النسبية في المكان :-
أينشتاين كان له رأي آخر، كان يرى أن فرضية الأثير خرافة لا وجود لها وأنه لا يوجد وسط ثابت ولا مرجع ثابت في الكون بل أن جميع أجزاؤه في حالة حركة مستمرة. وبالتالي لا يمكن القطع بأن جسماً ما يتحرك والآخر ثابت وإنما كل ما يقال أن الجسم الأول يعتبر متحركاً بسرعة قدرها كذا.. بالنسبة للجسم الثاني. كل ما هناك حركة نسبية أما الحركة الحقيقة فلا وجود لها، كما أن السكون الحقيقي لا وجود له أيضاً. لقد رفض أينشتاين فكرة المكان المطلق واعتبر المكان مقداراً متغيراً ونسبياً، واعتبر إمكانية تحديد مكان أي جسم بدون اعتبار للزمن أمراً مستحيلاً، أي أنه يلزم أن نقول أن الجسم موجود في المكان كذا...في الوقت كذا.. لأنه في حركة دائمة. فالمكان والزمان هما مفهومان غير منفصلان في الحركة، فماذا تقول النسبية في المفهوم الثاني"الزمان"؟
النسبية في الزمان :-
من وجهة نظر النسبية فإن الزمان ما هو إلا تعبيرا عن انتقالات رمزية في المكان!! فالزمن المعروف بالساعة واليوم والشهر ما هو إلا مصطلحات لأوضاع مختلفة في المكان، مثلاً:
الساعة.. هي دورة الأرض 15 درجة حول نفسها.
اليوم.. دورة الأرض دورة كاملة حول نفسها.
السنة.. حركة الأرض ودورتها دورة كاملة حول الشمس.... وهكذا، ولكن ماذا عن الساعة واليوم والسنة على كوكب عطارد أو كوكب بلوتو؟ لا شك أن ذلك سيكون مختلفاً بالنسبة لمقاييسنا، فالسنة على كوكب عطارد ثلاثة أشهر من الوقت الذي نقيسه على الأرض! بينما السنة على كوكب بلوتو أكبر من ذلك بكثير وتقدر 248 سنة من سنوات الأرض. الأمر إلى هذا الحد معقولاً ولكن ماذا عن المجرات الأخرى؟ كيف يقدر اليوم والسنة فيها؟ وهل يمكن استخدام الأزمنة الأرضية كمقياس للزمن على أرجاء هذا الكون الفسيح؟
ترد النظرية النسبية على تساؤلاتنا قائلة:
إن كل الساعات التي نستخدمها على الأرض مضبوطة على النظام الشمسي ولكن النظام الشمسي ليس هو النظام الوحيد في الكون. فالشخص الذي يسكن المريخ يجد للزمن دلالات و تعابير مختلفة تماماً، فالمريخ يدور حول نفسه في 88 يوماً وفي هذه المدة نفسها يكون قد دار أيضاً حول الشمس، ومعنى هذا أن طول اليوم المريخي يساوي طول السنة المريخية وهو تقويم يختلف تماماً عن تقويمنا. ولكي يكون للزمن مفهوماً وتعبيراً صحيحاً فإنه يجب أن ينسب إلى النظام الذي أشتق منه، وبالتالي فإن تعبيرنا للساعة واليوم والشهر يكون صالحاً للتطبيق في نظامنا فقط.
ويشرح أينشتاين هذه النقطة من نظريته وهي من أعمق تطبيقات النسبية وأكثرها غموضاً فيقول:
" إن متكلماً من نيويورك يمكن أن يخاطب عبر الهاتف متكلما آخر في لندن ويكون الأول يتحدث في ساعة الغروب بينما الآخر في منصف الليل ومع ذلك يمكن لنا أن نجزم بتزامن الحدثين أي أن الحدث (المكالمة الهاتفية) أجريت في نفس الوقت وحدوثها في نفس اللحظة والسبب أن الحدثين يحدثان معاً على أرض واحدة خاضعة لتقويم واحد هو التقويم الشمسي ومن الممكن استنباط فروق التوقيت ورد هذه الآنية (الحدوث في آن واحد) إلى مرجعها وهو النظام الواحد. وهذا ما يعرف بمتصل المكان -الزمان space-time continuum. أما القول بأنه من الممكن أن يحدث على الأرض وعلى نجم الجبار أو الشعرى اليمانية مثلا (من أقرب النجوم الى الارض) أحداث متوافقة في آن واحد فهو أمر مستحيل لأنها أنظمة مختلفة لا اتصال بينها والاتصال الوحيد هو الضوء الذي يأخذ آلاف السنين لينتقل من واحد من هذه الأنظمة إلى الآخر... ونحن حينما نرى أحد هذه النجوم ويخيل إلينا أننا نراه "الآن" نحن في الحقيقة نراه عن طريق الضوء الذي ارتحل عنه منذ ألوف السنين ليصلنا، ونحن في الواقع نرى ماضيه و يخيل إلينا أننا نرى حاضره وقد يكون في الحاضر قد انفجر واختفى وارتحل بعيداً خارج نطاق رؤيتنا وما نراه في الواقع إشارة إلى ماضي لم يعد له وجود إطلاقاً"
وبهذا يكون قد شرح لنا أعمق ما في نظريته وما يسميه "نسبية الوقت الواحد" وكيف أن الإنسان لا يستطيع أن يطلق كلمة الآن على الكون وإنما يمكن أن يطلقها فقط على نظامه الزمني لأن كل مرجع له زمنه الخاص.
عالمنا والأبعاد الأربعة :-
إذا كنت في البحر وأردت أن تحدد مكانك فأنت بحاجة إلى نسبة هذا المكان إلى بعدين هما الطول والعرض، فتقول أنا عند خط طول كذا.. وخط عرض كذا.. أما إذا كنت طائراً في الهواء وأردت أن تحدد وضعك ومكانك فإنك ستحتاج إلى ثلاثة أبعاد هي الطول والعرض والارتفاع. لنفسر هذا بطريقة أكثر وضوحاً: لنفرض أنك احتجت لزراعة منطقة معينة فإنك ستحدد المساحة المزروعة ببعدين هما الطول والعرض، ولكنك عندما تقوم بإنشاء مبنى فإنك ستفكر في البعد الثالث وهو الارتفاع. هذه هي الأبعاد الثلاثة التي تمثل على المحاور (x,y,z) وكانت هذه المحاور الأساسية المستخدمة في الحسابات الهندسية حتى مطلع القرن العشرين حيث رأى أينشتاين أن هذه الأبعاد غير كافية ولا بد من إضافة بعداً رابعاً وهو الزمن فنقول أننا على خط طول كذا.. وخط عرض كذا.. على ارتفاع كذا.. في الوقت كذا..
أينشتاين هو العالم الوحيد الذي فكر في البعد الرابع وقال أن الكون الذي نعيشه ذو أربعة أبعاد وهي الطول والعرض والارتفاع والمكان والزمان وأدخل الزمن في جميع حساباته واعتبره متغيراً، واعتبر المكان والزمان مترابطين ومتصلين كمتصل واحد space-time continuum وهذا مايسمى أيضا (الزمكان) هل يمكن أن تتصوروا هذا ؟ في الحقيقه صعب التصور ... كيف يمكن أن يكون العالم بأربع أبعاد وكيف ان هذه الابعاد الاربعه مرتبطه مع بعضها البعض ؟ لكن أينشتاين لم يتركنا في هذه الحيره بل أثبت صحة فرضيتهه بقوه !!
بهذه المقدمه نكون قد وصلنا الى تعريف مبادىء النسبيه وفرضياتها وفي الحلقه القادمه ان شاء الله سوف نتكلم عن النسبية الخاصه ونتائجها المذهلة التي تستند على هذه الفرضيات ومن ثم اثبات هذه الفرضيات ...