آخر الأخبار

الأخطل على شفا شفرة (4)

 ((قفص الأسرة ))

 

(( شهر العسل )) ..لم تكن تروقه هذه العباره ..بحث في مجموعة كبيرة من مراجع اللغة وكتب الفقه والفلسفة وأعياه البحث في موقع (غوغل ) الالكتروني  ..ولم يجد تعريفاً مقنعاً لهذا الشهر .

كان موقناً أن عسل هذا الشهر كالطعم في صنارة الصياد ، تغري الطريدة لتأسرها ، ولكنه كان بنشد تعريفاً دقيقاً لهذا الذي يعرفه ويجهل ما يناسبه من أسماء .

ولكنه بعد أن أمضى مابوسعه متلذذاً بذاك (( الشهر الطُّعم )) ، ابتلع الطعم ليبدأ فصلاً آخر في معتقل الزوجية وقفص المسؤولية وليمارس وظيفته الجديدة       (( كمدير أسرة )) ساخراً ممن منح الآباء ربوبية أسرهم

أنت القوَّام على زوجتك يا أخطل ..زوجتك حامل ,أنجبت مولودها الأول. بعد البحث بكتاب الحكمة نصح رجل الدين قريبك أن تسميا مولودكما (( فاطر )) بدلاً من ظافر كما اتفقتما بذريعة أنَّ أسم ظافر لايوافق برجه

 كان هذا أول تدخلٍ بصلاحيات الأخطل كمدير أسرة ولكنه ليس الأخير ، فقد رزق الأخطل بالمولود الثاني وكان – كما تمنى – مولوداً  أنثى ، لقد سمى هذا المولود قبل أن يولد ، سماها (( حبقة )) تيمناً بوردة الحبق التي يحب رائحتها ,فضلاً عن عراقة هذا الاسم في اللغة العربية التي يعشقها .

حبقة !! ماهذا الاسم اللاعصرِّي ؟! الكلُّ اقتحم صلاحياته ثانية فوجد نفسه مرغماً بقبول الأسم الذي طرحه هذا الكلّ ، وسماها (( لارا ))

أسرةٌ جميلةٌ حباكَ بها الله  ياأخطل ، زوجة صغيرة جميلة وولدين كنت على ثقة بأنهما سيبِرَّانك ويبرّا أمَّهما  ,أجل كنت على ثقةٍ من ذلك لقناعتك بأن غضب الوالدين يورَّث ، ولطالما حمدتَ الله أنْ حجب عنك هذا الميراث إذ كنت بارَّاً بوالديك .

قال لزوجته : صباح الغد سنذهب إلى الطبيب لإجراء عملية ربط رحم منعاً لتكرار الحمل .

ودون انتظار إيماءة الزوجة بالموافقة اعترضت أمُّ الأخطل مستنكرة ما سمعت :

-           منع ولادة ؟! ولماذا ؟

-           أستميحك عذراً يا أمَّاه فالأولاد مسؤولية كبيرة

-           الولد يأتي رزقه معه يابنيّ

-           ولكن يا أمَّاه ...

-           وماذا لو تم ربط الرحم وتوفي ابنك ؟!

-           كما الرزق من عند الله فالأعمار بيده

-           أتمنى عليك يا بنيّ أن لا تكرر حرقتي على أخيك الأكبر الذي لم تُكتب له الأبوة ,ارجع عن هذا وعسى تُرزق بغلام آخر

-           تمنياتُك أوامر يا أمَّاه ,سمعاً وطاعة ,وحسبي الله فهو نعم المولى ونعم النصير

وكانت المولودة الثانية والثالثة قبل أن يطل المولود الذي انتظرته الجدة أكثر من أبيه .

أفواه ستة ,أجساد ستة , نسي الأخطل نفسه في تعداد الأسرة وربما تعمد ذلك كونه مدير الأسرة وهم أفرادها  .المأكل والملبس المسكن و المدرسة ,الالتزامات الاجتماعية وما أكثرها هذه الأيام : فلان تَّزوج , مرض ولدت زوجته  ابنه نجح في الشهادة الإعدادية  ابنته نجحت بالثانوية  ابنه البكر تخرج من الجامعة وأعانك الله أيها الأخطل.

(( لو كان الفقر رجلاً لقتلته )) قولاً قرأه للإمام علي (( كرم الله وجهه )) قولاً أدرك صدقه ,ولكن إن كان الإمام عليّ  لم يستطع قتل هذا اللارجل فهل يستطيع الأخطل ؟!

مرض الابن الرضيع ، وقد اعتاد الأخطل مرض أولاده ، قالت أمه لتخفف من عنائه :

- يابنيّ تفقد الربّ لعباده رحمة .

- أبِالمرض يا أمَّاه ؟؟

لم يستطع الأخطل صبراً مع بكاء ابنه الذي لاينقطع ، لابد أن يجد مذنباً بغير ذنب ليلقي باللوم عليه ، لا لشيء بل لمجرد أن يلقي بأصداء آلامه على شماعةٍ ما ,لعل في ذلك ما يريحه .

صرخ بزوجته : طالباً منها إسكات الطفل ,والطفل لا يسكت .

 فقد أعصابه ,شتمها استنكرت شتيمته, تحول من الفعل إلى ردّ الفعل أمطرها كلَّ أصناف الشتائم كاد يضربها أو لعله فعل !!

ضاقت الزوجة الصغيرة ذرعاً ولم تعد تطيق صبراً ، كما لم تكن تحتاج العد حتى المائة ولا حتى العشرة ، وأضحى أبغض الحلال عند الله مطلبها ، فطلبته كما لو كانت تسعى إليه : طلقني ...طلقني ,طلقني .