------------------------------------------------------------
فوجئت أن المشير أبا غزالة - رحمه الله- (1930-2008م) كان من الضباط الأحرار، كما فوجئت بأنه شارك فى حرب 1948 حين كان طالبا، لكنى لم أفاجأ إطلاقا بأمرين:
* حب المصريين له، هذا الحب الصادق والطاغى ربما يرجع فيما يرجع لعدة أسباب أهمها من وجهة نظرى ثلاثة أسباب:
- طبيعته الشخصية وما اتسم به من تواضع وحب صادق حقيقى لمصر شهد على ذلك زملاؤه وجنوده، وكان لهذا الحب ترجمة عملية تجلت فى الدفاع عنها ضد الصهاينة فى حروب متعددة.
- مشاركته فى حرب أكتوبر 1973 وجيل أكتوبر بينه وبين المصريين ود من نوع خاص، وهو جيل يذكرنا بالبطولات والتضحية والنصر وقامة مصر.
- ما لمسه المصريون من اضطهاد مبارك له - والمضطهد حبيب الشعوب- رغم أن المشير كان السبب الرئيس لوصول مبارك للحكم تجلى هذا الاضطهاد فى عزله من منصبه بطريقة مهينة، وفى الضغط عليه أدبيا لإثنائه عن الترشح - كما تردد- عن منصب الرئاسة، وفى إهالة التراب على الرجل حيا فلا تكاد تذكره الدولة بإعلامها الرسمى إلا مرارا، فضلا عن ما قام به النظام الحاكم من الإيعاز إلى أبواقه من الهتيفة والمنافقين للنيل من سمعة الرجل فيما عرف بقضية لوسى أرتين.
** والأمر الآخر الذى لم يفاجئني هو هذه الطريقة المهينة التى استبعد بها المشير أبو غزالة ذلك أن دأب هذا النظام الحاكم أنه لا يطيق رؤية الناجحين وكيف لفاشل أن يطيق رؤية ناجح؟ وكيف لمكروه أن يطيق رؤية محبوب؟ وكيف لطاغية أن يطيق رؤية رمز محبوب تلتف حوله الجماهير قد عودنا النظام ذلك مع كل الناجحين: كمال الجنزورى، وعمرو موسى وغيرهما على سبيل المثال . وبدلا من مكافأة الرجل لجميل صنيعة فى خدمة مصر والقوات المسلحة إذا به - مبارك- يعزله من منصبه تمهيدا لتنحيته من الحياة السياسية والعسكرية تماما، وليت من جاء مكانه كان ذا كغاية واقتدار إذن لهان الخطب لكن البديل ذو ثقة قد تخلو من مهارة!!
فى تعليقات المصريين حكمة وفائدة
إن الباحث المتأمل فى تعليقات المصريين على حدث وفاة المشير أبى غزالة يدرك عدة أمور وفوائد نجملها فى ما يلى:
* أجمعت التعليقات -على كثرتها- على الترحم على المشير وعلى تبيان حب المصريين له.
* كما أجمعت التعليقات على تقدير الخبرة والتفانى الصادق فى خدمة مصر.
* فى بعض التعليقات غمز ولمز فى نظام الحكم واتهامه باتهامات متعددة أبرزها النذالة.
* فى كثرة من التعليقات إشارات للمقارنة بين الرجلين انتهت جميعها لصالح المشير.
* كانت التعليقات متنفسا لصب غضب الناس على مبارك وحكمه الفاشل والظالم.
* فيما تواتر من سبب بأن سبب عزله من منصبه برنامج الصواريخ المصرى ومحاولة إحيائه ما يؤكد وفاء الرجل لمصر، واستسلام الآخر لما يضر مصلحة مصر!! وإن كان كاتب هذه السطور قد قرأ للمشير بنفسه فى أحد كتبه المترجمه على هامش الكتاب أنه هو الذى استقال ولربما - من وجهة نظرى- قد ذكر ذلك تأدبا .
* كان مبارك دوما ما يهرب من المقارنة مع المشير إلا أن المقارنة أبت إلا أن تلاحقه فى حياة المشير كما عند مماته رحمه الله، ولعل أطرف هذه المقارنات كانت حين وفاة الرئيس السادات وكيف بدا المشير أكثر ثباتا من صاحبه!، وأخرى حين صفق الناس للمشير دقائق معدودات فى حين صفقوا لمبارك ثوانى معدودات فى مفارقة تثير الحنق والحسد!
* وفى إشارة إلى حظ المصريين السيئ يشير أحد التعليقات إلى أن أبا غزالة هو ما كانت تتمناه مصر رئيسا وحاكما لكنه لم يرد، وأن مبارك لم تكن تتمناه مصر حاكما لكن!! ولعل هذا ما حدا بمبارك للإطاحة بغريمه وإهالة التراب عليه لا سيما وأن المصريين كانوا يرون فى أبى غزالة رجلا يستحق الرئاسة وتستحقه الزعامة بخلاف مبارك.
خاتمة
بكى المصريون المشير أبا غزالة فهل تراهم سيبكون مبارك أم تراهم يبتهجون فرحا كما الباكستانيين فرحوا لاستقالة مشرف، والحق أن البون واسع بين استقالة ممكنة، وبين موت مرجو سوف تصحبه فرحة غامرة وصدق العبد الصالح حين قال بيننا وبين الطغاة الجنائز.