كان يا ماكان , وحيد قرن حلو وجميل وقرنه مدبب وطويل ,يعيش في الغابة هانىء كثير الغبطه ,يكاد لا يعكر صفو عيشته شيء ,فالميه وافره والغذاء كثير ووحيدات القرن معجبات به وبقرنه اللامع .
وفي يوم من تلك الأيام ..نزل وحيد القرن إلى النهر ليشرب كعادته , ولكن ما رآه جعله يحجم عن الشرب ويتراجع القهقرى ..ولم يكن مارآه سوى ثور عادي أو ربما أكبر من العادي ,ولكنه تعجب حين شاهد قرنيه .
وتسائل كيف يكون له قرنين ,وأنا ليس لي سوى واحد ..ألن يخطف مني المعجبات ألا يعني ذلك أنه سيهزمني في أية منازله ؟
تأبط قرنه وعاد إلى شجرته وحيدا مكتئبا ,من دون أن يشرب طبعا ,وكانت الهموم والهواجس والأفكار تتناوشه .
وفي اليوم التالي ..عندما أحس بأن شيئا لم يتغير بل إن وحيدات القرن زادت في استلطافه ودلاله ..رجع إلى رشده ,وقال في نفسه : عال ..ربما لم يشاهدن ابا القرنين ذاك .
وربما هو وحيد قرن عادي ولكنه مريض ,فنبت له قرن آخر. مالي ولآحاد القرون ,كل بقرونه حر.
وعاد إلى سابق عهده من الزهو والخيلاء والعيش في بلهنية .
ولم يمر وقت طويل حتى شاهد شيئا آخر أثاره مرة جديده , فقد وردت الأيائل إلى النهر لتشرب .ولما رأى صاحبنا قرونها الطويله والمتشابكه ,أجفل واحتبست الآه في حلقومه ..
يا ارباب آحاد القرون ..ماهذا ؟
هذا أعظم ما رأيت , وعاد مرة ثانية مكسور الخاطر مجروح المشاعر .
وابى أن يأكل أو يشرب ..وبات ليلته وهو على هذا الحال.
وفي الصباح ..أتى الرباح , فقد وجدته أمه على هذه الحال وسألته بلهفه: وحيداه ..مابالك؟ هل جئت تطلب نارا أم جئت تشعل البيت نارا ؟!
أخبرها ما شاهد عند النهر ..وكيف أنه زهد بقرنه بعد أن شاهد كل هذه القرون العظيمة .
ضحكت أمه الحكيمه , وأخذته من قرنه إلى القسم الآخر من الغابه ..وقالت له انظر .
نظر وحيد القرن ويا لهول ما رأى:
غزلان وظباء وقطعان حمار الوحش ونمور وثيران وتيوس ... شيء له قرون وشيء بلا قرون ..
وسرح بنظره متعجبا إلى حدود الغاب ولم يعيده من دهشته سوى صوت أمه :
..كما ترى هناك من له قرنين وهناك من له قرون متشابكه كبيره وهناك من استغنى عن القرون , نعم ..الغابة لا تقتصر على آحاد القرون ,وليست القرون مشكله ..بل هي المشكلة.
إضافة تعليق جديد