صديقي الديناصور
صادقته , من باب صديقك من صدقك ..وليس من أي باب آخر
اي أنني أستطيع أن أقول له رأيي به بصراحة , فعندما أقول له أنت غشيم يا صديقي ..يكون من باب أنني أصدقه القول .
ومن هذا الباب صادقت ديناصورا ..
قلت له يوما: يا صديقي أنت غير لازم
أجابني وقد تفاجىء بصراحتي :
لماذا يا موبي ؟
قلت : انت ضخم جدا , وحركتك بطيئة
أجاب :
وهل كان الأمر باختياري .
قلت له: أنت لا تتلاءم مع العصر , كيف أستطيع أن أجلس معك لتناول فنجان قهوة , أو أن أدعوك لحضور مباراة نهاية كأس أبطال أندية أوروبا ...هل تعلم ماهي أوروبا يا صديقي .
أجابني بحيرة : لا
ثم هل تستطيع أن تقول لي ما هي اهتماماتك , سوى التهام المخلوقات الصغيرة , ماذا تفعل بكل هذه الأنياب , إنك تثير اشمئزازي ..يا رجل .
قال: ساعدني لكي استطيع العيش معكم
قلت له : أخشى أن الأمر صعب جدا ..
قال بنبرة حزينة : ولكني احبكم , وأحس بأن حياتكم جميلة , أجمل من حياتنا , ألست صديقي ..
جربني وسأحاول أن أتأقلم .
حرت كيف أجيبه , وحزنت لوضعه , ولأول مرة أحسست بأن وراء هذه الكتلة الضخمة من اللحم التي تسير إلى جانبي ..مشاعر ورغبات وآمال ..
ولكن أية ورطة وضعت نفسي بها , ألم يكن من الأفضل أن أقول له : يا أخي لا يوجد حل ..إما أن نذهب جميعا إلى زمن الديناصورات , أو أن تأتوا أنتم بقضكم وقضيضكم إلى عصرنا .
ولكني لم أقل
كلما أوغلنا في المدينة كان صديقي يحس بأنه قد تورط أيضا..
كنت أنظر بطرف عيني لأرى انفعالاته , كانت تعابيره بالكاد تفهم فقد ازدحمت الأسئلة وطافت الحيرة :
ماذا تعني كل هذه الاشياء ؟
ومن يبالي به ؟
وانتقلت الحيرة إلي ,من بلادة الناس , هل من المعقول ألا يثير منظر صديقي أحد في هذا الشارع المكتظ ..بكل شيء.
كل الناس يسرعون باتجاه جهة ما ...
بودي لو أعلم ما هي هذه الجهة ؟
لماذا هم مستعجلين هكذا ..
لماذا لا يلتفت أحد منهم للآخر ..
ولماذا هم لا يضحكون ..
هل تعلم تلك السيدة الحسناء التي تتدلى خصلات شعرها من نافذة سيارة فارهة أي كائن أنا.
وأية غابات ضخمة وممتدة هي موطني
واية كائنات قهرتها
وأية قوة أمتلك
ولكن هل يعنيها كل ذلك ؟
كيف أستطيع لفت انتباهها , وكيف أستطيع أن أعرف بماذا تفكر , بعد ثوان ستتجاوزني وتضيع في تفاصيل المدينة .. هل سيقدر لي أن أراها مرة أخرى ..
كيف أستطيع أن أقول لها :
كم بودي لو لمست لك خصلة الشعر تلك , وانا أغني لك لحنا جميلا
كيف أقول لذلك الطفل أنه سحرني بضحكته العذبه .
وكيف ..وكيف..
وبينما نحن نسير ..كتفا إلى رجل ..مررنا بقرب المتحف العظمي , ورأى صديقي هيكلا لديناصور شبه كامل , توقف فجاة ولوى رقبته بلطف متأملا ..لم أشأ أن أنظر إليه ولكن أحسست بشيء ربما قطرة ماء..
كانت قد بللت كم قميصي .
استمرينا في المسير.. لم يقل شيئا ولم أقل .. ..
إضافة تعليق جديد