آخر الأخبار

نصر أبو زيد:الفن وخطاب التحريم

كان من المتوقع أن تكون لمحاضرة الكاتب المصري نصر حامد أبو زيد بعنوان (الفن وخطاب التحريم) آثار جانبية تمثلت في أسئلة الجمهور مساء يوم السبت في الجامعة الامريكية بالقاهرة دفعته للتشديد على أن الحضارة الاسلامية لا يبقى منها الكثير اذا ألغيت منها الفنون.

وأثارت بعض الاسئلة اجابات تبدو خارج موضوع المحاضرة. منها ما اعتبره مفارقات في نصوص الدستور المصري فيما يتعلق بقضية الدين.

فأبو زيد الذي عرف نفسه قائلا.. "أعتبر نفسي معنيا بتحليل الخطاب" أبدى دهشته ليس من نص الدستور المصري على أن الاسلام هو دين الدولة.. ولا من كون الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. بل من وجود هذا النص مع نص اخر يرفض قيام أحزاب على أساس ديني.

وتقول المادة الثانية من الدستور "الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع" كما تنص المادة الخامسة من الدستور على أنه "لا تجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أية مرجعية دينية أو أساس ديني".

وعلق أبو زيد قائلا ان "الدين وقود" في الدولة التي تمارس ثقافة الاستبداد مضيفا أن هذا النوع من الثقافة "مسؤول عن الفساد وغياب الحرية" حيث يقوم على امتلاك الحقيقة المطلقة ويدعي حماية الناس من خطر ما يتم تضخيمه.

وبدأ أبو زيد محاضرته -التي نظمتها مؤسسة المورد الثقافي- بمقدمة قرأ فيها فقرات من كتاب سيد قطب (1906-1966) الذي نشر عام 1945 بعنوان (التصوير الفني في القران) وهو كتاب أشاد به الروائي المصري نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل في الاداب حيث كتب مقالا قال فيه ان القارئ يجد في الكتاب "نورا جديدا ولذة طريفة".

وظل محفوظ يحتفظ لقطب الذي صار من أبرز رموز التشدد الاسلامي بمكانة خاصة لانه كان أول من كتب عن رواياته وتحمس له كما لم يتحمس لروائي عربي اخر. ثم أعدم قطب عام 1966 بعد أن وجهت اليه تهمة بالتامر على نظام حكم الرئيس الاسبق جمال عبد الناصر في قضية شهيرة شملت بعض رموز جماعة الاخوان المسلمين عام 1965.

وقال أبو زيد (64 عاما) ان اختياره لكتاب قطب "لا يخلو من عدم خبث" حيث استشهد به على أن عبقرية القران في البيان والقدرة على التصوير "قبل أن يكون كتاب أخلاق وتشريع" مضيفا أن في تحريم الفنون نوعا من الاضطهاد حيث يمارس الانسان أقصى درجات الحرية في الفنون من رسم وتصوير وشعر وتشكيل.

وتساءل.. ماذا يبقى من الحضارة الاسلامية لو نزعنا منها هذا الغنى الفني والادبي
وأضاف أن المسلمين لم يجدوا حرجا في التماثيل التي وجدوها بالمعابد الاثرية في مصر والهند وغيرهما قبل أن تشهد السنوات الاخيرة تنويعات على التحريم مثل اصدار مسؤول مصري أمرا بازالة تمثال من مدخل مدينة السادس من أكتوبر وتدمير تمثالي بوذا في مدينة باميان بأفغانستان.

وقال ان المسلمين لو أنهم يخشون على أنفسهم أن يعبدوا الاصنام "ولو أنهم بهذه الهشاشة (فهم) يستحقون الفناء."

وأشاد بوعي المصريين الذين احتفوا بالمثال المصري الرائد محمود مختار (1891-1934) واستقبلوه في مدينة الاسكندرية الساحلية عند عودته الى البلاد ليقيم تمثال (نهضة مصر) تخليدا لثورة 1919 وتبرعوا بتغطية نفقات هذا التمثال وتماثيل أخرى في مدن مصرية لسعد زغلول زعيم تلك الثورة الشعبية.

وتعرض أبو زيد في منتصف تسعينيات القرن العشرين لمحاكمة انتهت بصدور حكم قضائي بالتفريق بينه وبين زوجته استنادا الى ما رأته خروجا عن الاسلام بسبب بعض كتاباته فاضطر للذهاب الى هولندا حيث قام بالتدريس في جامعتي لايدن وأوترخت التي يشغل فيها حاليا كرسي ابن رشد لدراسات الاسلام والعلوم الانسانية.

ووصف أبو زيد الثقافة العربية بأنها لاتزال شفاهية مشددا على أن الذين هاجموه والذين أيدوه لم يقرأوا كتبه.

ورغم محاولته تجنب الاجابة عن سؤال يخص "العقاب الديني" أو الحرمان الذي يمارس تجاه بعض المسيحيين في مصر قال ان الفكر الديني المصري المسيحي والاسلامي "يمتح من نفس البئر.. لانه مصري ولانه عربي.. الموقف ضد المرأة ليس اسلاميا بل مصريا