العم سام والعم شام
ماهر شرف الدين
لطالما وفر موقع لبنان كبلد صغير لمواطنيه ممارسة هوايتهم المفضلة: عقد المقارنات والمقاربات، من ثم التنافس على طريقة نجمة ــ أنصار.
اليوم يخوض اللبنانيون، في سبيل هوايتهم هذه، حرباً ضروساً في المقارنة بين وصاية العم سام ووصاية العم شام.
بعضهم يقول: عرب في ما بيننا. فيرد عليه آخرون: إذا كان لا بد من الاحتلال فليكن متحضراً. يرد السابقون: أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على... يقاطعه اللاحقون... وهكذا، وهكذا.
لكن أحداً من هؤلاء، الذين لا يتوقفون عن كيل الشتائم والسباب للحياة السياسية اللبنانية، لا يعرف بأن أليسا كانت طالبة علوم سياسية. وتالياً لا يقدر أهمية الفرصة التي ضيعناها لتجميل الحياة السياسية في لبنان لو قدر لهذه المرأة أن تتابع دراستها، فتدخل بعد ذلك البرلمان اللبناني، وتسحب معها الشلة كلها.
أيضاً، فرصة اخرى تضيع هذه الأيام مع اقفال باب الترشيح للانتخابات النيابية من دون أن تعلن هيفا وهبي ترشحها. أو حتى دون أن تعلن عزوفها معتذرة من مناصريها على مثال ما يفعل الآخرون. كذلك نانسي عجرم، وكذلك نورهان، ونجلا، وتلك الجميلة (نسيت اسمها) التي تغني: حط النقط على الحروف قبل ما نطلع سوا ع الروف .
خسارة، بل وخسارة كبيرة ايها السادة. وفرص كثيرة تضيع على اللبنانيين من اجل الاصلاح السياسي في هذا البلد. والتخلص من الطائفية السياسية والزبائنية والمحسوبيات والخوّات والواسطات والدين العام والخاص.
ولكن مع ذلك، فلنتخيل سوية نشرة أخبار مسائية في حال قدر لهاتي الجميلات ان يكن سياسيات، أو على الأقل فلنتخيل المصطلحات الجديدة التي قد نستخدمها في السياسة: كتلة النائب أليسا، معالي الوزير (وزير الطائقة مثلاً) نانسي عجرم، دولة الرئيس هيفا وهبي... آه على هكذا حياة سياسية. لا بد أن اللبنانيين سيهجرون المسلسلات المكسيكية والأفلام المصرية كي يتابعوا نشرات الأخبار، ولا بد أن مارسيل غانم سيكون من المحظوظين وهو يتوسط نورهان ونجلا على سبيل المثال.
ماذا لو كانت أليسا شخصية سياسية؟ أو ماذا لو كانت هيفا نائباً في البرلمان؟ أو ماذا لو كانت نانسي عجرم وزيراً في الحكومة المقبلة؟ أسئلة شرعية وموقتة، لمن يحب العم شام. أو أسئلة ارهابية ومخربة لمن يحب العم سام.
وحدهم باعة الكعك يكتفون من عالم السياسة برفع العلم اللبناني على عرباتهم، استجداء للوطنية اللبنانية: ما بدنا كعك بلبنان إلا الكعك اللبناني. ولولا خوفهم من سوء الفهم لكانوا استبدلوا أرزة العلم بكعكة... خضراء بالطبع.
لبنان العم سام، أم لبنان العم شام؟ نجمة أن أنصار؟ زمالك أم أهلي؟... ؟...؟ بالنسبة الي، أنا لا أحب المقارنات والمقاربات، ولا الأسئلة الشرعية والموقتة، ولا الأسئلة الارهابية والمخربة. لكنني مع ذلك، ومنذ زمن بعيد، عقدت مقارنة وحيدة وعزيزة ما بين مقدمة ابن خلدون ومؤخرة هيفا وهبي. بالطبع النتيجة معروفة ايها السادة.
أصلاً، لا أحد يجرؤ على عكس ذلك.