تثير جماعة "القبيسيات"، نسبة إلى زعيمة الحركة الداعية منيرة القبيسي، جدلا واسعا في سوريا، وخاصة بعد انتقالها للنشاط العلني في المساجد، ووصول عدد مريدات وأتباع "الآنسة" منيرة-كما تسمى- إلى مئات الالاف داخل وخارج سوريا. وتشهد بعض مساجد العاصمة السورية دمشق إقبالا واسعا لنساء يحضرن حلقات لداعيات "قبيسيات".
قال رجل الدين السوري المعروف صلاح كفتارو إن هذه الحركة "ليست صوفية" كما يشاع عنها، وتحدث عن تفاصيل مثيرة تتعلق بالحركة وزعيمتها "التي ترفض مقابلة الرجال" و تضع منديلا أسودا يغطي وجهها فيما تكتفي مريداتها بوضع حجاب يغطي شعر الرأس. ونفى أن تكون الحركة "سياسية" كما نفى عزوف عضواتها عن الزواج. وتحدث عن وجود نساء ثريات ومن عائلات كبيرة في حركة "القبيسيات".
وولدت منيرة القبيسي عام 1933 في دمشق، وتربت في كنف الشيخ أحمد كفتارو المفتي العام السابق لسوريا، وفي الستينات من القرن الماضي درست في كلية العلوم الطبيعية بجامعة دمشق ثم درسة في كلية الشريعة بنفس الجامعة.
قصة تقديس الآنسة
ويقول الشيخ صلاح كفتارو إنه يتذكر جيدا كيف كانت منيرة القبيسي تزور والده وتتلمذ على يده حتى انطلقت في الدعوة ونشأت "ظاهرة" القبيسيات في السبعينات من القرن المنصرم.
وردا على ما نشر عن "تقديس الشيخة أو الآنسة كما تسمى "منيرة القبيسي" وتقيبل قدمها ويدها وأمرها مطاع وطاعتها مقدمة على ولي الأمر، يجيب الشيخ كفتارو: لم أر شيئا وهذا الكلام يشاع ، ولكني أؤكد أن هذه الداعية ملتزمة بمنهج الكتاب والسنّة رغم ما يشاع عنها.
وأضاف "الشارع لدينا شارع ديني أو متعاطف مع الدين ويحترم العلماء. وهذا الاحترام لا يصل إلى حد التقديس . أنا اقبّّل يد العلماء، بالتالي أقبّل الفكر والحكمة وليس كل عالم تُقبّل يده أو يدها، ولكن لا نقصد بالاحترام تقبيل اليد أو الأرجل. أما أن نركع ونسجد لشيوخنا فهذا ليس من الدين".
ونفى أن تكون "الآنسة" منيرة القبيسي تدير 40 مدرسة دينية في سوريا وخارجها ، لافتا إلى أن "الداعيات اللواتي تربين في كنف الداعية منيرة القبيسي يشرفن على ما يقارب 10 مدارس من مراحل الحضانة والابتدائي، وهي موجودة في دمشق وتدرس المواد الحياتية التي تضعها وزارة التربية، ولا تتبع وزارة الأوقاف أو جمعيات خيرية، ويوجد فيها تحفيظ للقرآن وأناشيد الدينية".
حلقات المساجد
وحول عدد "القبيسيات"، أشار الشيخ كفتارو أنه لا يوجد رقم محدد ولو أن البعض ذكر أنهن مئة ألف، وقال "لا يوجد حشد يلتقي على درس الداعية، ولكن هناك حلقات تقام في المساجد للداعيات الكبيرات لدى الداعية منيرة وهي خمس مساجد وحصلوا على ترخيص رسمي من وزارة الأوقاف، ويمتلئ حرم هذه المساجد عندما تعطى هذه المحاضرات".
ونفى كفتارو بشدة وجود "سرية" بعمل القبيسيات، موضحا "لا توجد سرية في عملهم خاصة بعد حصلوهم على رخص تدريسية في المساجد، واتهموا بالسرية لأن حلقاتهم أصلا كانت تقام بالمنازل وهذا أمر معروف كان من قبل السلطات ولو شعرت بخطر ما منهم كانت أوقفتهم".
النساء الثريات.. والصوفية ؟
وفي سياق آخر، علّق الشيخ كفتارو على ما نشر بأن القبيسيات يعملن على "تعظيم شخصيات صوفية مثل الحلاج مما يشير إلى أنها حركة صوفية ونقشبندية"، وقال : في بلاد الشام نُتهم دائما بأننا صوفيون ولكن نحن نقفز فوق هذه التسميات حتى لا ندخل في نزاع مع مدارس اسلامية الأخرى. هذه الحركة طالما تربت مؤسستها منيرة القبيسي في كنف الشيخ أحمد كفتارو فإنه قد اتهم قبلها بأنه صوفي ونقشبندي ولكن ما سمعنا منه عن الصوفية والنقشبندية شيئا وكان يركز على تزكية النفوس في الاسلام.
ولم ينف كفتارو وجود نساء ثريات وذوات مناصب في حركة القبيسيات، وقال " الأعلام عند الداعية منيرة القبيسية نشأن في منطقة المالكي أو أبو رمانة وهذ منطقة سكن التجار وانطلقن من هذه المنطقة في دعوتهم لأنهم يقطننون هذا الحي، ولكن هذه الحركة كما انتشرت في هذا الحي فإنها قد انتشرت في أحياء أخرى فقيرة".
وأضاف "نجد الآن في الأرياف الدمشقية أن هذه الحركة انتشرت بشكل كبير جدا طغى على انتشارها في بعض الأحياء الغنية".
شخصية الشيخة منيرة
ووصف الشيخ كفتارو "الآنسة" منيرة القبيسي بأنها "لا تقابل الرجال وتجاوزت الخامسة والسبعين ومحتجبة حتى عن كثير من النساء، وليس لها دروس عامة، وقد يكون مرضها أو تقدم سنها أشار إليها بأصابع الإتهام بأنها تميز في لقاءاتها بين فئة وأخرى أو امرأة وأخرى".
وتابع "عندما كنت صغيرا كانت تزور والدي باستمرار وكنت أستقبلها ومنذ سنوات لم ألتق بها، وما أعرفه أنها تضع دائما منديلا اسودا يغطي وجهها، وتسكن في حي المهاجرين".
وبالنسبة للقبيسيات فيرتدين "الحجاب الشرعي الذي يغطي شعر الفتاة والمعطف(المانطو) الذي يكسو جسدها"، كما يقول كفتارو.
ويضيف "الكثير منهن يعملن في المؤسسات الأهلية والرسمية في سوريا ولكن لا يصل إلى حد أن تتسلم إحدى بناتها (منيرة) وزارة من الوزارات لكن هي لا تحرّم العمل بل توجب هذا العمل إذا رأت هذه المرأة فسحة من الوقت للعمل مع رعاية بيتها وأطفالها".
قصة العزوف عن الزواج
وعلى صعيد آخر أجاب الشيخ كفتاور حول ما نشر بأن "القبيسيات غير متزوجات حتى لا يحصل نوع من الانشغال بالزوج عن الآنسة منيرة"، وقال " هذا عار عن الصحة، وهناك داعيات كبيرات متزوجات ولهن أولاد وعندما يأتي خُطّاب لأي فتاة من جماعة منيرة فإنها أستاذتها تبارك هذا الزواج، وتنصح البنت المتدينة أن تختار زوجا صالحا متدينا، والعزوبية لا تجوز لأنه لا رهبانية في الاسلام".
والسياسة ؟
ووصف كفتاور علاقة القبيسيات مع الحكومة السورية بأنها "جيدة"، نافيا أن تكون هذه الحركة عبارة عن الظل النسائي للاسلام السياسي، وقال "هذه الحركة تعمل منذ 40 سنة ولو كانت كذلك كان أمرها قد اتضح منذ عقدين، وهي تتبرأ من كل عمل سياسي وتنطلق من قواعد روح الاسلام والوسطية".(العربية- حيان نيوف)