دانيال بيزيس
البنك الدولي يدعو الى المسارعة في حماية انتاج الحبوب وتحييد الاثر السيئ للمناخ لمواجهة أزمة اسعار الغذاء.
قال مسؤول كبير بالبنك الدولي ان تضاعف أسعار الغذاء خلال السنوات الثلاث الاخيرة قد يهوي بمئة مليون شخص في دول منخفضة الدخل في أعماق الفقر ويزيد معدلات الفقر في العالم بما يصل الى ثلاث نقاط مئوية الى خمس نقاط.
وقال مارسيلو جيوجيل مدير ادارة خفض الفقر التابعة للبنك الدولي في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي في مقابلة الخميس "عندما لا يوجد بديل وبرامج مساعدة اجتماعية (..) فبحسب بيانات أولية يمكن أن ترتفع معدلات الفقر من ثلاث نقاط مئوية الى خمسة".
واضاف "مازلنا في مرحلة التحليل الاولي لكل هذا".
وأوضح أن البديل يتمثل في استخدام منتجات زراعية وأغذية مزروعة محليا لا يتم تداولها عالميا وبالتالي قد يكون استهلاكها أرخص.
وأضاف جيوجيل "الدراسات التي اطلعت عليها تفيد أن هناك 100 مليون شخص في أنحاء العالم" يواجهون الفقر الشديد.
ورأى أن هناك خمسة عوامل تساهم في تشكل "عاصفة كاملة" بالنسبة لاسعار الغذاء وهي حماية ودعم انتاج الحبوب من أجل انتاج الوقود الحيوي "الذي سحب انتاج السوق لتغذية سوق الطاقة" وارتفاع تكاليف وقود الديزل والاسمدة التي تستخدم لانتاج الغذاء.
وتابع أن من بين تلك العوامل أيضا المناخ السيئ في مناطق كانت في العادة مناطق انتاج كبير مثل استراليا التي واجهت أجزاء منها أسوأ موجة جفاف منذ 100 عام.
وهناك عامل اخر هو المؤشر القوي في اسيا على التحول الى زيادة استهلاك البروتينات من اللحوم والدواجن وهو ما يتطلب انتاج مزيد من الحبوب.
والعامل الاخير هو الاشتباه في أنه خلال الشهور الستة الاخيرة حين زادت البنوك المركزية مستويات الاحتياطيات اللازمة لدى البنوك لمنع حدوث أزمة ائتمان اتجهت الاموال الى التعاملات المالية الاجلة المرتبطة بالاغذية.
وستختبر الزيادة المتوقعة في معدلات الفقر بسبب ارتفاع اسعار الغذاء برامج المساعدة الاجتماعية التي تهدف لمساعدة من يحصلون على معونات في مواجهة الفقر.
وقال جيوجيل "لدينا فكرة طيبة بشأن الدول التي استثمرت في برامج مساعدة اجتماعية أكثر براعة منها في الماضي. المكسيك والبرازيل وكولومبيا وغواتيمالا وبيرو".
وتابع "انها هامة جدا لاننا سنختبر تلك الانظمة الان لنعرف ان كانت فعالة. سنرى الان مدى قوتها (..) واذا كانت مجدية فهذا سيسلط الضوء على كل الدول الاخرى التي ليس لديها نفس النوع من (برامج) المساعدة وستبدأ في التفكير بشأنها".
-------------------------------------------------------------------------
العالم مقبل على حرب شاملة بسبب ازمة الغذاء
فيرونيكا سميث
صندوق النقد الدولي يحذر من النتائج الخطيرة لارتفاع اسعار المواد الغذائية ويدعو الى التحرك لتفادي الكارثة.
حذر صندوق النقد الدولي من العواقب الوخيمة التي يمكن ان تنجم في العالم عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية بما في ذلك اندلاع حرب، داعيا الى التحرك للسيطرة على التضخم.
وقال المدير العام للصندوق دومينيك ستروس كان انه "اذا واصلت اسعار المواد الغذائية حركتها الجارية اليوم (...) فان النتائج ستكون رهيبة". واضاف ان "مئات الملايين من الاشخاص سيموتون جوعا (...) مما سيؤدي الى خلل في البيئة الاقتصادية".
واضاف ستروس كان في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع الفصلي للصندوق ان مكاسب التنمية التي تحققت في السنوات الخمس او العشر الماضي "ستدمر بالكامل"، محذرا من ان الاضطرابات الاجتماعية يمكن ان تؤدي حتى الى حرب.
وتابع ستروس كان "كما نعرف وكما تعلمنا من الماضي، هذا النوع من القضايا يفضي في بعض الاحيان الى الحرب (...) واذا اراد العالم تطويق هذه العواقب الوخيمة فعليه الحد من ارتفاع الاسعار".
وينعكس الارتفاع الكبير والسريع في اسعار الارز والقمح والذرة والمواد الغذائية الاساسية الاخرى، سلبا على الدول النامية خصوصا حيث يتم انفاق الجزء الاكبر من الدخل على تأمين المواد الاساسية للبقاء.
كما يؤدي ارتفاع اسعار النفط الى غلاء الاسعار.
وفي الاشهر الاخيرة ادى ارتفاع اسعار المواد الغذائية الى اضرابات اجتماعية في عدة دول من بينها خصوصا هايتي ومصر. وقالت منظمة الاغذية والزراعة ان 37 بلدا في العالم تواجه ازمات غذائية.
وقال ستروس كان ان ارتفاع نسبة التضخم يعقد التحديات المعقدة اصلا للازمة المالية الشاملة في العالم.
والى جانب الوضع الاقتصادي في العالم، عبرت الدول الـ185 الاعضاء في الصندوق عن دعمها للمشروع الذي اقترحه ستروس كان للاصلاح منذ سنتين لجعل الهيئة المالية الدولية اكثر فاعلية وشرعية.
وقال ستروس كان "الاحتمال ضئيل جدا بالا نحصل على الـ85% من الاصوات المطلوبة"، خلال اجتماع وزراء المالية الذين سيعبرون عن آرائهم حتى 28 نيسان/ابريل.
وكانت اللجنة النقدية والمالية للصندوق اعلنت انها اقرت الاصلاحات. وقالت في بيان انها "اشادت بالاتفاق الذي توصل اليه مجلس ادارة الصندوق حول اصلاح الحصص والاصوات معتبرة انها مساهمة مهمة من اجل تحسين صدقية وشرعية الصندوق".
لكن اللجنة شددت على بذل مزيد من الجهود من اجل التوصل الى اقرار الاسلوب الذي عرضه ستراوس كان لمراجعة الحصص المطبقة بشكل منتظم (كل خمس سنوات).
واوضح البيان ان "اللجنة تنتظر عملا اضافيا من مجلس الادارة حول النقاط المتعلقة بالصيغة الجديدة لتوزيع الحصص والتي قد تتحسن قبل ان يتم اعتماد الصيغة مجددا".
واعربت اللجنة عن موافقتها على الاطار الجديد لميزانية صندوق النقد الدولي التي ستترجم بتقليص واضح لمصاريفه بمعدل 13.5% خلال ثلاث سنوات. ولكنها طلبت ايضا من ادارة الصندوق مواصلة العمل حول الطريقة التي تنوي فيها استثمار الموارد التي ستحصل عليها من خلال بيع قسم من احتياطي الذهب.
ومن بين النقاط العالقة التي تحدثت عنها اللجنة هناك خصوصا ضرورة دفع ارباح للمساهمين.
واعربت اللجنة عن املها في ان تتم تسوية جميع هذه النقاط قبل الجمعية العامة للصندوق في تشرين الاول/اكتوبر المقبل.
وكانت كل دولة تأمل في اكثر مما نص عليه هذا المشروع الذي يدعو الى نقل جزء من حصص التصويت من دول الشمال الى دول الجنوب.
الا ان هذا الاقتراح الذي ارفق ببيع 400 طن من الذهب، يشكل الحلقة الاخيرة في عملية اصلاح بدأت لخفض هيمنة الدول الغنية على الهيئة.
لكن معظم المشاركين اختاروا تأييد خطة ستروس كان الذي يريد التوصل الى اتفاق متواضع لكنه مدعو للتقدم.
واكد رئيس اللجنة توماسو بادوا شيوبا ان ترحيب اعضاء اللجنة ليس غريبا في الوضع الحالي. وقال ان "خطورة الازمة التي نشهدها ساهمت على الارجح في التعبئة بشأن ضرورة اصلاح الصندوق والتوصل الى اتفاق حول تمثيل" الدول الاعضاء.
-------------------------------
ارتفاع اسعار السلع الزراعية والمرتبطة بالطاقة يزيد التضخم
لوران بانغيه
اسعار الحبوب ومواد الطاقة تلتهب مؤثرة بشكل واضح على الاسر في الدول النامية حيث تمتص معظم عائداتها المالية.
يرتبط ارتفاع التضخم مجددا منذ بضعة اشهر ليطاول جميع بلدان العالم بصورة رئيسية، بزيادة اسعار المواد الاولية الغذائية والمتصلة بالطاقة على السواء. وما يعزز هذا الارتفاع تزايد طلب الدول الناشئة بشكل قوي.
فاسعار الحبوب سجلت قفزة فيما تستقر اسعار النفط فوق عتبة المئة دولار للبرميل ما يؤثر الى حد كبير على معظم اقتصادات العالم وبالتالي على القدرة الشرائية لسكانه.
والسبب الرئيسي لارتفاع الاسعار هو الطلب المتنامي الاتي من البلدان الناشئة التي تحتاج اقتصاداتها ذات النمو القوي الى مواد اولية لتغذية الانتاج والتي يتطلع عمالها الذين تتحسن رواتبهم باستمرار الى استهلاك اكبر.
لكن العرض العالمي المحدود من حيث موارده او قدراته الانتاجية يواجه صعوبة في تلبية هذا الطلب.
وعلى صعيد المواد الاولية، بدأ التضخم يسجل ارقاما قياسية في العالم ما ينعكس سلبا على القدرة الشرائية للاسر في كل الاصقاع.
واضطرابات الاسعار باتت ملحوظة في البلدان النامية، حيث تخصص الاسر القسم الاكبر من عائداتها لشراء المواد الغذائية او الوقود الضروري لتنقلاتها.
وقد اندلعت تظاهرات عنيفة، احيانا دامية، في العديد من البلدان الافريقية احتجاجا على غلاء المعيشة. ويعتبر البنك الدولي ان ازدياد فاتورة الواردات يعرض 33 دولة اجمالا لاضطرابات سياسية وفوضى اجتماعية.
ونبه رئيس البنك الدولي روبرت زوليك الى "اننا نحتاج الى +عقد جديد+ للسياسة الغذائية العالمية"، داعيا الدول الصناعية الى بذل جهود مكثفة ومنسقة والا "فان مزيدا من الناس سيعانون ويقضون جوعا".
لكن الاقتصادات المتطورة المهددة ايضا بالتضخم تملك هامشا ضيقا للمناورة. فاستقرار الاسعار "اساسي للاكثر فقرا وضعفا من مواطنينا"، على ما شدد جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الاوروبي.
والواقع ان المؤسسة المالية الاوروبية تنتهج سياسة رفع نسب الفوائد من اجل مكافحة ارتفاع الاسعار، ولكنها تواجه في موازاة ذلك تباطؤا في النمو جراء الازمة المالية.
فاي ارتفاع في الاسعار يقضم بصورة آلية القدرة الشرائية للاسر وقد يتسبب بانخفاض الاستهلاك الذي يعتبر احد عوامل النمو، وتاليا تراجع الادخار الذي يغذي هذا المحرك. ولا يجوز تجاهل الضغوط الاجتماعية المتصاعدة لرفع الاجور والتي قد تؤدي الى زيادة التضخم.
انه شبح "الدوامة التضخمية" الذي طالما خشيت منه السلطات المالية. وقد يتجلى اولا في الدول الناشئة التي تعد قاطرة الاقتصاد العالمي وحيث تميل الحكومات الى تشجيع النمو لمكافحة التضخم.
وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الصيني وين جياباو "علينا قبل كل شيء ضمان التنمية السريعة والمستقرة للاقتصاد، وفي الوقت نفسه السيطرة على التضخم في شكل فاعل".
وتعهد الرئيس الصيني خفض نسبة التضخم الى 4.8% خلال العام 2008 بعدما بلغت 7.8% في شباط/فبراير.
وخلص الى ان الاولوية بالنسبة الى بكين هي "الحؤول دون ان يتحول اي نمو سريع الى التوتر".
وحصول اي فشل في بكين او اي مكان اخر سيعني طبعا زيادة الرواتب. لكنه سيترجم في الوقت نفسه ارتفاعا في كلفة المنتجات العالية الاستهلاك والتي يتم تصديرها في شكل كثيف.
واي زيادة اضافية للتضخم في الدول الناشئة ستؤثر سلبا على مجمل الاقتصاد العالمي، ما يضاعف خطورة الوضع الحالي.
-------------------------------
أزمة الغذاء العالمية... الأسباب والمسؤوليات
بول كروغمان
نسمع كثيراً هذه الأيام عن الأزمة المالية العالمية، لكن هناك أزمة عالمية أخرى في طور التبلور تجري على قدم وساق، وتهدد بإلحاق الأذى بالكثير من الناس. ولأوضح الأمر، فإني أتحدث عن أزمة الغذاء التي ظهرت خلال الآونة الأخيرة بعد ارتفاع أسعار القمح والذرة والأرز وباقي المواد الغذائية الأساسية في السنوات الأخيرة،
وتصاعدت بوتيرة مقلقة في الأشهر القليلة الماضية. وإذا كانت الأسعار المرتفعة للمواد الغذائية ترهق الأميركيين الأكثر غنى نسبياً مقارنة ببعض دول العالم، فإنها مدمرة بالنسبة للبلدان الفقيرة، حيث تنفق العائلات أكثر من نصف دخلها على الغذاء. وفي أنحاء العالم المتفرقة شهدنا مظاهرات تحتج على الوضع بعدما قامت دول رئيسية موردة للمواد الغذائية من أوكرانيا إلى الأرجنتين بالحد من صادراتها في محاولة لحماية المستهلكين في الداخل. لكن كيف حصل كل ذلك؟ وما هي الأسباب التي تقف وراء تفاقم أزمة الغذاء في العالم؟
لنبدأ أولاً بالأمور التي لا يمكن تحميل مسؤوليتها لأحد. أولاً هناك زحف الصينيين الذين باتوا أكثر إقبالاً على أكل اللحوم، وإلى جانبهم طبعاً المواطنون في الاقتصاديات الناشئة الذين بدأوا يأكلون على الطريقة الغربية. ولو عرفنا أنه لإنتاج قطعة لحم تحتوي على مائة سعر حراري يتعين إطعام الحيوانات المنتجة للحم 700 سعر حراري من الحبوب، فلكم أن تتخيلوا الضغط الذي سيمارسه الاستهلاك المتنامي للحوم على إنتاج الحبوب. لكن ارتفاع أسعار النفط، وهنا السبب الثاني، يلعب دوراً آخر في أزمة الغذاء الحالية بعدما أصبحت أساليب الزراعة الحديثة والمعاصرة أكثر اعتماداً على الطاقة لإنتاج الأسمدة الكيماوية وتشغيل آلات الحرث والحصاد، فضلاً عن وسائل نقل المحصول. ومع تجاوز سعر برميل النفط المائة دولار تحولت تكلفة الطاقة المرتفعة إلى أحد أهم الأسباب التي تدفع أسعار المواد الغذائية إلى الارتفاع. ولابد من الإشارة إلى أن أسعار النفط المرتفعة لها علاقة كبيرة بالنمو الاقتصادي الذي تشهده الصين وباقي الاقتصاديات الناشئة في العالم. فقد دخلت هذه القوى الصاعدة سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر في منافسة محمومة مع باقي العالم على الموارد الطبيعية النادرة أصلاً، بما فيها النفط والأراضي الزراعية، وهو ما يدفع في النهاية أسعار المواد الخام من جميع الأنواع إلى عنان السماء. لكن ثمة سببا آخر ثالثا يفسر أزمة الغذاء هو التغيرات المناخية التي يعرفها العالم والتقلب الشديد في أحوال الطقس، لا سيما في المناطق المنتجة للمواد الغذائية مثل أستراليا التي تعتبر ثاني أكبر مُصدر للقمح في العالم، حيث عانت خلال السنة الأخيرة من جفاف حاد قلص من حجم إنتاجها. ومع أني قلت في البداية إن هذه الأسباب والعوامل المسببة لأزمة الغذاء العالمية لا يمكن تحميلها لأحد، إلا أن الأمر في الواقع لا يخلو من مسؤولية تتحملها بعض الأطراف. فإذا كان الصعود الاقتصادي للصين وباقي الدول الناشئة العامل الأهم الذي يفسر ارتفاع أسعار النفط ومن ثم تأثيره على أسعار المواد الغذائية، فإن غزو العراق-الذي تعهد المدافعون عنه بأنه سيخفض أسعار النفط- ساهم أيضاً في تقليص إمدادات الطاقة مقارنة مع الوضع السابق على الغزو.
وبالطبع لا يمكن أيضاً نفي العلاقة القائمة بين الجفاف الذي يضرب أستراليا والتغيرات المناخية، لذا تتحمل المسؤولية في هذا الإطار الدول والحكومات التي وقفت في طريق الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. لكن المثال الأكثر وضوحاً على السياسات السيئة ودورها في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في سائر أنحاء العالم، فيتمثل في صعود ما بات يسمى بالوقود البيولوجي والإيثانول. فقد كان يفترض بعملية دعم تحويل المحاصيل الزراعية إلى وقود أن يعزز استقلال البلدان في مجال الطاقة وأن يساعد في الحد من الاحتباس الحراري، لكن هذه التعهدات أثبتت أنها مجرد سراب. ولا أدل على ذلك من أن الإيثانول الذي تشير التقديرات الأكثر تفاؤلاً أن استخراج جالون واحد من النوع المستخرج من الذرة يتطلب معظم الطاقة التي يحتويها جالون الإيثانول نفسه. ويبدو أنه حتى السياسات الحصيفة المرتبطة بالوقود البيولوجي التي انتهجتها البرازيل مثل استخراج الإيثانول من قصب السكر أدت إلى تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري بسبب نزع الغابات والقضاء على الأشجار، لزراعة محاصيل القصب على أجزاء من أرض الغابات.
زراعة المحاصيل المنتجة للوقود البيولوجي تنقص من مساحة المحاصيل الموجهة للاستهلاك البشري، لذا يتحمل هذا الوقود جزءاً من المسؤولية عن الارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية.
وفي الوقت نفسه، فإن الأرض التي كانت تُستغل لإنتاج المحاصيل الموجهة للوقود البيولوجي تنقص من مساحة الأراضي المخصصة لزراعة المحاصيل الموجهة للاستهلاك البشري، وبالتالي يتحول الوقود البيولوجي المدعوم من قبل الحكومات إلى أحد العوامل المهمة المسؤولة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم، ومن ثم تفاقم الأزمة الحالية. ويمكن أن نضيف أيضاً إلى العوامل السابقة الشعور المتزايد بالثقة المبالغ فيها أحياناً لدى الحكومات وتجار الحبوب الذين كانوا في السابق يحتفظون بمخزون كاف من الحبوب تحسباً للسنوات العجاف عندما يكون المحصول ضعيفاً. لكن وبمرور السنين بدأ مخزون هذه الدول من الحبوب يتناقص لاعتقادهم أن نقص المحصول يمكن تعويضه باللجوء إلى الاستيراد من الدول الأخرى الأكثر إنتاجاً. والنتيجة أن العديد من دول العالم أصبحت عرضة لأزمات غذائية حادة بنفس الطريقة التي باتت فيها الأسواق المالية معرضة لصدمات مدمرة. لكن كيف يمكن مواجهة الأزمة؟ الخطوة الأولى الملحة هي مساعدة الشعوب التي تواجه أوقاتاً صعبة، لكننا أيضاً في حاجة إلى التراجع عن الوقود البيولوجي الذي تبين أخيراً أن السير على دربه كان خطأ فادحاً.
بول كروجمان
كاتب ومحلل سياسي أميركي
"نيويورك تايمز"