آخر الأخبار

دوموزي-تموز

Dumuzi/ Tammuz
لتموزي تأثير كبير في تاريخ العراق، إذ يذكر الباحث العراقي خزعل الماجدي ان شعب الاهوار، الذي كان يسمى "كي إين جي" ويسمي نفسه " ذو الرؤوس السوداء" هو نفسه من الشعب السومري. ويضيف ان لس المقصود من الاسم الشعر الاسود، لأن كل أهل الرافدين من ذوي لبشغعر الاسود، وانما لكونهم كانوا يزينون شعرهم زيان الحواف، الذي يبقي الطرة السوداء العليا، وهذا ماكنا نشاهده حتى وقت قريب لدى اطفال أهل الجنوب. وكان المقصود منه هو نذر قص الشعر حزنا على ديموزي او تموز الذي يموت في الخريف ويعود للحياة في الربيع. وكان الاطفال يعلقون في شعر الحواف خرزة خضراء تسمى " الخضرمة" واللون الاخضر هو رمز تموز.

لقد تم العثور على العديد من النصوص التي تقدم سيناريوهات مختلفة حول كيفية موت Dumuzi, الذي يسمى تموز في النصوص الاكدية. ، منهم " طريق اينانا الى مملكة الظلام"، " احلام دوموزي"، "Dumuzi and the galla", وزواج اينانا من دوموزي او تموزي ، إضافة الى مرثية منفصلة تفصل لنا حزن اينانا على دوموزي، وحزن اخته Gestinanna, بل وحتى حزن كلبه وخرفانه. دوموزي نفسه كان يبكي على المصير القاسي الذي ينتظره، ليقوم بعد ذلك بالسير بين المودعين ذاهبا الى مملكة الموت ليقبض عليه خزنتها. هناك العديد من القصائد والاشعار التي تصف مشاعر الحب بين اينانا والراعي دموزي. في احدى الوثائق التي اكتشفت عام 1963 نرى نصا ايروتيكيا عن "لعبة الحب بين ايناننا ودموزي".

حسب الاسطورة حول كيفية ذهاب اينانا الى العالم السفلي، تقدم لنا النصوص البابلية والاكدية روايتين متوزايتين، اينانا (تسمى عشتار في النص الاكدي)، تؤخذ الى العالم السلفي الذي يقع تحت سلطة اختها Ereshkigal, لربما بذلك يجعلها في منطقتها. العالم السفلي لديه سبعة بوابات عليها العبور من خلالها، وعند كل بوابة مضطرة الى نزع احد قطع ملابسها، بحيث انها عند عبور البوابة السابعة تكون عارية تماما. وعلى الرغم من تحذيرها، فقد قامت على الفور بالجلوس على عرش اختها. على الفور قام الالهة Anunnaki بمحاكمتها ونظروا اليها بعين الموت لتصبح جثة معلقة على مسمار.

انطلاقا من هذه النصوص الغير كاملة، يمكن الاستنتاج ان نهاية اينانا (عشتار) جرت في مملكة كور بعد موت تموز، وليس قبله، وانها كانت تطمح لانقاده. هذه الرواية وصلت الينا عام 1915, غير ان هناك نص اخر جرى العثور عليه عام 1965 يقدم لنا رواية اخرى، الذي يشير الى ان تموز ذهب بنفسه الى المملكة السفلى من اجل محاولة اطلاق سراح اينانا. الخدم المخلصين لاينانا حاولوا الاتصال بالالهة من اجل التتدخل لتخليصها، ولكن فقط Enki / Ea اجاب النداء. التفاصيل تختلف من رواية الى اخرى عن طريقة تتدخل اينكي، ولكنه تمكن ، في النهاية من انقاذها. وعلى كل حال، فمقابل المحافظة على حياتها طالبها بإيجاد من يحل محلها في العالم السفلي. اصبحت تبحث عن إله يقبل ذلك، ولكنها لم تعثر الى ان قابلت تموز المُحب لها. على الفور قدمته عوضا عنها للحارس المختص. ومن جديد تختلف روايات القصص في هذا الشان، حيث النص الاكدي يشير الى ان المعني هي اخت تموز Belili. في نص سومري نجد ان اسم Belili هو لامرأة عجوز وليس اخت تموز التي تسمى Geshtinana, في النص السومري.

ومهما كان الامر، فإن النص السومري يصف كيف هرب تموز الى اخته Geshtinana التي تحاول ان تخفيه عن الانظار، ولكنه في النهاية لم تتمكن من الوقوف ضد حرس الالهة ( demons.) المكلفين بالقبض عليه. لقد تكنوا من اخذه، ولكن اينانا ندمت على فعلتها. في النهاية يحظى تموز بالرحمة ويبقى على الحياة، ويصبح القرار ان يبقى في العالم السفلي لمدة نصف عام في حين تقوم اخته Geshtinana بالحلول محله النصف الثاني من العام، وهذا على خلاف اعتقاد سابق عن مصير تموز.

ودموزي هو الاله الإيزيدي طاووسي ملك، وقصة هبوطه ونزوله لازالت جزء من التراث الديني الإيزيدي. يقول هوشنك بروكـَ:"إن ثنائية الموت والانبعاث، التي تتكرر في شخصية دوموزي/تموز كلَّ سنة، هي تمثيل قدسي طقوسي للثنائية الفصلية ربيع/خريف. وبذا تكون الأسطورة الدوموزية ترجمةً لشعورية قوية ومبكرة بوحدة الثالوث الكوسمولوجي: الكون–الطبيعة–الإنسان؛ وهي محاولةٌ إنسيةٌ للحلول في ما هو فوق بشري، أي بمعنى القفز من ذاته كفيزيقا إلى الآخر/الإله، ككون ميتافيزيقي، ومشاركة الطبيعة أفراحها وأتراحها في هستيريا قداسوية. فالسنة الرافدية كانت عبارة عن فصلين فقط: ربيع، الفصل الأخضر، جهة الإخصاب والإنبات، وخريف، الفصل الأصفر، جهة الموت والعذابات. وما أسطورة الصعود والهبوط الدوموزية التي اتخذت من هذه الثنائية الفصلية متنًا لمادتها الأسطورية إلا محاكاة بشرية للما فوق بشري، استعدادًا لعبور مقدس من الظهورات الطبيعية إلى الظهورات الإلهية في أقدس تجلِّياتها.

اسم تموز اطلق على ملك هندي Tammuzh, في منطقة جنوب الهند وعاصمته Kuadam. المجموعة العرقية المعروفة بإسم التاميل يأتي اسمها من من الملك Tamizh, ولاتزال تحمل ثقافة سومر.

Marduk

وما كان معه من إله، إذن لذهب كل إله بما خلق، ولعلا بعضهم على بعض. (المؤمنون، 91)

مردوك، وتلفظ في الاكادية AMAR.UTU وتعني عجل الشمس، وفي التوراة جرى ذكره كمردوخ Merodach, هو جيل جديد من اسماء الله الحسنى، من المرحلة المتأخرة لحضارة الميسوباتوميا Mesopotamia ، وهو الاله الذي يحمي بابل العظيمة، عندما اصبحت بابل المركز السياسي لمنطقة حوض الفرات، في عصر حمورابي 1800 سنة قبل الميلاد، ليصبح هو الاله الشائع في النصف الثاني من الالفية الثانية قبل الميلاد. صفات مردوك الاصلية غير واضحة لنا، ولكن على الاغلب كان يحمل العديد من صفات الالهة السابقة، والضرورية للاله الجديد للعب دوره في منظومة العلاقات الجديدة. مردوك ورث خصائص من من إلهين على الاقل، هم Ea, Enlil. الصفات الموروثة عن الاله الاول جرى بطريقة طبيعية بإعتبار ان مردوك هو ابن Ea, وبالتالي فالاب ترك له السلطة على البشر. هذا الارتباط بين Ea, ومردوك يمكن ان يكون بسبب تاثير بابل على اريدو، الذي جعل انتقال الثقافة من الجنوب الى الشمال ممكنا، حيث كانت اريدو هي المركز الثقافي الاقدم لتشكيلة حضارية واحدة، الامر الذي ساهم ايضا في خلق علاقات من الاخوة والانسجام. بعد حمورابي، غاب ذكر انليل وحل مكانه موردوك الى نهاية عصر الامبراطورية البابلية، 1000 سنة قبل الميلاد. المنافسة الوحيدة التي كان يتعرض لها مردوك قادمة الاله Anshar الاشوري في الشمال، في حين كان مردوك مسيطرا تماما على الجنوب، وكان يطلق عليه لقب بعل، وتعني السيد.

عندما اصبحت بابل عاصمة لحوض الفرات، كان من الطبيعي ان يصبح الاله الذي يحميها هو الاله الرئيسي في المنطقة ايضا. من اجل تفسير كيف ان مردوك اصبح هو الاله الاوحد كتب Enûma Elish مايسمى " قصة ولادة مردوك"، ووصف فيها الاعمال البطولية التي قام بها ليسيطر على جميع الالهة. ومن الملاحظ ان التصورات الوثنية عن سلوك الالهة، التي ذكرتها اساطير الاولين، تتطابق بشكل مدهش مع الصورة التي عرضها القرآن، عن حتمية الصراع بين الالهة.
الملحمة تشير الى ان مجلس الالهة السماويين العظام، Anunnaki قد اجتمعوا من اجل تعيين إله كقائد عسكري لقمع ثورة الالهة ضدهم. مردوك، الذي كان لايزال إلها يافعاً اجاب طلبهم، ووعد بالجهاد لرفع اسمهم، وبالمقابل حصل على وعد إلهي بمكافأته. عندما تمكن من قتل عدوه وعدو الله انتزع منه قرص القدر واخذه لنفسه. في عصره كان الاعتقاد ان الانسان جرى خلقه من اجل ان يكون مسؤول عن مصيره، وبالتالي تستطيع الالهة ان ترتاح. النصوص البابلية تكتب ان مردوك هو الذي خلق مدينة اريدو لتكون اول مدينة، واكثر المدن تقديسا، بإعتبارها انها مدينة الالهة، المدينة التي خلقت من اجل تمجيد الالهة. هذا الامر يذكرنا بطريقة سرد اسطورة تأسيس الكعبة. الناس انفسهم كانت تسمى بإسم مردوك، مثلا نرى في الكتاب العبري، (Book of Esther) انه استخدم اسم مردوخاي عوضا عن اسمه العبري Bilshan, وهي عادة لازالت حية حتى اليوم، ولكن جرى تعويض اسم مردوك بإسم الله. إله الحكمة نابو كان ابن مردوك. الزقورة التي بنيت لتمجيد الاله مردوك كانت تسمى Etemenanki, وتعني معبد خلق السماء والارض، وكان في مدينة بابل، 600 قبل المسيح. في وقت متأخر اصبحت الزقورة تُعرف بإسم برج بابل، الذي جاء ذكره لاحقا في التوراة، معتقدا انه من اجل الوصول الى الله، الامر الذي انتهى بعقوبتهم من خلال بلبلة لسان القوم، فنشأت اللغات، حسب اساطير الاديان السماوية. (انظر سفر التكوين الإصحاح 11/4-9 ، والمنتظم في التاريخ، الجزء الاول، الصفحة 6، باب ذكر نوح عليه السلام)

Nammu - Namma

في الميثالوجيا السومرية تظهر الالهة Nammu - Namma على انها ربة الخلق. إذا كانت قصة الخلق البابلية Enûma Elish مؤسسة على مثيلة لها عند السومريين، وهو امر محتمل تماما، تكون Nammu/Namma هي الهة سومرية كانت في الاصل على الماء وهي التي قامت بخلق السماء والارض والآلهه الاولى. على مايبدو، هي الخالق الاول الذي يطلق عليها السومريين اسم Tiamat في حين يسميها الاغريق Cetus وترمز الى المياه الصافية Apsu, التي كان السومريين يعتقدون انها مملكة تقع في باطن الارض، وهي مصدر مياه الحياة والخصب، إذ " ومن الماء كل شئ حي"، وحيث لم تكن في بلادهم امطار فلم يكن يعرفون للماء مصدرا فيعتقدون انها من الحجر او باطن الارض، خصوصا وان هذا هو ظاهر الامر الذي يروه. { وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء} (سورة البقرة الآية 74) وكما ان ناما هي ربة ماء الحياة، فإن الله آن كان رب السماء. وفيما بعد قامت ربة ماء الحياة بالتعاون مع ابنها اينكي بخلق الانسان، ليكون الانسان خليفة الالهة على الارض، وليصبح اينكي مسؤولا عن تعليمهم مالم يعلموا.

Nergal

الاله Nergal (ويلفظ ايضا Nirgal, Nirgali) احد آلهة بابل، واهم موقع لعبادته هو Cuthah (ويلفظ ايضا Kutha) وصورته نجدها على سور تل ابراهيم. هذه الاله جرى ذكره في التوراة على انه إله مدينة كوث. (2 Kings, 17:30). على مايبدو فإن الاله نيرغال هو إله الشمس جزئيا، واحيانا يشار اليه وكأنه هو ذاته Shamash, مع تمثيل لحظة زمنية معينة من ظهور الشمس. في صورته كإله الحرب والطاعون، يبدو انه يمثل الشمس في منتصف يوم شديد الحرارة من منتصف الصيف، الامر الذي يؤدي، في ظروف بلاد الرافدين، الى إبادة الحياة، الامر الذي يعكس حالة القفر الذي تجتاح بلاد سومر في الصيف القاسي. نيرغال كان ايضا متسيدا على العالم السفلي، وعلى شرفه جرى بناء معبد خصيصا ليكون مملكة الموت، يعتقد ان الاموات جرى جمعهم فيه في مغارة كبيرة تدعى آرالو او ايركالا، (Aralu or Irkalla) وعادة دفن الاموات في غرف تحت الارض لازالت موجودة عند العديد من الطوائف، بما فيها طوائف إسلامية، حتى اليوم. بصفة إله الموت، كان يعرف تحت اسم Allatu or Allatum, ايضاً Ereshkigal, (وهو اسم انثوي، على العكس من نيرغال، واول اسم يشابه الله الاسلامي). على بعض النصوص نجد ان الاله Ninazu كان ابن نيرغال من الله تو، الذي تشكل القطب الثاني من شخصيته وليس من زوجته المسماة Laz. في الايقونات يجري تصويره على شكل الاسد في حين الجداريات الحجرية تجعل رأسه على صورة الاسد. من ضمن صفاته الحسنى يمكن ان نقرأ : الغاضب، والاله الملتهب، والقادر، والحق. في الادب اللاهوتي يشار اليه على انه كوكب المريخ. في معبد نيرغال الرئيسي الواقع في مدينته غوثا Cuthah ولد الاسم ميسلام Meslam, ليصح اسم الله هو Meslamtaeda or Meslamtaea. هذا الاسم نجده في الصحف الاولى الى جانب آلهة مدينة Fara في حين ان اسم نيرغال نفسه ظهر في المرحلة الاكدية لاحقاً. الله في اسم Meslamtaeda يكون مسؤول عن حماية الابواب الى العالم السفلي، الذي يفصل بين عالم الاموات وعالم الاجياء، وهي نفس فكرة ابواب الجنة وابواب الجحيم الاسلامية.. ومعبد هذه الاله يسمى E.meslam, ويعني بيت الرعب في العالم السفلي، الامر الذي يشير الى جذور مفهوم جهنم اللاحق. على الرغم ان العديد من الترانيم والكتابات السومرية والبابلية التي تشير الى بيرغال الا ان معابده لم تتجاوز Ninurta الامر الذي يشير الى محدودية عبادته. سنحريب، في عهد نبوخزنصر الثاني 606 قبل الميلاد، تكلم عن معبد الى شمال نينوى، ولكنه لم يذكر شئ عن وجوده في بابل.

Sama - Ahamash - Utu

Shamash or Sama, كان الاسم المشترك عند الاكديين في الفترة السومرية والاشورية لإله الشمس، وهي تعادل التسمية السومرية Utu. الكلمة قد تعني " الخادم" ولربما تشير الى منزلة ثانية بين آلهة ذلك الزمان. في بداية ونهاية وثيقة Sha-mash يشار اليه على انه " من إله القمر"، ووظيفته كانت شماش ، (وهي ذات الوظيفة التي نراها اليوم في الكنائس والمعابد اليهودية والمسيحية، وحتى تسللها الى الاسلام)، لربما لاظهار ان إله الشمس يعتمد على إله القمر. مثل هذا الاستنتاج يدعمه المركز الذي يحتله القمر بحيث انه اصبح منطلق التقويم والاساس في حسابات الفلك، إضافة الى ان طقوس القمر تعود الى الشعوب البدوية، وبالتالي المرحلة الاولى في الحضارة، في حين ان اهمية الشمس ظهرت بعد ان عرف الانسان الزراعة، الامر الذي يوضح اهمية القمر عند المسلمين ايضا. المناطق الرئيسية لعبادة الشمس في بابل نجدها في Sippar, في هضبة ابو حبة و Larsa, في سينكيرا Senkerah. كلا المنطقتين كانت تسمى E-Barra (or E-babbara) وتعني " بيت المضئ". المعبد في سبرا كان الاكثر شهرة، في حين ان المعابد التي بنيت لعبادة الشماش كانت موجودة في جميع مدن مملكة بابل، مثل بابل ونينوى وارو وماري ونيبور. العدالة هي الصفة الرئيسية للاله شماش. تماما كما يقوم ضوء الشمس بقشع الظلام يقوم الاله شماش بإزالة الظلم واضائة العدل. عدالة شماش هي التي اعطت حمورابي الوحي الضروري لكتابة قانون السماء، والمسماة " شريعة حمورابي"، من خلالها نرى ان حمورابي يحاول الوصول الى رضى شماش.

قبل قرون من حمورابي، 2600 قبل الميلاد، كتب Ur-Engur عن ظهور " قوانين عدالة شماش"، وهي قوانين اقدم من قوانين حمورابي، وصلنا منها جزء بسيط . ولذلك ليس من الغريب ان اناس كانوا يتوجهون بالدعاء الى الشاماش، إله الشمس من اجل رفع الظلم عنهم وإضائة شعاع العدل على الارض. مع الزمن تمكن الشاماش من إذابة جميع الهة الشمس الاخرى ليحتل المكان وحيدا في الطقوس والمعابد، ليصبح رب الحق والعدل. بعض الالهة حافظت على آلوهيتها في نقاط محددة، مثلا الاله نينيب اصبح إله الشروق، في حين ان نيرغال اصبح إله الظهيرة، ام الشاماش فإله الشمس بشكل عام.

شاماش هو من ضمن الثالوث الثاني، الى جانب عشتار وسين. مع بعض يرمزون الى المصادر الثلاث للحياة: القمر، الشمس والارض. احيانا، وعوضا عن عشتار نجد آداد إله العواصف، بالعلاقة مع الخطيئة وارتباطها بالعدالة.

Sin - Nanna

نانا في الميثالوجيا السومرية هو إله القمر، وابن انليل ونينليل. واور المدينة التي يوجد فيها بيته المقدس. عند البابليين والاشوريين كان يسمى سين، وكان مقدس في مدينة حران. سين كانت له لحية، مصنوعة من الحجر اللازوردي الازرق، ويجري تصويره وهو على ظهر ثور يصارعه. زوجته كانت المرأة العظيمة نينغال، التي ولدت له ايتو Utu, وأينانا، وفي بعض الكتابات نجد ايضا اسم ايشكور، Ishkur. من رموزه القمر والثور وعصا الرعاة (لربما صولجان). اكثر الاماكن التي اهتمت بعبادته هي اور في الجنوب وحران في الشمال. عبادة سين انتشرت الى المراكز الاخى في العصور المبكرة، ومعابد القمر كانت موجودة في جميع مدن بابل واشور الكبرى.

عادة يجري الاشارة اليه على انه إله الحكمة، En-zu. هذا الوصف ظل مرتبط به عبر جميع العصور. في مرحلة قمة عظمة اور، مابين 2600-2400 قبل الميلاد، كان سين يعتبر قائد المجمع الالهي. الى هذا العصر تنتمي الصور التي تصوره على انه ابو الالهة، وخالق كل شئ. من المعتقد ان عبادة سين انتقلت الى بابل من القبائل العربية في الجزيرة، التي كانت تقدس القمر، بإعتباره يقوم بدور رئيسي في نمط حياتها القائم على التنقل، وسبب اختياره لكتابة التقويم القمري، وترسخ اهميته ، في الثقافة البدوية، جعله المؤهل ليقف على اعلى المنارة الاسلامية حتى اليوم. اكبر المدن التي كان يرعاها سين تسمى E-Gish-shir-Gal وتعني " بيت النور الساطع". وبيته الحرام في حران يسمى E-khul-khul ويعني " بيت السعادة والطمئنينة". على المزهريات يجري تصويره بصورة رجل كبير له لحية كأشعة القمر. في اللاهوت القديم يرمز له بالعدد 30، وكوكب فينوس، والى بنته بالرقم 15. الرقم 30، على الاغلب، يرمز الى عدد ايام الشهر، حيث انها في الشهر القمري تعادل 29،53. الحكمة التي تعتبر من اسماءه الحسنى، تشير الى علمه الواسع في الفلك، حيث مراقبة مراحل القمر يلعب دورا هاما. السعي لتركيز كل الصلاحيات في مركز واحد، في مرحلة لاحقة، جعله يحصل على العديد من صفات بقية الثالوث المقدس، (شاماش وعشتار).

Tiamat - Leviathan

في الاصل كان تيامات إله ذو صورة خرافية، من العصر البابلي والسومري، وشخصية رئيسية في ملحمة الخلق، Enûma Elish. في الجدول الاوغاريتي للباحث John CL Gibson, حيث توجد القصص والملاحم الكنعانية، يأتي ذكر هذا الاله بإسم "tehom" في النصوص الكنعانية التي تعود الى عام 1400-1200 قبل الميلاد، بمعنى " البحر". هذا التحول في شخصية تيهوم، حيث يجري تحويلها من مذكر الى مؤنث، نجده في بداية قصة الخلق العبرية اللاحقة. في قصة الخلق نجد ان تيمات كانت ضوء الله في الماء المالح، الذي كان قبل خلق العالم. هي والاله آبسو قاموا بملء الكون بالماء للتحضير للخلق. ولهذا السبب تعتبر هي الربة الخالق، التي خلقت كل ماخلق، عرشها في الماء ومن الماء كل شئ حي. Ummu-Hubur.

الإله اينكي الذي اصبح فيما بعد ايه، EA، كان عن حق يعتقد ان آبسو كان يخطط لقتل جميع الالهة الصغار، لذلك وجب قتله. هذا الامر اغضب الربة تيمات، الذي جعلها تلبس ملابس الحرب. الالهة الصغيرة كانت ابناءها ، مثل حية اعماق البحر الهائلة، والبشر الذي نصفهم اسماك ونصف انسان، والكائنات التي نصفها سرطعان ونصفها انسان. تيمات كانت تملك لوائح الاقدار مسجلة، وفي المعركة الاولى سلمت اللوائح الى الاله كينغو الذي اختارته حبيباً. ولكن آنو ( فيما بعد، قام بأخذ مكانه الاله مردوخ، ابن الاله آيا، في نهاية السيناريو الذي وصلنا)، انتصر على كينغو Kingu, ومن ثم على الربة، بفضل تسلحه بالرياح الصرصر والشبكة وحربة لاتنهزم.

Enkidu

الميثالوجيا السومرية تصور انكيدو على ان له شخصية برية. سلوكه البري يجري تدجينة من قبل شامهات، Shamhat. بعد ذلك يرافق جلجامش في مغامراته والى موته في ملحمة جلجامش الشهيرة. في الكتابات الاقدم يجري ذكره باسماء اخرى مثل: Enkimdu, Eabani, Enkita. بداية الملحمة يظهر انيدو شخصية متوحشة اذ تقول: "كل جسمه يغطيه الشعر، و... كالمراة، او شعر ربة الزرع. وفوق ذلك لايفهم شئ من معلومات الحضر او بداية البشر وكان يلبس الجلد وكأنه راعي قطيع".

انيدو عاش مع الحيوانات في الحقول. كان يقوم بحماية الوحوش، ويخرب مصائد الصيادين، ويحوم قرب مصادر المياه للاطمئنان. هذا السلوك كان يزعج الصيادين في المنطقة، الى درجة انهم اشتكوا عند الاله جلجامش طلبا للمساعدة. جلجامش يقدم لهم نصيحة: " ايها الصيادين ارجعوا الى سهولكم، وخذوا معكم امرأة عاهرة وطفل مرح، فهو سيقع في حبها، واللعب في السهوب سيتركه". الصيادين عملوا بنصيحة جلجامش واستئجروا العاهرة شامهات، لاغراء الرجل المتوحش. انكيدو وقع على الفور بغرامها وعلى مدى ستة ايام كان لايغادرها. الحيوانات اصبحت تتفادى الاقتراب منه، فالروابط بينهم اصبحت تتقطع.

الان اصبح هو الذي يبعد الذئاب ويطارد الاسود، لقد اصبح حارسا عند الصيادين. بعد انقطاع الاخوة بينه وبين الحيوانات، اصبح الان يعيش حياة جديدة، يعتاش من الصيادين والرعاة والصيد من الحيوانات التي كان في السابق يخدمها. في النهاية تصبح الحياة الروتينية تقض مضجعه، انه يبحث عن مغامرات وتحديات. شامهات تخبره بوجود ملك عظيم في اوروك (جلجامش)، وتقول له ان هذا الملك سيكون متحدي كفوء لانكيدو. جلجامش يندهش من قوة انكيدو. انهم يتصارعان طويلا الى ان يقوم جلجامش برمي انكيدو ارضا. الهزيمة تجعله يهنئ جلجامش ويقسم له يمين الولاء. في بقية الملحمة يعيشون كالعشاق، حسب بعض التفسيرات.

انكيدو يساعد جلجامش في صراعه ضد هومبابا الحارس الخرافي لبوابة غابة سيدار. على عكس مانعرفه عن ضمير انكيدو، نجد انه يتعاون لقتل هومبابا المهزوم. بعد ذلك يقوم مرة اخرى بمساعدة جلجامش في قتل إله السماء بول، الذي ارسلته الالهة للثأر من جلجامش. الربة عشتار طالبت بأن عليهم التعويض عن ماارتكبوه. شاماش يسأل بقية الالهة ان يرحموهم ويبقوهم على الحياة، ولكنه نجح في انقاذ جلجامش فقط. القضاء الالهي توصل الى ان انكيدو لم تكن لديه الصلاحيات لمصارعة اله السماء بول، وا مافعله كان تتدخل في صلاحيات الالهة. انكيدو يصيبه مرض قاسي، ولكن على فراش الموت يظهر له رؤية عن الحياة المعتمة القادمة، ويلعن الصيادين والعاهرة الذي جعلوه يتحضر، والذي اوصلوه الى استحقاقه لعقوبة الالهة.

جلجامش يجثو على جثة صديقه ويرثيه لبضعة ايام. الملحمة تذكر لنا ان جلجامش يقوم بدفن صديقه بعد ان تخرج الدودة من انفه. رؤية جلجامش لجسد صديقه وهو يصبح طعاما للديدان يجعله يبدأ سفرته بحثا عن الخلود ليصل الى Utnapishtim. توجد صفحة طينية اخرى عن رحلات انكيدو في العالم الاسفل، ولكن العديد من الباحثين يعتقدون ان هذه الصفيحة هي حلقة لاحقة جرى اضافتها الى الملحمة الاصلية.

تحليل تاريخي:
ملحمة جلجامش تلقي الضوء على التحول التاريخي من حياة البراري الى حياة الحضر، والى ظهور مشاعر التفوق لدى سكان الحضر على سكان البراري. في نفس الوقت تلقي الضوء على غنى الحياة الطبيعية لمنطقة بلاد الرافدين وقرب عهدها بالبراري، والامر الذي يجعلنا نفهم اكثر مبررات الميثالوجيا السومرية واسباب تنوع اوجه آلهتها، وممالكهم. ان المنطقةتتحول من الحياة البرية المنعزلة الى نشوء مدن حضرية مترابطة المصالح. من ناحية اخرى، تظهر كيف ان التحضر مرتبط بالذاتية، وبنشوء السعي الى المصالح الخاصة والملكية، التي تخلق الاخلاق والموبقات.

Gilgamesh

حسب صحيفة الملك، كان جلجامش الملك الخامس على اوروك، وهو ابن Lugalbanda. الاسطورة تخبرنا ان امه اسمها الربة نينسو Ninsun. حسب وثيقة اخرى تدعى " تاريخ تومال"، Tummal, كان جلجامش وابنه اورلوغال Urlugal, عبارة عن تغيير جرى على الالهة نينليل من مدينة تومال الواقعة تحت سلطة نيبور. في السابق كانت نينليل تدعى سود، Sud, وهي بنت نانو وآن، من الميثالوجيا السومرية. عاشت في دلمون مع عائلتها وجرى اغتصابها من اخوها انليل، الذي اصبح في المستقبل زوجا لها، وولدت له صبي نانا الذي اصبح إله القمر لاحقا. بعد موتها اصبح ربة الريح، تماما مثل اينليل. في ملحمة جلجامش يأخذ على عاتقه بناء اسوار اسطورية لمدينة اوروك. في عصور تاريخية لاحقة يقال ان الملك سرجون الاكدي قام بتدمير هذه الاسوار لاستعراض قوته العسكرية.

في اجزاء من صحيفة طينية وصلتنا، عليها ملحمة غير كاملة، عثر عليها في ميل توران Me-Turan, حاليا تل حداد ، تخبرنا ان بعد وفاة جلجامش جرى دفنه في اعماق مياه النهر. سكان اوروك قاموا بتحويل مجرى الفرات حتى يتمكنوا من دفن جلجامش في قعره. الباحثيين لايستبعدون ان تكون شخصية جلجامش حقيقية تاريخيا، خصوصا بعد العثور على معطيات تاريخية اضافية تؤكد وجود شخصية اخرى هم الملك Enmebaragesi والملكة آغا من كيش. إذا كان جلجامش شخصية تاريخية فعلى الاغلب حكم عام 2400 قبل المسيح، إذ ان اقدم الوثائق السومرية تشير اليه بإسم بيل جامش Bilgamesh. في اغلب الصحف، جرى ذكر جلجامش مرفق بتعبير خاص يستخدم مع اسماء الالهة، ولكن لايوجد مايشير الى ارتباط طقوس مقدسة مع شخصه، والعديد من المختصين بالسومريات يعتقدن ان اضافة التأليه اليه جرى في فترة لاحقة. (على العكس مما هو عليه الحال مع قصص الملوك-الالهة الاكديين). ومهما كان الامر فقد ارتبط اسم جلجامش مع ملحمته.

إضافة تعليق جديد