آخر الأخبار

كل واحد فيه دبوس ......بينخزو !؟

تكررت عندي في الآونة الأخيرة تساؤلات شخصية عن شكل جديد كان قد بدء بالظهور المتزايد و المتكاثر على صدور بعض الشخصيات السياسية و الفكرية في بعض البلدان العربية عموماً وفي لبنان على وجه الخصوص.
كان يمكنك في السابق رؤية دبابيس متنوعة الشكل و المضمون . كما كان يمكنك أيضاً أن تكتشف ميول هذا الشخص أو ذاك من خلال دبوسه الذي يضعه على صدره .
فإن كان هذا الدبوس يرمز لنجمة خماسية حمراء أو منجل أو مطرقة أو رأس للينين أو كارل ماركس أو آنجلز , فإن الرجل شيوعي الميول و الفكر . وإذا وضع الرجل دبوس لرأس مصطفى كمال أتاتورك , فإنه تركي علماني . وإذا رأيته يضع دبوس خارطة الوطن العربي الكبير ,فإنه لابد قومي عربي.
أما دبوس الزوبعة , فإن الرجل قومي سوري . دبوس الشريط السماوي , يعني الحملة لمكافحة مرض الأيدز . أتباع يتار المستقبل يضعون صورة للرئيس رفيق الحريري. ومنهم من يضع دبوس لعلم بلده على صدره ويكفي بذلك أن تتعرف على الرجل فوراً من خلال دبوسه !
في الآونة الأخيرة , تعودت أن أرى دبابيساً جديده ذات أشكال غير مألوفه وهي دبابيس صغيرة مدورة مسننة أحياناً زرقاء بيضاء أو ذهبية . لم أعرف إلى ما ترمز . ولذلك كنت اقترب أكثر فأكثر من أصحاب هذه الدبابيس سواء أكان ذلك على التلفاز أو بشكل مباشر علّني اكتشف و أصل إلى رمزية هذه الدبابيس و ماهيتها!
فلم أوفق حتى قادني فضولي هذا لمعرفة معاني هذه الدبابيس المحيرة إلى سؤال من لهم خبرة في هكذا مجالات.
لم يكن عندي من خيار أفضل من سؤال صديقي اللبناني عن حقيقة هذه الدبابيس التي انتشرت كثيراً في الآونة الأخيرة على صدور بعض الشخصيات اللبنابنة العامة التي تظهر بشكل دوري على المحطات التلفزيونية الفضائية.
فسألني هذا الصديق ما إذا كان باستطاعتي أن أصف له شكل هذه الدبابيس بدقة . لقد كان ذلك صعباً جداً لأنك لن تستطيع أن تميز شكل هذا الدبوس أو ذاك عن تلك المسافة . فسألني الصديق ما إذا كنت أجد هذا الدبوس بشكل واضح على صدور بعض الساسة في لبنان كالنائب أكرم شهيب للمثال لا للحصر !
أجبته بنعم . فعلاً تكرر ظهور النائب أكرم شهيب في كذا مناسبة وهو يضع دبوساً صغيراً . طبعاً هناك الكثير من ساسة لبنان ممن يضعون دبابيساً أخرى تشابه دبوس أكرم شهيب أو تختلف عنه!
فأجاب الصديق بأنه عرف الآن إلى ما ترمز هذه الدبابيس وحينها قال لي بأن هذه الدبابيس ترمز إلى جمعيات وأندية تنشط اليوم بشكل كبير في لبنان و العالم وهي ذات أهداف اجتماعية و إنسانية ولكن, منهم من يقول بأن لها ارتباطات وخلفيات مشبوهة تصل في نهاياتها إلى الحركة الماسونية العالمية .
وتابع الصديق اللبناني شرحه لشكل هذه الدبابيس . فإذا كانت هذه الدبابيس على شكل عجلة مسننة فيها أضلع سداسية فهي خاصة بالأندية الروترية . وإذا كان الدبوس دائري في مركزه حرف " ل " بالانكليزية "L " فهو لنادي الأسود " الليونز " . كما أن هناك دبابيس خاصة لأندية الانترآكت و الروترآكت وهكذا.
وزاد الصديق قائلاً أن عائلة شهيب " عاليه"معروفة تاريخياً بانتسابها إلى هذه الأندية كما يعتبر النادي الروتاري عاليه من أشهر و أنشط أندية لبنان وهو النادي الأم و المؤسس لنادي روتاري المتن الأعلى ونادي روتاري ساحل عاليه.
كما يذكر أن كمال شهيب هو رئيس نادي روتاري ميشيغان -الولايات المتحدة الأمريكية . وتعمل كل من العضوات رشا شهيب و لينا شهيب و فرح شهيب وغيرهن كعضوات وسكرتيرات فاعلات في هذه الأندية !
لقد فاجأني عدد الأندية الروترية و الليونزية في لبنان التي تجاوزت العشرين لكل منها وهي :
عاليه- بعبدا- البترون-بترونكوزموليتان- بترون متروبوليتان- بيروت- بعلبك- الشوف- حمانا- ك....روان- الكورة- المتن- سها عاليه- سهل المتن- صيدا- طرابلس- طرابلس المينا- بعلبك ( معراد)- زحله البقاع- زغرتا الزاوية.
كما فاجأني خبر على أن الاعتصام الشبابي الأخير بعيد اغتيال الرئيس الحريري كان جله من الشباب الروتري حسبما ذكرت جريدة النهار في عددها الصادر في أحد أيام أيار عام 2005.
بحثت في محركات البحث الالكترونية في كلمتي الروتارية و الليونزية , فلم أجد الشيء الكثير . إنما الشيء المميز و الواضح هو نشاط هذه الأندية في مصر و فلسطين و لبنان بشكل كبير مؤخراً ومساهمة المصرية منها في محاربة الفقر و المرض في الأرياف المصرية . ولعل الدعم الكبير الذي تتلقاه الأندية الروتارية و الليونزية من أعلى المستويات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المصرية وعلى رأسها سيدة مصر الأولى سوزان مبارك ونجلها جمال مبارك ما هو إلا دليل واضح على حجم و نشاط وفعالية هذه الأندية في ذاك البلد العربي الكبير!
ولكن من جهة أخرى . ماذا عن مؤسسي هذه الأندية ؟ وماذا عن انتماءتهم الفكرية و اتجاهاتهم السياسية؟
يقول البعض أن مؤسس الروتارية عام 1905 في شيكاغو هو ماسوني كما يقول البعض أن مؤسس الليونزيه لاحقاً هو ماسوني أيضاً .
كما يقال أن الماسونية وجدت لنفسها أشكالاً أخرى أكثر فعالية وقدرة على الانتشار في أوساط المجتمعات تجسدت في هذه الأندية الاجتماعية .
فبعكس الماسونية . فإن السرية غير مطلوبة في هذه الأندية التي جاهرت و أعلنت عن قيامها و نشاطها في ظل الشرعيات التي اكسبتها الدعم و الرعاية الخاصين خصوصاً في الآونة الأخيرة .
في لبنان وفيما خلى بيان نادي روتاري البترون الذي عبر عن إدانته لعدوان تموز الماضي على لبنان , فإننا لا نرى و لا نلحظ أي نشاط مالي أو تبرعي أو اجتماعي أو سياسي داعم للمقاومة وأهل المقاومة الذين تصدوا بشجاعة منقطعة النظير للعدوان الغاشم على لبنان أرضاً و إنساناً .
فها هي خيرات وتبرعات أندية الروتاري و الليونز تنتشر إلى كل أنحاء لبنان عن طريق مهرجانات التبرع التي تقام خصوصاً لهذا الغرض ومنها مهرجان " المونه"!
وفيها يتم توزيع المواد الغذائية على المحتاجين و المعوزين من أبناء المناطق الفقيرة في لبنان . ولكننا بنفس الوقت لم نر ولم نسمع عن نشاط أي من هذه الأندية فيما يخص عائلات الجنوب اللبناني المهجرة من جراء القصف الاسرائيلي المركز عليهم في الجنوب !
هذا إذا ما عرفنا أن هذه الأندية تتلقى سنوياً عشرات الملايين من الدولارات من الشخصيات المنتسبة لهذه الأندية و التي هي حصراً من الشخصيات الميسورة و المرموقة و المعروفة و الغنية !
إذا ما عرفنا أن الانتساب لهذه الأندية محصور بأصحاب التقنيات و النشاطات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية دون غيرهم من الناس حيث أن طبقة العمال محجوبة عن الانتساب لهذه الأندية!
ما يلفت الانتباه هو أن للأندية الروتارية و الليونزية نشاط كبير في فلسطين التي تعتبر اليوم من أهم الأندية الروتارية و الليونزية عدداً و أهميةً إضافة إلى أندية مصر و قبرص و البحرين وأرمينيا و غيرها في الشرق .
ولكن لماذا لا تضع الأندية الروتارية والليونزية علم دولة اسرائيل إلى جانب أعلام الدول الأخرى التي تنتمي إليها أندية المنطقة فبإمكانك مثلاً أن ترى علم أرمينيا و علم لبنان وغيرها ولكنك لا ترى علم دولة اسرائيل التي تنتسب إلى هذه الأندية أيضاً !
فهل أن السبب في ذلك يعود إلى منع هذه الأندية الناشطة في عالمنا العربي من وضع علم اسرائيل أم أنه قرار هذه الأندية في تجنب رفع علم دولة اسرائيل من بين الأعلام المشاركة في اتحاد أندية الروتاري و الليونز في المنطقة؟
وتابع الصديق اللبناني شارحاً وجهة نظره المتواضعة حول بعض أشكال و رموز أعلام الأحزاب اللبناينة العاملة على أرض لبنان التي تتشابه بل وتتطابق أحياناً مع بعض رموز هذه الأندية و هذه المؤسسات مثل وجود المثلثات الهرمية و المطرقة و أدوات البناء وبعض الرموز الأخرى !
فعلم الحزب التقدمي الاشتراكي مثلاً يوضح بشكل كبير وبوجود المثلث ضمن الدائرة التي تشبه الكرة الأرضية مع وجود أدوات البناء ضمن هذا المثلث بالذات , يشابه كثيراً رمزيات هذه الأندية أو غيرها هذا إذا ما عرفنا أن الأندية الروتارية والليونزية في منطقة الشوف هي من أنشط الأندية العاملة على أرض لبنان !
أخيراً سألني نفس الصديق ما إذا كنت أرغب بعد هذه الأسئلة في وضع أحد هذه الدبابيس على صدري فكان جوابي ب " لا ".
" لأنني لا أريد أن يكون في صدري دبوس ... فيفضحني"!