-1-
كنت أمشي متمهلا على الكورنيش..
كان المساء يجهز اموره ويعد العدة استعدادا للدخول في حضن الليل, والسماء تتأهب , وتحشد الغيمات الطفرانه استعدادا للمطر.
قلة من الناس كانت في تلك الساعه, البعض يهرول منهيا مشواره الرياضي,أو الريجيمي
والبعض الآخر .. يمشي متمايلا يفصفص بزرا
لا يلوي على شيئ.
وهذه القله رأتها معي..
صبيه لا تخفى معالم الجمال على وجهها , تمشي بمساعدة عكازين , تقبض بتصميم عليهما ,
وتجاهد لكي تنهي مشوارها وذلك قبل هطول المطر..
منذ سنوات .. ونوّاره تمشي ذات المشوار..
وتقطع ذات المسافة بنفس الخطوات الواثقه ونفس النظره البعيده.
-2-
كنا ..وكان العمر أوله..مغرور متوثب ..لا يعترف بالحدود ..وكنا غافلين عن لعبة الزمن ..
كنا نظن أن الأيام القادمة ستكون أجمل ..إذن فلنرجىء إعجابنا وحبنا وأحاسيسنا الدفينة..
فمن من هاتيك الصبايا المغرورات يستأهل أن نبوح لها بمكنوناتنا , ..
..بغتة وبعد أن ضيّعتنا المفارق والمفازات ..نظرنا ..
ويا لهول ما رأينا ..
صحراء كبيرة من كل الجهات تحيط بنا ..أردنا أن نعود ,فأوقفنا شبخ بلحية بيضاء طويلة ..إلى أين أيها المغرورون ؟
طريق العودة مزدحم بفتيان مثلكم تماما ..ولا مكان لعائد.
إذن ..فلنمض قدما في هذه الصحراء العظيمة ,هذا هو خيارنا الوحيد ولنلم بطريقنا آثار من مروا قبلنا ..علّها ترشدنا وتؤنسنا ..لما تبقى لنا من الطريق .
.....
ضاعت أخبار الكثير منا في هذه الصحراء..
.. وتلهينابمشاكل الحياة ومتطلبات البقاء..
و من الحين للآخر تأتي نتفا من أخبار أولئك الفتية
والفتيات رفاق العمر..
الى أن سمعت أن إحدى فتيات ذلك الزمان الحبيب قد تعرضت لحادث سقوط مؤسف ,
وتأثرت حركتها بشكل ما نتيجة السقوط..
-3-
كان القلب لا يزال يرقبها ..
وهي تدلف من الكورنيش باتجاه بيتها..
ياحجارة الرصيف ..احرسي خطواتها البطيئه.
يا مقاعد الكورنيش..ضمّي تعبها.
أيها المطر..مهلا.. مهلا..
وانتظرها حتى تصل الى عتبة بيتها..
...أيها المطر الصديق.