0ولم تفعل الضغوط الخارجية مؤخرا, والتحولات الديمقراطية التجميلية التي سبقتها وتلتها, سوى إظهار المأزق الذي يعيشه الجميع: النظام والمعارضة والشعب. ويبقى النظام, وهذه فكرة رغبوية قد تكون بعيدة عن إمكانية التحقق الواقعي, هو الوحيد القادر في المدى المنظور على فتح الباب الوطني على آفاق جديدة للخروج من المأزق المتمثل باستمرار العمل بالآليات السياسية الاستبدادية, والاستعاضة عنها بفضاءات الحرية المنتجة وحكم القانون. ولكن أولئك الذين ينحصر همهم في منع كاتب من التعبير عن رأيه, ما زالوا بعيدين عن رؤية أبعاد الأزمة الوطنية, ومسبباتها والحلول الملائمة لها.
ويمكن قياس وتيرة عملية التحديث والتطوير بالتعديل الذي طرأ على المادة 137 من قانون العاملين بحيث يحل السيد رئيس الجمهورية محل السيد رئيس مجلس الوزراء في البت في فصل العامل غير المرغوب فيه...وبالمناسبة, من يقترح ذلك؟!. أي مكياج هذا؟ وكيف لمجلس الشعب أن يوافق على بقاء هذه المادة التي تنسف أي قانون, لولا تشكيلته المعدة سلفا؟.
والمعارضة التقليدية السورية هي
بصورة عامة ضحية لنظام الإقصاء السياسي السائد
, ولكن باعتمادها على الآليات اللاديمقراطية نفسها في الكثير من المواقف, و نخبوية ممثليها ورموزياتهم, فهي تساهم في المحافظة على ما هو سائد, وتبقى بعيدة عن إمكانية فعلها وتأثيرها المجتمعيين. وتفسر هذه الحالة, أي شخصنة المعارضة ولا ديمقراطيتها, سهولة اختراق صفوفها من حين لآخر. فبدون التجديد المتواصل للأطر والقيادات بالانتخابات الحرة تتوقف الحالة عند رموزٍ معارضة معزولة تلتهي بالتنافسات والسجالات الرجولية ديكية الطابع, وتظهر الغرائز البدائية في علاقاتها الشخصية للاستحواذ والنفوذ, حتى ولو كانا معنويين فحسب,
كما تتعاظم الأنا وتتفرعن. وفي سياق ذلك يسهل شراء الذمم
والانسياق وراء تحالفات مشكوك في أمرها بالتركيز على نقاط الضعف الشخصية عند المعارضين
على اختلافهم, طالما أن التكلس قد حل بالجميع تقريبا.
, مهما كانت وطنية النظام؟. لقد صرنا معارضين ,ببساطة, عندما اكتشفنا بالحس السليم علاقة السياسة بالفساد والإفساد. ولولا ذلك, وفي ظروف سوية, كان الكثيرون منا سيعيشون حياتهم العملية الأكثر إنتاجا, وربما سعادةً.
وفيما يتعلق بالمواقف من الاحتلال الأمريكي للعراق, فقد تطابق موقفا النظام والمعارضة وعندما تغلبت براغماتية النظام على الموقف التحريضي, فتم التشديد على حماية الحدود العراقية من الاختراق, وخفتت لهجة الإعلام الثوري المقاوم, بقي التجمع على مواقفه. , فإنه لم يقل شيئا عن طبيعة الأعمال التخريبية والإجرامية للقوى الموجودة على الأرض, والتي لا تمتلك أي برنامج للنهوض سوى التشدق بإخراج المحتل, مهما كانت النتائج, وبالتالي المساهمة ببقائه لمدة طويلة؛ لأن ذلك يمدها بمشروعية وطنية مفترضة في الظروف الحالية, ستفتقدها في أية انتخابات.
فهل يجب علينا أن نسلِّم بأشنع المشروعات الظلامية والاستبدادية التي تقف وراءها, فنستبدل الاحتلال بالاستبداد, والثاني بالأول, إلى غير رجعة؟ واعتبار كل العراقيين الآخرين عملاء للمحتل ومتآمرين على الشعب, تبعا لنظرية المؤامرة السائدة في الثقافة السياسية السورية منذ عقود, وهو ما أدى إلى فقدان الشعب السوري لبصيرته في الحكم على الأحداث الداخلية والخارجية.
ومن وقت لآخر, يجتمع رهط من الرموز المعارضة والموالية في مهرجانات
وهمروجات لتعزيز الوحدة الوطنية الحالية المعززة أصلا بوسائل سياسية وغير سياسية,
ومواجهة التحديات الخارجية والداخلية, ما يذكر بمقولة الأعداء الداخليين والخارجيين. ولن يسمح لها السقف مسبق الصنع من المضي أكثر من ذلك بكل تأكيد. فالوحدة الوطنية الحالية لا تشكو من شيء,
فلماذا إذن يخافون عليها؟ وعن أي وحدة وطنية يتحدثون,
والدستور نفسه يميز بين المواطنين لانتمائهم الحزبي والجبهوي
. وأين المؤتمرات التي تتحدث عن الفساد, وتكشف عن أسبابه, وتقترح الحلول,
وتناضل من أجل تحقيقها؟
أم أن ذلك من الكلام المؤجل بحجة تنامي الضغوط الخارجية والأخطار المحدقة؟.
وتتفرع الدعوة إلى وحدة الشيوعيين عن الدعوة إلى الوحدة الوطنية العتيدة
. وكمواطن بسيط, عجزت عن فهم مصلحة الوطن, ومصلحتي كفرد أعيش فيه, من , اللهم إلا إذا كانت وحدة من نوع المصالحة بين الصهر وحماته اقتصاد السوق,
وهم الذين يدعونه باقتصاد السوء؟!.
ومن باب الثبات والثوابت الصيغة الديمقراطية الجبهوية, جراء تناقص عدد الأحزاب المنضوية في إطارها!. فليبقى امنقسمين ليتباروا في حراسة الوحدة الوطنية,
إلى جانب حلفائهم الأقوى, والذين رسموا لهم دورهم بدقة.
ليست أزمة المعارضة سوى الوجه
الآخر لأزمة النظام, بحيث لا يكون الفرج ممكنا إلا بحدوث تحولات ديمقراطية تعيد الاصطفاف في ساحتي المعارضة والموالاة, ليتدفق ماء الحياة في عروق المجتمع الظمآنة, وعندها, ستنمو الكثير من الأزهار في ربوع سوريا. فالشيوعيون مدعوون, كغيرهم من القوى الأخرى, إسلامية وقومية وليبرالية, إلى اصطفاف ديمقراطي لمواجهة الاستبداد الداخلي والخارجي,
سواء جاؤوا من السلطة أم المعارضة,
لتعود المياه إلى مجاريها, بعد أن جففها استبداد مديد.
كم تبدو حياتنا محتاجة إلى الصدق والنزاهة والحب
, فقد قضى الاستبداد والفساد على كل عاطفة إنسانية نبيلة,
ونشر البغضاء والضغينة في كل مكان. كما فقدت الأديان
روحانيتها التي تضفي على سحناتنا سيماء الخير والرحمة,
عندما جُيِّرت للسياسة الرسمية وغير الرسمية.
في هذه البيئة الفاسدة نفسها
0