اعتقال أيمن نور بدأ كمشهد قصير في تصفية حسابات، ليأخذ في ما بعد طابعاً جدياً. المحامي الشاب تخطّى «الخطوط الحمر» في لعبة السلطة المغلقة، وانتهى به الأمر الى التحوّل من منافس لحسني مبارك إلى أسير يراسل باراك أوباما
كتب أيمن نور من سجنه رسالة إلى باراك أوباما رأى فيها أنّهما من جيل واحد، وأنّه يدفع ثمن منافسته للرئيس حسني مبارك، وتعطيله لمشروع الخلافة العائلية... فهو «وصيف» مبارك في انتخابات الرئاسة (٢٠٠٥) والبديل المدني الذي ينهي أسطورة أنه «لا بديل للعسكر إلا ابن الرئيس».
لمع أيمن نور في لحظة صعود مجموعة جمال مبارك. رحلة جمال الصاعدة باعتماد عائلي كوّنت حرساً جديداً بلا تاريخ سياسي ورغبة لاحتلال مواقع حرس قديم كان مثل ديناصور يبحث عن طاقم أسنان جديد. نور لم يكن خارج اللعبة، بل أحد عناصرها. واحد من كورس كبير تم اختياره بعناية ليقف في الصفوف الخلفية لنجوم النخبة الحاكمة. ولأن المسرحية أصبحت مملّة بعد انفراد الحزب الوطني بالسلطة وبحق الوجود، وفي ظلّ اكتفاء أحزاب اليمين («الوفد») واليسار (من «التجمع» إلى الناصري) بصفقات ومعاش حكومي، كان لا بدّ من ثورة في الكورس واصطفاء مواهب تصلح لأداء أدوار جديدة.
وكان هذا موعد أيمن نور مع القدر؛ شاب فى أوائل الأربعينيات، يمتلك مهارة ركوب الموجات السياسية. في الجامعة دخل «الوفد» وعرف كيف يصل إلى عقل وقلب الباشا (فؤاد سراج الدين)، بعد سنوات قليلة من وصوله إلى القاهرة آتياً من المنصورة. كان يحمل في حقيبته شطارة من نوع خاص ويقيم علاقة مع أجهزة تدير كواليس السياسة ويشاغب على هوامشها. ليس نور لاعباً تقليدياً، لكنه مميز يوسع العلاقة لتسمح له بحجز مكان لا تغيير أفكار.
في مكتبه صورة لعبد الناصر بجوار صورة لوالده المحامي في مرافعة بالطربوش، وسط رموز من زمن الملكية وصور وتماثيل لملوك عائلة محمد علي... وأمام المكتب العلم المصري.
اختار نور اللون البرتقالي شعاراً حتى قبل أن يتابع تطورات «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا وعلاقتها بسيناريوهات أميركية في تغيير الأنظمة القديمة بشعارات وألوان تكاد تكون واحدة.
تركيبة حزبه كانت أقوى من كل الأحزاب. تركيبة قِيل إنها جاءت لتحكم لا أن تكون جزءاً من ديكور الحزب الوطني. هل تحركت القضية بسبب الخوف من منافسة أيمن نور؟
تصور البعض أنها «قرصة أذن تنتهي»، أو مجرد حساب بين أصدقاء قدامى وعقاب على خطأ (ليس هو المعلن) من شخص مفترض أن يكون حليفاً وعدواً وتابعاً ربما.
لكن أيمن نور ذاق طعم النجاح بعيداً عن عطايا الأجهزة وأراد في لحظة التفكك اللعب منفرداً.
هذا هو سبب الاستفزاز وتحويل الخلاف العادي إلى خطيئة وتحوّل المرشَّح إلى سجين يرسل شكوى إلى مرشح في الدولة الكبرى.