آخر الأخبار

حرب لبنان.. الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ج8

بدأ الغزو الإسرائيلي للبنان في الرابع من يونيو/حزيران من عام 1982م بغارات عنيفة شنها سلاح الطيران الإسرائيلي على بيروت الغربية والجنوب كانت الذريعة لبدء الغزو محاولة اغتيال تعرض لها السفير الإسرائيلي في لندن (شلومو أرجوف) لم تأبه إسرائيل إلى أن مهاجم (أرجوف) كانوا من جماعة أبو نضال المناهضة لياسر عرفات.

زجت إسرائيل إلى لبنان بضعف عدد القوات التي واجهت بها مصر وسوريا في حرب لبنان عام 73 بدأ الغزو البري للأراضي اللبنانية بعد يومين من الغارات الجوية.

تيمور غوكسل (المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة):
في العاشرة وخمس وثلاثين دقيقة صباح السادس من حزيران/ يونيو ظهرت ثلاث عشرة دبابة (سنتريون) إسرائيلية عند جسر الحمراء، كانت طليعة القوات إذ كان هناك 6 جنود هولنديين مسلحين ببنادق رشاشة عند حاجز الحمرا تقابلهم ثلاث عشرة دبابة سنتريون، قام جنود الأمم المتحدة بواجبهم فقالوا: إلى أين أنتم ذاهبون؟ توقفوا فتوقفت الدبابات الإسرائيلية، قال الجنود: لا يمكنكم دخول منطقة الأمم المتحدة، فرد الإسرائيليون: نحن آسفون هذا غزو، هاه!! غزو، انتظروا، رمى الجنود الهولنديون بعوائق على الطريق فانكسر محور الدبابة الأولى عند محاولتها التقدم، وألقى الجنود بحواجز حديدية على الطريق فانكسر جنزير الدبابة الثانية، إذاً أوقفنا دبابتين وبقيت إحدى عشرة دبابة، نفدت منا العوائق، نحن قوة حفظ سلام ولا نتوقع اجتياح مواقعنا، بعد ذلك قال الهولنديون غزو!! وماذا عسانا أن نفعل؟! نطلق النار من بنادقنا؟! فبدءوا يلتقطون الصور مرت تلك الدبابات وتلتلها ألف ومائة دبابة، كانت لينا كتيبة فرنسية وصلت للتو، اتصل عقيد فرنسي قائلاً: ليس لدينا في الجيش الفرنسي هذا العدد من الدبابات الذي مر للتو من منطقتي، بالكاد استطعنا إحصاءها، أربعة آلاف عربة مدرعة، الجيش والبحرية والطيران، وأربعة آلاف فلسطيني لمواجهتهم، فقلت: لحظة هذه ليست عملية تطهير للمنطقة من صواريخ الكاتيوشا، هذا غزو كاسح اشترك فيه 90 ألف شخص في نهاية المطاف.

عمر العيساوي:
كان الاعتقاد السائد أن القوات الإسرائيلية ستبعد قوات منظمة التحرير مسافة 40 كيلو متراً عن الحدود، وهي المسافة الكافية لتجنب تأثير صواريخ منظمة التحرير.

كان أول من سارع لتبرير الغارات الجوية الإسرائيلية وزير الخارجية الأميركي (ألكسندر هيج)، الذي بدأ وكأن أفكار وزير الدفاع الإسرائيلي أرييل شارون قد راقت له فأعطاه ضوءً أصفر.

نيكولاس فيليوتيس (مساعد وزير الخارجية الأميركي):
نحن لم نشجع الغزو، ولكن كان هناك تفاهم أنه إذا كنتم تغزون فافعلوا ذلك بسرعة، وعودوا لأراضيكم.

هكذا طرح الأمر على الحكومة الإسرائيلية، وهذا ما وافقت عليه تلك الحكومة، لم يفهم أحد أن شارون بتواطؤ من يشير الجميل -على الأرجح- كان ينوي الوصول إلى بيروت وأن يحارب السوريين، ويحاول أسر أو قتل قيادة منظمة التحرير في بيروت، قبل الغزو كان وزير الخارجية هيج جالساً إلى مكتبة وكانت هناك خريطة للبنان إلى يساره كنت جالساً إلى يمينه وكان (موريس درايبور) واقفاً أمام مكتب الوزير، لم يصف الوزير اجتماعه بالإسرائيليين إلا أنه قال: إن الخطط الإسرائيلية في حال غزو لبنان -أعتقد أنه استخدم هذا التعبير- هي الوصل بين الجنوب والشمال، فقال درايبور: ولكن سيدي الوزير هناك مليون شخص بين هاتين المنطقتين ومعظمهم من الشيعة، كان ذلك اجتماع الضوء الأصفر الشهير.

عمر العيساوي:

وافقت الحكومة الإسرائيلية على الغزو لمسافة 40 كيلو متراً، وكانت دمشق مقتنعة كسائر عواصم العالم بهذا الأمر، إلا أن شارون كانت لديه خطط أخرى.

زهير دياب (كاتب ومحلل سوري):
الرئيس الأسد في ذاك الوقت أعتقد أنه ارتكب خطأً بعدم تفهم هذا التحالف الثلاثي الجديد الذي نشأ، مجموعة (ريجان)، في السياسة الخارجية ألكسندر هيج بالذات، وشارون كذلك، وبشير الجميل، و.. كما.. الغزو إلى حد كبير فاجأ مدى الغزو يعني.. يتوقع عمليات إسرائيلية ضد الفلسطينيين ولكن لم يتوقع من ضمن القوات السورية.

عمر العيساوي:
بذل بشير الجميل مسعىً أخيراً للتوصل إلى تفاهم مع منظمة التحرير.

العقيد جوني عبده (رئيس جهاز مخابرات الجيش اللبناني):
باجتماع بين هاني الحسن وبشير الجميل عندي بالبيت بأتذكر ما هو هلا صاير، كان معزوم.. كانت عازمهم على الغدا، فبلِّش بشير الجميل يقول لهاني حسن: شو هو الموضوع الإسرائيلي؟ وإنه فايتين من صور وراحوا وصلو على بيروت، وقالو هاني الحسن: شو الحل؟ قالوا: الحل بسيط كتير إعلان ثلاثي بين الرئيس سركيس وياسر عرفات وأنا، الشرط الأساسي إنه أنتم ما فيش لزوم لأسلحتكم، وبتتعاملوا بلبنان مثل ما بتتعاملوا مع الدول العربية، أنا موافق على أنكم تنقوا سكن تاني، تقعدوا فيه بلبنان بس مش ببيروت، ادربوا فيهم قد ما بتكون، بس سلاح ببيروت ما فيه، وسلاح ضد اللبنانيون ما فيه، وبأعلن الرئيس سركيس وأبو عمار وأنا بنعلن إن إحنا ضد الاجتياح الإسرائيلي تلاتتنا، وبيستلم الجيش اللبناني جنوبه وما بيصير. هذا الحكي مش إنه بده يصير هيك، الحكي أنه صاروا الإسرائيليين.. تعدوا الحدود، أصبحوا وصلوا على صور، فهاني الحسن بيقول له: يا شيخ بشير هذا الحكي بيستحق إني ما أتغدى إني أنزل دوغري عند أبو عمار، وأبعت لكم جوابي من بعد اجتماعي فيه: نزل هاني الحسن عند أبو عمار، وبعدها ما سمعنا عنه شيء لحد الآن.

عمر العيساوي:
إلا أن بشير أفهم شارون أيضاً أن الغزو يجب أن يصل إلى بيروت.

إيلي حبيقة (القوات اللبنانية):
وقت اللي سئل، سئل إنه أربعين كيلو متر شو فيكم بتستفيدوا منه؟! جواب بشير إنه: ما فينا نستفيد منه بالمرة، حتى ما فينا نعمل تصريح، الحكي: طيب صيدا، الجواب كان برضو نفس الشيء.. وبلَّشوا يحكوا.. يعني وين المواقع اللي فيكم تستفيدوا منه؟ وقتها بشير بياخد شارون وبيدله على مدرسة الجمهور بيقول له: هذه مدرستي اللي أنا تعلمت فيها إذا ما وصلتم لهون، لا يمكن إن إحنا نتحرك أو نقدر نستغل يعني ها العمل بأي شيء اللي كان، إذا وصلتوا لهون أنا في يقعد هون، وقتها كان بالرعابدة قصر الرعابدة ومدرسة الجمهور يعني مبينين من منطقة المكلس.

عمر العيساوي:
كانت القوات الإسرائيلية تتقدم من مختلفة المحاور باتجاه بيروت، وانكفأ الفلسطينيون، إلا أن الجيش الإسرائيلي واجه مقاومة ضارية عندما قام اللواء الجولاني -وهو من خيرة الألوية الخاصة في الجيش الإسرائيلية- باحتلال قلعة شقيف التي زارها بيجن للدلالة على أهميتها.

عمر العيساوي:
وكذلك فقد أبدت مخيميات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب مقاومة عنيفة للقوات الإسرائيلية أعاقت احتلال الغزاة لها لأيام عدة. أصبحت المخيمات مناطق منكوبة.

المحاور:
وين كنتم ساكنين؟

لاجئة فلسطينية:
هيا.. هنا.

المحاور:
هاي كان بيتكم؟ آه هذا كان في الجوار المكوم، هذا لجيراننا.

لاجئة 2:
مرحبا.

المحاور:
مرحبتين وين أنتم ساكنين الآن؟

لاجئة 1:
لسه بالطريق قاعدين، وين.. بدنا نسكن؟! ما فيش إلنا مسكن.

المحاور:
على شوع بتفتش؟

لاجئ فلسطيني:
نعم.

المحاور:
على شوع بتفتش؟

اللاجئ:
عم بأفتش على.. على المذياع وعلى العيرات وعلى الصياغ، عم بأفتش، وهي الصياغ عم بأغيره عم بأفتش على السهل.. فيها عندنا عرض.

وكل الأغراض ادلت فيها وكل المحلات دلت فيها راحت كلها.. كلها راحت فيها إيه.

عمر العيساوي:
ولكن استمرت الانتقادات نتيجة تقهقر منظمة التحرير الفلسطينية العسكرية.

بسام أبو شريف (منظمة التحرير الفلسطينية):
ليش ما قدرت الناس تواجه؟

عارفين أو مش عارفين؟ أنت.. أنت قول لي مين بيقدر في هذا العالم العربي دولة وجيشاً وطيراناً وبحرية وغواصات يواجه إسرائيل؟! ما لقيتم إلا منظمة التحرير لكونها بتعرف إنه إمتى تواجه كل هذا الجيش الإسرائيلي نعم، شو نحنا ظرزان؟! حافظ الأسد وسوريا دخلوا المعركة خمس أيام وقعوا وقف إطلاق النار في 10 حزيران، نحن لا عندنا طيران وممنوع كنا ندخل صاروخ مداه أبعد من ها القد، سوريا تمنعنا.

باتريك سيل (كاتب متخصص في الشؤون السورية):
صحيح أن سوريا وقعت اتفاق وقف إطلاق النار دون استشارة أحد، ولكنها قاتلت بشراسة، كان إجبار القوات السورية على التراجع وتحويلها القوات السورية على التراجع وتحويلهم إلى متفرجين بينما تشتعل المعركة في بيروت أمراً مذلاً جداً للسوريين، ولكنهم احتفظوا بلواء في بيروت..،لم يستسلم وصمد فيما كانت دمشق تحثه على الصمود وفي الحرب تفعل ما بوسعك، لم تكن سوريا في تلك الفترة تملك القدرة لمحاربة إسرائيل خاصة بعد الخسائر التي منيت بها دفاعاتها الجوية في سهل البقاع وجزء كبير من سلاحها الجوي.

عمر العيساوي:
كانت سوريا في الأيام الأولى للاجتياح لا تزال تعتقد كما اعتقد الجميع أن العملية الإسرائيلية ستكون محدودة.

إيهود بعاري (صحافي إسرائيلي):
استغرق السوريون ما بين 148 و 72 ساعة ليفهموا ما كان يجري البعد الحقيقي للعملية، لم يستوعبوا الأمر في اليوم الأول ولا في اليوم الثاني، وأعتقد أن الفضل يعود لعلي أصلان هو الذي فهم ما كان يحصل وخطة شارون الحقيقية، لم تكن لديه معلومات استخباراتية جيدة، ولكنه تمكن من وقف تقدم القوة الإسرائيلية المتجهة إلى (ظهر البيدر) وحصل على وقت إحنا في لجلب المزيد من القوات إلى سهل البقاع لإقامة خط دفاعي هناك.

عمر العيساوي:
قاتلت القوات السورية بشراسة في البقاع عندما وجدت أن التقدم الإسرائيلي بات يدنو من العمق الإستراتيجي للأراضي السورية فاشتبكت دبابات وقوات خاصة سورية مع الجيش الإسرائيلي وألحقت به خسائر جسيمة

موريس درايبر (مساعد فيليب حبيب):

الإسرائيليون أول من يعترف أن المشاة السوريين أبلوا بلاء حسناً، قاتلوا -بشراسة، أرادت القيادة العسكرية السيطرة على طريق بيروت- دمشق، إلا أنها قالت لبيجن أنها منيت بخسائر جسيمة ولذا تراجع بيجن.

عمر العيساوي:
في أجواء لبنان حصلت إحدى أضخم المعارك الجوية في العصر الحديث.

قاسم جعفر (خبير في الشؤون السياسية الإستراتيجية):
الصواريخ التي كانت سوريا قد أدخلتها إلى لبنان في ذلك الوقت كانت موجودة في معزل عن شبكة الدفاع الجوي السورية المركزية التي كانت مكلفة بالدفاع عن الوطن السوري عن الأجواء السورية ضد أي هجوم جوي إسرائيلي لذلك كان من السهل على الطيران الإسرائيلي أن يعزل هذه الصواريخ، هذه البطاريات عن سائر شبكة الدفاع الجوي السورية المركزية وأن يعمل على تدميرها واحدةً تلو الأخرى دون الكثير من العناء.

ثالثاً: هناك العمل التقني، هذه الصواريخ كانت صواريخ تعود إلى حرب عام 1973م إلى حرب تشرين، بكلام آخر هذه الصواريخ، هذه الأنظمة، مثل سام 3 وسام 6 وسام 7 وغيرها وسام 9، كانت يعني هي الأسلحة التي خاض بها العرب -أي مصر وسوريا- حرب 1973م وفي حرب 1973، نجحت هذه الأنظمة ضد السلاح الجوي الإسرائيلي كما كان عليه سنة 1973م، لم يكن ذلك يعني على الإطلاق أنها ستنجح مرة أخرى ضد سلاح الجوي الإسرائيلي كما سيكون عليه عام 1982م أو كلما كان يفترض أن يكون عليه في أي مرحلة لاحقة، يبدو أن المواجهة التي حدثت في أجواء البقاع وأجواء لبنان عموماً أدت إلى سقوط ربما ما يتراوح 80 ، 70 أو 80 طائرة سورية دون خسارة إسرائيلية وفي فترة زمنية طبعاً العمليات على مداها استمرت أياماً عدة، ولكن الجزء الأساسي من المواجهة الجوية تم في غضون أقل من ساعة.

عمر العيساوي:
عاد الموفد الأميركي (فيليب حبيب) يرافقه (موريس درايبر) إلى المنطقة في محاولة لترتيب وقفت لاطلاق النار بين سوريا وإسرائيل.

نيكولاس فيليوتيس (مساعد وزير الخارجية الأميركي):
جاء حبيب إلى إسرائيل كموفد للرئيس ريجان للتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع السوريين، لم يزد أن تتصاعد الأمور لتنشب حرب شاملة، وافق الإسرائيليون فذهب حبيب إلى سوريا وحصل على موافقة الأسد على وقف إطلاق النار، وبينما كان متوجهاً بالطائرة إلى إسرائيل علم أن الجيش الإسرائيلي في لبنان التف على القوات السورية -رغم اتفاقية وقف إطلاق النار- ففتح السوريون النار عليهم، ادعى الإسرائيليون أن السوريين انتهكوا وقف إطلاق النار ولاحقاً قال لنا بيجن لن تقولوا شيئاً عن التزامنا بمواقعنا وهكذا أنشأت إسرائيل فكرة وقف إطلاق النار المتحرك يسمح بالتنقل حيثما تشاء وبتدمير الخصم عندئذ إذن لم تعد هناك لحبيب فائدة في الشرق الأوسط.

عمر العيساوي:
غضب الرئيس الأسد غضباً شديداً، وأعلنت دمشق أنها لن تستقبل حبيب بعد ذلك اليوم والتزمت بذلك.

موريس درايبر:
بعد ذلك رفض الأسد حتى التكلم مع حبيب لأنه شعر أنه نكث العهد.

هذا ما قيل لنا أن حبيب وعد ونكث، لكن هذا غير صحيح، ربما كانت المشكلة في الترجمة إلا أن حبيب لم يعد الأسد، كل ما قاله أنه سينقل ذلك إلى بيجن، في تلك الأونة كانت قد حصلت معارك دامية بين السوريين والإسرائيليين، وعندما كنا عائدين بالسيارة دمشق ووصلنا إلى سهل البقاع على طريق دمشق بيروت، كانت الدبابات السورية مدمرة على جانبي الطريق، دبابات كبيرة سوفيتية الصنع كانت معركة ضخمة؟

عمر العيساوي:

أخذ الحصار يطبق على بيروت الغربية ودخلت القوات الإسرائيلية جبال الشوف معقل وليد جنبلاط دون أن تواجه مقاومة.

وليد جنبلاط (رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي):
رداً على التشكيك آنذاك أن الدروز لم يقاتلوا إسرائيل إلى آخره صدرت موجة من التشكيك بحق الدروز، لذلك صرحت ما صرحت بأنني أتحمل المسؤولية، مسؤولية عدم الدخول في المعركة شخصياً.

بسام أبو شريف:
وليد جنبلاط رجل حكيم مثل أبوه يعني، يطلق النار على مين؟!

يعني بها البواريد البسيطة والكلاشينكوفات المسلح فيها الحزب التقدمي والدروز بده يواجه الجيش الإسرائيلي، اللي متقدم عن نبع الصفا، وهذا.. واللي شايفينه القوات النظامية من فوقه شوي، بيطلق النار من شان إيش؟ من شان يسوي مجزرة؟! يعني إذا.. وليد جنبلاط أنا بأتصور إنه فكر هيك، إذا سمح لأرتال الدبابات الإسرائيلية توصل المختارة من قبل كل الدول العربية، فليش هو بده بيقاتلها؟ من شان يوقع بصفوف الدروز مجزرة، والحقيقة إحنا ما أخذنا على وليد جنبلاط إنه ما قاتل الإسرائيليون، كيف بيقاتلهم؟!

عمر العيساوي:
أخذت بيروت الغربية تتعرض لقصف مدمر شاركت فيه مختلف أسلحة الجيش الإسرائيلي، بينما كان البعض فيها لا يزال يأمل بصحوة عربية.

جورج حاوي (الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني):

كانت تشتد تحدياً، عدما يزداد القصف يزداد التحدي، ومخيل الآن العالم سيهتز إن بيروت تحترق، إن قذيفة قد دخلت ملجأ في برج براجني فقتلت 75 أو أكثر بريئاً، الآن العالم سيهتز، شوارع الجزائر ستنزل بها المظاهرات، فإذا بنا نفاجأ أن المظاهرة إنها كانت تعمل لفريق الجزائر اللي انتصر على ألمانيا في كرة القدم.

عمر العيساوي:
وقفت القوات الإسرائيلية على مشارف العاصمة إلا أن محاولتها المتكررة لاقتحامها من المدخل الجنوبي عبر منطقة خالدة، فشلت لأيام عديدة.

إلياس عطا الله (الحزب الشيوعي اللبناني):
على مثلث خلده، حصلت معركة كبيرة جداً، أبيدت فيها القوى المدافعة، وهي قليلة ولكنها أوقفت الهجوم، الهجوم إلى حين، وليس الهجوم الإسرائيلي إلى حين، وأسرت دبابة إسرائيلية وكان يشارك في هذه المواجهة كتيبة وسرية من الجيش السوري مشاركة بطولية وبالإضافة إلى مشاركة فلسطينية ولبنانية، يعني في تلك اللحظة فعلاً كانت القوات المشتركة في تلك اللحظة كانت مشتركة فعلياً بكل معنى الكلمة، ليس هناك من شيء تشترك فيه سوى الموت يعني.

جورج حاوي:
الجيش الإسرائيلي في المواجهات المباشرة مع المقاتلين الوطنيين اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين كان أقل قدرة وكفاءةً منهم بكثير، أنا شخصياً، اتيح لي شرف المشاركة في أحد هذه المعارك، في خالدة كنت في تفقد لبعض المواقع، مع بعض الرفاق والمقاتلين الفلسطينيين والوطنيين اللبنانيين عندما بدأ الهجوم الإسرائيلي الشامل لاختراق خالدة، طبعاً انبطحنا أرضاً في فترة القصف، تمشيطي للأرض لم تبقى شيئاً، واقفاً على قدميه، من البر والبحر والجو وبعد ذلك وفي غبار هذا القصف تقدمت الدبابات الإسرائيلية، ولكن المقاتلين الذين كانوا في أماكن القصف لم يتحركوا من موقعهم منهم من بقى من مكانه لكونه قد استشهد، ومنهم من بقى في مكانه منتظراً تقدم الدبابات الإسرائيلية لينقض عليها.

عمر العيساوي:
كانت المفاوضات قد بدأت من أجل ترتيب الانسحاب الفلسطيني من بيروت واجتمع رئيس جهاز مخابرات الجيش اللبناني مع ياسر عرفات لهذا الغرض العقيد جوني عبده.

كان معه -الله يرحمه- أبو الوليد اللي قتل بالبراء بعدين أبو الوليد بيقول: أنه لا بيصير إن إحنا المقاومة العنيفة بصور، اللي وقع صار في معركة بصور وأبلوا بلاء حسن الفلسطينيين فيها بدون شك، إنه طلبنا مقاومة أساسية بصور ونيجي بيصيروا الإسرائيليين محاوطين بيروت نستسلم نحن، أنا عرفت بعدين إنه أبو عمار راح يقبل لأنه الاجتماعات التلاتة أو الأربعة اللي حصلوا بعدين ما كان أبو الوليد، ما كان يجي أبو الوليد، وكنت أنا استبشر خير بس يكون أبو الوليد لأنه أعرف ما فيه تلاعب بالكلام إذا بيكون أبو الوليد، لأنه عسكري وبيحكي الأمور مثل ما هي، طبعاً رجعت برفض أنه ما فيه.. ما فيه أراء بهذا الموضوع، وكنت أنا من وراء هذه الاجتماعات هايدي كأننا عم بنشتغل عند الإسرائيليين كلنا بدون أن نعرف، لها السبب حابب أحكي بموضوعية أكتر يعني لا الفلسطينيين اجتلؤوا على القصة ولا إحنا اجتلأنا، بالآخر صفت القصة إن الإسرائيليين عم مطالبات عم بيمرقوا الأميركان إلينا إحنا عم بنمرق الفلسطيني، الفلسطيني عم بيجاوبنا، عم بيرجع يجاوب له الإسرائيلي، عم بيعرف الإسرائيلي أنه بعد الفلسطيني، بده ضرب أكتر يمكن ليقبل، يعني بمعنى آخر صار فيه ضرب إسرائيلي أكتر لمنظمة التحرير ولبيروت لكي تخضع منظمة التحرير إلى المطالب الإسرائيلية، فكنا من حيث لا ندري، كلنا سواء الفلسطينيين ونحن والأميركان عم بنشارك بموضوع معلومات أو بالأحرى إعطاء جو للإسرائيليين إنه والله الفلسطينيين ما قبلوا، آه ما قبلوا لكن ضرب تاني.

عمر العيساوي:
أبدى بعض اللبنانيين مسلمين ومسيحيين سعادة بالغة بالضربات التي كالتها إسرائيل لمنظمة التحرير.

تيمور غوكسل:
رأيت بعض المناطق الجنوبية وكنت موجوداً في بعضها ولا داعي لتسميتها إنها قرى دفعت الثمن نتيجة لغطرسة الفلسطينيين، لم يرحب سكانها بالإسرائيليين فحسب بل أرشدوا عن أماكن تواجد الفلسطينيين.

سعيد عقيل (شاعر لبناني):
ما في خطوات تاني، خطوة واحدة، هو أنه يكمل ها البطل بدين تنضيف لبنان من آخر فلسطيني هذا المطلب اللي بده إياه لبنان، إذا ها الأمر هذا ما تم، أنا بأكون تعيس والشعب اللبناني بيكون تعيس معي، أول ما فات الجيش الإسرائيلي على لبنان كان لازم كل لبناني يقوم يقاتل معه، أنا لو أنه عندي تنظيم حربي هلا بأقوم أقاتل مع الجيش الإسرائيلي وما بأخلي الجيش الإسرائيلي.. أنا بجريدتي اليوم، أنا عم أشكر الجيش الإسرائيلي بعنوان إسرائيلي عندنا بها الافتتاحية، أنا عم بأكتب بأقول أنا مبسوط لسببين لأنه ها الجيش عم بيخلصنا، لأنه بيجن عم بيخلص العالم وعم بيسحق راس الحية اللي اسمه الإرهاب، أنا بأحكي لك عنه هيك، بس بأقول أن زعلان لأنه مش نحن اللي عم بنخلص لبنان، مع الإسرائيليين، من ها الوسخة اللي اسمها العنصرية الدموية الفلسطينية اللي.. بالعالم..

المحاور:
وليه حصل كده إنه اللبنانيين ما اشتركوش في العملية؟

سعيد عقيل:
أنا بأعتقد أنه فيه كام سياسي منزوعين بلبنان وأكترهم بالحكم، هم اللي ما خلوا الشعب اللبناني يشترك، الشعب اللبناني بها الحرب، عمل حرب حلوة ضد الفلسطينيين، إنما كيس عرفات مرات.. هذا عمل نصب، عمل الابتزاز هايل على دول البترول ومعه إيشي 70 مليار، هدي اشترى بها اليومين زعامات بأوروبا وبأميركا حتى تمشي ضدكم، حتى تقول أن ها الجيش اللي جاي يخلص لبنان هذا جيش عزو اللي بيقول جيش عزو بده قصة رأس، أنا باسم كل لبنان بأقول لك هذا الوحيد جيش الخلاص.

عمر العيساوي:
لبنانياً دعي الرئيس سركيس إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان بما فيها السورية والفلسطينية وأنشأ هيئة الإنقاذ الوطني التي ضمت بشير الجميل الذي أصبح مرشحاً رئاسياً الآن ورئيس حركة أمل نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

محمد عبد الحميد بيضون (حركة أمل):
ربما بشير الجميل لم يكن يملك الخبرة الكافة بس الرئيس سركيس كان يملك الخبرة الكافية، وكان حدا الرئيس سركيس أشخاص أيضاً يملكون الخبرة الكافية وأنا لا أريد أن أقول أن الرئيس سركيس أراد فقط من هيئة الانقاذ أن يغطي مشروع بشير الجميل ربما أراد من هيئة الانقاذ أن يفهم بشير الجميل أنه لا يستطيع أن يسير في الركب الإسرائيلي بدون مواجهة من اللبنانيين وإنه مش هو وحده لبنان، ربما كان يعني بشير الجميل كان في بداية الثلاثينات يعني مملوء يعني بكل تهور الشباب وما بيشوف المعادلة اللبنانية بشكل جيد، أراد.. ربما أراد الرئيس سركيس أن يري بشير الجميل المعادلة اللبنانية بشكل أفضل.

عمر العيساوي:
في واشنطن كان (ألكسندر هيج) يتعرض لضغوط متزايدة فيما ظهرت بوادر انقسام داخل الإدارة الأميركية.

نيكولاس فيليوتيس:
علمت بالأمر بعد حصوله واتخذت إجراءات لتصحيح الوضع، علمت أن (هيج) منع وصول برقيات حبيب إلى البيت الأبيض، أصبح الجو مسموماً إلى هذه الدرجة، معظم تقارير حبيب المباشرة إلى واشنطن كانت تتم عبر خط تليفوني آمن، مثلاً كنا على اتصال هاتفي ببيروت وفي نفس الوقت مع بيجن فيقول (هيج) له: لازلتم تقصفون بيروت فيرد بيجن: لا لا، لقد أمرت أن يتوقف القصف وقال لي الجنرال شارون إنه توقف، فيرد هيج اسمع ها هو حبيب على الخط الثاني من بيروت كنا نضع الهاتفين بجانب بعضهما البعض فتسمع بم بم بم لا أعتقد أن بيجن كان يكذب، أظن أن شارون كان الكاذب.

عمر العيساوي:
أدراك هيج متأخراً أن موقفه من الغزو لم يعد مقبولاً حتى في واشنطن.

موريس درايبر:
عملنا على أن يتم استبداله، لم ترق لنا فكرة أن الحرب كانت دائرة بينما هيج يلعب الجولف وتنفسنا الصعداء عندما حل (جروج شولز) مكانه، حبيب كان يعرف شولز إذا كان قد عملاً معاً في جامعة استانفورد وفي مؤسسات خاصة.

كنا في غاية السعادة لمجيء شخص يمسك بزمام الأمور.

عمر العيساوي:
وبينما رحبت بيروت الشرقية بالقوات الغازية حاول زعماء اليمين البقاء على مسافة سياسية وعسكرية من الغزو.

كريم بقرادوني [الكتائب اللبنانية]:

وأنا طرحت على بشير بشكل واضح طرح مباشر، قلت له إذا بدك تشترك بإسقاط بيروت يعني إعلان التقسيم، إعلان حالك قائد مسيحي على منطقة مسيحية وأنا مش معك بهذا الخبر، وإذا بدك تعمل رئيس جمهورية، كل لبنان وبصحيح أنت مقتنع بالشعار الذي رفعته مؤخراً 10452 كيلو متر، فلا يجوز أن تطلق رصاصة واحدة على عاصمتك، طبعاً الإسرائيليين اعتبروا بشير مناور لأنهم اعتبروا أن بشير وعدم بأنه يشاركهم بعملية إذا وصلوا إلى بيروت اعتبروا أن بشير نكث الوعد معاهم.

إيلي حبيقة:
وطلبوا من بشير أنه لدخول العاصمة (...) هم بيحاوطوها وعناصر من القوات اللبنانية بتفوت على العاصمة، وتخلق اللي ما كانوا يسموه sparkle الشرارة في هاديك الفترة وإنه ها الشرارة هذه تخلق الحدث يا اللي بيسمح الإسرائيليين بيدخلوا على العاصمة ويفوتوا على مركز للقيادة الأساسية لفتح وبالتالي يدمروا كل البنى التحتية وينهوا يعني نهائياً ها القيادة هون وقتها بشير رفض، وجرب ينزل الاحتمالات لا بالآخر خلصت ها الاحتمالات كلها سواء، بمشاركة القوات اللبنانية بالدخول على الجامعة اللبنانية بمنطقة الحدث أو الكفاءة وكانت المحل الوحيد يا اللي بتدخل فيه القوات اللبنانية مباشرة بالقتال ضد فريق آخر.

موريس درايبر:
أنا وحبيب أجبرنا بشير على التراجع، قُتل عديد من الشيعة في القتال في محيط مبنى الجامعة اللبنانية، قتلتهم قوات الجميل، القوات اللبنانية، لا أعتقد أن بشير كان مسؤولاً عن ذلك بل أناس كانوا تحت إمرته، تكلمنا مع بشير وقلنا له اسمع، ستبدوا كدمية في يد الإسرائيليين، ونحن لا نريد أن تفعل ذلك فتراجع وأقصى ما فعله هو أنه وافق على تولي قواته السيطرة على الحواجز بين اللبنانيين والإسرائيليين.

عمر العيساوي:
كان رئيس حز ب الكتائب الشيخ بيير الجميل متحفظاً دوماً إزاء العلاقة مع إسرائيل على عكس ابنه بشير، وبدا ذلك واضحاً خلال لقاء أجراه معه التليفزيون الإسرائيلي إبَّان الغزو.

محاور التليفزيون الإسرائيلي:
لماذا لم تشارك القوات اللبنانية في المعركة؟

بيار الجميل (رئيس حزب الكتائب):
لأننا لا نريد أن نكون جسماً غريباً في العالم العربي وقد نجحنا في ذلك، نريد أن نكون أصدقاء للجميع، ومنفتحين على الجميع، كما نريد أن يكون بلدنا منفتحاً على كل الحضارات، ولا نريد أن نكون جسماً غريباً في العالم العربي، لا نريد أن نتخذ موقفاً، لأن هناك حرب بين إسرائيل والعرب أليس كذلك؟ ما نريده نحن هو إنقاذ بلدنا والدفاع عنه، ولا نريد أن نكون جسماً غريباً في العالم العربي.

عمر العيساوي:
يروي الصحفي الإسرائيلي الذي أجرى المقابلة مع الجميل حكاية أول لقاء له معه في بيروت.

أيهود يعاري:
دخلت بيروت كصحفي مع كتيبة النضاليين الأولى، ولسبب ما أخدوني عند الشيخ بيير، أول جملة قالها لي الشيخ بيير: القد تأخرتم، ظن أنني جنرال أو ما شابه رغم عدم وجود سبب لذلك، صححت معلوماته بعد بضع جمل، في تلك اللحظة أدركت أنه لا ينوي الالتزام بالتعهدات التي أعطاها ابنه بشير للجنرال شارون مهما كانت، بصراحة متناهية الشيخ بيير أراد أن تقوم إسرائيل بالأعمال القذرة دون أن يكافئها الموارنة أو يعطوها أي شيء، كان موقفه هذا قريباً جداً من الموقف الاعتيادي للرئيس الأسبق (كميل شمعون) أراد أن يقوم الإسرائيليون بالمهمة وكان يقول: هذه مصلحتكم وما تقومون به سيفيدكم نحن الموارنة سنستفيد من ذلك، ولكن لا تتوقعوا منا أن نكافئكم بإقامة علاقة مميزة معكم، عندما كان الوضع العسكري للموارنة يسوء، كان الشيخ بيير مستعداً لتقديم شيء أكبر، ولأن يكون أكثر ودية، أو يعد بأن يكون أكثر ودية تجاه الإسرائيليين، ولكنه كان متردداً جداً.

عمر العيساوي:
كان آلاف القتلى والجرحى قد سقطوا وحلق بالبلاد دمار شديد، وأصبح الجيش الإسرائيلي يطوق بيروت الغربية في حصار استمر لأسابيع عدة.

واستمرت المفاوضات لإخراج الفلسطينيين، إلا أن المعركة كانت لا تزال في بدايتها.