كان للتعاون السكني تاريخ وصفحات بيضاء، استطاع ان يحقق حلم الكثيرين ويدغدغ آمالهم في تأمين المسكن، وبالأخص لاصحاب الدخل المحدود.
وانجازاته واضحة تزنر خواصر الكثير من المدن لكن عمل التعاون السكني في العديد من الاماكن تعرض للتدهور نتيجة العثرات والعقبات التي راحت تعترض طريقه والتي حالت دون توفير الأراضي المعدة للبناء من قبل مجالس المدن، ما انعكس سلبا على الجمعيات السكنية وتوقف الكثير منها.
غبن
واليوم بين ايدينا أحد فصول تلك العقبات التي تعرضت لها الجمعيات في مدينة جبلة والتي تشرحها الشكوى المقدمة من بعض الجمعيات التي تعرضت للغبن في اطار توزيع الأرض والتي تقول: بأنه تم تأسيس جمعية للتعاون السكني باسم «جمعية بلدية جبلة» إلا أن القرار رفض لعدم قانونيته، فالجمعيات يجب أن تكون عامة لكل الناس، ثم تم تغيير الاسم الى «جمعية مدينة جبلة» وقبل صدور قرار الاشهار قام اعضاء مجلس المدينة بتخصيص الجمعية بتسعة مقاسم وفق القرار رقم 25 تاريخ 2/5/2007 مستغلين موقعهم في مجلس المدينة.
ونحن كجمعيات عندما سمعنا بالتخصيص لهذه الجمعية ذات الولادة الحديثة من حيث الاشهار قمنا بالاعتراض فجاء القرار بإلغاء التخصيص نظراً لمخالفاته القانونية بجعل التخصيص قبل الاشهار، وأثناء انعقاد مجلس المدينة في الشهر الرابع من هذا العام كان المفاجأة بأن عاد مجلس المدينة مرة أخرى وقام بتخصيص جمعيته بعدد كبير من المقاسم يفوق (12) مقسما وبشكل سري، كما قام بتخصيص جمعية التضامن بمقسمين اضافة لجمعية البيرق. وهذا مخالف للانظمة والقوانين ولآلية توزيع المقاسم على الجمعيات التعاونية والتي نظمها القرار 1556 تاريخ 3/12/1984 حيث نصت المادة 11 منه على ان تعلن الجهة الادارية عن بيع المقاسم غير الافرادية من الفئة الثانية على الجمعيات التعاونية حصرا وبإعلان تحدد فيه مهلة لا تقل عن شهر واحد لقبول الطلبات، وهذا ما أكد عليه وزير الادارة المحلية والبيئة بالكتاب 1409/ب/82/3/د تاريخ 3/4/2008 وكان السيد محافظ اللاذقية قد احالهما لمن يلزم للاطلاع والتقيد بمضمونهما بالرقم 9551/10/13/1 تاريخ 23/4/2008، ويجب ان يتم التوزيع بحضور ممثلين عن المحافظة والتعاون السكني والخدمات الفنية وعن كل جمعية، شريطة أن يتم التوزيع بالعدل والتساوي على الجمعيات مع الأخذ بعين الاعتبار قدم الجمعية وعدد الاعضاء، وهذا لم يحدث وتم خرقه وتجاوزه في المرتين.
وتتابع الشكوى بأن هذا الاجراء كان بمثابة الصفعة لجميع الجهات، وأدت الى الاحباط في نفوس الاعضاء وعدم الثقة بالجمعيات، علما انهم كانوا متفائلين في الحصول على مسكن بعد مكرمة السيد الرئيس بتخصيص 30% من الأراضي في التوسع التنظيمي للتعاون السكني ورفع القروض الى مليون ونصف.
وكذلك تشير الشكوى بأن «جمعية مدينة جبلة» هي من أواخر الجمعيات من حيث الاشهار ورغم ذلك تم تخصيصها بهذا العدد الكبير من المقاسم بينما جمعيات عديدة أقدم منها بكثير وتنتظر منذ زمن طويل لم تحصل على أي مقسم.
قرارات حسب الطلب
وكان هذا الموضوع طرح في مؤتمر التعاون السكني والذي عقد في السابع من شهر ايار الماضي وأكد حينها بأن التوزيع مخالف للقانون وغيرنظامي وحرم بقية الجمعيات من الاستفادة من المقاسم، وقال حينها رئيس الاتحاد العام للتعاون السكني د.زياد سكري: أن وزير الادارة المحلية ووزير الاسكان اصدر كتابا يتضمن ان بعض الوحدات الادارية تقوم بتوزيع مقاسم على الجمعيات السكنية دون التقيد بأحكام القرار 1556 تاريخ 3/12/1984 وخاصة المواد 13، 14، 16 منه، والذي قمنا بتعميمه على كل المحافظين وفروع التعاون السكني للتقيد بأحكام القرار عند توزيع المقاسم، وأكد سكري أن أي توزيع من البلديات مخالف للقرار المذكور يعد لاغياً حكماً.
ولا بد قبل الخوض في التفاصيل لا بد من التنويه بأن القرار 25 تاريخ 2/5/2007 والذي خصصت بموجبه الجمعية بتسعة مقاسم وتم إلغاؤه فيما بعد جاء قبل الانتهاء من اشهار الجمعية حيث جاء في مادته الثالثة: بأن هذا القرار يعد ساريا بعد الانتهاء من اشهار الجمعية اصولا «وهنا يحق لنا أن نتساءل عن الآلية التي يتم اتخاذ بعض القرارات في مجلس المدينة، وفي المرة الثانية ورغم ما حدث سابقا عاد المجلس واتخذ القرار الثاني في تاريخ 2/5/2008 بمخالفة واضحة للقانون وللقرار 1556 المعمم من قبل وزيري الاسكان والادارة المحلية.
رئيس المجلس يرفض الرد
وحرصا على الأخذ بالرأي الآخر طرقنا باب السيد رئيس مجلس المدينة المهندس فايز الزيات لكن وللأسف كان الجواب سلبيا حيث رفض الرد على الاسئلة التي بجعبتنا حتى قبل ان يسمعها، واكتفى بالقول: انه عندما ننشر مقالتكم سنقوم بالرد على ما ينشر بالصحافة، ولم يكن أمامنا مجال سوى الاعتماد على الرد المرسل من رئيس مجلس مدينة جبلة الى جريدة تشرين بالرقم 2128/ص15/5/2008 جوابا على ما نشر فيها حول مؤتمر التعاون السكني والمتضمن توزيع المجلس لعدد ضخم من المقاسم على الجمعية المذكورة وبشكل مخالف وغير نظامي، وكذلك الرد المرسل الى الاتحاد السكني والذي زودنا به عضو المكتب المختص بأمور التعاون السكني في المحافظة السيد عيسى جنيدي، والردان يؤكدان بأن مجلس المدينة يعد الجمعية كغيرها من الجمعيات بالحقوق والواجبات، وأن التوزيع تم بالتنسيق مع الاتحاد التعاوني السكني باللاذقية قبل اتخاذ القرار بالتخصص من مجلس المدينة، وأنه سيتم مستقبلا توزيع المقاسم على جميع الجمعيات المتقدمة بطلبات بإشراف الاتحاد التعاوني السكني، بعد الانتهاء من حل بعض الاشكالات القانونية والادارية لتصبح عرصات معدة للبناء.
عالوعد يا كمون
ويرد بعض الاعضاء في الجمعيات التعاونية: أنه مادام مجلس المدينة يعد جمعية مدينة جبلة كغيرها من الجمعيات بالحقوق والواجبات فلماذا لم يقم المجلس بتوزيع المقاسم الموجودة بالتساوي على جميع الجمعيات في مدينة جبلة.
أما اعطاء الوعود بأنه سيتم توزيع المقاسم والأراضي على الجمعيات ريثما يتم الانتهاء من حل المشكلات القانونية والادارية، بهذا يدخل في اطار على الوعد يا كمون، فالله أعلم متى تنتهي تلك الإشكاليات القانونية العالقة منذ زمن، ثم لماذا لا يتم توزيع المقاسم الموجودة بالتساوي وهي كافية لإرضاء الجميع، وبعد الانتهاء من الإشكاليات القانونية للأراضي الموعودة «بحلها الحلال» ويتم توزيعها على جميع الجمعيات بما فيها جمعية مدينة جبلة. ويتساءل البعض هل هناك قانون يجيز استملاك العقارات داخل المخطط التنظيمي وتوزيعها على الجمعيات..؟؟ حيث لا يمكن ذلك إلا في حالة توسع المخطط التنظيمي، ولحظ القانون الجديد بتخصيص 30% من الأراضي التي يشملها التوسع للتعاون السكني.
لا تنسيق
أما في لقائنا مع رئيس اتحاد التعاون السكني في اللاذقية محمد ابراهيم قال: بأن مجلس مدينة جبلة قام بتخصيص جمعية مدينة جبلة سابقاً بتسعة مقاسم بشكل مخالف للقانون وللقرار 1556 وتم إلغاؤها، والتخصيص الحالي أيضاً مخالف للقانون وللقرار المذكور أعلاه، وحالياً تتم معالجة الموضوع في اللجنة المشكلة من المحافظة واتحاد التعاون السكني وبلدية جبلة.
وأشار إلى أن هنالك وعداً من رئيس مجلس مدينة جبلة بتأمين أراض واستملاكها لتوزيعها على الجمعيات خلال فترة قصيرة وبناء عليه ستقوم اللجنة إما بإلغاء التخصيص وإما بتأمين مقاسم لباقي الجمعيات.
ونفى ابراهيم بشكل قاطع أنه تم أي تنسيق بين الاتحاد ومجلس المدينة في عملية توزيع المقاسم مؤكداً بأن الاتحاد ومنذ أكثر من 20 عاماً لم يتدخل في أي توزيع في مدينة جبلة وأضاف: بأنه إذا كان هناك أي تنسيق تم خارج الاتحاد مع أحد الأعضاء فهذه ليست مسؤوليتنا، وسأل إذا كان هناك أي تنسيق كما يتم الادعاء فأين المحضر الموقع مع الاتحاد والذي يثبت ذلك.
وأكد بأنه لا يحق لأي جهة كانت توزيع المقاسم إلا من خلال اللجنة المختصة لذلك بموجب الأنظمة والقوانين.
ولدى مراجعتنا عضو المكتب التنفيذي المختص في المحافظة تقاطع رده مع رد رئيس اتحاد التعاون السكني في الكثير من النقاط وأكد بأنه تم تشكيل لجنة للبت بالموضوع وحل المشكلة، وفي زيارتنا الثانية له وبعد مرور بضعة أيام قال جنيدي: بأنه أتت مؤخراً لجنة خاصة من الرقابة الداخلية في وزارة الإسكان والتعمير بدمشق وزارت مجلس مدينة جبلة وحققت بالموضوع ونحن بانتظار تقرير اللجنة لوضع الحلول النهائية واتخاذ القرارات المناسبة.
وأخيراً
ويتساءل البعض لماذا وكيف يتم تجاهل تطبيق الأنظمة والقوانين الواضحة والصريحة بهذا الخصوص..؟ ويرون بأن الأمر لا يحتاج لتشكيل لجنة تلو الأخرى، وإطالة الموضوع بالأخذ والرد، فالتخصيص مخالف للقانون والأنظمة المتبعة وما بني على باطل فهو باطل وبالتالي الحل بسيط لا يحتاج لكل هذا الجدل والنقاش وهو بإلغاء كل الإجراءات السابقة وإعادة توزيع المقاسم بالشكل العادل والمتساوي وضمن القانون.
إذاً الكرة في ملعب اللجنة الوزارية والجهات المختصة في اللاذقية لرفع الغبن الذي لحق بالجمعيات الأخرى، ووضع النقاط على الحروف بشأن المخالفة القانونية.