آخر الأخبار

"عملية القدس" سبب ومسئولية وسؤال ؟!

-----------------------

بداية القول إن الدم الإسرائيلي ليس أغلى من الدم الفلسطيني, وارتكاب أفظع وأبشع الجرائم من قبل إرهاب دولة مارقة, يدفع حتما للرد على الدم بالدم, مع فارق أن المعتدى عليه في غزة والضفة الغربية, بأكبر عمليات القتل العشوائي الممنهج هم ضحية, لجلاد المحتل الصهيوني, بالأمس الحاضر كأنه اللحظة الراهنة كانت "المحرقة" حيث أعلن عنها على لسان قيادة ذلك الكيان المارق, وبمباركة شعبية صهيونية واسعة, فكانت النتيجة ارتكاب مجزرة تحت لواء "المحرقة" للنازيين الجدد, راح ضحيتها من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء, قرابة المائة والثلاثون شهيدا, ودفن عائلات بأكملها تحت ركام دمار المدفعية المجردة من كل معالم الإنسانية,وذلك تحت سمع وبصر العالم وبصمت يوازي الشراكة في الجريمة, بما يندى له جبين البشرية, فماذا توقع قادة"المحرقة" من حركات وتنظيمات ووحدات تأخذ على عاتقها عهد المقاومة والرد على الدم بالدم؟؟؟

وفي مثل مشهد"المحرقة" والمجزرة الصهيونية ضد أهداف فلسطينية قريبة, وبموازاة إطلاق يد الموساد ضد أهداف عربية وإسلامية بعيدة أو في المحيط القريب,فان إمكانية الرد من الجميع مشروعة ومفتوحة وحتمية, وتوقع غير ذلك هو عبث ولا اعتقد أن الكيان الإسرائيلي, يساوره الشك للحظة واحدة, أن مثل تلك المجازر والاغتيالات , ستمر مرور الكرام, وتوقع قادة ذلك الكيان المارق, ردا عنيفا سواء بحجم مجزرة غزة الأخيرة وليست بأخيرة, واغتيال قادة حزب الله , والعدوان المباشر على الأراضي والأهداف السورية واللبنانية,فالميدان مفتوح والعدوان لايعترف لاذرعته الأخطبوطية بأي حدود, لذلك كانت الجريمة مطلقة, وبالتالي فالرد المحتمل يفترض أن يكون مفتوح وفي كل الميادين, وقد أعلن حزب الله عن النية والإصرار على القيام بعمليات نوعية للرد, وأعلنت القيادة السورية كذلك عن حقها بالرد في الزمان والمكان المناسبين, جراء العدوان البربري المتغطرس على سيادتها ومنشآتها, والردود المحتملة تتعدد أشكالها وميادينها, سواء بالفعل المباشر أو غير المباشر بالدعم والتخطيط والتمويل, وهنا تكمن عدالة وحق الرد على من بادر بالعدوان وفتح نطاق الميدان, ومن اجل دفع فاتورة الحساب من اجل تفعيل قانون الردع وانتزاع الحق, كي يتردد العدو ويفكر ألف مرة قبل الإقدام على فعلة المشين, وكي لاتمر فعلاته دون فعل لازم فيكرر العدوان دون تحسب أو حسبان.

وبداية أخرى نقول, ونحن شعب محتل مسالم محب للسلام ودعاة سلم وطلاب حق , لذا ونحن مانزال نخلي شهدائنا من تحت ركام وأنقاض الكتل الإسمنتية, ونحن نلملم أشلاء أطفالنا , ونحن نضمد الجرح المتدفق النازف جراء المتفجرات الصهيونية الصماء, ليس عقلانيا أن يتوقع احد منا , أن نذرف الدمع على سقوط القتلى في صفوف المدنيين أو غير المدنيين الصهاينة, فالبادي اظلم, كما أننا على يقين بان من يضع نفسه في سدة المسئولية السياسية وتتطلب منه لعنة المنبر السياسي, خطابا متزنا, فيدين عملية القدس وفي نفس العبارة يدين ويجرم "المحرقة" ويصف القائمين عليها بدولة الإرهاب, نحن على يقين بان تلك الإدانة كمطلب دبلوماسي لم يتجاوز طرف لسانه, لان المتطرف الصهيوني يقولها بصراحة, حين يحمل الجميع دون استثناء المسئولية عن عمليات الانتقام الفلسطينية, سواء بالمشاركة أو التضامن كما ورد بلوائح اتهامنا في مقارعته, أو حتى بالأبوة والبنوة والقرابة والجيرة لكل عنصر ونفس في المقاومة, أو حتى بالابتهاج العام للثار, وحتى لايستثنى من ذلك المتحدثون بلغة دبلوماسية عن طرف ألسنتهم حين يدينون العملية,ولا يستجيبون لأيدلوجيتهم عندما يدين المستوى السياسي كل أشكال العنف, ولا يبارك جرائمهم أو يعترض عليها, فإنهم يعتبرون ذلك المستوى السياسي "كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته , فهذا معروف في ثوابتهم ومنزل في محكم الكتاب" لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم", حتى أنهم مابرءوا من المسئولية مواطنين كيانهم الإسرائيلي ممن يسميهم البعض عرب ال48, ولم يشفع لهؤلاء نتيجة اعتراضهم على أعمال العدوان من حكوماتهم, أنهم وزراء وأعضاء برلمان وتتعالى الأصوات العنصرية المتأصلة في الصهيونية, بالمناداة بطردهم وعقابهم, ويحملونهم صراحة جزء من المسئولية برسم الأصول العربية الفلسطينية , في دولة مارقة لايفترض أن تضم سوى اليهودي!!!!

عملية القدس والتي نفذها الشهيد \ علاء دهيم من سكان القدس الشرقية, وقد كان اختيارا موفقا للجهة التي قامت بترشيحه للعملية, كونه كان يعمل سائقا في ذلك المعهد الديني اليهودي, الذي يخرج عتاة التطرف, وحتما انه كان ملما بكل صغائر النظام الخارجي والداخلي, وخبيرا بالإجراءات الأمنية لمكان عمليته.

فلم تكد تجف دماء أكثر من مائة وثلاثون فلسطينيا قتلوا بدم صهيوني بارد, ولم تتوقف الفضائيات عن بث مشهد أشلاء الأطفال المقطعة إربا إربا, جراء المحرقة النازية, ومازالت "المحرقة" مستمرة وحصدت مؤخرا مولودة لم يتجاوز عمر أيامها الخمسون الملاك الشهيدة"إسراء خالد عصر" وقالوا عنها ردا على المستوى السياسي الذي وصمهم بإرهاب الدولة والمجرمين وأوقف المفاوضات والاتصالات, بأنها عملية محدود !!! إذن "المحرقة" كانت ومازالت لكل اتجاهات الوطن, شماله وجنوبه , شرقه وغربه, محرقة لكل ألوان وطيف المقاومة, كانت"المحرقة" بالمثل لجناحي الوطن الفلسطيني, بنفس الأدوات ونفس المخطط , مع سقوط أكذوبة الذرائع الصاروخية, فكان الرد... فما الغرابة في الرد على الجريمة, فقتل في عملية الهجوم على المعهد الديني اليهودي عشرة صهاينة وأصيب قرابة الخمسون, فكل ميادين الرد يفترض أن تكون مفتوحة, فقتل أبنائنا في المدارس والملاعب والمعابد وفي بيوتهم, قتلوا أثناء تعلمهم وأثناء لهوهم وأثناء تعبدهم وحتى أثناء نومهم,,, فأين الجريمة ليتم تجاوز أصول الجريمة ويتم تسليط الضوء والاستهجان على حتمية نتائجها كفرع استدعاه الأصل.

بعد أن تم تنفيذ العملية وكانت ردة فعل شعبية فلسطينية وعربية مبتهجة بالثار لتهدئة الدماء التي تغلي في عروقهم جراء قهر الاحتلال وهول مجزرة "المحرقة" , وهذا أمر طبيعي باستثناء من هو بلا مشاعر أو غير منطقي وغير طبيعي, فما زالت صرخات " هدى غالية" التي أبكت السماء واهتزت مشاعر الأرض لصرخات آلامها, وقد رأت أمام أعينها والديها وإخوتها وإخوانها, لتحولهم " المحرقة" البحرية أثناء استجمامهم المتواضع على شاطئ البحر, ليتحولوا في لحظة إلى كومة من الأشلاء الممزقة, ومازالت مجزرة آل العثامنة حاضرة في الأذهان, ويطل علينا قانون" المحرقة" بالجديد من صنوف حرب الإبادة والتطهير العرقي والمجزرة بجديد, حيث مجزرة"آل عطا الله" ودفن العائلة بالكامل وهم نيام تحت التراب وهذا على سبيل المثال لا الحصر, فقد احلوا غزة إلى "فرن للمحرقة" ومدفن لأحلام الطفولة لطمس المستقبل, فمازال صدى صوت القهر وانين الأطفال وحسرة الثكالى حاضرا, مازالت دماء شهداء الشمال لم تجف,,, فهللت الجماهير المقهورة ببهجة الانتقام,, فكم تراقص المستوطنون الجُناة طربا وعناقا على مشهد الأشلاء الفلسطينية الممزقة, مع فارق البدايات بان الفلسطيني ضحية ذلك المستوطن المتطرف, وان جذور المصيبة والمأساة تكمن في الاحتلال.

المهم أن العملية حدثت , وقامت مجموعة وان كان لها سابقا بعض العمليات المتفرقة ولم يسلط عليها الأضواء, وتطلق على نفسها (( كتائب الجليل)) وحديثا فرعت من الأصل (( كتائب الجليل , مجموعة الشهيد عماد مغنية وشهداء غزة)) فلم يستدل لها على مرجع فلسطيني سياسي أو مقاوم, فكل فصيل فلسطيني مهما كانت امتداداته وتحالفاته الخارجية, فيسمي عملياته باسم ذراعه العسكري, فهناك" ك.شهداء الأقصى لفتح" وهناك "ك.القسام لحماس" وهناك "ك.أبو علي للشعبية" وهناك "السرايا للجهاد" وهناك وحدات مقاومة معرف قياداتها وعملياتها,لكنها لاتحسب نفسها على أي من الفصائل الرئيسة رغم تناقضاتها وتوافقاتها معها,, وقد نشطت هذه الكتائب بشكل موسمي ببعض عمليات الطعن وبعض العمليات البسيطة, وعادت أدراجها للاختفاء دون أن تتبنى عملياتها أي من فصائل المقاومة الرئيسة سابقا,وكان بالإمكان لو كانت تابعة لأي فصيل أن تسمي الأشياء بمسمياتها, حتى وان تطلب الأمر البداية بأسماء فرعية إضافية, كان يقال وحدات"أيمن جودة" التابعة لكتائب شهداء الأقصى, الذراع العسكري لحركة فتح, ودون ذلك يقال أن هذه العملية أو تلك للسرايا التابعة للجهاد, أو للقسام التابعة لحماس أو كتائب أبو علي التابعة للشعبية أو حتى الألوية التابعة للجان المقاومة الشعبية وغيرها من الفصائل الرئيسة وغير الرئيسة, ولا يوجد جهة أو جبهة مقاومة تخشى الإعلان عن عملها العسكري كرصيد بقائها وتعاظمها, سواء أكانت تلك العمليات استشهادية أو عمليات عسكرية بالكمائن, أو حتى عمليات مواجهة يخطط لها على أساس الهجوم , وإنزال اكبر خسائر بالعدو والعمل قدر الإمكان وفق المخطط على العودة للقواعد.

فهناك العديد من العمليات مثل "الوهم المتبدد" ومهاجمة موقع عسكري صهيوني وقتل بعض جنوده واختطاف آخرين, وسقوط الشهداء وعودة باقي المقاتلين, وهناك عمليات مداهمة للمستوطنات فعلى سبيل المثال لا الحصر عملية الاقتحام التي نفذها الشهيد" بهاء أبو السعيد" وقتل عدد من المستوطنين ومن ثم حاول كما خطط بعدد التسلل للانسحاب, إلا انه سقط في اللحظات الأخيرة شهيدا, وقد أعلنت الفصائل دون تحسب أو حساب لردة فعل صهيونية, فأعلنت الفصائل والوحدات باسمها وشعارها عن اخطر العمليات الهجومية والاستشهادية دون تردد.

ورغم أن هذا السياق يدحض تحليل الخبير العسكري\ روني شكيد, والذي قال إن هذه العملية من نوع آخر , وربما يكون حزب الله ضالعا بمسئوليتها, وربما يكون "شكيد" معه حق فطالما أن حزب الله أعلن عن فتح الحرب وميادينها, ويتوقع أن يرد الصاع صاعين بعد اغتيال قائده الحاج\ عماد مغنية, مع إقران ذلك التحليل باسم المجموعة التي أعلنت مسئوليتها باسم\ عماد مغنية, وبث الإعلان عن العملية قبل غيرها في فضائية المنار التابعة لحزب الله, فكل شيء وارد ولا جريمة أو غرابة من حيث فتح المعركة, رغم أن مسار التحقيقات والتوقعات الصهيونية آخذة لمزيد من التخبط, في تحليل وتتبع جذور منفذ العملية وصعوبة تحديد الجهة التي تقف خلف العملية, وهذا كما جاء مخالفا لتحليل\ روني شاكيد , وعلى لسان محلل عسكري آخر يدعى\ "ايال عليمة" الذي يقول انه لايمكن الجزم بان حزب الله خلف العملية لمجرد بيان مجهول.

والسؤال هنا, على اعتبار أن العملية ليست فردية وإنما يقف خلفها تنظيم وجهة ما, فالسؤال الذي يطرح ذاته بذاته: على فرض ولا نريد الحديث بلكنة التأكيد, بان حركة حماس وذراعها"القسام" ليست هي من يقف خلف العملية؟ وانه يوجد احتمال أو توقعات ولا نملك أن نؤكد بان حزب الله له ضلع في هذه العملية النوعية؟
وان حزب الله لم يرد على تلك العملية بالنفي أو الاعتراف طالما وجهت إليه أصابع شبهة الاتهام بالمسئولية؟ فما القاسم المشترك في هذه المعادلة؟ في حال العلم المسبق بان قيادة حركة حماس وقيادة حزب الله يتمحوران في فلك دمشق؟ فهل يقصد من هذا التعويم مثلا تبني العملية بشكل نصف مسئول, لا نفي ولا اعتراف, من قبل قيادة حماس على أساس عدم توفير غطاء لعدوان على حزب الله, أو على أهداف وقيادات سورية في دمشق؟ على اعتبار أن لا إحداثيات ولا قيادات ولا أهداف لحزب الله في الساحة الفلسطينية؟

وعلى اعتبار أن الكل الفلسطيني يبارك مثل هذه العملية؟ فان مباركة هذه العملية من قبل حركة حماس لايعتبر اعترافا؟ وعلى اعتبار أن الإجابة من قبل"حماس" ردا على العديد من التساؤلات الشعبية والإعلامية, هي إجابات سياسية دبلوماسية, بان الكرة ملقاة في ملعب"القسام" المستوى العسكري للحركة, لإعلان المسئولية من عدمه,؟ فان ذلك اقرب إلى الفهم بأنه لا المستوى السياسي ولا العسكري لحركة حماس, سيقدمان إجابة شافية على السؤال الذي سيبقى معلقا لدى الجميع, باستثناء الكيان الصهيوني الذي يستنفر كل أدواته وإمكانياته الاستخبارية, ويجوب الأرض طولا وعرضا لتعريف المجهول, من اجل وضع عنوان واضح لعملية القدس؟

وهذا ربما يكون مفاده أن حركة "حماس" إجابتها النهائية , والتي لن تتبنى بوضوح عمليات ليس لها, لكن ربما لأهداف تكتيكية استثنائية مشتركة مع آخرين, لايضيرها تكهن العدو وإرباك تفكيره كي لايستثني جهة معروفة وكي لاينجح في تقليص فرضيات البدائل ويسهل بعدها الوصول للحقيقة؟؟
فما هي الحقيقة التي تقف خلف لغز المسئولية؟ ولماذا على اعتبار أن العملية حق طبيعي للرد على جرائم الاحتلال؟ لماذا لم تعترف بها الجهة المسئولة؟ وهل هذه السياسة إستراتيجية جديدة للفصائل الفلسطينية المقاومة؟؟؟!!! وان لم يكن كذلك؟ فان هذا يعني أن جهة جديدة دخلت ميدان المعركة حتما للنيل من الكيان الصهيوني في العمق, ومقارعته والانتقام لسلوكه الدموي, سواء بجرائمه بحق الشعب الفلسطيني, أو جرائمه بحق اغتيال قيادات غير فلسطينية, كل شيء وارد وقابل للاحتمال.

وان كان حزب الله كما يعتقد البعض, بأنه يقف خلف مثل هذه العملية؟ وهو الذي أعلن عن حقه وقسمه بالانتقام لاغتيالالنتيجة المخطط العملية لم تكن بالمستوى المطلوب, أو النتيجة المخطط لها من حيث حجم الخسائر المفترضة لم تكن بحجم الثمن المطلوب ردا على اغتيال منية؟ أو ربما تكون هذه العملية في حال حق حزب الله بالرد, تعتبر حلقة في مسلسل رد مطلوب ومتواصل لاستيفاء قيمة الفاتورة المفترض أن يدفعها الكيان الصهيوني ثمنا لجرائمه؟ أم هي عملية مشتركة بين حماس وحزب الله؟ وان كان المطلوب سلسلة من العمليات فان عدم الاعتراف سيوفر مزيدا من الغطاء لاستكمال مسلسل الهدف ؟ويراد للمسئولية العملية أن تبقى معلقة لخدمة الهدف؟

وما دون ذلك, تتراكم الأسئلة على غير العادة التقليدية, لماذا يتم تعويم المسئولية؟ قد يقول البعض أن هذا محببا حتى يعلم العدو أن المقاومة والرد على العدوان, متوقعا من الجميع, كما كانت الكوفية الفلسطينية سابقا, شعارا للفدائي فيسهل استهدافه, فردت الجماهير كلها بارتداء الكوفية, وأصبحت رمزا وطنيا شاملا , وبتالي يصعب الاستفراد بذلك الفدائي, إلا أن تحديد المسئوليات الآن يعود لتعدد جهات المقاومة, وأهمية التحديد بهدف التمويل والتفرد بامتلاك مفاتيح الاستقرار والتفجير سواء من جهات وطنية محلية أو من جهات خارجية لخدمة مصالحها ونفوذها.

إلا أن فصائل المقاومة , والتي تختلف فيما بينها أحيانا في تبني العمليات, وتتسابق على إثبات أحقيتها في العمليات, خاصة الناجحة والمؤلمة للعدو, فتوثقها بالصورة والوصية المسبقة للاستشهادي, وبالصورة التي تلازم الكمين لاستهداف الدوريات العسكرية, ولا تكترث فصائل المقاومة حينها, بان تلك الخصوصية ستجعلها هدفا أكثر من غيرها, يلزمها بدفع الثمن الأكبر من عناصرها وقادتها ومصالحها, سواء بالاغتيال أو الاعتقال أو التدمير العقاري, وهذا ثمن الاستئثار بشرف العملية, ومدعاة للتفرد الصهيوني بجهة المسئولية دون غيرها, وهذا يعني أن تعميم أو تعويم المسئولية على ساحتنا الفلسطينية , ليس عرفا ولا تقليدا, فبالأمس القريب مثلا كانت عملية ديمونا الاستشهادية, ونتيجة التسابق على شرف المسئولية, تم اكتشاف أن مجموعة أخرى لم تزل في طريقها إلى تنفيذ عملية أخرى انطلاقا من الحدود المصرية مع دولة الاحتلال وتم تصفيتهم.

مع بداية عملية القدس, لم يعلن أي فصيل مقاوم معروف عن مسئوليته, رغم إعلان" كتائب الأحرار" الغير منسوبة لفصيل فلسطيني معروف, ولا لقيادة فلسطينية أخرى, والدليل عدم تبني عملياتها الموسمية السابقة, فما زاد الأمور تأويلا من طرف استخبارات الكيان الإسرائيلي, الذي لم يوجه الاتهام لفصيل معروف بعينه, وهذا فتح المجال للبحث عن جهة أخرى بفتح كل الفرضيات والخيارات, لتحديد طلاسم المجهول والجهة التي تقف خلف الخلية النائمة , والتي تطل بشعارها بعمليات متفرقة من وقت لآخر, ثم تعود للخمول والانطواء؟؟ ومع عدم التبني السابق لعمليات هذه الخلية, فهذا يدفعنا كغيرنا للتحليل المجرد بان جهة خارجية ما تعمل على الساحة الفلسطينية, كساحة ربما جهادية مفتوحة, مع عدو يستهدف الكل العربي والإسلامي؟؟ أو ربما يسهل اتهام حزب الله من قبل بعض الجهات الغير رسمية صهيونيا,بهدف قياس الردود, فعندما يتم التأكد بان ليس فصيلا مقاوما دأب على الإعلان عن مسئوليته وبجرأة عن عملياته وربما تكون اخطر من هذه العملية؟؟ فلا يتبنى ماليس له؟؟ فهذا يدفع للتحليل والتفكير بان جهة أخرى وراء تلك العمليات مجهولة الهوية الأم.

وطالما لم تعلن أي جهة عن مسئوليتها وخلال 24 ساعة أو ضعف هذا التوقيت, وتبرير البعض أن سبب التأخر هو للإفلات من ذروة العاصفة, أو لأسباب سياسية, فلا منطقية بالقياس مع عمليات سابقة اشد شراسة وأكثر إيلاما, ولم تكن الساحة الفلسطينية دامية بهذا الحجم الذي يبرر الهجوم المضاد, وأعلنت تلك الفصائل المقاومة في حينها أو اليوم التالي على الأرجح, وباسمها ووصفها عن العمليات.

وبقيت مسئولية "عملية القدس" أسيرة التقويل والتأويل وتسعى كل وسائل الإعلام للحصول على السبق الصحفي, وبنفس الطريقة التي تسعى بها استخبارات العدو, لتحديد الجهة, والاهم لديهم تحديد ما إذا دخلت قوى غير فلسطينية الهوية, حتى يسهل التعامل معها لاحقا.

مرت المدة التقليدية المعروفة للإعلان عن العمليات, ولم تعلن الجهة الأصلية, وليس الفرعية عن مسئولية العملية المؤثرة, وقد توجهت مزيدا من الأنظار صوب إقحام حزب الله في الميدان, وفجأة تطل علينا وسائل الإعلام بمصطلحات مصادر"موثوقة" ومصادر "مقربة" ومصادر مسئولة رفضت الإعلان عن اسمها ,,, حدث لاحرج,,, وذلك بإعلان حركة"حماس" مسئوليتها عن عملية القدس,,, فهرعت وسائل الإعلام لسبقها الصحفي لتكون أول من يحظى بالغنيمة وتنتزع الاعتراف من حماس, فكان رد "حماس" معلقا بلا نعم وبدون لا مع مباركة العملية, ودون نفي مطلق ودون اعتراف مطلق, وتعليق الأمر إلى قيادة الجناح العسكري"للقسام" وهذه نغمة جديدة غير معتادة من قبل هذه الحركة,,, ويكاد كثيرا من المراقبين يجمعوا على أن حماس ليست الجهة الحقيقية التي تقف خلف العملية,,, ويبقى السؤال لماذا إذن يتم استخدام أسلوب التعليق الغير معهود في تكتيك ولا إستراتيجية هذه الحركة؟؟ إلا إذا كان لها مصلحة أو لديها تعليمات بالتعليق لإخفاء شيء آخر أو التغطية على جهة أخرى حسب توقعات الكثيرين؟؟؟

فمن إذن يقف خلف هذه العملية التي زلزلت أركان الكيان الصهيوني بنوعيتها من حيث الاختراق واستهداف فئة من عتاة التطرف التي تعتبر من أركان تلك الدولة المارقة؟؟؟ وهل لو كانت حماس خلف العملية تخشى فعلا هذه المرة الرد الصهيوني؟؟؟ أم أن الأمر سيتبين على خلاف كل اتجاهات الدوامة بان لاحماس ولا حزب الله ولا الجهاد وان ذراع من فصائل منظمة التحرير هو من نفذ تلك العملية؟؟؟ كل شيء محتمل ووارد!!!!

((كل هذا الطرح والتحليل, ليس رأيا ولا يمثل وجهة نظر , بقدر ماهو قراءة في سؤال ينتظر الإجابة, وان كان لي بالإدلاء برأيي , فإنني أميل إلى ترجيح وتفضيل خيار عدم خصخصة عمليات المقاومة وتأميمها باسم المقاومة الفلسطينية))

greatpalestine@hotmail.com