آخر الأخبار

أنا الموقع أدناه

أنا الموقع أدناه

لم أشأ أن أقاطعه فقد جذبني حديثه وراعني ما يحمل في روحه من عذابات ثقال .. استمعت
إليه بقلب مفتوح وما زال صدى صوته يتردد في أذني وكأني به الآن جالس قبالتي يحدثني
والدمعة تترقرق في عينه .. كان هذا منذ سنتين ..

طرح عليّ أسئلته التي ندرك عبثية طرحها وسهولة الإجابة عليها إلا أنه لم يكن يريد
إجابات لأنه يعلم ويدرك أنها ليست ذات نفع ، إلا أن القهر هو من دفعه إلى طرح
أسئلته تلك .. حتى الآن أرى أني لم أحصل على دلائل بتغيّر الحال سوى بنذر يسير وثمة
تغير طفيف طرأ على الواقع وهناك من يحاول وأده وإماتته .. وإذا ما اعتبرناه على نحو
معين إيجابي الملامح فقد رافقته تغيرات أخرى أشد وطأة من الإيجابية التي حملها ،
وأعمق أثراً مما ثبّتها وطغى على ما بان من تغيرات مقبولة إلى حد ما .. الجزء
الأكبر من معاناة الأمس تتكرر اليوم ونخشى أن تستمر إلى الغد ..

لماذا لا توجد في بلادنا حلول جذرية ..

لماذا لا تنتهي المسائل العالقة إذ لا نراها إلا مميّعة وآخذة في التمدد والانتشار
وسطوة مدّها تشبه سطوة حمم البركان على سهول سهلة مفتوحة أمامها ..

لماذا لا تتوفر لدينا مواجهة صادقة وبعزم أكيد على إنهاء أية معضلة تواجه واقعنا
البائس فنزيد الصورة بؤساً هي في غنى عنه ونفتقر إلى إيجاد معادلة نَقيْ واقعنا بها
من هبوط حاد في معايير الوجود الصحيح والسليم ...

لماذا المشاكل عندنا كبيرة وكثيرة والهوة واسعة وعميقة بين البشر فهناك قلة مرتاحي
البال والجيب .. وهناك الآلاف المؤلفة من المسحوقين ..

ولماذا لم يجلب الفكر نتيجة .. والكلام كثير لكن الفعل قليل وهي النتيجة التي نحصل
عليها بعد كل حوار .. لماذا الغلاء آخذ في الارتفاع والإنسان هابط إلى الدرك الأسفل
من الرخص ..

لماذا نطيل البحث عن بدائل سخيفة لحلول ندرك أنها لن تنفع لما تتعلق به من مشكلات
جسام ..

أسئلة كبيرة لا تحتاج إلى أجوبة فالإجابات ترهق كما الاستفسارات حينما لا تلقى سوى
الصدى يغذيها ...

أذكر جيداً ما أتبع أسئلته التي قالها لي ...

أنا العربي .. مسكونٌ بالقلق على أرضي على أمني على لقمة عيشي ومستقبل أطفالي .. ،
وها أنا أرى التغييرات تلوح في الأفق وتنذر بما لا يُسرُّ ولا يبعث على الراحة ،
ولكن ماذا أفعل وقد عودوني على الانتظار ومراقبة ما سيحدث حتى يقع ويوقعني وغيري في
مقابر جماعية فُتحت لنا سريعاً .. أوهموني أنني مجرد رقم .. رفعوني ومن ثم أسقطوني
في حفرة عميقة وقالوا لي اصرخ فلن يسمعك أحد .. أُصبتُ بالبلادة والبطء وما أشدَّ
ما مرَّ بي .. قوّسَ ظهري وطأطأ رأسي من ثقل همومي ( مجبرٌ والله ) ولستُ بقادرٍ
على الوقوف معتدلاً .. أو رفع رأسي لأنظر أو لألقي السلام على من يقف أمامي ، وإذا
لم يفصح هذا الواقف بمواجهتي ويعرّفني على نفسه من يكون .. أحسبه صديقاً وربما لا
يكون ، لذا أخشى أن ألتقي بأحد في عتمة الدهاليز الضيقة ، أو حتى تحت سطوة ضياءٍ
قوي .. وهل هناك أوضحَ من شعاع الشمس ؟؟ أهابُ ذلك لئلا ألتقي عدواً بلبوس شقيق أو
صديق ، وحالي فوق مجال الشرح والتشريح ، فمرآتي تعكس الصورة بحقيقتها لا بوهميتها .

كانت أغنية لفرقة مرسيل خليفة تتردد .. ثمة طقوس تلد ثلجاً يبرد حرارة المشهد

لديك ما يكفيك من خبز ولكن

ليس ما يكفي جميع الناس

والأرض ملأى بالسنابل .... انهض وناضل

وتنطلق المعاناة من صدر البلد الصغير إلى ساح الوطن الذي تغنوا به فأنشدوا بلاد
العرب أوطاني .... قال لي :

هم من صوّبوا نحوي السلاح في سالف الزمان ومن ثم عتّقوني بحمله وسرعان ما اتهموني
بالإرهاب وادّعوا أني ارتكبت الجرائم الوحشية وأزهقت أرواح الأبرياء .. وها أنا ذا
حر طليق ، فهل تريدونني الآن أن أسلّم نفسي ؟؟

أأنا إرهابي وأطلق الرصاص من بنادق الوحشية لتُجِهزَ على أرواح الأبرياء .... ؟؟

نحمل أسماء أحمد ومحمود وعمر وعلي ... ويتهموننا بالإرهاب .. إنهم أبناء عروبتي قد
سببوا لنا إلصاق التهم حتى أصبحنا مُراقبَين ومُلاحَقين ومُتهَمين لمجرد أننا أبناء
عروبة .. إنهم شرذمة من أبناء وطني الكبير الذي يصغر ولا أعرف كيف يقدر المرء أن
يرى الوطن وهو يصغر عوضاً عن أن يكبر في قلبه وأمام أعين أطفاله الصغار فيكبر فيه
فخراً به .. هؤلاء الشرذمة لن يستطيعوا أن يدنّسوا الإسلام بما فعلوا ...

أنا العربي الذي دمّروا بيته .. أتعلمون لماذا ؟؟ لأنني أدافع عن أرضي وعن اسمي وعن
علم بلادي ..

لديك ما يكفيك من أرض وبيت

ليس ما يكفي جميع الناس

والأرض ملأى بالتراب ... انهض وناضل

انهض ولا تخفي سجوناً

انهض ولا تخفي سلاسل

كن مشعلاً بين المشاعل .... انهض وناضل

وأقول لنفسي :

أيكون خوفي مشروعاً إن قلقت على داري وعلى أمني واستقراري ؟؟

ولماذا أقول لكم ما أقول ولماذا أفكر بصوت عالٍ ؟!!!

أخشى أن تحمل كلماتي أبعاد أخطر مما تحمل وتحتمل .. وهل يكون بعد كل عملية تفكير
.... تكفير ؟؟!!!!!!!!!

أنا العربي .. أدعو لصحوة أبناء عروبتي .. ورؤية ملامح الغد المخيف لجعله أكثر
أمناً وزرع الصور البريئة للجيل الآتي وللأجيال القادمة من بعده .. وإلا ...... لن
نبصر نور

أنا العربي ... ولست معصوم عن ارتكاب خطأ ..

أنا العربي ... وأريد السلام لأهل الأرض جميعاً ..

أنا العربي ... وهل بقي من ينادي معي مناداتي ؟؟

أنا العربي ... أقف وحيداً ....

الوطن مزروع في القلب .. والوطن كبير

الوطن ..... اسم ولا أحلى .. ووجود ولا أبهى ولكن .... لنصونه ونحميه من براثن ما
يُعدِّون له ..

إنهم أعداء أمتي .. أعداء أرضي وعروبتي ... أعداء يومي وأمسي .. أعداء الداخل
وأعداء الخارج ..

كل من تسول له نفسه أن يسرق لقمة من ثغر طفل صغير أو يغتصب ثمنها حريٌّ بنا أن
نسميه عدوٌ لنا .. فهل نظلمه بتسميتنا ... والأولى أن نسأل : هل ثمة نهاية لظلمه ؟؟

نضال كرم