أوضحت دراسة جديدة لمصرف سورية المركزي أن معدل التضخم في سورية خلال النصف الأول من عام 2008 بلغ 12.9%.
وبينت الدراسة التي أجراها مصرف سورية المركزي بالتعاون مع هيئة تخطيط الدولة الحكومية أنه مع بداية عام 2008 بدأ المؤشر العام للأسعار بالارتفاع وبشكل ملحوظ خلال النصف الأول من عام 2008 ليصل إلى 12.9% مقارنة بالنصف الأول من عام 2007.
وبلغ معدل التضخم خلال الشهر الأول من عام 2008 بحدود 6% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2007، لكنه استمر بالارتفاع ليصل إلى رقم قياسي لمستوى الاسعار في شهر حزيران من عام 2008، محققاً تضخماً سنويا قدر بحوالي 20% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2007.
وشهد معدل التضخم خلال النصف الأول من عام 2008 ارتفاعا ملحوظا وتراكميا يضاف للارتفاع الحاصل عام 2006 وعام 2007، ليعكس ارتفاعاً إجماليا بحدود 22% للفترة الممتدة من بداية حزيران عام 2006 وحتى شهر حزيران 2008.
وبينت الدراسة أن أهم مكونات السلة التي أسهمت في تسارع التضخم هي زيادة أسعار المواد الغذائية ومساهمتها الكبيرة في سلة السلع والخدمات حيث يبلغ وزنها النسبي من سلة السلع والخدمات 42%.
ويليها في الأهمية الرقم القياسي لأسعار النقل حيث ارتفع بمقدار 50%، وارتفع مكون الملابس والأحذية بـ12%، بالإضافة إلى الارتفاع الملحوظ في تكاليف التعليم ، والأنشطة الثقافية والسياحية والمفروشات، إلا أن نسب مساهمتها كانت منخفضة.
و شهد الرقم القياسي لأسعار الإيجار انخفاضا ملحوظا حيث بلغ 111.06% في حزيران 2008 مقارنة بـ116% في الشهر الأول من عام 2008.
واستنتجت الدراسة أن المواد الغذائية هي المساهم الرئيس في التضخم الحاصل لعام 2007 حيث شكلت 3.75 نقطة مئوية من أصل 4.5 نقاط، أي ما يقارب 83% من إجمالي معدل التضخم، أما مساهمة مكون الوقود والإضاءة فكانت بحدود 0.57 نقطة، يليها مكون الإيجار بحدود 0.25، وكانت مساهمة الإيجار بحدود نقطة مئوية واحدة .
وفسرت الدراسة ارتفاع الرقم القياسي للأسعار بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية شكلت بمجملها ضغطا حقيقيا على الطلب المحلي داخل الاقتصاد السوري.
وتوقعت الدراسة أن يكون الرقم القياسي للأسعار مرشحاً للانخفاض خلال الربع الثالث مقارنة بالربع الأول والثاني من عام 2008 ، حيث شهد النصف الأول من هذا العام ضغطاً حقيقياً لم يكن فيها العرض قادراً على تلبية الطلب المتزايد، ترافق ذلك مع شح الأمطار وسوء الموسم الزراعي وارتفاع أسعار الكهرباء بعد مستوى استهلاكي معين والعمل وفق سعر جديد للمحروقات اعتباراً من شهر أيار 2008 ، حيث تم رفع سعر المازوت من 7 إلى 25 ليرة سورية لليتر الواحد ، أي بزيادة قدرها 3.5 ضعف ، وارتفعت أسطوانة الغاز من 145 إلى 250 ليرة ، بالإضافة للارتفاع الحاصل في أسعار البنزين خلال عامي 2007 و2008.
وفي إطار العوامل الداخلية المحددة للتضخم، ساهم انخفاض سعر الصرف خلال عام 2007 مقارنة بعام 2006 في تخفيف حدة الضغوط التضخمية التي يشهدها الاقتصاد السوري، فالليرة السورية تشهد تحسنا ملحوظا بسعر تعادلها الحقيقي بمعنى أن هناك ارتفاعا في القوة الشرائية لليرة السورية يقدر بـ7% في عام 2007.
وحول العوامل الخارجية قالت الدراسة أن عام 2007 والنصف الأول من عام 2008 من الأعوام التي حملت الكثير من التغيرات التي ألقت بظلالها على حركة الأسعار ليس في الاقتصاد السوري فحسب بل كادت تتيه باقتصاديات العالم بأسره.
وأظهرت الدراسة التحليلية اتجاها غير معهود لحركة الأسعار داخل الأسواق المحلية والدولية وعلى وجه التحديد أسواق النفط ، بعد أن تجاوزت أسعاره بكثير سقف المائة دولار للبرميل مسجلاً نمواً في الربع الثاني من عام 2008 يقدر بـ83% في حين بلغ هذا الارتفاع التراكمي للفترة من 2005 وحتى 2008 ما يقارب 200%.
أما أسعار السلع الرئيسة الأخرى فقد قفزت إلى مستويات قياسية بسبب موجة الجفاف التي أصابت الدول المنتجة للقمح والحبوب ومنها الاقتصاد السوري ولم يقتصر جنون الأسعار على ذلك فحسب بل طالت كل المواد الغذائية ومستلزمات الإنتاج الصناعي والزراعي وسلع البناء والتشييد.
وتهدف الدراسة لتحليل تطور معدل التضخم المسجل داخل الاقتصاد السوري ومعرفة أهم محددات التضخم النقدية والحقيقية واتجاهاتها خلال الفترة الماضي ، بالإضافة إلى تحليل تطور أسعار المواد الرئيسة على المستوى الدولي وأسباب هذه الطفرة القوية في أسعار المواد الغذائية التي باتت تهدد أكثر من 40 بلدا ناميا في أنحاء العالم.