أصدر مركز"هردو" تقريرًا بعنوان " الفساد في مصر.. أسلوب حياة" تزامنًا مع اليوم الدولي لمكافحة الفساد اليوم 9 ديسمبر2014:
يتناول التقرير تعريف الفساد من وجهة نظر كل من الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة الشفافية الدولية، وموسوعة العلوم الإجتماعية، حيث أكدوا جميعًا أنه خروج عن النظام والقانون وسوء إستغلال للسلطة الممنوحة لموظفي الدولة من أجل الحصول على مصالح خاصة، وينتج عنه آثار إقتصادية وإجتماعية وسياسية وثقافية في المجتمع، حيث أوضح التقرير أن للفساد أثر كبير في التدهور الملحوظ لمصر كدولة إستشرى فيها الفساد ليسيطر على كافة أجهزة الدولة إلى أن أصبح إسلوب حياة، ولم يغفل التقرير ذكر دور الأجهزة الرقابية المنوط بها تفعيله من أجل القضاء على الفساد والحد من إنتشاره، إلى جانب تورط بعض المؤسسات في الفساد بكافة أشكاله وصوره.
كما يتناول التقرير بالشرح والتفصيل ما جاء في دستور2014، والقانون المصري حول مواد مكافحة الفساد، كما قدم تعريفا مبسطًا حول أشكال وصور الفساد وأسباب إنتشاره والآثار المجتمعية والسياسية والاقتصادية في مصر، والتي تمحورت حول عدة نقاط أبرزها " زعزعة الاستثمارات الأجنبية وعرقلة النمو وزيادة الفقر والعجز عن مكافحته، تقويض الديمقراطية، زعزعة الثقة بالحكم وبمصداقية الحكومة، التلاعب وتخطي الأصول القانونية في إنجاز المعاملات، زيادة نسبة البطالة، لضعف الدورة الاقتصادية والإنتاج الوطني بسبب إهدار الثروة العامة أو توزيعها في عمليات الفساد، هجرة الأدمغة والطاقات التي ترفض المشاركة في عمليات الفساد نتيجة محاربتها من الطبقات الفاسدة والمفسدين، عدم المساواة بين المواطنين لأن بعضهم سيحظى بمعاملة خاصة وتسهيلات معينة لعلاقاتهم الشخصية أو لإنتمائاتهم الحزبية أو الطائفية أو القومية وغيرها أو لقدرتهم على دفع الرشاوى، تحويل الانتخابات إلى وسيلة لوصول الفاسدين إلى مراكز السلطة من اجل ضمان حماية أعمالهم الفاسدة وزيادة دخلهم وثرواتهم غير المشروعة".
كما يستعرض التقرير ما عرضته بعض الأجهزة الرقابية في تقاريرها الرسمية عن ميزانية الدولة، وبعض قضايا الفساد المالي والإداري لموظفي القطاع العام، وعدد من الكوارث نتيجة الإهمال أدت إلى مجموعة من الأضرار في الأموال العامة للدولة أو في أرواح المصريين، وذلك من خلال عقد مقارنة بين تقارير تلك الاجهزة عن السنوات من 2010 إلى 2014.
ويخصص التقرير جزء لعرض الفساد في مؤسسة القضاء من رشوة وإختلاس وإختفاء أموال وتقاضي مكافآت دون وجه حق في السلك القضائي وفق تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، وإدارة الكسب غير المشروع، وهيئة الرقابة الإدارية، كما يستعرض أيضًا بالتفصيل أسماء القضاة المعينين بناءً على عُرف "أبناء القضاة" الذي إتخذه القضاة كأساسية في تعيين القضاة الجُدد، وهو ما يُعد فساد إداري مستفحل في هذه المؤسسة دون غيرها.
كما يذكر التقرير في الجزء الأخير منه أنه من الضروري لمكافحة الفساد العمل أولًا على رفع وعي المواطن ونشر ثقافة الديمقراطية ومكافحة الفساد وأشكاله وأنواعه والتوعية بآثاره عبر حملة إعلامية وتنظيمية ممنهجة من الدولة بمشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني، خاصة أن بنيان شبكة الفساد في مصر قد بثني على أساس متين وقوي بحيث أن كسره ومكافحته يتطلب إرادة سياسية حقيقية وتوجه قومي للبلاد نتيجة شبكة المصالح العليا التي نتجت عن هذا البنيان طوال عقود مضت, فالتشريعات الضعيفة تؤدي إلى عقوبات هزيلة لا تحقق الردع العام والخشية من الفساد, والأجهزة الرقابية تحت رقابة السلطة التنفيذية وتكبلها تشريعات واجراءات عفى عليها الزمن وتتداخل ادوار تلك الاجهزة فتتصارع مع بعضها بدلًا من مكافحة الفساد.
لذا فقد وضع مركز"هردو" في نهاية التقرير بعض التوصيات للحد من إنتشار الفساد ومحاولة القضاء عليه، منها "تغليظ العقوبات الرادعة على جرائم الفساد في التشريعات المصرية التي من شأنها مكافحة الفساد، والحد من إصدار قوانين ذات طبيعة خاصة أو لفئات فأساس القانون عام ومجرد للتطبيق والتنفيذ على الجميع دون الإنتقاء أو التمييز، تعديل النظام البيروقراطي في الجهاز الإداري للدولة إلى نظام يسمح معه بمراقبة ومعاقبة الموظفين الفاسدين، وأن تتعهد الحكومة بالشفافية في القرارات الحكومية وسياستها وحرية تداول المعلومات والإطلاع عليها".
إضافة تعليق جديد