حملات مسعورة نشهدها يومياً على شاشات التلفاز ، والمنابر الإعلامية المتنوعة ، معظمها وجلها فقد أخلاقيات الأدب السياسي ، والرزانة والتعقل ، أبطالها قادة ( لعنهم الله) يعول عليهم حمل الشموع لإضاءة الدرب الطويل للحرية ، وإقامة فلسطين المستقلة ، ورسم مستقبل أجيالنا الواعدة ، وبناء الوطن وإحقاق الحقوق ، ونصرة اللاجئين الذين يقتلوا في العراق ، ويموتوا حسرة على المعابر ، وفي الغربة .
منذ الرابع عشر من حزيران ونحن نسابق الزمن في تتبع كل ما يصدر من القادة (لعنهم الله) بكل أطيافهم وألوانهم ، حيث أقحموا لعقولنا مصطلحات جعلت الفلسطيني يحني الرأس ويخفض الهامة بعدما كان يزهو وهو يردد أنا فلسطيني ، فلسطيني إبن الثورة ، فلسطيني طفل الحجارة ، فلسطيني صمد أمام عدوً هرولت أمامه جيوشنا العربية . هذه المؤتمرات وصلت حد الذروة أمس أثناء خطاب الرئيس محمود عباس في جلسة المجلس المركزي المنعقد في رام الله ، والذي أكد من خلاله الرئيس النية للذهاب إلي انتخابات تشريعية ورئاسية لحل الأزمة الوطنية التي أعقبت سيطرة واستيلاء حماس على غزة بقوة السلاح ، وإن كانت هذه الدعوة مشروعة ، فهنا يتبادر سؤال كيف سيتم تنفيذ الانتخابات في ظل وجود دولتين على الورق فعلياً ؟! دولة يرئسها أبو مازن في الضفة ، ودولة يرئسها أصحاب المؤتمرات في غزة ، وكلاهما يناقض الآخر (خالفني أخالفك) .
ولم يفوت الدكتور محمود الزهار خطاب أبو مازن أن يمر دون الرد على قاعدة الحوار (بالردح) عبر الفضائيات والمؤتمرات الصحفية ، ولم يكتف بتصريحات السيد الناطق الإعلامي أبو زهري وعضو المجلس التشريعي يحي موسي الذين أشبعونا مصطلحات ، وأرونا من فنون الصياغات اللغوية ، وهذا حال الجميع ، وليس هنا بيت القصيد ، وإنما مصطلح الشرعية واللاشرعية التي وجدنا أنفسنا نعيش فيه ، وننام عليه ، ونصحو عليه كفنجان قهوة الصباح . هذا المصطلح الذي أصبح مضغة بالفاه يلوكها كل من يجد بأسنانه القوة علي لوكها ، هذه الشرعية التي فرضها شعبنا في انتخابات الرئاسة ومنحها للرئيس محمود عباس ، ومن ثم الشرعية التي منحت لحركة حماس في الانتخابات التشريعية ، وهما وفق القانون الذي صيغ على أساسه اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني ، وعليه فالمرجعية القانونية لهذه الشرعية هي منظمة التحرير الفلسطينية وفق قانون أوسلو الموقع ، وراعيته منظمة التحرير الفلسطينية .
وفي إطار إثبات الشرعية التي تحتاج لرجال قانون على دراية بالقانون ، أصبح كل فلسطيني رجل قانون يشرع ويمنح الشرعية لمن يريد ، ويرفع الشرعية عما يريد وفق أهوائه الشخصية ورغباته ، وعواطفه ، حتى أصبح لدينا جيش من رجال الإفتاء القانوني ، وما بين الشرعية واللاشرعية ضاع حلم أطفالنا بحمل علم فلسطين وإنشاد النشيد الوطني الفلسطيني في طابور الصباح المدرسي ، وضاع حلم فلسطين الدولة المستقلة وعاصمتها القدس . الدكتور محمود الزهار في معرض رده على خطاب الرئيس محمود عباس أكد على أن منظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية غير شرعية وفقدت الشرعية وهذا وفق القانون ، وبناءً على عدم شرعية منظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية فإن المجلس المركزي أصبح جهة غير شرعية لأنه يحتكم لقانون منظمة التحرير الفلسطينية الغير شرعية ، وكذلك ينطبق الحال على المجلس الوطني ، وما يترتب على هذا الموقف القانوني حسب ما طرحه الدكتور محمود الزهار فإن أبو مازن أصبح غير شرعي بما إنه منتخب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وعليه لا يملك التحدث باسم الشعب الفلسطيني بما إنه اسقط شرعيا كرئيس لمنظمة التحرير واللجنة التنفيذية. في خضم هذه المعركة التي خفت بها صوت الرصاص ، وعلا صوت المدافع الإعلامية لم يتطرق الدكتور محمود الزهار للمرجعية القانونية للمجلس التشريعي وهي منظمة التحرير الفلسطينية الراعي القانوني ، والحاضنة السياسية للمجلس التشريعي ، وكذلك تناسي الدكتور محمود الزهار أن الأم الشرعية لاتفاقات أوسلو والتي أفرزت المجلس التشريعي هي منظمة التحرير الفلسطينية ، ووفق الفهم البسيط أو التحليل لتصريحات الدكتور الزهار أفهم أن سقطت شرعية الأب تسقط شرعية الابن .
الحرب الدائرة بين الطرفين حرب الفائز فيها خسران ، والخاسر الأكبر قضية شعب ضحي من أجلها بالكثير من الدماء ، وآهات أدمت القلب ، وجراح لم تشفي بعد ، تضحيات لا زالت تنزف في العراق من الجسد الفلسطيني ، وفي مخيمات لبنان ، وعلى المعابر التي تحولت لمقصلة موت للفلسطيني ، تضحيات تبحث في ظلام التسلط المزعوم عن قبس من النور بعدما أطفئوا كل الشموع المضاءة إلي فلسطين ، حرب يقودها قادة (لعنهم الله) بكل أطيافهم وألوانهم تحولوا لأصنام لا يفقهوا سوي لغة الردح ، وإخراج اللسان كلاً للأخر بلعبة سياسية وقودها قضيتنا الوطنية وشعبنا الفلسطيني الذي يموت خوفاً ، ورعباً ، وجوعاً .
نعم لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً وشرعياً وحدياً للشعب الفلسطيني ، منظمة تحرير حية تجمع كل أطياف الشعب الفلسطيني وقواه الحية ، تكرس الوحدة الوطنية والمفاهيم الوطنية على قاعدة تحرير فلسطين. نعم للانتخابات التشريعية والرئاسية المبكرة يكون الحسم فيها لشعبنا ، إنتخابات مبكرة وفق الحوار الوطني الشامل والتوافق الوطني وتجميع الطاقات الوطنية في بوتقة التحرير والانتصار . نعم للرئيس أبو مازن محمود عباس بصفته رأس الهرم الشرعي ولمجلسه التشريعي المنتخب شرعياً ... لا وألف لا للغة الردح السياسي ، والإنبطاح الإعلامي .....
وأخر كلماتي ( إذهبوا للجحيم جميعكم فأنتم قادة من ورق )