-1-
أبو علي السكر
كان منهمكا في تجميع شرائح النايلون ,وتفقد تلك الشتلات الصغيرة للكوسا والباذنجان ,محاولا تلمس كم بقي منها ..ويبدو أنه لم يتبق الكثير.
لا يعلم أبو علي كم مرة ضرب التنين تلك الأنفاق الصغيرة , ويزعم جيرانه أن التنين يستقصده هو بالذات ,بينما تظل أنفاقهم سليمة.
وفي كل عام كان أبو علي السكر يزرع الانفاق..متحديا مجربا متى يفك هذا التنين بلاه عنه ..ولقب السكر أتاه كونه كان مسؤولا عن فتح وإغلاق أحد سكورة مياه الشرب لقريته.
وما ان ينتهي من الشتل وتغطية الشتلات بالنايلون ..حتى يأتي التنين وكأنه على موعد معه ..ليخرب تلك الأنفاق.
يقول البعض أن اللة قد سلّط عليه هذا التنين كونه ..كان لا يلتزم بفتح السكر بشكل كامل مما يؤدي لحرمان بعض المناطق من المياه ..وقال البعض الآخر لأنه كان إذا استدعي لإصلاح عطل في التمديدات الصحية تسبب في التعطيل أكثر من الإصلاح.
هذة السنة ..
زرع أبو علي الأنفاق ,وكان جيرانه يتسامرون في لياليهم ..حول قصته مع التنين .
وفي سرهم يشكرون اللة ,لأنه قد اختارانفاقه لتكون كبش فداء عن جميع الأنفاق , ولأنه قد تغاضى عن مثالبهم ..وبالتأكيد لقد اعتبرها مثالب صغيرة لا تستأهل العقاب .
-2-
محسن والحبة الزرقا
من عرفه سابقا ..كاد لا يعرفه ,
فقد بدا محسن وكأنه قد بعث من جديد ,طقم عصري مع ربطة عنق أنيقة .. أو هكذا بدت له ..شعر مسّرح ..مع بقية العدّة نظارات شمسية ,موبايل حديث ..
استغرب من عرفه هذا التحول الكبير ,من شخص محبط بائس..يعد الأيام ,تمر وهو على حاله ,لاجديد ولا من يهتم لأمرة .
لكنهم طووا دهشتهم ,وذلك عندما علموا بأن أحد معارفه ..قد علم سر إحباطه ..فجلب له في يوم مشهود بتاريخ محسن ..تلك الحبة الزرقاء..
ومنذ ذلك اليوم ..وهو على تلك الصورة .
حتى أن ديوك القرية قد حسدت محسنا!
-3-
التايغر
وهذا ليس ماركة سيارات ,أو طراز حديث من الموبايلات ..بل هو لقب اختاره أحد الرفاق ..أيام الدراسة ,كما اخترنا جميعنا ألقابا أو أطلقت علينا الألقاب.
وكان في ذلك الزمان ..نمرا بحديته وتمرده الدائم.
مر زمن طويل لم أسمع أحدا يردد هذا الاسم ..
وبقي التايغر من الرفاق القلائل الذين لم يتزوجوا , ولم تقدر الأيام والنساء على ترويضه .
الى أن التقيت به منذ فترة,وكان قد تزوج ..
وناديته تحببا ..بالتايغر..فأجابني من فوره :
تايغر؟! ...قط ...قط.
-4-
بسام ومحرك الديزل
طلبت منه أن يروي لي كيف اجتاز الامتحان العملي الذي يؤهله لنيل درجة ميكانيكي ماهر ,فقال :
طلبونا للمرآب مكان الفحص ..وكان هناك خلق كثير, والكل يسأل عن طبيعة الأسئلة والبعض يقرأ بعض الأوراق المصوّرة عن أجزاء المحركات ويستعرض بعض الرسوم..مما زاد في الأمر رهبة وخوفا كوني لم أقرأ شيئا ومعلوماتي بالميكانيك بسيطة.
سألت عن أعضاء اللجنة ,علني أعرف بعضهم فيساعدني إلا أني لم أتعرف على أحد منهم..
ولما نودي على اسمي ..تقدمت وجلا..وأنا على علم بأن النتيجة ستكون الفشل .
أمام اللجنة تم وضع محرك ...وعندما عرّفت باسمي ..سألني أحدهم : يا بسام ..هذا محرك ديزل ولّا بنزين؟
نظرت الى تلك الكتلة الصماء أمامي حائرا.. وطلبت أن أتقدم من المحرك لأفحصه ..ولما وافقوا ..
تقدمت باتجاه المحرك ..ودنوت بأنفي منه ..متصنعا الكشف.
وأجبت على الفور: هذا محرك مازوت..يا سادة!.