آخر الأخبار

دفتري اليومي‏

ـ1.‏
عندما كانوا يأخذون سيدة أرمنية لدفنها، جلست فجأة في التابوت وطلبت ماء لتشرب. فأشارت جريدة (ماسيس) إلى الحادث بقولها: "هل يعقل أن يظن الإنسان الحي ميتاً في القرن التاسع عشر". وأنا أقول: "ولماذا إذاً وفي القرن التاسع عشر، يعتقد أن جريدة (ماسيس) حية وهي ميتة".‏

ـ 2 .‏
ـ كنت تقول يا أبي إن الاحمرار دليل على الخجل.‏
ـ نعم، عندما يخجل الإنسان من فعلته ويحمر وجهه فهذا يدل على أنه فاضل.‏
ـ إذاً أمي فاضلة جداً.‏
ـ لماذا.‏
ـ لأنها تجعل وجهها أحمر كل صباح.‏
آه، أيتها الألوان، وهل أنت تغيّرين من معناك إلى هذا الحد.‏

ـ 3 .‏
يتزايد عدد الأطباء في مدينتي يوماً بعد يوم. حتَّى أن لكل شخص طبيبين.‏
والحق أن كثيراً من الفقراء يموتون دون طبيب، ولكن كم من الأطباء يموتون دون مرضى.‏

ـ 4 .‏
ـ ألم تقدم الفحص يا بني.‏
ـ نعم قدمته يا أبي.‏
ـ ألم يهد إليك أستاذك كتاباً يوم توزيع الشهادات.‏
ـ كلا يا أبي.‏
ـ ولماذا.‏
ـ لأنني أنا أيضاً لم أعط أستاذي شيئاً في عيد رأس السنة يا أبي.‏

ـ 5 .‏
عقد اليوم أيضاً اجتماع للنواب. وتغيب اليوم أيضاً العديد من النواب بسبب صحي. وحضر فقط من أصابه رشح خفيف. فالوصول إلى منصب في مجلس النواب له أساليبه، كشرب القهوة أو الشاي في البيوت.‏
ـ تفضلوا الشاي.‏
ـ شكراً، أنا لا أريد.‏
ـ أرجوك أن تقبل.‏
ـ تفضل أنت.‏
ـ وأنا أيضاً سأشرب.‏
ـ إذا شربت أنت، أقبل أنا أيضاً.‏
وأخيراً، يشرب الشاي.‏

ـ 6 .‏
اليوم اقتنعت أن المسرح مدرسة للأشخاص الكبار. لكن ماذا يدرس الكبار في تلك المدرسة. هنا تكمن المشكلة. فليصر الآخرون على أنهم يدرسون الأخلاق هناك، وأنا أصر على أنه بالرغم من وجود درس الأخلاق لكن الطلاب يأخذون درس تكوين الجسد حيث أن المشاهدين يركزون انتباههم أكثر على ذراعي الممثلة ورقبتها وساقيها أكثر من الكلمات التي ستلقيها، وعندما يجدون ذراعي الممثلة جميلتين يقولون:‏
ـ كان عرضاً رائعاً جداً...‏
مساكين هؤلاء المؤلفون... يظنون أن الجمهور يصفق لأعمالهم... بينما في أغلب الأحيان يصفق لمؤلَف الممثلة...‏

ـ 7 .‏
أرى اليوم أن الغذاء له تأثير كبير على أفكار الإنسان. فأنا أعرف شخصياً كان يقضي حياته قبل سنة على الخبز والجبنة، وكل يوم كان يتكلم عن المواضيع الوطنية ولكن الآن بالرغم من أنه يتغذى على اللحم فإنه يلوم من يتحدث عن المسائل الوطنية.‏

ـ 8 .‏
ليست النساء فقط من يرغبن في تجديد ملابسهن، فهناك على الساحة نقاد يرغبون التحدث بشكل جديد.‏
أقدّم إليكم السيد كاتب آدوم الذي يشغل منصب ناقد لمنشورات (ماسيس) القديمة والحديثة. ذوقه رفيع، ويملك رأس المال المفروض على النقاد، ولكن في الكثير من الأحيان يسمعنا أحزانه أثناء نقده لكتاب ما.‏
وأحياناً عندما يتحدث، يقفز فيكتور هيغو في حديثه. وقبل إنهاء حديثه يدخل فولتير ولامارتين ومئات الكتّاب غيرهم في الحديث، فيضطر المستمع إلى أن يقول:‏
ـ إما أن تصمتوا جميعاً أو تتحدثوا واحداً واحداً كي نفهم.‏
فعلى سبيل المثال إن قلت: "استيقظت في الصباح، ووضعت ثيابي وأكلت الخبز".‏
أعط هذا السطر لآدوم وسترى أنه يقول لك السطر الآتي:‏
"استيقظت في الصباح، ووضعت ثيابي حيث تستعمل لتغطية عيوبي فقط، كما يقول جان جاك روسو، وأكلت الخبز، على الرغم من أن الكتاب المقدس يقول أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله".‏
لماذا تقاوم عكس اتجاه الفكرة، ولماذا تعذب القارئ يا آدوم، اذهب بطريقك الصحيح، ما الداعي كي تقوم مع كل خطوة بطرق باب الكتّاب الواحد تلو الآخر.‏

ـ 9 .‏
عندما يكون الشيء جميلاً بطبيعته، يليق به كل ما تضيف عليه من زينة.‏
فعلى سبيل المثال، لغة الصحفي (شاهنور) في جريدة (صحافة الشرق)، جميلة ومزخرفة.‏
وأنا أيضاً حاولت يوماً ما أن أزخرف لغتي، لكن فيما بعد انتابني اليأس عندما رأيت امرأة بشعة ازدادت بشاعتها عندما تبرجت وزادت من زينتها.‏
لماذا تترك بعض الألسنة البشعة البساطة وتذهب نحو الزخرفة وتصبح أقبح.‏
متى سنتوقف عن قراءة مقالات فارغة من الكلام ومليئة بالزخرفة.‏
ألفت انتباه رؤساء التحرير لهذه النقطة.‏

الكاتب الأرمني هاكوب بارونيان