آخر الأخبار

سورية محورالمغامرة

تحظى دمشق بركن للحوار منذ 2000 سنة منذ ان رأى ساول تارسوس النور وتحول الى القديس بولس الحواري. وقد خضعت شخصيا ً الى عملية تحول في الطريق الى دمشق وإن لم تكن على طريقة بولس لكنها غيرت رأيي تماما وكانت سورية هي الرؤيا التي شهدتها .
لم أكن أجهل سورية فحسب بل انني كنت متخوفاً منها فالصورة التي تقبع في أذهاننا عن بلاد العرب هي صورة تم تلقينها لنا ولم نرها بأعيننا، وبالتالي فإن الترحال يمكن ان يتجاوز السياسية. ولم يكن انطباعي الأول واعداً ،.كما يخالج المرء شعورا ً بانه قريب من جبهة القتال وإن لم يكن عليها مباشرة، فلدى الخروج من دمشق يجد المرء لافتات تدل على الطريق الى بغداد وبيروت ، وهناك نصب تذكارية للحرب هي عبارة عن صواريخ من القرن العشرين، وفي اليوم التالي من وصولي الى دمشق اغتيل قائد في حزب الله بسيارة مفخخة. لكن هذه سياسة وانا ذهبت الى هناك لتجاوزها وإذا ما وضع المرء النظام وعناوين الاخبار جانباً فسيكتشف شعباً هادئاً يرحب به وقد أدهشني حسن ضيافته أكثر من مرة .
وتعتبر المدينة القديمة في دمشق وحلب من مواقع التراث العالمي ـ وفي سورية خمسة من هذه المواقع . وتمثل دمشق القديمة مزيجاً من البيوت التي تعود الى القرن الثامن عشر وما قبل. وهناك جيوب للترميم في الاحياء القديمة بما يكفي لفرض قيود على عدد البيوت التي يمكن تحويلها الى مطاعم . ودمشق هي أقدم بقعة مأهولة باستمرار على الأرض مما يمنح المدينة مسحة واضحة من النضج بتاريخها الذي يعود الى 6 آلاف سنة. وقد مرت على المدينة امبراطوريات وحضارات متعاقبة من الاشوريين والكلدانيين مروراً بالفرس والاغريق والنبطيين والرومان والبيزنطيين والعرب والصليبيين والمملوكيين والعثمانيين والفرنسيين.
وتمتع المدينة بقائمة من المشاهير الابرز في التاريخ ومن بينهم نبوخذ نصر والاسكندر الأكبر وهادريان وصلاح الدين وتيمورلنغ ولورنس العرب والقديس بولس. وفيها المسجد الاموي الكبير الذي يمتد على بقعة مقدسة منذ 3000 عام اذ كانت معبدا لإله المطر حدد وجوبيتر الروماني الذي بقيت آثاره . كما بنى البيزنطيون فيها كاتدرائية القديس يوحنا المعمدان. ومازال ضريحه قائما وسط قاعة الصلاة في المسجد . وقبل ان يتم بناء المسجد في عام 715 كان المسيحيون والمسلمون في الكنيسة وهناك اعتقاد مازال سائدا ً بأن إحدى مناراته ستكون ممراً للسيد المسيح لدى عودته الى الارض.
لقد اغتيل قائد في حزب الله قبل زيارتي للمسجد بيومين وتساءلت اذا ما كان إمام المسجد سيتطرق الى المسألة في خطبته لكنه تحدث عوضاً عن ذلك عن أهمية الحب اذ استقى الموضوع من أحداث اليوم الذي السابق اي عيد القديس فالنتاين.
لم أتعرض لأية مضايقة ولو لمرة واحدة بسبب السياسات الغربية في العراق وغيره أو أية مظالم أخرى كما لا يتعرض السائح الى مضايقات في الشوارع على الاطلاق ، وبإمكانه ان يستمتع بوجبات طازجة وإن لم تكن متنوعة من المازات على الطريقة اللبنانية والسلطات والمشاوي.
هناك فنادق متميزة في سورية وقد أعجبني من بينها فندق تاليسمان في دمشق بالرغم من طلائه بالاحمر الفاقع. وقد بني الفندق حول فنائي منزل سابق في الحي اليهودي ويتسم بغرف واسعة وأثاث مطعم بالصدف وقطع أخرى على الطراز العربي دون إفراط.
إن آثار سورية رائعة ولو انها كانت أكثر شهرة لدخلت في قائمة " العجائب التي تجدب زيارتها " . ومن بينها تدمر المدينة الرومانية البديعة التي تقبع وسط الصحراء وأفاميا القريبة من الساحل وهي أكبر من تدمر بأربع مرات والتي مشى انتوني وكليوباترا في ظلالها يوماً .
وهناك قلعة الحصن الصليبية الهائلة التي لم يطلها أي أذى تقريباً مع مرور الزمان . وهناك ما يسمى بالمدن الميتة والتي كانت تتوسط حول ثروة هائلة من زيت الزيتون في العصر البيزنطي مثل كاتدرائية القديس سمعان.