تعود قصة عيد العمال الى عام 1886 حيث اعلن حوالى 350 ألف عامل أمريكى فى اول مايو الاضراب العام تحت شعار " ثمانى ساعات عمل ، ثمانى ساعات نوم ، ثمانى ساعات راحة " وقد تم محاكمة قادة العمال وتم إعدام اربعة منهم حيث نفذ الحكم فى 11 نوفمبر 1887 كما حكم على آخرين منهم بالسجن مدد طويلة وتم قتل أحد قادتهم فى الحبس واليوم وبعد مرور كل هذه السنوات هل يتمتع العمال فى فلسطين المحتلة والعالم بفرص عمل لائقة تسمح لهم بثمانى ساعات نوم ، بثمانى ساعات راحة..؟؟ يحتفل عمال العالم وكادحوه وسائر شغيلة اليد والفكر بالأول من أيار في كل عام، منذ مأثرة عمال شيكاغو في عام 1886 ، كونه عيداً للتضامن والنضال في سبيل الحريات النقابية والسياسية، ومن اجل السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية، وفي سبيل عالم أفضل خالٍ من الاستغلال والتمييز والاضطهاد. عمال الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران 1967 يستقبلون الأول من أيار هذا العام بالمرارة والاحباط والغضب في ضوء الظروف المعيشية القاسية التي يواجهونها . فمن جهة يواجه هؤلاء العمال عمليات قمع واهانات يومية وعمليات مداهمة واعتقال من قوات الاحتلال واعمال استغلال بشعة للعاملين منهم في المشاريع الاسرائيلية ، الصناعية والزراعية والخدماتية التي أقامها المستوطنون على الاراضي الفلسطينية في المستوطنات ، ومن جهة اخرى يقفون في مواجهة البطالة والفقر والتهميش ، يتطلعون نحو" الحكومة الفلسطينية" عسى ان تضعهم على جدول أعمالها للبحث عن حلول وطنية تخفف من معاناتهم وترفع عنهم ولو بقدر معقول وضمن ما تتيحه الموارد المالية المتاحة وما تتيحه الظروف التي يمر بها الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص الفلسطيني كابوس ظلم لم يعد يحتمل وشروط عمل هي اقرب الى السخرة منها الى علاقات عمل وتعاقد تنطوي بالضرورة ،كما هو الحال في النظم الرأسمالية ، على الاستغلال والاستحواذ على فائض القيمة في ما ينتجون...! انها حالة اشعلتها نيران الغلاء، والهبها حر الازمات وانخفاض العملات التي بدأت تنخفض درجة حراتها مع ارتفاع حرارة المحروقات والسلع الاساسية ،واصبح العمال والموظفون لاهثين نحو كرامة العيش،ولسان حالهم يقول باي حال عدت ايها العيد،ان الضائقة التي يعيش بها الموظف والعامل ازدادت حرارتها بفقدان نصير فاعل للعمال والعاملين هو رفيق الدرب والعمل الزميل الراحل والذي فارقنا وهو في قمة العطاء د. احمد مسلماني الذي ما توانى يوما عن شحذ الههم والتلطيف من معاناة العاملين الذين اعتبرهم الحراك الفاعل في النضال الى جانب المزارعين والطلاب والفئات الاخرى، فالعامل من وجهة نظره هو قيم ومبادئ ومنهج قائم على العفة والكرامة وان العمل مهما دنت منزلته هو مقدس ولذلك فان د. احمد كان ينمي الثقة في قلب كل عامل وموظف ويشعره ان دوره لا يقل اهمية عن دور اي مسؤول فلسطيني بل ان رسالته هي اسمى من جميع الاتجهات والنظريات السياسية ،فالعمال يجب ان تكون لهم مواقف سياسية واجتماعية وسياسية ناتجة من معاناتهم اليومية وقائمة على حقوقهم الاساسية وانتمائهم للوطن، وان لا تكون مواقفهم محصورة بلقمة عيشهم ،فان ذلك انتقاس لدورهم في حركة التحرير والنضال للشعب الفلسطيني فاردت ان احي ذكراه في هذه المناسبة، التي عز علي غيابه عنها وهو المحلل المدرك للحاضر والماضي والمستقبل بايمانه بقدرة العمال على تبني القضايا الوطنية والسياسية والاجتماعية. إن الجريمة البشعة التي يرتكبها العدو الصهيوني اليوم بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني واستهدافه الأطفال والنساء في شوارع في غزة تأتي في سياق استكمال برنامج التحالف الأمريكي الصهيوني بعد سلسلة الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني والضغوط السياسية والاقتصادية التي مورست بحقه والحصار الظالم الذي يتعرض له في محاولة لوقف مقاومته وكسر إرادته وتبديد حقوقه الوطنية الثابتة . إن الوحدة الوطنية الفلسطينية كانت وستبقى السلاح الأقوى والأمضى في مواجهة السياسة العدوانية الصهيونية المدعومة أمريكياً وأن خيار المقاومة المستند لبرنامج سياسي وطني يلتزم بالثوابت الوطنية ، وهذا يتطلب إنهاء حالة الانقسام التي تعيشها الساحة الفلسطينية عبر الشروع في حوار وطني شامل يفضي إلى إعادة اللحمة للوضع الفلسطيني وتفعيل مؤسسات م.ت.ف بمشاركة كل فصائل ومؤسسات العمل الوطني الفلسطيني كمرجعية وطنية تعيد الاعتبار للقضية والحقوق ، ووقف الرهان على المفاوضات التي لم تنتج إلا المزيد من القتل والإجرام الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وتلميع صورته أمام المجتمع الدولي بالحديث عن مفاوضات وتسوية سلمية . إن الواجب الوطني والقومي يقتضي التصدي للهجمة الصهيونية الأمريكية بعد أن أصبح الرهان على الواقع الرسمي العربي رهاناً عقيماً ويتطلب ذلك العمل على توفير مقومات الصمود السياسية والإعلامية والاقتصادية للشعب الفلسطيني واستمرار الضغط الشعبي العربي لوقف العدوان الصهيوني وكسر الحصار المفروض على غزة . إننا نناشد الضمير العالمي وكل منظمات حقوق الإنسان في العالم وكل أصحاب الضمائر الحية في العالمين العربي والإسلامي بالتحرك السريع لفضح النوايا العدوانية الأمريكية الصهيونية وتعريتها أمام الرأي العام والعمل على مقاطعة هذا الكيان المجرم الذي لا يقيم وزناً لكل القوانين والأعراف الدولية التي تؤكد على احترام وصيانة حقوق الإنسان . طالبَ الأول من أيار، بتطبيق يوم العمل ذي الساعات الثمان. لكنْ حتى بعد بلوغ هذا الهدف، لم يجرِ التخلِّـي عن الأول من أيار. فما دامَ نضال العمال ضد البورجوازية والطبقة الحاكمة مستمراً، وما دامت الـمَطالبُ لم تُـلَـبَّ، فإن الأول من أيار سيكون التعبيرَ السنويّ عن تلك الـمَـطالب. وحينَ يطلُّ فجرُ أيامٍ أفضلَ، حين تبلغ الطبقة العاملة العالمية غاياتِـها، فآنذاك، أيضاً، قد يجري الاحتفال بالأول من أيار، على شــرف النضال المرير، وعذابات الماضي الكثيرة. وبهذه المناسبة السعيدة، مناسبة عيد العمال العالمي، نتوجه بالتحية الى العمال والكادحين وكل شعوب العالم في نضالهم النبيل لبناء عالم جديد، تسوده قيم الديمقراطية والسلام والعدالة والتكافؤ والمساواة بعيدا عن الحروب والهيمنة والتسلط والعولمة الرأسمالية المتوحشة ومصادرة حق الشعوب في تقرير مصائرها بنفسها، واختيار النظام السياسي- الاجتماعي الذي تريد وفقا لارادتها. لتكن ذكرى الأول من أيار مناسبة لوقفة إجلال وإكبار، لشهداء الطبقة العاملة والوطن الذين جادوا بأرواحهم فأضاءوا لنا الدرب. ولا نستثني أحداً ممن سلكوا دروب الكفاح والاستشهاد. إن الدماء التي أرخصوها هي خلاصة المحبة، والوعي، والإرادة الصادقة، والشجاعة وروح الاقتحام. في العيد نحمل راية الشهداء وبمشاعلهم نضيء قلوبنا، ونسير على دروبهم النيرة. وفي الأول من أيار، أيضا، نوقد شعلة أولئك الذين واصلوا ويواصلون المسيرة والعطاء والمثابرة دون كلل، من العمال والكادحين وكل شغيلة اليد والفكر، أولئك، الذين حملوا الرايات وهي تلف آمالهم وإيمانهم بوطن حر وديمقراطي ومستقل. فمرحبا بعيد الشغيلة ..... بعيد العمال والكادحين من شغيلة اليد والفكر ممن أضاءوا لنا الدرب وزرعوا شجرة النضال العظيمة التي أعطت وما تزال تعطي ثمارها.... إنهم بناة الراهن وصناع المستقبل! عاش الأول من آيار المجيد، عيد الكفاح والتضامن الأممي ضد الاستغلال والاضطهاد، ومن اجل الحرية والديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية..!
***تم الرجوع لبعض المصادر.