اللغة التركية ) أي ان لا يسرق ولا يكذب وان يحافظ على طهره . ومن هنا فان تلك العبارة التركية المتناغمة ، تعني ان يكون ملتزما بما تفعله يده ، فلا يأخذ ما ليس له ، وأن يكون ملتزما بما يتفوه به لسانه لا يقول مالم يره بعينه ولا يقول كل مايراه ويحافظ على اسرار الاخرين. وأن يكون ملتزما بالمثل الاخلاقية ، اي يتجنب العلاقات المحرمة والممنوعة ، من خلال عدم ادارة ظهره - جنسيا للاخرين - من جهة ، اضافة الى التزامه باحترام ذاته وبكلامه وبعفة نظره ونظرته الى الاخر ( أوزونه ، سوزونه ، كوزونه ... صاحب اولماق - بالتركية ) . ولذلك فان الشخص الذي لايحترم الانسان - وهو اقدس المخلوقات - ولا يهتم بالمحافظة على ما في هذه الارض من نبات وجماد وحيوانات خلقها الله ، فهو شخص لم يبلغ مرحلة النضج بعد ، ولهذا فان عبادته غير مجدية ومثل هؤلاء الاشخاص - غير الناضجين- لا يقبلون في بيوت الجمع ، وينبذون من قبل المجتمع العلوي ، لاسيما وان اساس الايمان العلوي يستند الى حب الاقانيم الثلاثة الحق ( الله) و محمد و علي وفي صورتها الواقعية الله والانسان والطبيعة التي يمكن ان تكون احداها ممثلة للاخريين . .
واذا كان معظم السنّة يعتقدون بان العلويين لا يحبون النبي ( محمد ) بل يفضلون الامام علي ، عليه فان شيوخ العلويين يردون على هذا القول بالحجة الدامغة لو لم نكن نحب النبي لما احببنا اهل بيته .
واصطلاح ( اهل البيت ) يضم : علي ، فاطمة ، الحسن ، الحسين ، محمد الباقر ، جعفر الصادق ، موسى الكاظم ، علي الرضا ، علي النقيب، الحسن العسكري، زين العابدين والمهدي . وهم - جميعا - ينحدرون من نسب علي وفاطمة . .
ولا يحب العلويون ، الائمة الاثنى عشر - أي ابناء علي بن ابي طالب واحفاده - فحسب ، وانما ثمة
الائمة الاربعة عشرالابرار : محمد الاكبر ، عبد الله بن الحسن ، عبد الله بن الحسين ، والقاسم، وزين العابدين وقاسم بن زين العابدين و علي الاصغر وعبد الله بن جعفر الصادق و يحيى الهادي و صالح و طيب وجعفر بن محمد تقي، جعفر بن الحسن العسكري و قاسم بن محمد. بل ان بعض الفرق العلوية يقدس الائمة السبعة عشر - ويسمونهم رابطي الاحزمة - وهم : الامام الحسن ، الامام الحسين ، هادي الاكبر، عبد الواحد ، طاهر ، طيب ، محمد الحنفي ، عبد الرؤوف ، علي الاكبر ، عبد الوهاب ، عبد الجليل ، عبد الرحيم ، عبد المؤمن ، عبد الله عباس، عبد الكريم ، عبد الصمد وعبد التواب . وتؤكد الكتب العلوية : المقالات و ولايتنامه ، للحاج بكتاش ولي بان العقائد العلوية تتألف من اربعة ابواب واربعين مقام . ويجب على الانسان ان يرتقي اربعين درجة ( مقام ) فبل ان يصل - الى الله تعالى - ليكون واصلا الى كنه الفلسفة العلوية ( الشريعة العلوية ) التي يوجزونها بعبارة : الشريعة بالولادة ، الطريقة بالاقرار ، وبمعرفة حقيقة النفس . لان الحقيقة هي ان تبحث عن الحق وتجده في داخلك .
اما الابواب الاربعة فهي : الشريعة ، الطريقة ،المعرفة ، الحقيقة .
وكل باب يتالف من عشردرجات ( مقام ) . .
اولا - باب الشريعة - ودرجاتها ، هي : . .
1) حب الائمة 2) السعي وراء العلم 3) العبادة 4) الابتعاد عن المحرمات 5) ان يكون الفرد نافعا لعائلته
6) ان لا يلحق الاذى بالبيئة . 7) اتباع اوامر النبي 8) ان يكون مشفق وذي رحمة. 9) ان يكون نظيفا
10) الابتعاد عن الاعمال الضارة وغير المجدية .
ثانيا - باب الطريقة : ودرجاتها ، هي :
1) التوبة 2) اتباع نصائح المريد شيخ الطريقة 3) الهندام النظيف 4) الكفاح و خوض الصراع من اجل الخير
5) تقديم الخدمات للمحتاجين6)الخوف من ضياع الحقوق 6) تجنب اليأس 8) اخذ العبرة. 9) توزيع الخيرات.
10) ان لا يتجبّر او يتعالى او يستكبر على الاخرين .
ثالثا - باب المعرفة :
1)التحلي بالادب. 2) الابتعاد عن الحقد والانانية وسوء النية . 3) عدم الافراط في كل شئ .4) الصبر والقنا.
5) التحلي بالحياء . 6) ابداء الكرم. 7) تعلم العلم. 8) التسامح واحترام الاخرين على اختلاف مشاربهم. 9)معرفة الآخر . 10 - معرفةالذات . . .
رابعا - باب الحقيقة : :
1) التواضع . 2) التغاضي عن عيوب الاخرين. 3) عدم التردد في تقديمالمعونة عند المقدرة.
4) حب كل مخلوقات الله. 5) ان يرى الناس متساوين . 6) التوجه نحو الاتحاد وعدم الفرقة.
7) عدم اخفاء الحقيقة . 8) الاهتمام بمعرفة الفراسة.9) التوجد لمعرفة السر الالهي . 10) الوصول الى الوجود الالهي .
.

ولذلك فان اولئك الذين لا يفقهون معنى التصوف الاسلامي ، الذي يستهدف تربية النفس البشرية من خلال المعرفة والحب ، قربة للحق ( لله ) وكسبا لرضائه ، الذي هو - أي الرضا - هدف الخلق والوجود ، فانهم يعدّون جميع هذه المذاهب الصوفية كفرا والحادا . في حين ان التصوف يحاول جاهدا تنمية البشر من خلال المعرفة الحقيقية بالله وطاعته من جهة والتعامل مع البشر بالرحمة والشفقة والاخاء من جهة اخرى وصولا لسرّ فكرة ( الانسان خليفة الله على الارض ) . أوَ ليست تلك الفكرة اساس الاسلام ايضاً ؟ .
تجيب الدكتورة آيرين مليكوف ، استاذة كرسي التركيات في جامعة ستراسبورغ الفرنسية ،والمتخصصة بالدراسات البكتاشية - العلوية ، على هذا السؤال بنعم ، وتضيف قائلة ولذلك فان الفكرة العلوية التي وجدت منذ القرن الثالث عشر الميلادي وتطورت بالطريقة البكتاشية منذ القرن الخامس عشر في بلاد الاناضول ، تستمدان اصولهما من المذهب الشيعي الذي اتجه في ايران بعد اخذه بالحداثة نحو التطرف والاصولية ، في حين حافظت العلوية الاناضولية - رغم اخذها ايضا بالحداثة - على نظرتها الانسانية وتسامحها وايمانها بفكرة التصالح الاجتماعي والاخاء الانساني ، لانها فوق المذاهب والاديان . ومن هنا ، يدافع العلويون عن كل المظلومين والمضطهدين - بغضّ النظر عن اديانهم وقومياتهم والوانهم - في جميع انحاء العالم ، بسبب التأثيرات الشامانية والبوذية والمانوية واليهودية والمسيحية ، فكان هذا هو الاختلاف الاول بين البكتاشية والعلوية . اما الاختلاف الثاني فانه ناجم عن تأثر البكتاشية بالتنظيمات السرية من حيث تنظيم المحافل واقامة الشعارات والسلوك الاجتماعي ، بعد القضاء على الانكشارية - التي كانت تربى وفق التعاليم البكتاشية -عام 1826 وغلق الاوجاغات ( المنتديات ) البكتاشية وتشريدهم ، ومصادرة كافة ممتلكات محافلهم وتحويلها الى التكايا النقشبندية . وكانت البكتاشية قد اخذت فكرة الأعداد ، إما على شكل الاقانيم الثلاثة ( التي سمّاها العلويون الله - محمد - عليّ ) او الاعداد المجردة : الخمسة والسبعة ، رغم عدم انتماء شيوخ البكتاشية الى تلك المحافل السرّية ( مليكوف 27 / 5 / 1998 ) . في حين بقيت العلوية بعيدة عن التاثيرات الخارجية الحديثة من جهة وبعيدة عن محاولات تسلّم السلطة - التي تشترك الشيعة الايرانية والسنّة المسيّسة فيها - من جهة اخرى . اما الاختلاف الثالث بينهما ، فيكمن في ممارسة العلويين لفنون الرقص والغناء الصوفيين - التي يشاركهم المولويون فيها - بينما لا يمارسهما البكتاشيون ولا يعترفون بمرتبة المصاحبة العلوية . ولهذا لا يمكن ان يكون العلويون اصوليين او رجعيين . وهنا ينبري نقي اوزكان - الذي اجرى اللقاء مع مليكوف والمنشور في صحيفة ملّيّت التركية في 27/5/1998 - لسؤالها :
- وانطلاقا من هذا المفهوم ، هل يمكننا اعتبار العلوية نوعا من الاسلام الحديث او تجديدا للاسلام ؟ تجيب مليكوف :
- ان ثمة تجديدات عديدة لدى العلويين ، مقارنة بالاسلام الارثودوكسي ، ولكن العلويين باطنيون رغم وجود العناصر الايجابية العديدة لديهم والتي يستطيعون تطويرها الى الافضل . ومن هنا اعتقد ان العلوية وممارساتها تجري في اطار الاسلام ، وبانها كانت رد فعل لاضطهاد الشيعة الاصولية والسنّة المتزمة لهم . اضافة الى ان العلوية توليفة فكرية متكاملة : العادات التركية القديمة والشامانية والاسلام .ولهذا فان هذه التوليفة تضم افكار التصوف والامامية الاثنى عشرية والعلي اللّهية والحروفية ( لاسيما القبّالة التوراتية ) والاخيّة ( الفتوّة العربية ) والتقديس المسيحي لبعض الرهبان ( حيث يقدس العلويون بعض الشيوخ من الآباء والددوات في اطار تقديس خضر الياس ) ومشاركة المرأة العلوية في اداء الشعائر ، وتناولهم للشراب ، وكذلك بعض العقائد اليزيدية اضافة الى ايلائهم الاهمية لطير الكركي Crane واتجاههم نحو الشمس عند الشروق لرؤية وجه الامام عليّ - حيث كان الاتراك القدماء يسجدون للشمس عند الشروق [ ولذلك اطلقوا على الله تسمية Tanri المحرّفة عن Tan Yeri التي تعني مكان شروق الشمس ] لطلب تحقيق الامنيات منه . ورغم ان المولوية - ايضا - متأثرة ببعض الشعائر الارثودوكسية ، غير ان للمولوية جوانبها الثقافية والفنية التي تختلف عن البكتاشية ، كطريقة صوفية فلسفية .
ومهما يكن من امر ، فان ثمة رأيين - من الناحية الدينية - حول العلويين : يذهب الرأي الاول الى انهم فرقة من المتصوفة الدراويش الذين لا يتقيدون بالشعائر الدينية ولا يلتزمون بفرائض الاسلام التي يفسرونها على هواهم ، في حين يؤمن اصحاب الرأي الثاني بان العلويين هم من الفرق الاسلامية الغالية ، ولذلك فانهم اقرب الى الشيعة الإمامية - كما قال البروفيسور عزالدين دوغان رئيس مؤسسة بيوت الجمع ، في تصريحاته الى صحيفة Star التركية في 25 / 8 / 2002 - من بقية المذاهب الاسلامية ، ولهذا فان اعظم المنتديات الثقافية ذا الصبغة الصوفية هو ( المنتدى الثقافي العلوى - البكتاشى ABKB ) في انقرة العاصمة . في حين اكد رئيس الوزراء بلند اجاويد _ لدى افتتاحه للمؤتمر الدولي الاول للاولياء الواصلين في العالم التركي ( صحيفة حريت التركية الصادرة في 14/ 8 / 1998 ) - ان العلويين والسنّة في هذة البلاد قد ترعرعوا في احضان الثقافة نفسها ونالوا الفيض الإلهي من روضة الثقافة التركية في اطار التصوف الاسلامي .
غير ان البوفيسور عزالدين ، يضيف الى ذلك قائلا : ليست للعلويين اية مشكلة مع الاسلاميين الحقيقيين والصادقين في نظرتهم الى الاسلام المتسامح ، وانما تكمن مشكلتنا مع اولئك المسلمين الذين يتخذون الدين الاسلامي - والفكر العلوي بالذات - وسيلة لتحقيق اهدافهم السياسية . لان العلوية - مثلها مثل الحنفيين والشافعيين والحنبليين - يؤمنون بانهم جزء من الاسلام ، ويعرفون الاسلام بوجهه العلمي والمعرفي والانساني المتكامل ، خلال حياتهم التي تمتد الى اكثر من الف عام . ومن هنا فاننا نعتقد بان على الجميع ان يعترفوا ويحترموا خيارات الآخرين في اطار حقوق الانسان وتقديس حرية الاخرين ، والسماح لهم باقامة المؤسسات التي يمارسون فيها شعائرهم ومناسكم الدينية ، بعيدا عن الاستغلال والاستثمار والاقصاء التي تؤدي في كثير من الاحيان بالعلويين للتوجه نحو الإلحاد واللادينية ( جريدة ترجمان التركية - في 10/11/2003 ) .
ولكن ، رغم هذ1 الاختلاف الجذري بين الرايين ، فانهما يعتقدان بان العلويين اكثر الفرق الدينية تسامحا وديموقراطية وانسانية وتواضعا ، ويتجلى ذلك في احتفالات الزواج التي تقام صباحا وتستمر حتى الظهر حيث يقدم الغداء فيها ومن مختلف الاطعمة للجميع : الفقير والغني والشيعي والسني والعلوي والمسيحي والمشهور وابن السبيل ، وفي الهواء الطلق اعتبارا من احتفالات النوروز ( الربيع ) وحتى نهاية الصيف . اضافة الى اقامتهم لموائد ( السبيل ) ايام الآحاد من كل اسبوع لاطعام الفقراء وابناء السبيل والمعوزين . كما ان العلويين يهتمون جدا بالعلاقات العامة مع الاخرين واحترام ارائهم واجراء الحوار معهم بكل حرية وديموقراطية ، اضافة الى مساندتهم للمظلومين ودفاعهم عنهم في جميع المجالات .