آخر الأخبار

خطوط عريضة مُقترحة لمنهج نظام السوق الإجتماعي

تجنبا لكي لا يكون التغيير الوزاري المطلوب والمأمول،هو مجرد تغيير وجوه وأسماء، تُبقي على ذات السياسات التخربية الإقتصادية الحالية، ووصولا إلى تغيير يُمكن أن يغير الواقع الإقتصادي والمعيشي المؤلم الذي أوصل البلاد والشعب إليه الفريق الإقتصادي الدردري، فيجب أن يسبق التغيير تقرير السياسة والمنهج الإقتصادي الأفضل الذي يجب أن تكون الحكومة المقبلة أداة لتطويره ومسؤولة عن تنفيذه.

وفيما بورقة عمل، تحوي اسسا مُقترحة للنظام الإجتماعي الذي أقره المؤتمر العام العاشر للحزب، مرفقا بتوضيحات لواقع المجتمع السوري وإمكانياته الإقتصادية والإنتاجية، وأسباب تبريرية للإقتراحات المرفقة.

أولاً، المجتمع العربي السوري، تركيبته الفكرية، والمصلحة الوطنية:

بداية، يجب إعتراف جميع القوى السياسية وأصحاب الفكر، أن سورية تحوي، التشكيلة الكاملة منهم ومن غيرهم أيضا. وأن هناك أغلبية شريفة مخلصة بينهم، وأن بينهم غير ذلك أيضا. إن الظروف السياسية التي سيطرت على البلاد خلال العقود الأخيرة قد خسفت بنضوج الفكر السياسي والإقتصادي وتوجهه إلى التوافق مع الحلول العملية للوطن إلى حضيضه. وتبقّى من المفكّرين، أولئك القلّة من العنيدين الذين تمسكوا بأخلاقيات مبادئهم، ولكن مع العناد، كان التمسك بمضمون الفكر بكامله، دون قدرة ، أو محاولة للحوار والتكيف مع طبيعة الشعب ومكوناته وحاجاته ومصالحه، ودون اعتبار مصائب الإستبداد الذي عمل عليها بعض أركانه في تهديم الوطن واقتصاده ومعيشة أهله، حتى ليكاد يصل إلى الحضيض للجميع، إلاّ مواليه من رموز الفساد والتسلط عقيمي أي فكر إطلاقاً. وهذا بالذات ما أتاح تسلط وسيطرة فكر، هو غاية في التخلف السياسي والإقتصادي، ومَقودٌ من مصالح فاسدة على التأكيد، ومدعومة من جهات خارجية معادية لسورية والعروبة، والشعب العربي السوري بكل مكوناته، فضلا عن آماله وتطوره في حياة كريمة تتيح له التفتح والإنطلاق في توجهاته القومية، والتطويرية للمجتمع والدولة، وتزاوج الأفكار ونضوجها في واقع تجربة ميدانية مُفتقدة.

وبالتالي، فإن المطلوب في هذه المرحلة الحرجة، هو العودة إلى الحكمة في تقبل الحلول التي تخدم جميع الفرقاء المختلفين، وتحقق جانبا من فكر كلٍّ الأفكار الشريفة المتناسبة مع تركيبة الشعب السوري ومصالحها، وذلك لما فيه مصلحة الوطن والشعب، وبواقعية هادفة دون تعصب حدّي للفكر الذي يعتقدونه. خاصة وأن الظروف على الأرض والتكوين المجتمعي العربي والسوري لا تتيح لأي منها وحده، القدرة على فرض أهدافه أو تحقيقها. وبالتالي فإن الحصول على بعضها، خير من فقدانها كلها، وترك الفريق الإقتصادي الحالي المشؤوم، يعمل ويتآمر بعكس مصالح الوطن والشعب.

هذه المقدمة تحمل في مضمونها، وفي التصورات التالية لمعالجة الوضع الإقتصادي الكارثي الحالي،عناصر حل هو بذاته وفي أسسه منهج السوق الإجتماعي. ولعل في تعبير الإجتماعي، إشارة إلى مجموع عناصر المجتمع وفكرهم ومصالحهم.

ثانياً، المجتمع العربي السوري، والإمكانيات المتوفرة:

1. إن الشعب السوري شعب خلاّق بطبيعته، نتيجة حضارة متوارثة عبر آلاف السنين، نشأت ونمت وتطورت مع جيناته المُتوارثة، فجعلته شعبا قادراً على التطور والتكيف السريع مع أية ظروف يوضع فيها.

2. إن الخبرات والممارسات عبر التاريخ السوري وحتى اليوم، أثبتت أن الفرد والمجتمع قادر على الإنتاجية والإبداع من خلال جميع الأنظمة الإقتصادية، وقد اثبتت التجارب التي اجتازها منذ الإستقلال، بأن التجارب السورية قد أثبتت نجاح الفرد والمجتمع في الإبداع والإنتاج والتطور والتطوير في جميع الصيِغ والتوجهات الإقتصادية التي مرّت على البلاد، فقد كان ناجحاً بتفوق في القطاع الخاص الفردي والمؤسساتي، وفي وحدات القطاع العام، وفي صيغ العمل التعاوني المختلفة النوعية والحجوم. ولا يُستثنى من ذلك إلاّ البقع التي تمكن الفساد من السيطرة عليها.

3. تتوفر في الوطن العربي السوري إمكانيات هائلة في المجالات التالية:

3.1. الحقل الزراعي: توفر إمكانيات واسعة للتطوير واستغلال وتنويع الإنتاج في حقل الزراعة، مُشكلاً مورداً إنتاجياً شديد الأهمية وطنياً، وهو لا زال في مراحله الأولى من الإستغلال الأقتصادي.

3.2. الصناعة: نظرا لمحدودية الثروات الطبيعية في سورية، فإن الصناعة بمختلف أنواعها لتشكل مصدراً هامّا لديمومة الإنتاجية الوطنية. و تُشكل الخبرات والقدرات الإبداعية والمؤهلات السورية المتنوعة، أساسا وعاملا مهما فعلا ومتوفراً لبناء صناعة قوية ومتنوعة وقادرة على سد حاجة الإستهلااك المحلي، والتصدير بكميات واسعة، لتشكيلة لا حد لها من الصناعات المختلفة.

3.3. السياحة: وتتوفر في نوعيها التاريخي والطبيعي، وإنتماء الشعب القومي العربي، وهي ذات إمكانيات هائلة للإستغلال، وتحقيق ثروات كبيرة للبلاد، أي للمجتمعات والأفراد.

3.4. البناء والإعمار: في مجالي الدراسات والتنفيذ والمقاولات المحلية والخارجية. وإن ما قامت به شركات كورية وآسيوية وغربية، في تقديم الدراسات والمقاولات لدول الخليج خلال العقود الماضية، كان جديرا أن تقوم به شركات ومكاتب دراسات سورية، بدل إرسال فنييها ومهندسيها وخبراءها للعمل الفردي، وبمردود لا يُمكن مُقارنته.

3.5. الخدمات: كالنقل وأعمال الصيانة والمواصلات في المجالات الداخلية والدولية...إلى آخره

4. إن نسبة كبيرة من الشعب السوري والفعاليات الإقتصادية الخاصة وأصحاب الرساميل السورية لترغب فعلا، وبشوق للعمل في الوطن، ومن خلال القطاع الإقتصادي الخاص، وهؤلاء يجب أن تُحترم رغبتهم وتُقدّر إمكانياتهم للمساهمة بالبناء والإنتاج الوطني عن طريق تنشيط حقيقي وفعّال لفعاليات القطاع الخاص والمشاركة فيه، وتوفير الضمانات الكافية والظروف الموضوعية للعمل الإنتاجي الذي يحقق مصلحة الوطن والشعب.

5. أثبت القطاع الخاص قدراته الإنتاجية والتطويرية والإدارية بشكل فعال ومنتج، منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي وحتى نهايات السبعينات منه.

6. في ذات الوقت، ونظراً لأن القطاع الخاص غير قادر لأسباب موضوعية كثيرة على القيام بأعباء جميع الحاجات التنموية الوطنية، فلذلك تدعو الحاجة الإنتاجية والتشغيلية والتطويرية المتكاملة مع الإحتياجات الوطنية ولتقرر الضرورة القُصوى للإحتفاظ بالقطاع العام، والعمل على دعمه وتطهيره من العناصر الفاسدة التي زُرعت فيه. كما يتوجب على الدولة على الدوام إنشاء مشاريع جديدة للمشاريع التي تدخل في خطة الدولة الخمسية، وهي التي لا يقدر أو لا يُقبل القطاع الخاص على إنشائها بعد توفير الفرصة الكافية للدراسة والتقرير. أو لسبب أنًّ لها صفات أمنية ووطنية خاصة. إن مصلحة الوطن والشعب فوق اعتبارات الفكر الليبراري أو الإشتراكي النظري البحت.

ثانيا، مصادر التمويل وتسهيلات الدفع:

1. يملك عدد غير قليل من المواطنين السوريين فوائض مالية كبيرة، وأغلبها مُهرّب ولا زال يُهرب باستمراره للخارج لأسباب عديدة، منها 1) افتقاد توفر الصيغ الإنتاجية الأمينة، وذات العائد الكافي ماديا في البلاد، 2) سيطرة مراكز الفساد والتسلط على أكثر الفعاليات سواء باحتكارها بالنفوذ غير المشروع، أو بفرض عمولات ومشاركات غير مشروعة على مشاريع المواطنين. 3) فقدان الثقة في ثبات قيمة العملة السورية، التي أصبحت ألعوبة بيد الحكومات التافهة وغير الأمينة ولا المسؤولة في مراحل مختلفة.

يتوجب على المنهج الإقتصادي معالجة مشكلة هروب الرأسمال الوطني بمسبباته الثلاثة المذكورة وببذل الجهود وإيجاد التشريعات والإغراءات والضمانات، لدرجة الدستورية منها لحمايتها، وخلق الظروف المغرية لتأمين عودة الرساميل المذكورة، وتوظيفها في إعادة بناء الوطن في جميع مجالات القطاع الخاص: الفردية والتضامنية، وبخاصة الشركات المساهمة.

2. يتوفر للمواطنين غير الأغنياء، وللموظفين من جميع مستوياتهم الوظيفية والنوعية ، وباستمرار زمني أبدي غير محدود، إمكانيات مالية فائضة مختلفة القيمة. وهذه تُشكل نبعا لا ينضب من التمويل الذي يمكن توظيفه باستمرار، ويقضي المنهج خلق الصيغ القادرة على توظيفها في عمليات الإنتاج والتنمية. وهذا يفترض أولا، إعادة المستوى المعيشي للمواطنين إلى ما كان عليه قبل الجرائم والإنحرافات الدردرية، التي خربت الإقتصاد ومعيشة الشعب في آن واحد. والمجال الأكبر لهذه الفوائض والمدخرات هو التوظيف في الشركات المساهمة.

3. يتوفر تمويل حقيقي قائم، وبأبخس التكاليف، وهو قيام الشركات الخاصة والعامة، باستيراد حاجاتهما من الآلات والآليات، عن طريق التعاقد على الدفع اللاحق لنسبة من الثمن، وذلك من عوائد الإنتاج. ويكون هذا بتقديم ضمانات حكومية، أو مصرفية، أو عربية في المشاريع الكبرى. وذلك إضافة إلى ضمانة الوحدة الإنتاجية ذاتها. وباستعمال هذه المصدر، فإن التمويل المحلي اللازم سيكون بحدود مبلغ مقدم الثمن، إضافة إلى نفقات التشغيل والمواد الأولية.

الإستثمار الأجنبي: إن الإمكانات التمويلية المذكورة، لتجعل فكرة الإستثمار الأجنبي، مبدأ ووسيلة غير مقبولة، بل ومخرّبة ومؤخرة لنمو اقتصاد القطر، وناهبة في الوقت نفسه لقسم من ثرواته، التي هي مردودات الأستثمار، والتي يجب أن تبقى في الوطن وتعود على المجتمع بفوائدها المباشرة، وإمكانيات إعادة مساهمتها في الجديد من مشاريع التنمية الوطنية. إن الإستثمار الأجنبي هو الخديعة الكبرى التي ستكرس التخلف والفقر والبطالة وخلق التضخمات النقدية، والسير بالنقد السوري إلى حضيض الحضيض، وبالتالي الدخول في لولبيات غلاء لا نهاية لها: مجرّد محاولة السيطرة عليها، هو المستحيل.

ثالثاً، هدف تأمين الإحتياجات المحلية والتصديرية:

1. الإستهلاك المحلي: إن التزايد السكاني في سورية، والذي يعتبره البعض بغباء غريب ومستهجن أنه من السلبيات، هو في الواقع من المزايا الإيجابية القوية الداعمة للإقتصاد، ولتطوير الإنتاج الزراعي والصناعي والخدماتي. فهو يعني من حيث المبدأ أن هناك سوقا محلية واسعة قادرة على استهلاك المنتوج المحلي، وتغذية وتسريع الدورة الإقتصادية والمالية الداخلية. وهذا أحد أهم أهداف أي عمل اقتصادي، وإلا فما الفائدة من مصنع أو زراعة ينتج كذا مليون وحدة مثلا، ولا يجد سوقا لتصريفها؟ واستعادة تكاليفها مع الربح؟ وبالتالي تحقيق استمرار الإنتاج؟

إن قوة وقدرة أمريكا بالذات وجميع الدول الأوربية والصين والهند واليابان، والدول الآسيوية التي تمكنت من النهوض والتقدم، قد سخرت عامل العدد السكاني الكبير في خلق أسباب وقدرات مشاريع الإنتاج على إطلاقها، ولولا القدرة الإستهلاكية الواسعة في أمريكا مثلا، لكانت لا زالت دولة متخلفة صناعياً ومجرد مزارع Cow boy . أستغرب كيف أن عباقرة الإقتصاد في الحكومة لا يدركون هذه الحقيقة ولا يعترفون بها، وذلك إما عن جهل وغباء، أو تآمر مغطى باساب زائفة، وفق منطوق وسياسات وأهداف صندوق النقد الدولي الذي تديره مباشرة الإدارة الأمريكية الإسرائيلية، والساعية إلى الحد من إنتاج جميع الآخرين، بغرض تصريف بضائعها إلى شعوبهم.

2. إن فتح المجال للإبداع والتطوير، وإتاحة الفرصة للشعب لكي يُمارس نشاطه أو إسهامه في العملية الإقتصادية بالشكل الذي يرغبه ويُقبل عليه ويتصور نجاحه فيه، سيؤدي إلى خلق صناعات قوية ومتنوعة بشكل متزايد، وذات أنتاج متطور ومتفوق في النوعية والتكلفة، بما يمكّنه من المنافسة في أسواق التصدير، وتأمين جلب كميات أكبر من العملة الصعبة، وموازنة، بل تربيح الميزان التجاري الوطني.

إن الميزان التجاري السوري الآن، وبفضل السياسات الدردرية العقيمة هو خاسر بنسبة لا سابق لها في التاريخ السوري، فقد بلغ مبلغ الصادرات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 2008 : 13 مليار ليرة فقط لا غير. بينما بلغت قيمة المستوردات لذات الفترة مبلغ 115 مليار ليرة، أي أن الإستيراد يساوي إلى حوالي تسعة أضعاف التصدير، وهذه ليست مجرد خسارة في الميزان التجاري، بل هي تقرب إفلاس الإقتصاد الوطني، ولهذا آثاره التضخمية المخيفة على الإقتصاد والنمو، وعلى انخفاض قيمة النقد، وعلى معيشة الشعب، وغلاء الأسعار، في حال استمرار ذات النسب، وذلك نتيجة للسياسات الدردرية المجنونة.

رابعاَ، صلاحيات ومسؤوليات الدولة في التوجيه والمراقبة والتحكم في الإقتصاد :

1. وجوب زيادة الرواتب لجميع الموظفين العاملين في الدولة بشكل فعّال:

وهذا سيحقق فائدتين للإسهام في الإنتاج الوطني:

1.1. زيادة استهلاك المنتجات الوطنية، وهذا يحقق تسريع الدورة الإقتصادية، وزيادة التنمية، وبالتالي تحقيق تخفيضات في التكاليف والأسعار للإستهلاك المحلي والتصدير.

1.2. خلق وفورات مالية دائمة، وتوجيهها بدعم إعلامي للإسهام في المساهمة في تأسيس شركات مساهمة جديدة لاستكمال وتنمية القدرة الإنتاجية الوطنية؟

2. تطوير النظام الضريبي، من منطق هدف التحصيل الأعظمي المباشر الذي لا زال سائدا في سورية منذ عقود طويلة، إلى منطق دعم الإنتاج الوطني إلى الحد الأقصى بأفضلية أولى، وهذا بدوره سيحقق بالضرورة اللاحقة في محصلات ضريبية أكبر، وأقل ضررا على الإنتاجية العامة.

3. تثبيت سعر النقد السوري إلى سعر الذهب، بضمان الدولة، وتحريم وتجريم أي سلطة من العبث بقيمته.

4. الحماية الجمركية: نظرا لأن أغلب الصناعات، تتطور قوتها الإنتاجية تدريجياً بدءا من مرحلة التاسيس، وتتمكن من تحقيق التنويع وتطوير النوعية وتخفيض التكلفة مع مرور الزمن وتراكم الخبرة. فعلى الدولة تأمين الحماية الجمركية للصناعت الجديدة في جميع القطاعات لمدة محددة مسبقاً، شريطة نجاحها في اختبارات مدروسة لنوعية الإنتاج.

5. تقييد الإستيراد الإستثنائي: يُمكن للحكومة حصر الإستيراد لبعض المواد الكمالية، في حال عدم توفر المبالغ الكافية من النقد الأجنبي، أو تأمين حماية مؤقته للصناعات الهامة الجديدة، وذلك لفترات محددة مسبقا، وبعد النجاح في اختبارات النوعية والتكلفة.

خامساً، فئات الفعاليات الإقتصادية الوطنية:

إن المعطيات المذكورة، تتيح فعلا الفرصة لجميع الفعاليات الإقتصادية بقطاعاتها الثلاثة الخاص والعام والتعاوني العمل جنبا إلى جنب، والعمل على قاعدة أعمل ودع الآخرين يعملون، ودع جميع الأزهار تتفتح لصالح الوطن والشعب، وإن التنافس الإنتاجي والنوعي، والإخلاص والإبداع في السير في المشروع هو الذي يقرر نجاح كل منها. ونصل إلى نتيجة أنه يُمكن في سورية أن يكون هناك، ولا بد، أنه سيكون هناك ناجحون وخاسرون في القطاعات الثلاثة، ولكن بسبب نوعية المشروع وحسن إدارته ونزاهته واستغلالها الظروف المتاحة والمقتنصة والمخلوقة لإنجاحه.

1. قطاع خاص له جميع الصلاحيات والإمكانات للعمل والإنتاج.

2. قطاع عام، يستكمل ما لا يرغب به، أو ما لا يقدر عليه القطاع الخاص.

3. قطاع تعاوني متنوع، يحقق للأعمال التي تقوم على المجهود الفردي لا الرأسمالي، التكتل وإنشاء وحدات قوية مفيدة. وتحقق لأصحابها وللمجتمع فوائد إنتاجية وخدمية ضخمة.

سادساً، القطاعات الإقتصدية المقترحة في منهج السوق الإجتماعي:

1. القطاع العام:

1) يجب أن يدخل في مفهوم القطاع العام، أن لجميع العاملين في المؤسسة المشاركة في الإدارة، والحق في نسبة تصاعدية (لا ثابتة) من الأرباح، تُوزع عليهم قانونيا وآلياً.

2) الغرض: بناء صناعات من الحجوم الكبيرة والمتوسطة

3) مشاركة العمال بنسبة لا تقل عن %40 من مجلس الإدارة، عن طريق الإنتخاب السنوي المباشر.

1.2. فئات القطاع العام:

1) قطاع عام إنتاجي صناعي وزراعي وسياحي.

2) قطاع عام للدراسات الخاصة والأمنية والعسكرية.

3) قطاع عام خدمي محصور: الموانىء والمرافىء والمطارات.

4) قطاع عام خدمي مفتوح: شركات المواصلات والنقل، وبمواصفات خاصة، ولا تُحدث إلا في حال استنكاف أو عدم توفر قطاع خاص لهذا الغرض. ويدخل فيه البنوك وشركات التأمين.

1.3. وزارة خاصة لدعم القطاع العام:

1) تُحدث وزراة خاصة للقطاع العام، مهمتها دعم وتأمين شروط ومتطلبات سير العمل بشكل دائم، وتقترح التشريعات اللازمة لتطوير عملها.

2)تنقل لهذه الوزارة شركات القطاع العام الصناعي وأعمال البناء من مختلف الأنواع، والمشاريع السياحية.

2. القطاع الخاص:

للقطاع الخاص الحق بممارسة الأعمال والأشغال في جميع الأنواع والمستويات دون حدود، وذلك من خلال:

2.1. شركات مساهمة وتتمتع بمميزات أساسية ودعم حكومي خاص.

2.1.1. مبررات الدعم الحكومي للشركات المساهمة :

· تجميع المدخرات والرساميل الصغيرة والكبيرة الوطنية وتوجيهها باتجاه الإنتاج النوعي والكبير.

· تشكيل قدرات إنتاجية وخدمية كبيرة قادرة على الدخول في مختلف النشاطات الإقتصادية المتاحة.

· قدرة أكبر على توفير مستويات نوعية وإنتاجية عالية.

· قدرة أكبر على تشغيل نسب أعلى من اليد العاملة الوطنية.

· قدرة أكبر على استعمال المكننة والأتمتة الحديثة في العمل وتطويرها وتحديثها باستمرار..

2.1.2. أنواع الدعم الحكومي والمميزات الخاصة للشركات المُساهمة:

· ضمان دستوري، بمنع التأميم والمصادرة، إلا نتيجة حكم قضائي في جرائم مخالفة القوانين والحقوق العامة والخاصة.

· إعفاءت ضريبية مختلفة، ترتفع نسبها وفقا لحجم رأس المال المدفوع، ويحددها القانون.

· مساعدات بقروض مصرفية أو حكومية مُيسّرة أو مخفّضة الفائدة.

· إعفاءات خاصة ومؤقته (خمس سنوات على الأقل) للرساميل العائدة للوطن بغرض تأسيس شركات مساهمة إنتاجية جديدة.

· إمكانية مشاركة الدولة في حال طلب المؤسسين، أو الهيئة العامة بعد التأسيس بمدة يحددها القانون. على ألا تتجاوز نسبة مشاركة الدولة 25% من الراسمال المدفوع .

· إمكانية تشغيل خبرات غير متوفرة في سورية.

· لجميع المواطنين الحق في الإسهام في الشركات المساهة بما فيهم الموظفين والعسكريين.

2.2. الشركات الأخرى المعروفة كالمحدودة المسؤولية، وشركات التضامن، والشركات والمؤسسات الفردية.

2.3. تُحدث وزارة خاصة للقطاع الخاص مهمتها العمل الميداني لدعم نشاط القطاع الخاص، وبخاصة الشركات المساهمة، وإزالة العقبات، واقتراح القوانين، وتأمين جميع مستلزمات عملها الفورية

2.4. يُمكن للحكومة القيام بمساعدة الشركات التي تتعرض للخطر أو احتمالات الإفلاس، بالقيام بإقراضها، ووضعها تحت الرقابة الحكومية، لحين استعادة توازنها المالي، أو تقوم بشرائها، والعمل تطويرها وإدارتها، أو إعادة بيعها للقطاع الخاص.

3. القطاع التعاوني: ويتمتع بإعفاءات ضريبية وامتيازات مالية وتمويلية يحددها القانون لكل نوع من فئاتها.

3.1. التعاونيات المهنية ويشمل:

· جميع المهن المهنية كالطب والهندسة والمحاماة والمحاسبة وما يُشابهها.

· جميع المهن الحرفية، كأعمال البناء والصيانة.

· يشترط فيها مشاركة عضو التعاونية في النشاط.

3.2. التعاون التأميني: يعتبر عضوا في التعاونية كل من يتعاقد معها على أي نوع من التامين، وهي تعاونيات لا تهدف إلى الربح، وتُعاد للعضو نسبة من مدفوعاته بنسبة مساهمته السنوية إلى مجموع صافي واردات التعاونية في آخر كل سنة مالية.

3.3. التعاون المصرفي: ويهدف إلى تمويل الأعضاء وغير الأعضاء وفق شروط يحددها القانون.

3.4. التعاونيات الإستهلاكية:

3.4.1. تبيع للأعضاء بسعر يزيد قليلا عن التكلفة وبنسبة يحدد القانون نسبتها العظمى، وتعاد فوائد الأرباح إلى أعضاء التعاونية في نهاية السنة المالية. وتشكل التعاونيات الإستهلاكية الموازنة التنافسية التي تُؤمن ثبات الأسعار، ومنع الإحتكار. ودون حاجة وصولها لتدخل الدولة.

3.4.2. يجوز للتعاونيات الإستهلاكية القيام باستيراد أي من المواد الداخلة في اختصاصها.

3.4.3. يجوز للتعاونيات الإستهلاكية التجمع وتشكيل تعاونية مشتركة، بغرض الإستيراد والتوزيع على أعضائها من التعاونيات حصراً

3.5. التعاونيات السكنية:

3.5.1. تؤمن لإعضائها السكن بسعر التكلفة، وعلى المواقع التي تحددها أو توافق عليها السلطات المسؤولة.

3.5.2. يجوز للتعاونيات السكنية التجمع وتشكيل تعاونية مشتركة، بغرض بناء مشاريع كبرى لأعضائها من التعاونيات حصراً.

3.6. تُحدث وزارة خاصة للقطاع التعاوني مهمتها دعم وتأمين سير العمل الميداني لنشاط القطاع التعاوني بجميع نشاطاته، وإزالة العقبات، واقتراح القوانين، وتأمين ومعالجة جميع مستلزمات عملها الفورية.

سابعا، حصر أعمال التجارة الداخلية والخارجية بالقطاع الخاص، والإستثناءات:

1. إلغاء وتصفية جميع شركات الإستيراد والتوزيع الحكومية في جميع المجالات، وترك نشاطها للقطاعين الخاص والتعاوني.

2. يجري تقرير حالات فروع التوزيع التمويني الداخلية، وفقا لثبات الأسعار لدى القطاع الخاص والإستهلاكيات التعاونية.

3. لا تتدخل الدولة في تأسيس شركات للتجارة الخارجية أو الداخلية إلا بقانون، ولغرض منع الإحتكار والإستغلال حصراً في حالة عجز القطاعين الخاص والتعاوني عن تأمين التوفّر، أو موازنته مع متطليات معيشة الشعب.

4. تتدخل الدولة في فرض الحد الأقصى لنسبة الربح وليس الأسعار، وذلك للمواد الأساسية لمعيشة الشعب.

ثامناً، أتمته المحاسبة المالية:

وجوب السير في أتمتة جميع الأعمال المحاسبية بدءاً من الفوترة وحتى استخلاص الميزانيات النهائية، وذلك للنشاطات الإقتصادية للقطاعات الثلاثة.

تاسعاً، العقوبات الإقتصادية: وتحدد بقانون، ويجري اعتبار جرائم الفساد والسرقة في جميع القطاعات الإقتصادية من جرائم الخيانة العظمي، وتنفذ بحق مرتكبيها ذات عقوباتها.

عاشراً، نتيجة :

إن الأفكار المذكورة، تشكل اقتراحات لأُسس منهج السوق الإجتماعي بما يفترض إتاحة فرص العمل والإنتاج لجميع الفعاليات الإقتصادية، وهذه الأفكار مطروحة للنقاش من قبل جميع المواطنين والفعاليات الإقتصادية، وذوي الفكر السياسي، وجهات الإعلام، ومسؤولي الدولة، للعمل على تطويرها، ومن ثم إقرارها من الجهات المختصة، ليجري العمل على تشكيل حكومة جديدة تقوم على أساسها، يكون من أوائل مهماتها العمل على تفصيل المنهج الإجتماعي، في منهج تفصيلي شامل ومتكامل، يُعرض للإستفتاء العام ثم يصدر بقانون مُلزم لجميع الوزارات والفعاليات الإقتصادية للعمل بموجبه، وضمن حدوده.

إنه من المهم بمكان، الإدراك أن البلاد تمر الآن بحالة اقتصادية ومعيشية عصيبة حسّاسة فعلاً، تستدعي بل وتحتم اللجوء إلى عملية إنقاذ اقتصادي وطني، تتجنب التعصب لفكر إقتصادي مُسبق في التقييم والتطوير مما يحرم قد الوطن والشعب من مميزات حقيقية متوفرة للتنمية الوطنية والمعيشية من مصادر تنمية أخرى، وأن تُغلّب الأفضلية الوطنية على ما قد يحمله البعض من تناقضات سياسية واقتصادية فكرية مسبقة ومجردة.

إن إنهاء الفريق الإقتصادي ، وسياسته قد أصبحت حاجة ماسة وحيوية بدرجة قصوى لإنقاذ الوطن والشعب من انهيار اقتصادي ومعيشي شامل، ولهذا الأفضلية على جميع الإعتبارات الأُخرى.

بكل احترام /

المهندس سعد الله جبري