آخر الأخبار

الفيلسوف الكافر المؤمن- جبران خليل جبران

فوق ذرى لبنان يرقد فليسوف ناجى الله وقدس الانبياء ... ولكنه اتهم بالالحاد ! ... وهناك فى مرقده زاره سليم اللوزى مندوب المصور ثم زار كل من يمت اليه بصله لينقل الى القراء قصة هذا الملحد المؤمن !

فى الطريق الى الارز ، فى أعلى جبال لبنان الشمالى ، وعلى كتف وداى قاديشا ، تقع قرية بشرى بكنائسهاذات الاجراس الكبيرة ، وكهوفها الزاخرة بالامجاد والاساطير الدينية

هذه القرية اللبنانية الصغيرة ، التى لا يتجاوز عدد سكانها الفين وخمسمائة نسمة ، تضم ثمانى عشرة كنيسة ، وحوالى سبعين راهبا ، وتضم قبل كل هذا جثمان المفكر الثائر جبران خليل جبران ...

وقد اعتاد المغتربون اللبنانيون ، الذين يملأون جوانب الدنيا ، أن ينشئوا الابنية فى وطنهم الصغير وهم أحياء ، الاجبران خليل جبران الذى حمل جثمانه من نيويورك الى قريته وهو لا يملك شيئا ... أما الان ، وبعد أربع وعشرين سنة من وفاة المفكر الثائر ، أخذت قرية بشرى تشاهد تكبر شيئا فشيئا وتتخذ شكل أبنية وعمائر حديثة تشق غرفها الواسعة فى قلب الجبل ، كلها من أيرادات الكتب واللوحات التى وضعها العبقرى الفنان ، عندما كان عاشقا متشراد ، جائعا فى الولايات المتحدة !

ولعل من حسن حظ جبران ، انه عاش فى أمريكا ، ووضع عدة مؤلفات بالانجليزية أشهرها كتاب النبى الذى طبع منه حتى الان نحو مليون نسخة باللغة الانجليزية فقط ... ويكفى أن نعرف أن أيراد هذا الكتاب هو الذى يخلق العمران فى قلب القرية القائمة فوق كتف قاديشا اى الوادى المقدس

العمران بعد الموت !

وشىء أخر يكاد لا يصدق ...
أن قرية بشرى تقع على الطريق الوحيد الذى تمر به قوافل المنزلقين فوق الثلوج ، الذين يأتون من أنحاء العالم ليمارسوا العابهم على قمم الارز ، حيث يقوم المصعد الكهربائى الجوى الوحيد من نوعه فى منطقة الشرق الاوسط وبين قمم الارز وقرية بشرى مسافة لا تتجاوز عشرة كليو مترات ، تقطعها السيارة فى أقل من ربع ساعة ، وهى القرية الوحيدة المرشحة لتكون مركزا سياحيا للاشتاء ، يجتذب عشاق الثلوج من مختلف انحاء الدنيا ...
ولكن ، لا السكان الفقراء ، ولا خزينة الدولة اللبنانية المتواضعة ، استطاعوا أن يحققوا هذا الحلم ، وبقيت القرية مجموعة من البيوت القديمة المتهالكة ، والازقة الضيقة المللتوية ...
ويقع المنزل الذى ولد فيه جبران ، فى قلب القرية ، فى نهاية زقاق جبلى تهدر فيه أصوات الينابيع المتفجرة فى أقنية حجرية تحت الارض وفوقها !
ويتألف المنزل من حديقة صغيرة ، ليس فيها غير شجرة ضخمة من أشجار الجوز ، ومن ربع يشبه القبو المبنى على الطرز القديم ، ليس فيه أثاث ، بل هو أقرب الى البيت المهجور الحزين الذى يصلح ليكون ملعبا للاشباح !
وعندما تلاتفع وأردات كتب جبران - وهى تستثمر من قبل لجنة منتخبة من أسر القرية - ويصبح فى الامكان تأثيث المنزل الذى ولد فيه العبقرى ، وفتح شارع عريض اليه ، عندئذ قد تصبح قرية جبران فى لبنان كقرية شكسبير فى انجلترا ، متحفا للاشعاع ومزارا لعشاق الاساطير !
وقد تعود سكان القرية الصغيرة ، منذ أربع وعشرين سنة ، فى العاشر من شهر أبرايل أن يحتفلوا بذكرى وفاة جبران ، وهذا الاحتفال ، يسير على خط متساوى مع واردات مؤلفات العبقرى الفنان ، والتى تزداد كل سنة !
وفى الاسبوع الماضى ، عشت فى قرية جبران يومين ، قضيتهما بين بقايا أهله ورفاقه وأقاربه ، وأستمعت الى عشرات القصص التى تروى عن الولد المفتول
- أو الولد الاخوت - أى الملحوس الذى كان يرسم بالفحم على جدران الكنائس !

يرسم بالفحم على الجدران !

السيد بولس البيطار كيروز فى نحو الثمانين من عمره ، أبن عمة جبران خليل جبران ، وكان يكبره بنحو سبع سنوات وهو أكثر الاحياء معرفة بطفولة جبران ، لا سيما أن جبران أقام فى بيتهم عندما جاء من المهجر الى بيروت ليدرس فى مدرسة الحكمة ...
ذهبت الى بيته فى القرية ، وكان الرجل مريضا ، ولكن عندما عرف أننى جئت أسأله عن جبران ، جلس فى سريره ، وشد أعصابه ، وراح يتحدث عن أبن خاله ، كما يتحدث عن قديس !
قال : جميع الذين عرفوا جبران وهو طفل ، أى حتى الثانية عشرة من عمره ، كانوا يعتقدون انه طفل شاذ فقد كان يحب الوحدة ، وكان ينقطع عن اهله طول النهار ، يجلس وحيدا فى أعلى الجبل ، عند كهف مارسركيس يرسم أحيانا بالقلم الرصاص وأحيانا بالفحم !
وكان الناس فى القرية يسمونه الولد المفتول مع أن والده خليل جبران كان من فتوات بشرى ورجالها المغامرين ... ولذلك كان دائما على خلاف مع ابنه الذى يصور بالفحم ، على جدران الكنيسة !
وهز الشيخ رأسه ساخرا ، ثم أستطرد وقال: اذكر مرة انه رسم صورة راجىبك وكانت الصورة متقنة ومضحكة فى نفس الوقت ، ولكن أحدا لم يقدر ذلك ، بل كان نصيبه من أبيه حزمة من العصى تكسرت على قفاه!

العالم ملىء بالاطفال !

وفى المنزل المهجور الحزين ، حيث ولد جبران ، قالت لى السيدة العجوز حنه كيروز ، وهى تقف عند جذع شجرة الجوز : امه هى التى بذرت فى قلب جبران معانى الحب والانسانية والتعلق بالخير ، فبقدر ما كان أبوه مغامرا صلب الطباع ، كانت أمه أنسانه صابره ، أبتساماتها دائما تطفو فوق دموعها !
وتقول السيدة مانوش نخلة التى عرفت جبران عندما كانت تقيم فى بوسطن بالولايات المتحدة :
كان يحب الاطفال ، وكنا دائما نحثه على الزواج وأنجاب الاولاد ، فكان يبتسم ويقول : العالم ملىء بالاطفال ، وليس مهما أن يكون الاطفال الذين أحبهم أطفالى أنا أم أطفال غيرى ، فكلنا أبناء الارض
واشارت السيدة العجوز صاحبة الشعر الفضى الى ابنتها أنى وهى فى الخامسة والثلاثين من عمرها وقالت :
جبران كان عرابا لابنتى فى الكنيسة ، وكان يمشط شعرها بيديه ، ويحمل لها الهدايا فى كل مناسبة ... وكان يحب كل شىء يذكره بلبنان ، حتى الطعام ، فقد كانت الكبه و ورق العنب من أشهى الالوان الى قلبه
وهزت السيدة العجوز رأسها فى أستهزاء ، وقالت : لقد قالوا أن جبران رجل كافر خرج على الكنيسة ، والله لم أعرف رجلا مؤمنا بقلبه كجبران !

رفض الاعتراف وهو يلفظ أنفاسه

وقصة جبران الكافر الخارج على الكنيسة ، والذى رفض الرهبان أن يصلوا عليه قصة طويلة استطعت أن ألم بأطرافها من أربعة مصادر ... الاول هو شيخ فى حيوية الشباب اسمه جريس مخائيل سمعان رحمه ابن خالة جبران واكبر منه بثلاث سنوات ، وكان حارسا لقبره فى كهف مار سركيس طيلة عشر سنوات
والثانى هو السيد سليم رحمه الرئيس السابق للجنة جبرن لتنفيذ وصيته واستثمار واردات كتبه ، وهو الذى ترأس وفد القرية منذ أربع وعشرين سنة ، عندما استقبلوا جثمان جبران العائد من أمريكا ميتا ليدفن فى مسقط رأسه بلبنان !
والثالث هو الاستاذ أدمون وهبه ، الذى يحفظ مؤلفات جبران وكلماته المأثورة عن ظهر قلب ، وهو يشغل اليوم منصب ملحق صحفى فى السفارة الفرنسية ببيروت وقد له فى عهد الانتداب أن يلعب دورا كبيرا على المسرح السياسى ،وفى الازمة التى نشبت بين جثمان جبران ورجال الاكليروس فى لبنان !
أما المصدر الربع ، فهو كتاب المفكر الكبير الاستاذ ميخائيل نيعمه الذى وضعه عن رفيق صباه جبران خليل جبران .
وفى هذا الكتاب يشير الاستاذ نعيمة اشارة مقتضبة الى أن كاهن الكنسية المارونية فى نيويورك رفض أن يعطى تصريحا لكاهن الكنيسة المارونية فى بوسطن بالصلاة على جثمان جبران لانه - أى الكاهن - زار جبران فى المستشفى ، وعرف من الراهبة انه رفض الاعتراف بأنه كاثوليكى !
صفحة 302 من كتاب ميخائيل نعيمه عن جبران هذا كل ما ذكره الاستاذ نعيمه فى كتابه عن العداء الذى قام بين جبران وبين رجال الاكليروس ...واذا كان لم يكن من الممكن نشر ما حدث منذ 24 سنة عندما خاض جبران معركة مع رجال الاكليروس وهو ميت ، كما خاض معارك كثيرة ضدهم وهو حى ، فقد انتقضت اليوم الظروف الماضية ، وأرتقى جبران فى نظر الكنيسة الى مرتبة العظمة ، ولا شىء يمنع من تسجيل بعض ما حدث ، للذكرى والتاريخ ....

نابغة ستين مليونا !

كان جبران طيلة حياته القصيرة ، يهاجم فى عنف مظالم رهبان الاديررة ورجال الاكليروس ....
وكانت كتب ومؤلفات جبران موضوعة فى قائمة المؤلفات الممنوعة بالنسبة الى الكنسية ، وكان رجال الدين المسيحى فى لبنان ، يصادرون كتبه من أيدى الطلاب فى مدارس الارساليات الوطنية والاجنبية ... فلما مات فى بوسطن

المراة فى حياة جبران

عرف جبران الحب وهو فى الخامسة عشرة من العمر . وكانت المراة التى أحبته فى الثلاثين ... ولكن أول أمراة أحبها حبا حقيقا ملك حواسه هى التى روى قصتها فى الاجنحة المكسرة وسماها سلمى كرامة وفى حياته أمراة ثالثة هى مارى هاسكل ... التى درس فى معهد الفنون الجميلة بباريس على نفقتها ، وظلت فيما بعد تمده بالمعونة الادبية والمالية لاداء رسالته كأديب وشاعر ورسام . ولم يخمد حب مارى هاسكل لجبران فى وقت من الاوقات حتى أخر يوم من حياته . ولكن الكاتب العبقرى كان يحمل لهذه المراة فى صدره عاطفة هى أقرب الى الاحتلرام منها الى الغرام وأما غرامه الاكبر ، وحبه الاعمق ، فقد اختص به الفتاة الفرنسية ميشلين التى لازمت جبران من حدود الشباب الى حدود الكهولة ، ومعظم ما كتبه جبران فى الحب كانت ميشلين ينبوع وحيه ولغير هؤلاء النساء أثر فى حياة جبران أيضا ... فان قلبه كان واسع الارجاء متعدد الاهواء ... فهناك برباره يونج التى وضعت عنه كتابا بالانجليزية . لقد أحبته وكانت له خير صديقة ورفيقة . وهناك فتاة مجهولة أثارت فى قلبه عاطفه هبت وخمدت بسرعة كنار الهشيم وأخيرا ، هناك مارى زيارة ،أو مى الاديبة خالدة الذكر . على ان جبران لم يعرفها ، وهى لم تعرف جبران ولكنها كانت له صديقة الروح
.

جبران خليل جبران

فتحت وصيته ، وتقرر أن ينقل جثمانه بحرا ليدفن - كما جاء فى الوصية - فى ماركيس ببشرى أعلن رجال كليروس فى لبنان انهم لن يشتركوا فى استقبال جثمانه ولن يرضى أحد بأن يصلى عليه ...
وخشيت الدولة الفرنسية المنتدبة ، التى كانت تحكم لبنان فى ذلك العهد من وراء ستار ، أن ينفذ رجال الدين أيديدهم ،فيجرحوا سمعتها أمام الراى العام العالمى الذى يقدس جبران ، حتى عن جريدة النيويورك هيرالد وصفته أمها بأنه نابغة ستين مليونا من الشرقيين الذين يتكلمون العربية !
وتولى فض هذه المشكلة سكرتير المطبوعات التابع للمندوب الفرنسى على ذلك الوقت ، الاستاذ أدمون وهبى ، هو من أصدقاء جبران والمتحمسين لفكاره ومؤلفاته ، فتشكلت لجنة برئاسة السيد حبيب كيروز وسكرتيرية أدمون وهبى ،وذهبوا الى بكربك مقر غبطة البطريرك المارونى ، وكان يومئذ البطريرك الياس الحويك ...
وحضر المقابلة مع البطريرك الاساقفة عبد الله الخورى ، بطرس انفعالى ، وبولس عقل
....

عبقرى فوق الطائفية !

وقد روى لى الاستاذ أدمون وهبه قصة هذه المقابلة ، فقال : رفض المطارنة الاشتراك فى أستقبال جثمان جبران رفضا باتا ، وكانوا يسمونه الكافر ويقولون انه من الهراعقة ، وقرا أحدهم فقرة من كلام جبران وهى :
فى لبنان ، ذلك الجبل الغنى بنور الشمس ، الفقير الى نور المعرفة ، قد أتحد الشريف أى الاقطاعى والكاهن على أبادة الفلاح المسكين ، الذى ياكل خبزه بعرق جبينه ، كيما يحمى جسده من سيف الاول ويحمى روحه من لعنة الثانى
واستطرد المطارنة : وهل يعقل أن نكرم ونستقبل من يقول هذا الكلام فى الكهنة ؟
وهنا أنبرى الاستاذ أدمون وهبه ، وقال مخاطبا غبطة البطريرك :
- يا سيدى ان كتب جبران تقرا فى الكنائس بأمريكا ... فهل يعقل أن يكون كافرا من يقول مخاطبا السيد المسيح فى كتابه يسوع ابن الانسان :
وانت أيها الجبار المصلوب ، الناظر من أعالى الجلجلة الى مواكب الاجيال ، السامع ضجيج الامم الفاهم أحلام الابدية ... أنت على خشبة الصليب المضرجة بالدماء ، أكثر جلالا ومهابة من الف ملك على الف عرش ، فى الف مملكة .. بل أنت بين النزع والموت ، أشد هولا وبطشا من الف قائد والف جيش ، والف معركة ... أنت بكابتك أجمل من الربيع بأزهاره ، بل انت بين الجلادين اكثر حرية من نور الشمس ... أن اكليل الشوك على راسك ، هو أجل وأجمل من تاج بهرام والمسمار فى كفك أثمن من صولجان المشترى ، وقطرات الدماء على قدميك اسنى لمعانا من قلائد عشتروت
عندئذ قال البطريرك والدموع تنهمر من عينيه ، مخاطبا الكهنة : انزلوا الى بيروت ، واستقبلوا جثمان جبران ، فهو أكثر تدينا منا !
وهكذا كان ، واشتراك فى الاستقبال 160 كاهنا فى اعظم مأتم شهدته كتدرائية القديس جرجس ببيروت !
والجديد بالذكر ، ان الهيئات الاسلامية اشتركت فى استقبال العبقرى الفنان ، فقد كان كتاب جبران النبى وتصويره للمصطفى بأروع صور القداسة ، كافيا ليعتبره المسلمون نابغة فوق الاديان !
وهكذا استطاع جبران وهو ميت أيضا أن يجمع قلوب اللبنانيين على اختلاف أديانهم وطوائفهم

أعطنى الناى وغنى !

ولعل الاسطورة تريد أن تتابع سيرها مع الزمن ، لتجعل من جبران خليل جبران شبه قديس فى قريته ... ولكنه قديس من نوع جديد ... ففى متحفه ، الذى يشغل دورا بكامله مؤلفا من سبع غرف واسعة ، تزدحم على الجدران اكثر من خمسة الاف لوحة رسمها جبران وقد كتب اليس رافاييل فى مقدمة كتاب جبران الرسوم العشرون يقول :
أن جبران فى فنه رمزى فى أعمق معانى الفن الرمزى ،فجذور فنه متأصلة فى تلك الحقائق التى كانت وما برحت اساسية فى خبرة جميع الاجيال ، منذ أقدم العصور فجبران يحس معنى الارض ، وماتوالده الارض ، ومعنى الانسان الذى هو أجمل زهرة فى الارض ... وتراه فى كل ما يرسم يعبر عن الصلة الوثيقة التى توحد ما بين الانسان والطبيعة ...
فاذا انتقلنا من المتحف ، الى الطرف الاخر من القرية الى كهف مرسركيس حيث يرقد جثمان جبران ، وجدنا أن مدفن العبقرى الفنان قد انقلب الى نصف كنسية ونصف معبد على الطريقة الفرعونية ، فقد حنط جبران ووضع فى تابوت مصنوع من خشب الارز وحفر له مكان فى قلب الصخر ، حيث وضع واحيط بسوار من الخشب والزجاج السميك وفى الاعياد وفى المناسبات القومية تتجه قوافل الفتيات والفتيان ، القادمين من القرى المجاورة ، الى الطريق الوعر الطويل المؤدى الى مدفن جبران وهناك امام القبر وبجانب المذبح ، تنطق اصواتهم فى الفناء بشعر جبران :
أعطنى الناى وغن فالغناء سر الخلود ويجى الليل على قرية بشرى وتنطفى الانوار فى البيوت القديمة المتهالكة ونعود بالسيارة ليلا الى طرابلس ومنها الى بيروت ، وجبران خليل جبران يملا أسماعنا بأغان بعيدة الغور ، غامضة الكلمات ، ساحرة النغم....